المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 07:33 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2006, 03:10 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: محمد حسن العمدة)

    الفصل السادس
    ماذا تقول العلوم الاجتماعية

    قد حاول بعض العلماء الغربيين الوصول إلى أسباب علمية لمكانة الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع . وكان فردريك انجلز ( زميل كارل ماركس ) من أوائل الذين قدموا نظرية في هذا الصدد.
    قال انجلز في كتابة اصل الأسرة إن ما نشاهده اليوم من تكوين للأسرة فيه هيمنة للرجل. وتكوين المجتمع أيضا فيه هيمنة للرجل. وهذان الوضعان تطورا مع وضع آخر إذ تسلسلت الأوضاع كالآتي:
    أولا : وضع بدائي كانت فيه الملكية شائعة بين جميع الناس ولا وجود لملكية خاصة ولا لطبقات اجتماعية . وفي تلك الحالة كان المواليد لا ينتسبون لآبائهم بل لأمهاتهم أي أنّ الانتساب قائم على أساس الأم ( MATRILEANIAL ) ومع وجود هذا النوع من الانتساب كانت المرأة ( الأم ) مهيمنة على الأسرة وعلى النظام الاجتماعي ( MATRIARCHY ) .
    ثانيا : ثم تطور النظام الاجتماعي بحيث انتهى شيوع الثروة بين الناس وبدأت الملكية الخاصة . ومع الملكية الخاصة بدأ ظهور الطبقات الاجتماعية . ومع الملكية الخاصة اختفى نظام الانتساب للام ليحل محله نظام الانتساب للأب ( PATRILEANIAL ). وكذلك ظهر نظام هيمنة الرجل ( الأب ) على الأسرة وعلى المجتمع (PATRIARCHY ). قال انجلز : إنّ هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ظاهرة اقترنت بالملكية الخاصة وبظهور الطبقات وسوف تختفي معها . وقال إننا إذا استعرضنا المجتمعات الإنسانية المعاصرة لنا سنجد أنّ بعضها مازال يمارس تقاليد فيها الانتساب للام ( MATRILENIAL ) وتقاليد فيها يقيم الزوجان في بداية زواجهما في منزل الأم ( MATRILOCAL ) وهذه التقاليد كلها من مخلفات العهود القديمة التي كانت فيها المرأة مهيمنة على الأسرة وعلى المجتمع .
    هيمنة الرجل :
    لقد تصدى لهذه الآراء جماعة من علماء الاجتماع نذكر منهم العالم جورج بيتر مردوك في كتابه النظم الاجتماعية قال هذا المؤلف :
    أولا : هنالك عدد كبير من المجتمعات التي تقوم على أساس هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ولا يوجد دليل على أنّ هذا الحال سبقه نظام الانتساب للأم.
    ثانيا : إنّ الانتساب للأم موجود في كثير من المجتمعات التي تمارس الملكية الخاصة والتي تقوم فيها الطبقات الاجتماعية وبعض تلك المجتمعات مجتمعات إقطاعية .
    ثالثا : إن جميع المجتمعات التي عرفناها سواء كان الانتساب فيها للأم أو للأب مجتمعات تقوم على أساس هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ".
    إنّ أدب الأنثروبولوجيا ( علم الاجتماع ) الموجود الآن يوضح أنّ العلماء في هذا المجال اكتشفوا وجود أربعة ألف مجتمعا إنسانيا متميز الخصال . ويوضح هذا الأدب أنهم قد درسوا من بين هذا العدد الهائل ألف ومائتين مجتمعا إنسانيا .
    لقد أسفرت هذه الدراسة عن الحقائق الآتية :
    كل هذه المجتمعات بلا استثناء اشتملت على المؤسسات والممارسات الآتية :
    ‌أ. على ممارسة نوع من الزواج.
    ‌ب. على إقامة نوع من مؤسسة الأسرة .
    ‌ج. على ممارسة نوع من التحريم المتشدد لنكاح الأقربين (نكاح الأخوة أو الأبناء وبناتهم أو هلم جرا).
    ‌د. كل المجتمعات توجد فيها ظاهرة هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع
    ‌ه. كل المجتمعات توجد فيها ظاهرة تولى الرجال لأغلبية المناصب العليا في المجتمع.
    استنادا لتلك الدراسات المستفيضة لخصت الأستاذة مارجريت ميد MARGRET MEAD الموقف بقولها : " في كل المجتمعات التي درست كان الرجال هم المسئولين عن توجيه الأمور في المجتمع وكانوا أيضا هم أصحاب الكلمة الأخيرة في المنزل " .
    هذه الحقيقة اطردت في كل المجتمعات :
    • في البدائية البسيطة .
    • وفي الزراعية الإقطاعية .
    • وفي الصناعية الرأسمالية .
    • وفي الصناعية التي قامت فيها نظم ثورية وأعلنت بقوة مبدأ المساواة بين الجنسين .
    وللاستدلال على هذا نسوق الأرقام الآتية وهي مستقاة من إحصائيات عام 1979م:
    • ففي الولايات المتحدة الأمريكية لا توجد نساء في مجلس الشيوخ . والمدن ذات العدد السكاني الكبير ( 25 ألف فما فوق ) النساء يشكلن 1 % من عمدها . والنساء يشكلن أقل من 2 % من صناع القرار في الحكومة الفدرالية . وهن يشكلن 3% من عضوية مجلس النواب ، ويشكلن 5 % من عضوية مجالس التشريع الإقليمية .
    • وفي السويد كل الوزراء وعددهم 12 وزيرا من الرجال.
    • وفي كوبا كل أعضاء المكتب السياسي وعددهم 15 عضوا من الرجال ومجلس الوزراء عدده 21 وزيرا منهم 20 من الرجال.
    • وفي الصين 14 وزيرا 13 منهم رجال . وأعضاء مجلس الدولة وعددهم 17 شخصا هم من الرجال . ورؤساء الوزارات الإداريون عددهم 67 شخصا هم من الرجال وكل أعضاء المكتب السياسي إلا واحدة هم من الرجال .
    • وفي الاتحاد السوفيتي أكثر من 95 % من أعضاء اللجنة المركزية رجال.
    • وفي تلك الحالات التي تولت امرأة الرئاسة العليا كمارغريت تاتشر في بريطانيا و أنديرا غاندي في الهند فان غالبية وزرائها ورؤساء المصالح وقادة المجتمع هم من الرجال .
    النتيجة : هذه المجتمعات الإنسانية البدائية والمتطورة . الرأسمالية ، والاشتراكية ، تسود فيها ظاهرة هيمنة الرجال في الحياة الخاصة والعامة وهي ظاهرة متكررة بلا استثناء حتى في المجتمعات التي تعلن المساواة التامة بين الجنسين وتسعى لتحقيقها .
    هذه النتيجة لمستها وأشارت إليها واشتكت منها عدة من عالمات الاجتماع من النساء كما ورد في كتب مثل :
    • عالم الرجال، ومكان المرأة فيه بقلم اليزابيث جينواي
    ( MAN`S WORLD WOMAN`S PLACE ) by Janeway, Elithabeth , .
    • المرأة والمصلحة العامة - بقلم جسي برنارد .
    ( WOMEN AND THE PUBLIC INTERESTE) by JessieBernard
    • مكان المرأة بقلم سنثيا ابستاينْ.
    ( Woman`s Place ) by Cynthia Epstien
    هؤلاء الكاتبات يشرن إلى هيمنة الرجال على الحياة الخاصة والعامة في المجتمعات الأوروبية والأمريكية المتطورة . ويقلن إنّ هذه المجتمعات تربي أولادها وبناتها على خصال معينة بحيث يكتسب الأولاد خصالا رجالية والبنات خصالا نسائية . ويقلن أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تواجهه المرأة في الحياة هو أنّ غالبية الساسة والقادة ورجال الأعمال ورؤساء المصالح هم من الرجال .
    لماذا هذا ؟
    رأي الحركة النسوية Feminist Movement :
    هذا السؤال تطرقت للإجابة عليه كتب مثل :
    السياسة والجنس بقلم كيت مليت SEXUAL POLITICS by Kate Millett -1971
    النسوان الخصيان بقلم جيرمين قرير THE FEMALE ENUCH by Germaine Greer
    جدل الجنس بقلم شولامث فيرستون THE DIALECTIC OF SEX. By Shulamith Firestone
