خيانة زمن / قصة قصيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 00:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-05-2006, 05:37 AM

hanadi yousif
<ahanadi yousif
تاريخ التسجيل: 06-03-2005
مجموع المشاركات: 2743

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خيانة زمن / قصة قصيرة

    خيانة زمن



    قصة قصيرة
    بقلم محمد الأحمد
    1
    أني أرى المدن بعيدة جداً.. أرى الخيام.. أرى الواحات. عيون الكهل تمشي بي حيث بدأ تعبي، لا أريد المواصلة بهذا الهزال.. فقدت خطواتي، التعب استنزف عزمي. يأتي الليل الهالك. أواه.. منغصات، ذئاب.. مطاردات توقف أيها الرجل الكهل، وأنظر بعينيك اليّ.. أكتشفني بدلاً من الخطو أمامي في المتاهة. الأرض القاسية آلمت قدمي.. أواه يا زمن. أرى المدن البعيدة في مخيلتي.. ارى سحرها يجذبني يا القلق . الخدْر يتسلل إلى رجلي .. فجوع بالتوتر مندفعاً لا أكاد أحس بهما. كم مشينا ، ليال طويلة فقدت ثقتي بالأشياء.. اليأس اجتاح مغاوري. أرى الخيام.. أرى القبيلة، أتساءل من ركضك دون كلل مثل عقرب ساعة.. كم مرة احترقت ، لكن النار لم تخلف دماراً- إلا في عمقي. خذني أيها الكهل العتيد حيث تشاء.. الليل قادم، البرابرة، أريد أن أرى المدن الحقيقية.
    2
    عشرة‘ أعوام معها.. سرت‘ على عجيزت .. زحفت‘ بطيئاً على حافتي. ابتكرت لنفسي خلاصاً وهربت من كهفها المظلم. باطن قدمي تؤلمني. يداي ايضاً .. القيح ينزّ‘سائلا ابيض ذا رائحة كريهة لا تطاق.. ظهري يصرخ بألم صعب.. اين الناس؟؟ أين الهواء النقي الذي كنت أطمع، عليّ أن أصل الحضارة. تخلفت كثيراً عّما كان يجري حولي… ربما المدينة أكبر بأسمها، أتراها ما زالت تحتفظ به- شوقي كبير . ندمي على ما فاتني.. ندمي على خسارتي لنفسي. لحيتي الكثّة نابتة في وجهي مثل احراش كثيفة.. شعر رأسي الطويل كأشجار رمادية ألحقتها لعنة أسطورية لكي لا تحمل ثماراً طوال حياتها. عيوني الضائعة متوزعة النظر قلقاً، تجول في المحيط تشتاق اماناً قد لا يأتي.. معدتي الخاوية تعتصر.. خسرت‘ ولا أدري أيقبلني أحد ؟!!
    3
    الشيخ الهرم يمشي بي. وجدته خلاصاً.. تكلمت معه وفهم مني كل شيّ. قال: لست الوحيد الذي صادفني. لباسه القديم الرث ذكرني بعرييّ.. أتحسس الملابس التي اعطيانيها هذا الرجل، كنت عارياً بعد أن – تمزقت آخر قطعة من ثيابي منذ زمن بعيد..النار كانت تدفئني، الثلج كان يحاصرني – لا فتحة لشمس.. لا فتحة للهواء.. عيناي مغوشتان، وأنفي مشبع برائحتها النتنة، تحدّ خفيّ يدفعني الى ما أريد. ملابسي الآن ضيقة.. الرجل العتيد يتقدم بي نحو خلاصي، يتعكز على عمود صقيل من خشب اللوز، ويمشي.. اعطاني تفاحة من خرج علقه الى رقبته.. قضمتها بشهية، وكأني لأول مرة أتذوقها رغم انها كانت كبقية الثمار طعامي الوحيد. كنت كمشلول، ولا أستطيع الحركة، وهي تأتيني كل يوم بطعامي من الفواكه، لا غيرها .. قضمت التفاحة دون قرف كما كنتُ أقرف، و أخذت أسير مستسيغاً طعمها إلى هداه.. إلى موطئي.. الى حيث يحطّ رحاله مندفعاً تحوّطه عيناي كما امسك حبل خلاصي الذي سيخرجني من الجبّ العميق المظلم الذي سقطته دون قصد..