    وخلاصة رأي هؤلاء الكاتبات ( وجميعهن ينتسبن إلى الحركة النسوية Feminist Movement في الغرب ) هو أنّ شخصية الرجل والمرأة مبنية على التربية الاجتماعية وما يصحبها من توجيه منذ الصغر . وهذه التربية قائمة على برنامج خاص وزعت الخصال بموجبه على نوعين . نوع رجالي ونوع نسائي . هذا التوزيع توزيع تعسفي لا يقوم على أساس بل فرضه سلطان الرجال مما جعل البرنامج استكانة واتباع . ونتيجة لهذه التربية يشب الأولاد ليصبحوا رجالا متحلين بخصال رجالية معينة . وتشب البنات ليصبحن نساء متسمات بخصال نسائية معينة فالجميع اكتسبوا خصالهم نتيجة تربية معينة هي المسئولة عن الفوارق المشاهدة في سلوك الرجال والنساء .
    تقول السيدة جرمين قرير إننا لا نستطيع أن نعرف ما إذا كانت هنالك عوامل فيسيولوجية تتسبب في الفوارق المشاهدة بين الرجال والنساء . ولن نعرف ذلك إلا إذا استطعنا فك الطلاسم الوراثية وقراءة الطلسم الوراثي نفسه ( DAN ) عندما نقرأ الطلسم الوراثي سنعرف الخصال التي تطبع على المرأة وراثيا ونتمكن من معرفة هل تستند خصال الرجال والنساء على أساس وراثي أم لا ؟
    وتقول السيدة شولامت فيرستون : لا يوجد اختلاف حقيقي بين الرجل والمرأة إلا ذلك الناشئ من الوظيفة التناسلية .
    هؤلاء الكاتبات يجمعن على أنّ التمييز المشاهد بين الجنسين إنّما حدث نتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وانّه تمييز مكتسب غرسته تربية معينة .
    وعلى نمط هذه الآراء رأي رابع قالت به كاتبة رابعة هي جوليت متشل في كتابها:
    النساء أطول الثورات (WOMEN. THE LONGEST REVLOUTION. By Mitchell, Juliet
    قالت الكاتبة : إنّ هيمنة الرجل المشاهدة في الحياة الخاصة والعامة لا تقوم على أساس طبيعي ولكنها نتيجة حتمية لمؤسسة الأسرة . قالت : إنّ الأسرة وهي مصدر هذه الهيمنة الجائرة نظام عرضي يمكن التخلص منه والتخلص معه من هيمنة الرجال .
    رأي هؤلاء الكاتبات إذن هو أنّ ظاهرة الهيمنة الرجالية على الحياة الخاصة والعامة ظاهرة مكتسبة لا تستند إلى عومل وراثية ولا إلى ضرورات طبيعية.
    رأي مخالف :
    هنالك رد آخر على السؤال عن أسباب هيمنة الرجال . ورد هذا الرد في كتاب هيمنة الذكران بقلم ستيفن جولدنبرج .MALE DOMINANCE. By Steven Goldberg )
    قال هذا الكاتب : إنّ سلطان الآباء على الحياة الاجتماعية (الباترياركي ) وهيمنة الرجال على الحياة الخاصة والعامة ، واستيلاء الرجال على غالبية الوظائف والمناصب ذات الشأن في المجتمع ، ظواهر اجتماعية لحقيقة فسيولوجية إذ أن تكوين الرجل الفسيولوجي يثير فيه انفعالات معينة وحيثما أحاط بالرجل نظام سلطان هرمي . أو عرضت له وظائف مرموقة ، أو أحاطت به أنثى فان هذه العوامل تستنهضه وتستثيره وتجعله:
    • تتولد فيه مشاعر التنافس ويزيد فيه التطلع للتفوق والهيمنة .
    • يؤثر الهيمنة ويضحي في سبيل الحصول عليها بالمال وبراحة البال وبالملذات .
    هذه النزعة التي تتحكم في سلوك الرجال تقوم على عوامل طبيعية عائدة إلى تكوين الرجل الغددي والعصبي .
    قال الكاتب : في كل الثدييات تقترن الهيمنة بالذكر وهذا يعني أنّ هذه الحقيقة تنطبق على كل الرئيسيات .
    هنالك 32 فصيلة من الرئيسيات بما في ذلك الإنسان .
    من بين ال32 فصيلة توجد ثلاثة فصائل شاذة إذ تقترن الهيمنة فيها بالأنثى لا بالذكر . تلك الفصائل الثلاثة هي المسماة : ساقونيوس ، واوتس ، و كاليسيبس ( SAGUINUS. AOTUS . AND CALLICEBUS ) , ) وفي هذه الفصائل وحدها من بين كل الفصائل في هذا القسم من الحيوانات نجد ظاهرتين هما : الأنثى أكبر حجما من الذكر .والذكر هو الذي يتعهد حضانة الصغار . ( لكن طبعا الأنثى هي التي ترضعهم ) هكذا توجد في هذه الفصائل الثلاثة أمور ملفتة للنظر : الإناث هي المهيمنة والإناث هي الأكبر حجما .
    يستشهد الكاتب بوجود تجارب معملية تدل على أنّه بين الفئران وثدييات أخرى فأن سلوك الذكران عائد لإفرازات هرمون الذكورة من خصيتيها. وانّ لهذا الهرمون و اسمه تستوسترون أثرا في سلوك الحيوان الذكر وفى نزعته للهيمنة.ومن البراهين على هذا القول أنّ إناث الفئران إذا حقنت بكمية من التستوسترون في طفولتها فان ذلك يؤثر في سلوكها ويجعلها تنزع نحو الهيمنة.
    قال العالم الذي أجرى هذه الاختبارات على الفئران واسمه دكتور د. أ . ادوارد Dr. D.A. EDWARDS إنّ دراسته توضح إن نزعة التعدي والهيمنة التي تظهر في سلوك الفئران تعود قطعا لإفرازات الخصيتين .
    يقول مؤلف الكتاب المشار إليه : إنّ نتائج أبحاث علماء الغدد الصماء ، ونتائج علماء النفس تؤكد أنّ نزعة الهيمنة المشاهدة في سلوك الذكور تعود إلى تأثر أدمغتها بهرمون الذكورة في مرحلتين هما مرحلة التكوين ( وهي جنين ) ومرحلة البلوغ ، فالهيمنة الواضحة في سلوك الذكور من آثار الهرمونات عليها.
    يقول المؤلف وفي مؤتمر النيوروبيولوجي في بارهاربور أوضح الدكتور ريسمان Dr. RAISMAN أنّ التستوسترون ( أي الهرمون الذي تفرزه الخصيتان ) ذو تأثير على الدماغ يمكن أن يشاهد بالعين في مناطق معينة من الدماغ .
    هذه التجارب التي تؤكد ظهور مؤثرات مشاهدة في دماغ الفئران تحدثها هرمونات الذكورة أجريت على أدمغة الفئران ولكنها لم تجر بعد على أدمغة الإنسان . ولكن وجود هذه المؤثرات مؤشر هام لما سيكشف من وجودها في دماغ الإنسان أيضا .
    النتيجة المستخلصة : من هذه الدراسات والمشاهدات والتجارب هي أنّ سلوك الرجل الذي ينزع بطبعه نحو التعدي والهيمنة صادر من مؤثرات هرمونية تأثر بها دماغ الذكر في مرحلة التكوين ( أي وهو جنين ) ويزيد التأثر بها في مرحلة البلوغ هذه قاعدة .
    قال المؤلف : ربما وجدنا استثناءات من هذه القاعدة فبعض النساء ينزعن نحو التعدي والهيمنة أكثر من بعض الرجال , وبعضهن توجد في أجسامهن كميات من هرمون التستوسترون أكبر مما يوجد في أجسام بعض الرجال ،ولكن هذه الاستثناءات لا تنفي القاعدة العامة : فالطول مثلا خصلة مو######## ، والرجال بصفة عامة أطول من النساء ولكن هنالك نساء أطول من بعض الرجال ، ولكن هذه الحالات الاستثنائية لا تنفي القاعدة العامة وهي أن الرجال أطول من النساء.
    يقول المؤلف إنّ نزعة التعدي والهيمنة لا تتوقف على الهرمون وحده . فهناك عوامل تربوية و بئوية تؤثر عليها ، ولكن إذا تساوت هذه العوامل التربوية والبئوية فانّ أثر الهرمون يظهر ولذلك يميل الذكور عادة نحو التعدي والهيمنة .
    يقول المؤلف : رغم اختلاف البيئات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والمستويات التكنولوجية فانّ الرجال يهيمنون على الأسرة والمجتمع ويحتلون الوظائف العليا.
    هذه ظاهرة مطردة وان اختلفت نظرة الرأي العام في أوربا وأمريكا إليها ففي الماضي كان الرأي العام في أوربا وأمريكا يرتاح لتلك النظرة ويؤيدها بينما كان يستحي من الخوض في الممارسات الجنسية .
    أما الآن فان الرأي العام في أوربا وأمريكا ينتقد نزعة الهيمنة والتعدي ويشجع الخوض في الممارسات الجنسية . نظرة المجتمع تغيرت ولكن الحقائق بقيت على ما هي عليه .
    خلاصة : كل المجتمعات الإنسانية تظهر هيمنة الرجال على الأسرة وعلى المجتمع وهذه الظاهرة يفسرها بعض العلماء بإرجاعها للتركيب العصبي والغددي للرجال . ويفسرها آخرون بإرجاعها إلى عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية يغرس المجتمع بذورها عن طريق التربية في أجياله المتعاقبة من الأولاد والبنات .

    الفصل السابع
    رأينا في المسألة العلمية

    لقد استعرضنا بوضوح تام حتى الآن مواقف الفكر الإسلامي والفكر الوضعي من قضية المرأة وآن لنا أن نحدد رأينا حول هذه المسألة الهامة . فيما يلي أحدد الرأي في النقاش التالي :
    أولا : هيمنة الرجال :
    إنّها حقيقة لا شك فيها أن هيمنة الرجل على الحياة الخاصة والعامة ظاهرة متكررة في كل المجتمعات الإنسانية .
    ولا شك أنّ هذه الظاهرة تستمد وجودها من تكوين الرجل الغددي والعصبي والنفسي مما يجعله مجبولا على حب الهيمنة والسعي لممارستها بكل طاقاته ومهما كلفه ذلك من تضحيات .
    ثانيا : الاختلاف بين الجنسين:
    الرجال والنساء يختلفون فسيولوجيا ونفسيا وتوجد اختلافات في ملكاتهم ومواهبهم فالرجال مثلا أقدر على استيعاب الأمور المجردة والتداول فيها استنتاجا وتنظيرا ، بينما النساء أقدر من الرجال على استيعاب المسائل المحسوسة والأمور التي تتعلق بالأشخاص تفهما لها وتقديرا لظروفها .
    والدليل على تفوق استيعاب الرجل للمسائل التجريدية موجود في إحصائيات الشطرنج ، فالشطرنج من الألعاب التي تتطلب مقدارًا من التجريد والتنظير مثلها في ذلك مثل الرياضيات والفلسفة ، لقد دلت الدراسة للإنجاز في هذه المجالات على الحقائق الآتية :
    1. من بين أحسن خمسمائة لاعب شطرنج لا توجد امرأة واحدة هذا رغم أنّ النساء يشكلن 5 % من عضوية اتحاد الشطرنج العالمي.
    2. أجرت السيدتان الينور ماكوني وروبرتا اوتزل لعشرين إحصاءا دارت أرقامهما حول قدرات الرجال والنساء في إدراك وفهم الرياضيات . قالتا إنّ الإحصاءات المشار إليها أكدت الآتي :
    أ . استعداد الأولاد والبنات لاستيعاب الرياضيات متساو.
    ب .أما استعداد الرجال والنساء أي بعد مرحلة البلوغ في استيعاب الرياضيات فيه اختلاف كبير ، الرجال أحسن استيعابا لها من النساء .
    قالت المؤلفة بعد استعراض الإحصاءات: اعتقد أنّ ثمة عوامل وراثية هي التي تؤثر على ملكات الأولاد والبنات مثلا : الأولاد أكثر نزوعا نحو التعدي ليس فقط بمعنى أنهم أكثر ميلا للمشاجرة والتنافس ولكن بمعنى أوسع مما يجعلهم أحرص على التفوق والهيمنة ومما يجعلهم أيضا أكثر استعدادا لأخذ زمام المبادرة وللمخاطرة .
    وهذه الخصال نفسها هي التي تؤدي في طور لاحق في حياة الأولاد أي بعد البلوغ لتنمية الفكر الاستدلالي وما يلحق بهذا التفكير الاستدلالي من قدرات على الاستنتاج وعلى استيعاب المعاني المجردة .
    أقول : هذا لا يعني أنّ الرجال أذكي من النساء بصفة عامة ولا أنّ معدلات الذكاء بين الرجال أعلى من معدلات الذكاء بين النساء دائما. إن التفوق الرجالي المشار إليه هنا هو في نوع واحد من التفكير ذلك هو التفكير التجريدي وفيه يتفوق الرجال مثلما تتفوق النساء في استيعاب المحسوسات .
    هنالك دلائل أخرى على اختلاف ملكات الرجال والنساء ومواهبهم مثلا : عملت دراسة في بريطانيا في عام 1982 لحوادث السيارات في الطرق العامة وكانت النتيجة أن غالبية حوادث السيارات التي يقودها رجال تعود للأسباب الآتية : المخاطرة ،الاقتحام ، اللامبالاة. أما غالبية حوادث السيارات التي تقودها نساء فتعود للأسباب الآتية: الغفلة ، التردد ،شدة الحرص .
    إنّ اختلاف ملكات الرجال والنساء أمر بحثه كثير من علماء النفس وقديما صاغ أحد علماء النفس نظرية حول ما سماه الذكورة المطلقة والأنوثة المطلقة وهما صفتان غير موجودتين في الواقع إذ كل رجل وامرأة ينطويان على مقادير مختلفة من خصال الذكورة المطلقة والأنوثة المطلقة وان كان أغلبية الرجال ينطوون على مقادير الذكورة المطلقة أكثر من انطوائهم على مقادير الأنوثة المطلقة .والأمر بالعكس بالنسبة للنساء .
    خصال الذكورة المطلقة في هذه النظرية هي : الاستدلال العقلي، أخذ زمام المبادرة والانفتاح
    وخصال الأنوثة المطلقة هي : العاطفة ، المطاوعة ، والانطواء .
    ومهما كانت صحة هذه النظرية فإنها تحوم حول الاختلافات المشاهدة بين ملكات الرجال والنساء .
    إنّ التسليم باختلاف الملكات لا يعني التسليم بتفوق أحد الجنسين بصفة عامة في الذكاء على الجنس الآخر . كما أنّ الذكاء وحده لا يشكل العامل الوحيد في الإنجاز فرب ذكي مهمل يتفوق عليه المجتهد الأقل ذكاء .
    وفي السودان اطرد الدليل على تفوق البنات على الأولاد في نتائج الثانوية العليا في الأعوام الأخيرة ، هذا لا يدل على أنّ البنات أذكى من الأولاد ولكن أسبابه هي:
    أ / الأسرة السودانية عامة تشعر الأولاد بأنهم مفضلون على البنات. هذا التفضيل يدللهم بينما يحفز البنات للتفوق لإثبات قدراتهن.
    ب / المجتمع السودان يمنح الأولاد حرية أكبر من البنات ولذلك يصرف الأولاد كثيرا من الوقت في اللعب والترفيه أو مجرد الجوالة والتسكع بينما تصرف البنات وقتا أكبر في المذاكرة .
    ثالثا: حكمة التفاوت
    الانطلاق من حقيقة تفوق الرجال في بعض الملكات وحرصهم على الهيمنة وممارستهم لها .. الانطلاق من هذه الحقائق لاستنتاج أنّ الرجال أفضل من النساء أفضلية مطلقة استنتاج غير مشروع.
    إنّ الهيمنة الرجالية ظاهرة تقابلها ميزة نسوية كبرى هي الأمومة.وانّ امتياز الرجال في بعض الملكات والمواهب يقابله امتياز النساء في غيرها . وكلما تأمل الإنسان تفاوت الرجال والنساء أدرك أنّ لهذا التفاوت حكمة لكي يتكامل أداؤهم وعطاؤهم في مسئولية الحياة ونظام المجتمع .
    لقد أودع الخالق سبحانه وتعالى في النساء قدرات بيولوجية وسيكولوجية خاصة تمكنهن من دور خاص في مهمة حفظ النوع الإنساني والتوالد .
    إنّ النساء بالأمومة يكتسبن قيمة كبرى في نظر الأجيال الناشئة فالأم بالنسبة للطفل هي أهم شئ في الوجود . وعطاء النساء بالأمومة هو في ميزان الطبيعة أهم عطاء . وما ميل الرجال نحو الإنجاز والتفوق وحرصهم على الهيمنة لا للبحث عن عطاء يوازن في أهميته عطاء الأمومة ،فالأبوة وإن كانت مهمة تتخلف في أهميتها درجات عن الأمومة .
    ولأهمية الأمومة فان خالق الطبيعة جعل المرأة أقوى على مغالبة المخاطر الطبيعية . فإذا عم وباء فانه يقتل من الرجال أكثر مما يقتل من النساء . لقد اهتم بعض الناس بالفوارق بين الجنسين ليتخذوا منها مبررا للتمييز بينهما وتفضيل الرجال . وحاول آخرون التقليل من شأن هذه الفوارق ليتخذوا من ذلك مبررا للمساواة بين الجنسين.
    إنّ الجنس هو أهم ما نعرف به شخصية الفرد منا . انه أول ما نلاحظ إذا عرفناه وآخر ما ننسى من أمره أو أمرها . وكل محاولة للتقليل من الفوارق الجنسية سباحة ضد تيار الفطرة وحراثة في البحر .ولكن تأكيد الفوارق لا يعني صحة اعتبارها أساسا لاضطهاد النساء .
    الجنس واقع ثنائي تختلف الذكورة فيه والأنوثة اختلافا أساسيا في التكوين البيولوجي والنفسي اختلافا هو سر التجاذب بين طرفيه فيتكامل الواقع الثنائي في اتحاد لحفظ النوع وبناء المجتمع , إنّ في تجاذب الأضداد هذا مماثلة لقانون فيزيائي حيث يتجاذب السلب والإيجاب .
    لقد جنى بعض الناس جناية كبرى على هذه المعادلة الثنائية المتكاملة لأنهم باسم الفوارق بين الرجال والنساء حاولوا تحطيم كرامة المرأة وهدم ما لها من نصف كيان الإنسان ونصف الدين ونصف المجتمع .
    وجنى آخرون جناية أخرى لا تقل عن تلك فداحة إذ حاولوا إنقاذ كرامة المرأة واسترداد ما لها من نصف كيان الإنسان والدين والمجتمع بإنكار الفوارق الجنسية. ووأدوا الأنوثة أو الذكورة وأدا معنويا لكي يطيب لهم إعلان المساواة بين الجنسين. انه لظلم عظيم أن نغمط حق المرأة باسم الفوارق بين الجنسين وظلم عظيم أيضا أن نسقط أنوثتها باسم المساواة .
    هذان الموقفان لا يليقان بالرجل الواعي ولا بالمرأة الواعية بل إنّ واجبهما أن يعرفا الفوارق بينهما حق المعرفة احتراما لفطرتهما وأن يسعيا لانتفاع الإنسان بميزات الرجال وميزات النساء في تسيير دفة الحياة .
    رابعا : ضرورة المساواة في الحقوق :
    الخطأ الجسيم هو أن نقرن بين قدرات المرأة وملكاتها وبين الانتقاص من حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
    فالمجتمع محتاج للرجل وميزاته وملكاته في بناء نفسه وهو محتاج للمرأة وميزاتها وملكاتها في بناء نفسه .
    ينبغي أن تتساوى الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المكفولة للرجال والنساء وأن تصان فكرا ودستورا وتشريعا. وليترك للمجتمع حرية توظيف رجاله ونسائه دون قيود وسنجد أنّ المجتمع الرشيد سوف ينتفع بالرجال والنساء حيث عطاؤهم أكبر وأداؤهم أفضل .
    إذا نحن انطلقنا من الفوارق بين الرجال والنساء ورتبنا على ذلك حرمان المرأة من حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإنّ هذه الخطة لن تستقر بل سوف يقاومها المطالبون بحقوق المرأة رافضين الخطة . بل رافضين الأساس الموضوعي الذي تقوم عليه نفسه .
    خامسا:الضرورات الآنية :
    ومهما كان استعداد النساء ومهما كان ميلهن الطبيعي فان دورهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي لن يخضع لاستعدادهن الطبيعي وحده . ففي مجتمع يواجه حربا سوف تنشأ الحاجة لتعبئة كل أعضائه لمواجهة ظروف الحرب . وفي مجتمع يواجه تعبئة تنموية سوف تنشأ الحاجة لتوجيه كل أعضاء المجتمع للمساهمة في الهدف العام .
    لذلك أقول : إنّ لتكوين النساء الطبيعي ميزات تعدهن إعدادا أفضل لوظيفة الأمومة . يقابل هذا الاستعداد في النساء استعداد طبيعي في الرجال يدفعهم دفعا إلى الأخذ بزمام المبادرة والى الهيمنة وهما صفتان لازمتان لوظيفتي الكسب والحماية .
    إنّ التفاضل الموجود بين الرجال والنساء حقيقي ولكنه تفاضل تكامل لا تفاضل مطلق ولا يجوز الاستناد عليه لتقديم طرف على الآخر في ميزان المكانة الإنسانية ولا في نيل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