    4
    عشرة أعوام معها.. لم أنس فيها وجه أمي.. لم أنس فيها وجه حبيبتي. لم أنس الأزقة.. لم أنس غرف بيتنا ولم أنس لغتي…
    5
    … وجدني منهوكاً ألهث. اوه .. الشمس جعلتني لا اقوى التعود غير التدريجي بيسر، جابهتني بقوتها، أشعتها غرزت في عيني أسياخا حادة ملتهبة.. خيوط الضوء شدّت عيني، وكادت تقطع عني الطريق الى ما أريد. عيناي تؤلمانني، الحرقة تتسع في بؤبؤي حيواناً اسطورياً كبيراً حجب عني رؤيا عالم انقطعت‘ عنه طويلاً. اواه .. قوة ساعدي لم تفلح مع لسع الاشعة المباشرة. قضيت ليلي ارتجف برداً، ونهاري أقاوم ضراوة الشمس بما لدي من عزم نحو الخلاص.. زحفت مسافات طويلة على جنبيّ فتمزق والتهبت خلاياي امتلأت قيحاً بعد أن لا مس الجرح التراب، وشظايا الحجر الصغيرة المتوزعة منغرزة فيّ.. لكني مندفع لا أعرف مجالاً للألم. احس بتضخم عضوي، وخصيتي أيضاً. مضايقة أليمة.. أواه.. الصخور الصغيرة الناتئة تهرش أديمي. الطبيعة تحاول ابتلاعي.. تحاول طمسي، وقادرة على غمري . فيّ دافع كبير للخلاص نحو أنسانيتي. كل ما حولي يقاومني بوضاعة.. الدم يسيل مني فتشربه شقوق الارض الألم يعّجل تحرري .. يقيدني بما لا أرتضيه، لكني مندفع بما عندي نحو العالم الجميل الخالي من صراعات البقاء للآقوى. لم أنعم بنومة هانئة منذ عشر سنوات. وجدني الرجل طريحاً، وما رأيته حتى هاج بيّ البكاء. لم أكن أتوقع مثل هذا الموقف، قط . عرفت أن الإنسان وحده لا يقاوم الطبيعة.. هاج بي الشوق لأن أقبله أن أحتضنه‘ كما أحب الحياة. أنسانيتي هاجت، تلعثمت الحروف البشرية في فمي.. صارت تأتأة طفل، وكان يبتسم لي مطلقاً بشفتيه أملاً.. ربط لي باطن قدميّ بخرق كان يلفّ‘ بها ما يحمل، لفّ باطن يدي أيضاً ، فكنت أغبط من طفل فرح بأمه ..
    6
    عشرة أعوام، وأعوام.. علمت نفسي كيفية استنفاد الصمت بالخلوة.. كما يفعل الناسك المختلي. كنت‘ أقاوم غربتي بحرية ذهني . عودت نفسي دقة حساب الأيام. قبضت بعزيمتي على زمني ممتطياً أياه مقوضاً انكساري، وعجز جسدي واصلاً إلى كل ما أربوه مجازا!