    الفصل الثامن
    رأينا من منظور إسلامي

    القاعدة الأساسية في الإسلام هي مساواة الرجل والمرأة في ميزان الإنسانية وفي ميزان الدين . قال تعالى : " "يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" وهذا المعنى نفسه أوضحه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " النساء شقائق الرجال " . وبناء على هذه القاعدة كان النداء العام لمجتمع الرجال والنساء متساويا ، والدليل على ذلك هو:
    • قال تعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم "
    • وقال : " فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض .."
    هذا هو نهج النداء العام ، ولكن هناك استثناءات مقترنة بظروف معينة .فالأمومة أعطت المرأة ميزة أوضحها حديث البر حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم . قال: السائل من أبر يا رسول الله ؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم أمك .فكرر السائل سؤاله ثلاث مرات وكرر المصطفى صلى الله عليه وسلم الإجابة ثلاث مرات وفي الرابعة قال النبي : أباك .
    ومن هذا القبيل قول النبي صلى الله عليه وسلم : الجنة تحت أقدام الأمهات .
    وهنالك استثناءات سببها دور الرجل ووظيفته هي :

    أ . الشهادة:
    في آية الدين " .. واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى.." تنص الآية على أن الشهادة في شأن المال تجوز برجلين أو رجل وامرأتين .والآية تذكر علة واضحة لذلك هي احتمال نسيان إحداهما للأمر لأن المعاملات المالية غير معتادة لديهن والإنسان سريع الغفلة عما لا يعتاد من الأمور وهو المعنى الذي صاغه حكيم الشعراء أبو الطيب المتنبئ بقوله :
    لكل امرئ في دهره ما تعودا
    وعلى أي حال فإنّ الأهلية للشهادة لا تدل على القيمة الإيمانية والإنسانية لصاحبها فرب عالم صالح عابد ينسيه انشغاله بعبادته عن تفاصيل الأحداث . لذلك قال معاوية بن أبي سفيان داهية العرب : إنني لأرد شهادة قوم أرجو أن انتفع بصالح دعائهم . ( أي هم من الصلاح بحيث أرجو أن انتفع بدعائهم ولكنني لا أقبل شهادتهم لغفلتهم عن الأمور المعتادة ) . وما دامت الشهادة الناقصة معللة بظروف معينة فان زوال العلة يؤخذ في الحسبان لذلك قال الإمام أحمد بجواز شهادة المرأة المنفردة إذا كانت أهلا لذلك .

    ب. المواريث:
    المواريث من الأحكام المحددة في الشريعة الإسلامية، الإرث في الإسلام يدور على أمرين:
    الأول: درجة القرابة من المتوفى.
    الثاني: حاجـة الورثـة.
    الحاجة الأعم في الوراثة اقتضت أن للذكر مثل حظ الأنثيين. لقد نقص حق المرأة في الميراث مقابل نقص في واجبها في النفقة إذ أوكلت النفقة كلها للرجل . فالمرأة تواجه ظروف ضعف في الحياة أثناء الحمل النفاس والحضانة وهي في تلك الظروف تحتاج لمن يتولى أمر الصرف لأنّ تلك الظروف تستوعب كل طاقتها.
    إنّ نقص نصيب المرأة في الميراث ليس نقصا في إيمانها ولا في إنسانيتها بل سببه معادلة حسابية محددة .
    ولكن نصف نصيب المرأة من الإرث ليس مرتبطاً بمجرد الأنوثة وليس دليلاً على دونيتها بالنسبة للرجل كما توهم بعض الناس. والدليل على ذلك هو أنه في حالة غياب ما للرجل من التزام أكبر ـ مثلما هو حال الوالدين الذين هلك ولدهما فالنصيب في الورثة متساوٍ. قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ..الآية) . فــي منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري تفسير لهذه الآية كالآتي:
    ‌أ- ترث الأم الثلث إن لم يكن للهالك ولد ولا جمع من الإخوة (إثنان فأكثر).
    ‌ب- ترث الأم السدس إن كان للهالك ولد أو جمع من الإخوة (إثنان فأكثر).
    ‌ج- يرث الوالد السدس مطلقاً سواءاً كان للهالك ولد أو لم يكن له ولد.
    هذا معناه أن الأم ترث أكثر من الأب إن لم يكن للهالك ولد أو جمع من الإخوة. وفي حالة الإخوة لأم يكون السدس للأخ لأم ذكراً كان أو أنثى، ويرثه إن لم يكن للوارث أب ولا جد ولا ولد ولا حفيد ذكراً كان أو أنثى بشرط أن يكون الأخ أو الأخت منفرداً، فإن تعدد الإخوة ورثوا الثلث شراكة.
    وفي حالة الجد والجدة: الجد عند فقد الأب يرث السدس، والجدة إن لم يكن للوارث أم ترث السدس أيضاً.
    هنالك ظروف جـدّت على بعض المجتمعات تعاظم فيها دور المرأة الإنفاقي، وفي السودان اليوم نسبة معتبرة من الأسر تقع فيها مسئولية الإنفاق على المرأة لأسباب مثل نسبة الطلاق العالية وتخلي كثير من الآباء عن الإنفاق على أولادهم، هجرة عدد كبير من الرجال خارج البلاد ورفع يدهم عن أسرهم إهمالاً لمسئولياتهم، حصول النساء على مصادر دخل عن طريق العمل الخاص أو الوظيفة مع عطالة أزواجهن عن العمل الخاص والوظيفة. هذه الظروف جعلت إنفاق النساء على الأسرة تبلغ نسبة معتبرة. فماذا يكون أثر ذلك على نصيبهن من الورثة؟ ربما أمكن استيعاب هذه الحقائق الجديدة عن طريق إعطاء نصيب لهن من الثلث الذي فوض للمورث تحديده.
    ولكن مع اتساع أعداد الأسر التي تعولها نساء، لا يمكن تطبيق أحكام الوراثة بصورة لا تراعي مقاصد الشريعة وتأخذ المستجدات في الحسبان. هكذا ينبغي أن تراجع أشكال الأحكام الإسلامية ذات المضمون الاقتصادي لتأخذ المستجدات في الحسبان ولكي تحقق مقاصد الشريعة في ظروف العصر الحديث.
    وعلى العموم فإن الفرق في المواريث راجع لأنه توزيع للأنصبة المو######## حسب واجبات مستحقيها ، ولكن حيثما وزعت الأنصبة في الشريعة للإعاشة لم يراع في المستحقين ذكورة أو أنوثة بل روعيت الحاجة ، فأنصبة الفقراء واليتامى والمساكين من أموال الزكاة والفيء والأنفال توزع حسب حاجتهم فإن تساوت الحاجة تساوت الأنصبة بلا إشارة لذكورة أو أنوثة .

    ج. تعدد الزوجات:
    في آية النكاح نص على جواز زواج الرجل من أربع نساء وفي نص آخر في آية أخرى يقترن هذا الحق بالعدل .
    إنّ موضوع جواز زواج الرجل من أربع نساء لا يتعلق بقيمة المرأة الإيمانية ولا الإنسانية فرب امرأة أفضل من زوجها إيمانيا وإنسانيا ولكن هذا الحق متعلق بطبيعة الرجال وطبيعة النساء .
    الرجل أشد تعرضا للإثارة الجنسية وهو أقل صبرا عليها ونزعته لتجاوز العلاقة مع واحدة أكبر . وهذا واقع يدل عليه ما درس من أحوال الرجال في المجتمعات الوضعية . والرجل عمره الجنسي أطول من عمر المرأة إذ أنّ ذكورته وهرموناته تبدأ منذ البلوغ وقد تستمر حتى نهاية عمره . بينما المرأة تتأثر أنوثتها وهرموناتها بسن اليأس . كما أنّ الرجل مهيأ للجنس في كل الأوقات بينما يعطل استعداد المرأة في فترات الحيض والنفاس وبعض أشهر الحمل . هذه المفارقات في أحوال الرجال والنساء هي التي فتحت باب التعدد للرجال ، وهو باب لا يدخل منه كل الرجال ولكن يجد بعضهم دافعا قويا للدخول منه . وستظل نسبة من الرجال مندفعة نحو التعدد في كل المجتمعات وسيتم التعدد سواء كان في شكل مشروع ومحدد كما هو الحال في الإسلام ، أو كان في شكل غير مشروع وغير محدد كما هو الحال في المجتمعات الأوروبية والأمريكية الحديثة.
    إنّ التعدد ليس واجبا إسلاميا مطلقا ويوجد في نصوص القرآن ما يمكن أن يفهم منه تفضيل الواحدة . ولكن التعدد جائز وفي ظروف معينة حينما يكون فيه قفل لدروب المعصية . مثلا إذا لم يكن الرجل صابرا على المفارقة في طبيعته وطبيعة زوجته ، أو في الظروف التي تزيد فيها أعداد النساء عن أعداد الرجال وهذه حالة معتادة ففي ظروف الحرب والبلاء العام والوباء أي في ظروف الشدة غير المعتادة يزيد عدد الضحايا من الرجال زيادة كبيرة . وفي الرخاء والسلام تزيد نسبة المواليد من البنات .
    فإن صح أنّ عمر الرجل الجنسي أطول من عمر المرأة الجنسي ، وإن صح أنّ العقم بين النساء أكثر منه بين الرجال ، وإن صح أنّ ظروف الشدة وظروف الرخاء كلاهما يزيد عدد النساء على الرجال أليس من العقل والحكمة أن يفتح باب التعدد ؟
    إنّ الفكر الأوروبي يربط رباطا قويا بين التعدد والمكانة الاجتماعية للمرأة بحيث يقال إنّ التعدد دليل على نقصان مكان المرأة الاجتماعية وبرهان على اضطهادها.
    هذا الربط ليس صحيحا إذ يمكن أن تكفل للمرأة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية رغم جواز التعدد . هنالك مجتمعات قليلة تجيز للمرأة أن تعدد الأزواج تسمى مجتمعات تعدد الأزواج (POLYANDROUS ) ورغم ذلك فان السلطة العليا في هذه المجتمعات والهيمنة للرجال في الحياة الخاصة والعامة. أي التعدد لا يعني حتما إزالة الحقوق الأخرى كما أن التعدد لا يعني حتما اضطهاد الطرف الآخر.
    تلك حقائق الأمر وظروفه الموضوعية ورغم وجودها فان الإسلام لا يقول على الرجال حتما أن يتزوجوا أكثر من امرأة بل يوجد في الإسلام مدخل مشروع لتقييد هذا الحق إن لزم ، ذلك المدخل هو أنّ عقد الزواج في الإسلام عقد اختياري بين طرفيه . وللطرفين أن يدخلا في العقد ما يحلو لهما من شروط إلا شرطا حلل حراما . إنّ للزوجة أن تدخل في شروط هذا العقد الاختياري ما تشاء من ضمانات بما في ذلك أن يكون لها حق العصمة وبما في ذلك ألا يتزوج الرجل امرأة أخرى وهلم جرا .إنّ الزواج عقد اختياري بين طرفيه والقضاء الإسلامي ملزم بإنفاذ شروط ذلك العقد . هذا الجانب من الأمر أسهب في بيانه فقهاء الحنابلة ، وهو دليل على وجود مدخل مشروع لأخذ الظروف الشخصية والاجتماعية في الحسبان .

    د. ضرب الزوجات
    تنص الآية 34 من سورة النساء على حق التأديب للزوج (..واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إنّ الله كان عليا كبيرا ) . هذا الحق طبعا مشروط بأن يكون الرجل مستوفيا لواجباته وان تكون المرأة متمردة . وهو حق مشروط بالتدرج بحيث يبدأ الأمر بالوعظ ثم الهجر ثم الضرب .ومعلوم أنّ الضرب يصل بالعلاقة إلى حافتها إذ ليس بعد الضرب إلا تحكيم يتساوى فيه تمثيل الرجل والمرأة ويكون قراره في الموضوع نهائيا .
    روى الإمام الطبري والإمام ابن كثير والإمام الخازن أنّ حادثا رفع إلى على كرم الله وجهه وقع بين رجل وامرأة فاختار الإمام على حكمين من أهل الطرفين وقال لهما : إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما .
    والذين تفقهوا في الدين فهموا رخصة الضرب هذه فهما مقيدا . قال ابن عباس: الضرب المشار إليه غير مبرح ويكون بالسواك ونحوه.
    وقال الإمام الشافعي : الضرب مباح وتركه أفضل .
    أما إذا ضرب الرجل المرأة ضربا خاليا من هذه الشروط والقيود . أو ضربها وكان هو المقصر في واجباته . أو ضربها لمجرد العدوان . فان نصوص الإسلام في هذا المجال واضحة وهي المعاملة بالمثل أو العفو . قال تعالى : " وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين ". إن النص القرآني واضح في أن تردي العلاقة إلى مرحلة الضرب يؤذن بفضها لأنها المرحلة التي تسبق التحكيم الذي قد يؤدي للفراق .
    إنّ العلاقة التي يعتبرها الإسلام عادية ويجب أن تسود بين الرجال والنساء علاقة تستبعد الخشونة بكل أنواعها وهي العلاقة المطلوبة بين زوجين قام بينهما ميثاق غليظ . قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" . . وقليل من التفكر يوضح لصاحبه أنّ المودة والرحمة لا تدومان مع الخشونة والضرب . انهما تقيمان العلاقة على الحب والتفاهم ، بينما يقيمها الضرب على الخوف ، وشتان بين الحب والخوف .
    إنّ الله قد اختار للعلاقة بين الرجل والمرأة أن تقوم وتستمر على المودة والرحمة وهو العليم بظروف البشر وأحوالهم ، فأذن بالضرب في ظروف معينة وبقيود معينة وأكثر الناس تقوى وأكثرهم استجابة لمقاصد الشريعة هو أحرصهم على إقامة العلاقة على المودة والرحمة.

    هـ. الحجاب:
    أما موضوع الحجاب فقد أشرنا إليه سابقا موضحين أنّه وافد إلى المجتمع الإسلامي وأن المجتمع الإسلامي يقتضي لنسائه الاحتشام في الملبس ومراعاة مقاصد الإسلام وآدابه في الاختلاط .

    و. نصف الدية:
    وموضوع إيجاب نصف الدية عن المرأة تعرضنا إليه وأوضحنا أنّ النص القرآني واضح وهو أنّ النفس بالنفس ونص الحديث كذلك واضح في النفس المؤمنة مائة من الإبل . والنفس في الحالتين تعبير يشمل نفس الرجل ونفس المرأة.