    7
    ..ارى المدن البعيدة.. قريبة الآن. عند منحدر الجبل المنتصب بشموخ بأشجار كستناء ولوز وكروم جنة موعودة. تشوقت لرؤية الأشياء الحقيقية. ماض نزير على حدود شفافة. أتراني ما زلت أعرف قيمة الأشياء من حولي، بقيمها الحقّة. كنت‘ قبل ذاك لا أكترث بمعطيات الإنسانية .تراني هل أعود الآن الى غير الذي أصبحته‘… سأحاول تلمس الأوعية والصحون، وحنفية الماء.. سأحاول تذوق الطبيخ بملعقة. الرجل الكهل يسير أمامي مبتسماً. اكتشفت تعبي بما قطعناه من تقدم. لم يحدثني طوال الطريق. الشمس قاربت أن تنام هناك لتعود الينا في اليوم التالي بكامل حيويتها.. ما أحلاك أيتها السماء بشفقك الوردي؟ ما أحلاك أيها الهواء المتضمخ برائحة الخبز الناضج.. مرحى لكياني الوليد للتوّ.. خطواتنا تقترب.. نباح الكلاب.. الليل يأتي إلى القرية معنا. المدينة.. لا فرق بين الأهل. يدركون مقدار حبي.. ليسوا يدركون ماهية الغربة التي خضتها.. كلهم أحبائي.. امرأة في البعيد تحمل حزمة حطب تتوجه إلى قلبي.. إلى المدينة.. إلى القرية.. ربما هي أمي، في المدينة تبكي وهنا تجمع الحطب لأخوتي. شوقي الى الناس أكبر من اغترابي. كنت أكره الناس بحنق بعد أن آذوني كثيراً. بت‘ اليوم أحبهم بما فيّ من حب. الأشجار تحيط القرية من جانبيها. أبقار ترعى هناك، وهناك خرفان أيضاً. الليل بدأ يدلهم.. سيخيم بعباءة سوداء، ولن يدعني أرى القرية من عمقها بوضوح خطوات الشيخ تسير بي حيث التوغل. تنبهت‘ إلى عريّ جسدي . آثرت الوقوف لأنظر إلى نفسي قليلاً. الثوب الذي أعطاني شيخي و لم يستر وبر جسدي الكثيف، ربما أبدو وحشاً ضارياً بوجه من يراني أول وهلة؟؟‍
    8
    عشرة أعوام. أعدّ نفسي دقيقة بعد أخرى للخلاص. في الحلم أبتعد عن المكان النتن، وفي اليقظة أقاوم تفجر كل ما يفوتني، دون حقيقة. غريزتي تنطلق بآلية متكاملة..البرد يتسلل إلى عمقي ويقطع عني المعنى.. يستنزف جسدي الذي يفور وحيوية…
    9
    تركني الرجل عند الشجرة قائلاً لي أنه سيعود بعد قليل و أوصاني أن لا أغادر المكان. ترك عندي بندقيته. بقيت أتأمل الماسورة الصدئة التي ركنت إلى يدي. سلاح غادر لن يستطيع الإنسان دونه أن يقاوم. تعلمت ذلك بعمق بعد أن استدرني ضعفي.. ربما حضارات كاملة تنتهي أن لم تؤيد ذاتها بقوة أسلحتها.. يا للعقل ؟ لكنه في الوقت ذاته محرض على الاقتتال. الليل يأتي بعباءته السوداء، وعيناي تطالعان بافتتان الجمال الذي خلفه النهار.. أوراق الشجرة أدارت وجهها باتجاه الشمس، متأملاً الأغصان العالية المضفورة مثل شعر امرأة، غسلها مطر‘ تشرين.. لا أكاد أرى بوضوح… ربما حاجتي جعلتني أتخيل أشياء لا مبرر لها، لكن فيّ حاجة لامرأة لا أعرفها.. أودّ‘ البكاء على صدرها بكل ما أوتيت من قوة لأفرغ ما في جعبتي من حزن عقيم.. أطرحه إليها، علها تمنحني حزناً بديلاً . يتقدم من بعيد أحد الرعيان ، يبدو صغيراً يافعاً.. ينظر اليّ بدهشة، بفم مفغور.. ربما عجب من شىء ما، نسيت أن أنظر اليه. أنه أول شخص يقترب مني بعد الشيخ . الليل يتقدم أكثر يغطيني . يقف عند مسافة بينه مني.. يتأملني جيداً وأنا أرتجف وأسناني تصطك من شدة البرد.. يترك قطيعه ويركض الى عمق القرية، يأخذني انبهاره طويلاً. بعد قليل يأتي خلفه الناس بسرعة عودته إليّ. يتجمعون حولي مصوبين بنادقهم اليّ .. الارتجاف يأخذني بقوة، كأن حبي لهم تضاءل . يصرخ فيهم الشيخ من بعيد حاملاً صرة الملابس ، فلا يسمعونه. يلتفون حولي بفوانيس خافته ، كأن قرصاً من نار يلتف‘ حولي محاولاً أخذي !. حبي لهم يتضاءل خوفي يكبر من النار التي تودّ التهامي. اعتقدوا باني الشيطان حسبما سمعتهم. لكن الشيخ يعّجل بخطوته إليّ.. يقف بيني وبينهم. بكيت على تغير شكلي ترى كم من فاصل سيحدث لو لا قدومه في الوقت المناسب.. تركونا وحيدين بعد أن كلمهم بضع كلمات وانصرفوا.. أخذت الثياب التي جاء إلي بها.. بينما بقيّ الأطفال يلصصون الرؤية من خلل الأبعاد. لم أشعر بالخجل، بدءاً . لكن إشارتهم حول عضوي ملأتني يأساً. لبست الملابس وصرت آدمياً بلبس إنساني …