    ز. القوامة:
    قال تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله والائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إنّ الله كان عليا كبيرا " . هذه الآية قصد بها أن يكون للزوج حق تأديب زوجته .والآية تعالج أمر الحياة الزوجية الخاصة ولا صلة لها بالحياة السياسية أو الحياة العامة .
    قال العلامة الالوسي : هذه الآية نزلت في عهد سعد بن الربيع بن عمرو وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن زهير . وهذا أنها نشزت فلطمها زوجها فانطلقت مع أبيها للنبي فقال : أفرشته كريمتي فلطمها . قال النبي صلى الله عليه وسلم لتقتص من زوجها. فانصرفت مع أبيها لتقتص منه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجعوا هذا جبريل أتاني وأنزل الله هذه الآية وتلاها فاستدل بعضهم بها على أن للزوج حق تأديب زوجته إذا ظلمت .
    إنّ حق القوامة المحدد هذا لا يصلح أساسا عاما لتفضيل الرجال على النساء في كل الأمور كما فعل بعض الناس والتمسوا من النص القرآني سندا لاضطهاد المرأة فدفعوا ببعض النساء دفعا للبحث عن كرامتهن النسوية في الأيدلوجيات الوضعية .
    إنّ القوامة المحددة هنا محددة بنطاق الأسرة والتفضيل المشار إليه متعلق بالكسب والإنفاق، وقد رأينا في مجال سابق كيف إن للرجل نزعة طبيعية في هذا الصدد وكل الذي فعله النص القرآني هو توظيف نزعات طبيعية خالقها أدرى بها لحماية مؤسسة مهمة هي مؤسسة الأسرة. ولولا هذا الاستيعاب الدقيق للفطرة لما صح أن يقال عن الإسلام أنّه دين الفطرة بمعنى أنّ الثابت في فطرة الإنسان يجد في الإسلام استصحابا وترشيدا. وكما أنّ للرجل تفضيلا في مجالات الكسب والحماية فان للمرأة تفضيلا في مجالات الأمومة والرعاية .
    لقد استدل بعض الناس بهذه الاستثناءات الوظيفية على تدني مكانة المرأة في الإسلام والتمسوا أحاديث آحاد ظنية الورود عن النبي صلى الله عليه وسلم وساقوا أحاديث موضوعة لحبس المرأة في أدنى درجات السلم الاجتماعي. رووا حديث آحاد أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " هذا الحديث ورد تعليقا على ما فعل الفرس عندما ولوا الملك إحدى بنات كسرى.
    هنالك نص قطعي في أمر مشابه هو ما جاء في كتاب الله من قصته عن قوم ولوا أمرهم امرأة .القصة القرآنية المذكورة هي قصة بلقيس ملكة سبأ وهي تدل على أنها كانت ملكة حكيمة راجحة العقل. قال تعالى حاكيا عن ملكة سبأ : "قالت يا أيها الملؤ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون . قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين " .
    إن أحاديث الآحاد ظنية الورود عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك لم يأخذ بكثير منها أئمة الاجتهاد المعروفين .وحتى من أخذوا بها فإنهم يصرفون النظر عنها إذا هي تعارضت مع نص قرآني والنص القرآني هنا يشير إلى امرأة مالكة إشارات لا تدل على عدم فلاح القوم الذين ولوا أمرهم امرأة بل على حسن تدبيرها وثقة قومها فيها .
    أما الحديث الآخر الذي يهدم به كثير من الناس كرامة المرأة فهو الذي نصه : " النساء ناقصات عقل ودين "
    قال بعض علماء الحديث : من علامات الوضع في الحديث فساد المعنى أي أن يكون المعنى مما لا تقبله العقول ويخالف البداهة . أو أن يخالف الحديث صريح القرآن ، أو أن يخالف معنى الحديث الحقائق التاريخية .
    لو صح هذا الحديث لحدث الآتي :
    " لوجب الحجر على النساء في التصرف في أموالهن أو على الأقل عدم السماح به إلا بإذن الزوج أو ولي الأمر .
    " ولما دخل عدد من النساء في عداد الصحابة الذين عرفوا بالإفتاء. إن عدد من عرفوا بالإفتاء من الصحابة مائة ونيف وثلاثون ما بين رجل وامرأة .
    " كيف يستساغ هذا الحديث وأول من آمن امرأة وأول من زمل الرسول صلى الله عليه وسلم من روع الوحي امرأة هي السيدة خديجة بنت خويلد ( رضي الله عنها) وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ( رضي الله عنه ) بالهجرة أودعا السر لامرأة هي أسماء بنت أبي بكر . وحين جمع القرآن في مصحف واحد وضع أمانة عند امرأة هي حفصة بنت عمر . وظل محفوظا لديها منذ عهد الخليفة الأول حتى عهد عثمان ( رضي الله عنه ) فاخذ منها وروجع واعتمد واستنسخ منه وأرسلت النسخ للأمصار .
    " والحديث المذكور ينافي روح التكريم والإعزاز للمرأة . الروح التي انتظمت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وظهرت في معاملته لخديجة ولفاطمة ولعائشة . الروح التي صدر منها قول النبي صلى الله عليه وسلم ." ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم " . رواه ابن عساكر من حديث علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) .
    " والحديث المشار إليه ينافي صريح القرآن إذ قال تعالى بعد أن ذكر الذكر والأنثى : " إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم " . فما معنى مثل هذه الآية إن كانت النساء ناقصات عقل ودين ؟
    وحديث آخر موضوع نصه : خرج رجل لسفر وعهد إلى امرأته ألا تنزل من العلو إلى أسفل . وكان أبوها في الطابق الأسفل فمرض فأرسلت المرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تستأذن في النزول. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أطيعي زوجك. فمات أبوها فارسلت المرأة إلى الرسول تستأذن فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم أطيعي زوجك، فدفن أبوها فأرسل إليها الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرها أن الله قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها .
    من علامات الوضع في هذا الحديث انه يتنافى مع قوله تعالى : " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " . ويتنافى مع قاعدة أصولية معروفة هي أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والخالق يأمر بالإحسان للوالدين بقوله : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" .
    وحديث آخر في نفس المرجع موضوع هو أنّ النبي صلي الله عليه وسلم قال : لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها .
    أين هذا الحديث من قوله تعالى :" فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " . وقوله تعالى : " وجعل بينكم مودة ورحمة " . وقوله تعالى : " هن لباس لكم وانتم لباس لهن . "
    إنّ الإسلام يكفل حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاستثناءات المشار إليها في أحوال المرأة معللة ودائرة مع عللها . وكل محاولة للاستناد إلى الدين لنقص كرامة المرأة أو نقص حقوقها يضر بالدين لأنه يحيد به عن العدل والعدل من أهم مقاصد الدين، ويضر بأمة المسلمين لأنّه يعرض النساء وهن نصف الأمة ( على الأقل ) لفتنة الخروج عن الدين بحثا عن الكرامة السليبة وعن الحقوق المسلوبة.
    المهدية والمرأة:
    هنا ربّما سأل سائل عن تشدد الأحكام الفقهية التي أصدرها الإمام المهدي بشأن المرأة فلماذا كانت صارمة لهذه الدرجة من الصرامة؟ وكيف نتجاوزها نحن الآن؟
    لقد واجه الإمام المهدي ظروف تفسخ وانحلال في المجتمع مما أوجب التشدد في الأحكام الفقهية .والتشدد في الأحكام أمام تراخي الأوضاع إجراء اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه في كثير من الحالات. لذلك أمضى عمر بن الخطاب (رضى الله عنه ) طلاق الثلاث ثلاث طلقات ليؤدب الناس الذين تمادوا في التصريح بالطلاق . وأفتى على بن أبي طالب بمضاعفة الجلد لشارب الخمر لمواجهة استهتار شاربيها . وهلم جرا.
    قال الشيخ عبد الوهاب خلاف وهو يتحدث عن النصوص التشريعية في السنة أنّه : " إذا دلت القرينة القاطعة على أنّه تشريع مراعى فيه حال البيئات الخاصة فهو تشريع زمني يطبق في مثل بيئته . وإن لم تقم القرينة القاطعة على هذا فهو تشريع عام .
    لقد كانت من حجج الإمام المهدي الأساسية قوله ان الأحكام الفرعية لا تثبت على حال لذلك قال : " ولا تعرضوا لي بنصوصكم وبعلومكم على المتقدمين . إنما لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال " .
    إن كثيرا من الرجال والنساء يسألون ماذا تكون عليها الأحكام الإسلامية الآن بشأن المرأة وبشأن الأحوال الشخصية ؟.
    إننا في هذا الكتيب نحدد مكانة المرأة في الإسلام ونوضح حقوقها وواجباتها ولكن ما ينبغي أن تكون عليه الأحكام وقوانين الأحوال الشخصية موضوع ينبغي أن تحدده المؤسسة ذات الثلاث شعب المقترحة لاستنباط قوانين مفصلة من الشريعة . لقد قلت في مجال سابق : " إن الوسيلة الأفضل في ظروفنا المعاصرة لتطوير الفقه الإسلامي وجعل أحكامه مادة للقوانين هي تكوين مؤسسة مكونة من ثلاث شعب :
    الشعبة الأولى : هيئة الموسوعة . وهي هيئة للموسوعة الإسلامية مهمتها إحصاء كل آراء المجتهدين المسلمين عبر العصور . وإحصاء وتنظيم أدلة الآراء المختلفة وبيان الآراء التي كانت محل اتفاق الجمهور وآراء الآحاد و الأقليات وجعل كل تراث الفقه الإسلامي وتفسير القرآن والأحاديث مبوبة ومرتبة بحيث يسهل الرجوع إليها بسرعة ودون عناء .
    الشعبة الثانية : هيئة الخبراء . وهي هيئة تتكون من علماء في الشريعة الإسلامية وفقهاء واختصاصيين في القانون الوضعي وفي الاقتصاد وفي السياسة وفي الإدارة وفي العلاقات الدولية وفي سائر العلوم الاجتماعية . وينظم هؤلاء أنفسهم داخليا بحيث يستطيعون استنباط أحكام من الكتاب والسنة واقتراح ديوان قانوني شامل : جنائي ، مدني ، شخصي، دولي ، وحيثما لا يتفق رأيهم حول الاستنباطات يسجلون الآراء المختلفة .
    الشعبة الثالثة : هيئة تشريعية: وهي هيئة تنوب عن الأمة نيابة صحيحة وحرة. هذه الهيئة هي التي تنظر في ديوان القوانين الذي تعده هيئة الخبراء وتشرع بأغلبيتها القوانين .ولها أن تبادر ما تشاء في سن التشريعات على أن تستعين بهيئة الخبراء للتأكد من أنّ تشريعاتها لا تعارض أصلا قطعيا من أصول الشريعة الإسلامية .
    هذه المؤسسة ذات الثلاث شعب هي المؤسسة التشريعية الملائمة لمبادئ الإسلام والمناسبة للعصر الحديث .

    الفصل التاسع
    قضية المرأة
    والإعلان العالمي لحقوق الإنسان

    لقد تم التطرق في الفصول السابقة لموقف الإسلام من حقوق المرأة، وتعرضنا لرأي جمهور الفقهاء المقيدة، ولآراء الفقهاء المجيزين، ثم لضرورة الاستجابة لمتطلبات العصر. وأول ما يعرض لنا في هذا الصدد التساؤل: ما هو موقف الإسلام من الحقوق التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخولها للنساء؟
    لقد شارك الكاتب في مؤتمر نظمته الأمم المتحدة في جنيف من عام 1998 لبحث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي، وقدم ورقة تعرض فيها للشبهات التي يراها البعض معطلة لقبول الإسلام بالإعلان، وفندها واحدة واحدة، ثم خلص إلى أنه لا يوجد تعارض بين بنود الإعلان، وبين الدين الإسلامي. بل إن الإعلان يجب أن يعطى بعده الروحي والأخلاقي المطلوب بتضمين الحقوق الروحية والثقافية. كما أظهر أن الدين الإسلامي يذهب أبعد من الإعلان حينما يجعل الالتزام بحقوق الإنسان مفهوما ذا أبعاد روحية ودينية يأثم المؤمن إن لم يلتزم به.
    أما من ناحية من قضية المرأة فقد أورد التالي:
    البند 16 من الإعلان العالمي يقول:
    i. للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
    ii. لا يبرم عقد الزواج إلا برضا الطرفين الراغبين في الزواج رضا كاملا لا إكراه فيه.
    iii. الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
    عندما أشرقت رسالة الإسلام في العالم قبل 15 قرنا فان تعاليمها كانت بمثابة ثورة لتحرير المرأة.
    أما اليوم فان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينادي بالمساواة التامة بين الجنسين. فما هو موقف الإسلام من هذا النداء؟
    ان الفكر الإسلامي المعاصر منقسم على نفسه حول هذا الموضوع. إن دعاة المدارس الإسلامية المختلفة حول هذا الموضوع يدعمون مواقفهم بالاستشهاد بالكتاب والسنة ويطرحون آراء تتناقض بين الذين يضعون المرأة في مرتبة أدنى والذين يقرون لها المساواة.
    ان الرجل والمرأة في الإسلام هما الشقان المكونان للنفس الإنسانية بنص سورة النساء الآية الأولى: "يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" وهو المعنى الكامن وراء مقولة النساء شقائق الرجال. ان لهما حقوقا اجتماعية وسياسية واقتصادية متساوية بنص سورة التوبة الآية 71: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" .
    ولكن الإسلام يقر بوجود اختلافات بيولوجية، وفسيولوجية، ونفسية بين الرجل والمرأة، اختلافات استشهد بها بعض الناس لدونية المرأة والصحيح أن تكون أساسا لتكامل دور المرأة في المجتمع والأسرة.
    هنالك أحكام إسلامية تجعل للمرأة نصف الشهادة ونصف الميراث. نصف الشهادة مقترن بالشئون المالية المفترض الا يكون للنساء بها إلمام. لا نقص لشهادة المرأة في الأمور المفترض أن يكون لها بها إلمام. وحتى في الشئون المالية ان تحقق للمرأة بها إلمام فيمكن أن تكون شهادتها كاملة. أما نصف الميراث فمرتبط بان على الرجل واجب النفقة على الأسرة فحقه المضاعف يوازن بين الحق والواجب. وعلى آية حال فان تغيرت الظروف فان للموروث حقا في الوصية بثلث ورثته ويمكنه ان يراعي تلك المتغيرات.
    ان توزيع المهام والاختصاصات والحقوق والواجبات يبلغ مداه في مجال تكوين الأسرة والمحافظة عليها.
    القاعدة الأولي والاهم هي أن الزواج تعاقد اختياري بين طرفيه.
    القاعدة الثانية هي أن الأسرة هي اللبنة الاجتماعية الأولى للمجتمع وهي عش تفريخ أجيال الإنسان في المستقبل. لذلك وجب إقامة هذه اللبنة على المودة والرحمة. الروم الآية 21: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" .
    القاعدة الثالثة هي أن الأمومة هي محور الأسرة هذه الحقيقة اقتضت أمرين. الأول: أن يكون بر الذرية للام مقدما على من سواها. والثاني: أن يكون على الأب واجب النفقة.
    ينبغي تأسيس الأسرة كوحدة اجتماعية على المودة، والرحمة، والثقة والشورى. ولكن لابد للجماعة أية جماعة من رئاسة. الأسرة كجماعة رئيسها الأب.
    النقطة التي أود أن أبرزها هي أن الإسلام أقام موازنات في الحقوق والواجبات المادية والمعنوية لإقامة وحماية الأسرة لتصبح كيانا اجتماعيا ذو جدوى. هذا هو الهدف لا دونية المرأة.
    بقى لنا ثلاث أسئلة هامة:
    1. لماذا يجوز للرجل المسلم أن يتزوج بامرأة يهودية أو مسيحية ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج رجلا يهوديا أو مسيحيا؟
    2. لماذا أعطى حق الطلاق للرجل وحده؟
    3. لماذا جاز للرجل أن يتزوج بأربع نساء؟
    الرد على السؤال الأول: إن الزواج في الإسلام عقد مدني وليس شعيرة دينية. لذلك جاز لطرفيه أن يكون لهما ملتان مختلفتان. إن الإسلام معترف باليهودية والمسيحية، البقرة الآية 62: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" . إن الزوج وهو رب الأسرة إن كان مسلما فانه سوف يحترم حقوق زوجته الكتابية الدينية. اليهودية والمسيحية لا تعترفان بالإسلام. الزوج الكتابي سوف يهدر حقوق زوجته المسلمة الدينية.
    الرد على السؤال الثاني: الزواج عقد تراض مدني. لذلك يمكن ان ينص فيه على حق الطلاق للطرفين ويكون النص ملزما.
    الرد على السؤال الثالث: هنالك عوامل فسيولوجية وسيكولوجية تجعل طبيعة الرجل والمرأة الجنسية مختلفة. هنالك عوامل سياسية واجتماعية تخل بالتوازن بين أعداد الرجال والنساء في المجتمع. لقد أجاز الإسلام تعددا محدودا للزوجات لمواجهة تلك الظروف. ولكن تعدد الزوجات ليس واجبا إسلاميا. وهنالك نصوص إسلامية توجب العدالة بين الزوجات وتؤكد استحالتها لذلك يمكن وضع حد للتعدد بموجب حجة إسلامية. يضاف إلى ذلك أن التعليم وثقافة العصر جعلا المرأة العصرية تنفر بشدة من التعدد. هذا المزاج يتناقض مع المودة والرحمة المطلوبة لاستقرار الأسرة وهما من مقاصد الشريعة. لذلك يمكن منع التعدد لصالح الاستقرار العائلي.
    الخلاصة: إن أحكام الشريعة معنية بالتصدي لعلاج مشاكل حقيقية وليس امتهان حقوق المرأة من مقاصدها.بل تكريمها من مقاصد الشريعة.