    10
    عشرة أعوام، وأنا أستذكر الطريق إلى بيتنا يوميـــاً…
    11
    أدخلني الشيخ بيت. غريب مع نفسي. الدفء الحقيقي… الحنان المفتقد. أدخلوني الحمام، وهناك لامسني بخار الماء الأكثر دفئاً.. تعريت من جديد…أحسست بكثرة ما افتقدته. ألقيت الماء الدافئ على أديمي بالصابون. فقاعات نزلت متسخة. لحيتي الكثة حلقتها بصعوبة. الدم ينزف من وجنتي كأني تخلصت من بعض غلي. رأيت وجهي في المرآة، فزعت.. كان دامياً، ذكرني بالرجل الذي التهمته‘(الوحشة ) أمامي عندما جاءت بي إلى كهفها، كان وجهه دامياً يشبه وجهي النازف. لكنه بدا الآن بدا أقل وحشية مثلما رأيته للمرة الأولى . أتذكر بيتنا، وفيه حلاقتي اليومية.. كنت أعدّ وجهي لمرأى حبيبتي. أرتحل حالماً. أما اليوم، فأنا أرفع عنه غربته.. أرفع عنه ماضياً تكلس لسنوات طويلة.. أسمع صوت الماء النازل إلى الأرض، كأن الغربة تقيدني بماض ليس لي، كأن اللحظات السابقة التي كنت فيها مع الوحشة تتكثف في كل عقلي بلحظة حاضرة. يضطرب فيَّ الدم. تتداخل الصور، وتختلط. أحس بالحصار القاسي..تدور بي الدنيا.. دوار رهيب.. سريع.. يختلّ توازني فأرتطم بالجدار.. شج رأسي.. لا أكاد اشعر بشيء، الدم يفيض مختلطاً بالماء، فأتهالك إلى الأرض …
    12
    عشرة أعوام في مضيق جبلي تحتضنني الصخور. تعودت الاستلقاء على العشب اليابس بدلاً من السرير. تعودت على قسوة الأشياء من حولي.. حتى حاورت الجرذان الكبيرة التي كانت تقاسمني مئونتي من الثمار والنمل الأصفر كان يكتسحني بعد كل جولة ينبش أماكني القصّية من جسدي ثم يعود إلى ثقوبه في الأرض تحتي. كل ما حولي يضطهدني بقوة ضعفي. تعودت الخوف حتى صار بلا معنى. الليل يتكدس في قلبي، ويطلقني الخضاض بين أمواج من موت متقهقر في أرجاء الكهف الكئيب. يحجمني البرد القاسي. الثلج يسحق كنف وحدتي . يجعلني محوراً يقيم عليه توازنه، ويمارس عليّ جبروته و انا ممدود بحركة محددة عشر سنوات مرّت عليّ حالكة، مرة فظة …
    13
    في الحلم وجدت من أحب مقتولة في صحن كبير.. مشرحة وعيناها ليستا في مركز رأسها ، لكنهما تتحركان، تنطان أمامي ثم.. تجلسان على ركبتي.. أي فزع؟ الارتجاف يخضّني أكثر. الليل يتفارى عليّ كأني أنثاه. أحس بالوقت، والجوع يأتيني عمي معبأ في قطعة خبز. أقضمه ، وكأني لا ادري. كنت ناقماً عليه أشد نقمه .اقضمه بشدة كونه لم يوافق على زواجي من ابنته التي اعشق .اتذكره جيداً كسيف بتّار شهر بيننا.. لو لاه لما وصل. إلى ما وصل اليه. كنت أقضمه بقوة حقدي، فيصرخ، وأنا أضحك. الدم يسيل من قطعة الخبز المشبعه بدمه، أتسلى.. فبدأت بقضمه من عجيزته السمينة إذ جعلته كما ذكر بطّ منتوف الريش. أخذت أبتلع ما أقضمه بشهية حتى يخرج مهاناً مخلوطاً بغائطي.. كم هو لعين وجهه الذي يتوعدني بنظرات قاسية. سيحاسبني أن لم أنته منه قبل أن أتيقظ من كابوسي!، لا ادري لم أخذت يدي المبللة بدمه بالاختفاء ؟ كأن دمه محا يدي بدلاً من أن يبلها.. فرميته بعيداً عني.. خدعتْ، فأخذت اركض باتجاه البراري، جسدي أخذه المصير إياه، متضحاً لي بأن عمي أكلني من الداخل.. صرخت عالياً… عالياً
    14
    عشرة أعوام، هزائم مستمرة. خيبات تلوّ خيبات. أيّ وجع؟ تحولت الى حيوان بشع لا ينتمي الى أية إنسانية. زالت طباعي الجميلة… تبدلت بوحشية.. اشمّ‘ رائحة الوحوش في دمي… كأن لي ذيلا طويلا.