    الفصل العاشر

    ختـــام

    إنّ أقوى ما يستقر في ذهن الإنسان هو ما يتنزل به الوحي من الغيب وتصدقه المشاهدة . لذلك قال تعالى : " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنّه الحق " . لذلك وبعد أن استعرضنا حقائق الوحي وأطوار المعرفة الإنسانية حول موضوع المرأة نجمل استنتاجا في سبع نقاط هي :
    الأولى : إنّ للكون ثنائيات عظمى أودع الله فيها أسرارا كبرى مثل الموجب والسالب في الفيزياء ، والقلوية والحموضة في الكيمياء ، والأنوثة والذكورة في البيولوجيا ، والعقل والعاطفة في السيكولوجيا، و الفردية والجماعية في السيوسيولوجيا وهلم جرا.
    هذه الثنائيات تتباين تكوينيا وتتكامل عطاءا وأداءا .
    وعلة الفكر التقليدي أنّه تعدى على نظام الفطرة بهضم الأنوثة في الذكورة كأن القوامة وهي وظيفة من بين وظائف أخرى تعني إعدام ذاتية الأنوثة وكرامتها .
    وخطأ الفكر الأوربي والأمريكي الحديث في بعض مدارسه هو أنّه بردة الفعل أسقط سلطان الذكورة لا بترقية الأنوثة إلى مراقي الندية والتكامل ولكن بإنكار أنّ الأنوثة والذكورة تعنيان شيئا خارج إطار الوظيفة التناسلية وحدها .
    الأنوثة والذكورة ثنائية لا تقف عند حد الوظيفة التناسلية وحدها وستفرض هذه الثنائية نفسها على حياة الإنسان لأنها فطرية .
    مفهوم ومقبول أن تحتج حركات الصحوة النسوية على اضطهاد المرأة باسم الفطرة . ولكن ليس مفهوما ولا مقبولا أن تطرد الاضطهاد والفطرة معا .
    إنّ الإسلام بالفهم الصحيح لنصوصه القطعية يساوي بين الرجل والمرأة في الدين والعقل والإنسانية ويفرق بين وظائفهما الزوجية تفريقا يأخذ في الحسبان تكوين الأسرة واستقرارها واستعداد طرفيها لدورهما فيها فسيولوجيا وسيكولوجيا.
    إنّه تفريق وظيفي مستثنى من المساواة العاملة وموجه لغاية أساسية هي :
    تكامل الأداء والعطاء .
    هذا الفهم المستقيم لدور المرأة وحقوقها هو الذي يوشك أن تقف عنده وتطمئن إليه مدارس الفكر الأوربية والأمريكية الجادة .
    الثانية : إنّ الذي يتفكر في الحياة يجد أنّ في سنة الحياة معاوضات كبري . فاللذة الجنسية في قصة آدم هي الثمن لفقدان الخلود . ولذة التحصيل في كل مجال ثمنها الجهد المبذول إرهاقا ومعاناة في سبيلها . والحكمة الشعرية تقول :
    ولا بد دون الشهد من ابر النحل
    وحتى في إطار تجربة الأفراد فان من يفقد بصره يستعاض سمعا مرهفا . والمرأة الدميمة تستعاض خفة في الروح أو تفوقا في الذكاء وهلم جرا . الكمال لله أما البشر فكل فعل وكل إنجاز له ثمن وكل تفوق في مجال يصحبه نقص في مجال آخر .
    إنّ للأمومة دورا هاما في الحياة وتصحبها صفات العناية والرعاية وهي وما تصحبها من خصال لها ثمن . ثمنها انصراف عن التصدي للمخاطر وزهد في حدة التنافس . وهذه هي المجالات التي يتاح للرجل فيها تفوق . ولكي يحفظ الرجل دوره في معادلة التكامل بينه وبين المرأة في بناء الحياة فانه يندفع للتفوق والهيمنة والإنجاز اندفاعا يحقق بموجبه عطاءا يساوي عطاء الأمومة ويوازيه .
    الثالثة : الباب مفتوح ، وينبغي أن يكون كذلك ، في مجال التقوى والإيمان ليسعى الرجل والمرأة للقيام بدورهما الديني دون قيد . والباب مفتوح وينبغي أن يكون كذلك في مجال حقوق الإنسان ليسعى الرجل والمرأة للقيام بدورهما الإنساني دون قيد. ولكن نظام الأسرة وما يلحق به من نظم اجتماعية يقتضي تضحيات بعضها تفرضها الفطرة نفسها وبعضها ينبغي أن تحميها المؤسسات .
    هذه التضحيات هي مداخل الاستثناءات من قاعدة المساواة العامة وهي أساس التفاضل حيث يفضل الرجال النساء في مجالات ويفضلن الرجال في مجالات أخرى .
    التفاضل العام المطلق ظلم لا مبرر له . والمساواة في المجالات المعينة المحددة ظلم لا أساس له .
    الرابعة : الأحكام التي تنظم أوضاع الرجال والنساء على صعيد الحقوق الإنسانية وعلى صعيد التكاليف الدينية والالتزامات الخلقية والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وما يتبعها من واجبات ينبغي أن تقوم على المساواة بين الجنسين مساواة لا يحدها إلا إفساح المجال لأحكام أخرى تفرق بين الجنسين في مجالات التفرقة التكاملية .
    الخامسة : الأحكام التي تنظم أوضاع الرجال والنساء في مجالات التفرقة بين وظائفهما هي أحكام مستثناة من المساواة العامة ، وعلى المجتمع المسلم استنباط هذه الأحكام من الكتاب و السنة القطعية الورود عن النبي صلى الله عليه وسلم وينبغي أن يفهم أنّ هذه التفرقة أوجبتها الثنائية الفطرية لحكمة التكامل فلا يجوز أن تكون مدخلا لانتقاص المرأة ولا لإهدار حقوقها الإيمانية أو الإنسانية .
    السادسة : الزواج وتكوين الأسرة لبنة أساسية في بناء المجتمع وتربية الأجيال الناشئة . وربما اقتضت مصلحة الأسرة والمجتمع أن تعمل المرأة كالرجل في الكسب وربما اقتضت ألا تعمل في مجالات معينة . وربما اقتضت ظروف المجتمع حشد كل طاقاته بكل أفراده في تعبئة دفاعية أو تنموية وربما اقتضت غير ذلك . هذه الأمور يقررها الراشدون والراشدات باختيارهم دون وصاية . ومقاصد الشريعة الإسلامية تفتح أبوابا واسعة للأحكام التي تحقق المصلحة وتدور مع العلل والمقاصد .
    السابعة : مهما بحثنا من أمر وتصفحنا تطوراته في الفكر والحياة وتأملنا ما اهتدى إليه البشر من معرفة وحكمة فإننا نجد إن الإسلام قد سبق إليها : "صنع الله الذي أتقن كل شئ انه خبير بما تفعلون " . هذا الذي نقوله هو استدلال بالمشاهد على الغيب وهو من مناهج الإسلام الأكيدة . قال تعالى : " وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون " صدق الله العظيم .
    المراجع العربية :
    1. ابن حزم : المحلى
    2. ابن رشد : بداية المجتهد.
    3. ابن سعد : الطبقات الكبرى ، دار بيروت للطباعة والنشر ، 1968م7أجزاء
    4. ابن قدامة : المغنى
    5. ابن قيم الجوزية : الطرق الحكمية في السياسة الشرعية .
    6. أحمد عزت راجح : علم النفس الصناعي.
    7. الألوسي ( العلامة ): روح المعاني في تفسير القرآن الكريم.
    8. البهي الخولي : المرأة بين البيت والمجتمع
    9. الصادق المهدي :
    i- العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي، الزهراء للإعلام العربي – القاهرة –1981م.
    ii- جدلية الأصل والعصر-دار الشماسة ، الخرطوم – 2001م
    iii- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي ، مؤتمر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي ، الأمم المتحدة ، جنيف ، نوفمبر 1998م
    10. الطبري ، جامع البيان في تفسير القرآن .
    11. الغزالي : إحياء علوم الدين .
    12. الماوردي : الأحكام السلطانية .
    13. سلام زناتي( دكتور): اختلاط الجنسين عند العرب .
    14. عبد الحميد متولى : مبادئ نظم الحكم في الإسلام.
    15. عبد الرحمن أفندي داماد( شيخي زاده) ، مجمع الأنهر
    16. عبد الوهاب خلاف : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع الإسلامي.
    17. عبد الوهاب وافي : حقوق الإنسان في الإسلام .
    18. لجنة الفتوى في الأزهر ، مجلة رسالة الإسلام ، السنة الرابعة- العدد الثالث يوليو 1952م.
    19. محمد أبو زهرة : الأحوال الشخصية .
    20. محمد عزة دروزة : التفسير الحديث.
    21. مصطفى السباعي:
    i- المرأة بين الفقه والقانون .
    ii- السنة.
    22. تبصرة الأحكام في الفقه المالكي .
    23. يوسف مراد: سيكولوجية الجنس .
    24. مصادر التشريع الإسلامي مرنة ، مجلة القانون والاقتصاد- ابريل /مايو1945م.
    المراجع بالانجليزية :
    1. Bernard, Jessie, Women and the Public Interest, An Essay on Policy and Protest, ed. :Aldine - Atherton, Inc., 1971.
    2. Engles, Friedrich, The Origin of the Family, 1884.
    3. Epstien. Cynthia, Woman’s Place: Options and Limits in Professional Careers, ed. : University of California Press. 1970
    4. Feber. Simor and Wilson,Roger, Woman’s Power.1963.
    5. Firestione. Shulamith, The Dialectic of Sex: The Case of Feminist Revolution 2nd edition, Bantam Books 1970
    6. Goldberg, Steven, Male Dominance Inevitability of Patriarchy, ed.: Abacus, London, 1979.
    7. Greer,Germaine, The Female Enuch, 1970.
    8. Janeway, Elizabeth, Man’s World Woman’s Place: A study in Social Mythology, ed. : Delta, 1971
    9. Mill, John Stuart, On the Subjection of Women 1869.
    10. Millett, Kate., Sexual Politics, ed.: Doubleday and Co., 1970.
    11. Mitchell, Juliet, Women, The longest Revolution: Essays on Feminism, Literature and Psychoanalysis, ed. : Virago London, 1984.
    12. Murdock, George, Social Structures, New York, The Free Press, 1965.
    13. Raisman, G, and Field, Polin, Science, monthly magazine, August 1971.
    14. Times, American Weekly Magazine, Issue No.4,28th Jan 1985.
    15. Times, American Weekly Magazine, Issue No. 15. 9th April 1989.

                  

العنوان الكاتب Date
المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-04-06, 07:27 AM
  Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-04-06, 07:31 AM
    Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-04-06, 08:19 AM
      Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. هشام آدم05-04-06, 08:50 AM
        Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-04-06, 10:41 AM
          Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-04-06, 10:42 AM
            Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. هشام آدم05-04-06, 11:08 AM
        Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-04-06, 11:32 AM
      Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-04-06, 11:30 AM
        Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. محمد حسن العمدة05-04-06, 02:57 PM
          Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. محمد حسن العمدة05-04-06, 03:01 PM
            Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. محمد حسن العمدة05-04-06, 03:03 PM
              Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. محمد حسن العمدة05-04-06, 03:10 PM
                Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. محمد حسن العمدة05-04-06, 03:18 PM
                  Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. Frankly05-07-06, 04:23 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de