    15
    زوجة الرجل هبت من مكانها، لنجدتي. جاءت بعدها ابنتها الجميلة في عقدها الثاني. ربتت ألام على كتفي بحنانها فأشعرتني ببعض الأمان وأمرت ابنتها بجلب الماء لي. لا بد من الماء ليوقف الأتون المشتعل.. سألتها عن الشيخ، فلم تفهم من مخارج حروفي المتداخلة شيئاً. كأني عويت، أمامها. احباطي يشخص لحظة بعد أخرى. لم أجد احداً يفهمني، وكم تمنيت التفاهم معها. كان لا بد من شكرهم الحق . جسدي يرتجف.. يختضّ‘ مثل سعف تلاعبها ريح عاتية. كأن انكسارا خفياً حدث.. الارتجاف يخضني.. اصطكت الأسنان، وقفت الى الدولاب المركون في زاوية الغرفة كي تخرج لي شيئاً، لكنها بعد بحث لم تجد منالها. تناولت عباءتها بصمت ثم خرجت إلى الجيران.. الى القرية.. الى…
    16
    عشر سنوات كنت اعدُّ لساني إلى ما يجعلني للبقاء بشراً…
    17
    بدت لي الابنة جميلة جداً، عيناها الأمان الذي افتقدته دهوراً طويلة. بدت لي الجنة الموعودة فحاولت سؤالها، وفي عطش لسماع صوتها. بعد أن دمرت روحي تلك الحشرجات الوحشية، حاولت استباحة ما ينجلي خيراً. كان الحوار صعباً. كان الكلام مني إليها لغطاً غير مفهوم حتى تصاعد هيجاني. كانت هي بعينيها الناعستين مستغربة من ثورتي منكمشة على ذاتها، فاحتدمت الدماء في العروق. فكرت باللغة الوحيدة التي كنت استخدمها مع الحيوان، عساني أن انجح في الذي أطمح …
    18
    عشر سنوات، يومياً.. تأتيني شرهة فلا احتمل مقاومة ما تريده مني. تضطجع قربي كأي أنثى
    بشرية، و …
    19
    صرخت الصغيرة بألم حاد، ثم فانتفضت جثة هامدة، بعد أن أخذ الدم يتدفق منها على الأرض..
    20
    … وصارت جرنا صخرياً حاولت أن أفيق من ظلمة ما يحيط، حاولت حتى نجحت. ضربت
    رأس ( الوحشة ) بصخرة حادة، وشججت رأسها. اهتزت بي المغارة من صيحتها، اهتزت وظل الصدى يحرك كل الصخور حتى خفت الطمر. صرخة قوية جداً، وثقيلة. ضربتها على أنفها بكل ما لدي من قوة، فأطلقت في وجهي نفثة قوية أوقفت كل ما في من اندفاع للتحرر.. بقيت تئن بقسوة، ثم سقطت دون حركة!!.
    21
    اندفعت الى الباب. لم أستطع الاحتمال… واجهتني الأم العائدة إلى بيتها وهي تحمل في يدها أقراص الخبز وبعض كمادات طبية.. جاءت بها من أجلي! نظرت اليّ بنفور وأنا عارّ، و فخذي مغموساً بالدم. بهتت لم تتحمل ولم أتحمل أنا فهببت إلى البندقية.. ضغطت على الزناد بعد أن وجهت الماسورة إلى رأسي؟!.
    1987- بعقوبة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de