|
مسارب الضي -التعليم أم التأليم؟! -الحاج وراق
|
مسارب الضي التعليم أم التأليم؟!
الحاج وراق
* (تفوق تبعات الجهل تكاليف تحسين التعليم بما لا يقاس)! هكذا لخص تقرير التنمية الانسانية الكثير من الابحاث والدراسات، التي تثبت بان الدول التي لا تصرف على القطاعات الاجتماعية (تعليم، صحة، رعاية اجتماعية)، تضطر لاحقاً الى صرف مبالغ مضاعفة لتهدئة القلاقل الاجتماعية المترتبة وعلى الامن السياسي والجنائي! والى ذلك ذهب المفكر البريطاني ـ هويسباوم ـ والذي لخص تجارب الدول الفاشلة والمنهارة بقوله ان الدول التي تصرف على الامن والدفاع اكثر من صرفها على التعليم عادة ما تنزلق الى الحروب الاهلية والفوضى! وهذا ما تؤكده تجربة بلادنا، سواء في الجنوب، أو دارفور أو الشرق! * هذا من زاويتي الكلفة المقارنة، وحسابات الاستقرار السياسي والاجتماعي، أما من زاوية متطلبات النهوض، فقد اكدت تجارب النهوض المعاصرة جميعاً، سواء في اليابان، كوريا الجنوبية، هونغ كونغ ، أو ماليزيا، الهند.. الخ ـ بان تنمية الموارد البشرية، والتي يحتل فيها التعليم والتدريب الدور المركزي، تشكل المدخل الاساسي والحاسم في النهوض. وهكذا، فسواء لأجل الاستقرار، او بحسابات الكلفة، او بمتطلبات النهضة، فان بلادنا تحتاج الى التحول عن سياسات حمدي الاقتصادية، التي ظلت تسير عليها الانقاذ، ولاتزال، برغم شراكتها مع الحركة الشعبية والتجمع الوطني الديمقراطي!. وبدون مثل هذا التحول في أسبقيات الحكم، فان أي حديث عن تحول في البلاد، لن يعدو كونه تغيير أصباغ لذات السياسات المتوحشة والقميئة السابقة! وهي سياسات، وغض النظر عن (ألوان) القائمين عليها، ستؤدي بالبلاد، كما سبق وأودت بها، إلى الحروب والقلاقل الاجتماعية!. وللمفارقة، فإن العناصر (المشاركة) مع الانقاذ من التجمع والحركة الشعبية، لاتزال تقنع بدور الاصباغ التجميلية، وتتصور مشاركتها وكأنها مشاركة في(الفوائد) وليس كمراجعة (للعوائد) في نهج الانقاذ!! * وأبرز الشواهد على ذلك، سلوك وزيري التعليم، الممثلين للحركة الشعبية والتجمع الوطني الديمقراطي. وبالنسبة لي شخصياً، فلم أكن أتوقع شيئاً من وزير التربية والتعليم العام، ذلك انه وبرغم اعلانه ممثلاً للتجمع، الا انه من معدي مناهج الانقاذ! وللمفارقة فانها مناهج للتلقين الايدولوجي ولنشر ضيق الأفق وقد وضعت على هدى أطروحة د.الترابي عن (التوحيد)، وهي اطروحة بائسة، تلغي التخصص والتمايز، ورغم الاطاحة بعرابها عن السلطة، فلاتزال مستمرة في المناهج كترابية بلا ترابي! ولأن الانقاذ على يقين بأن تغيير المناهج سيطرح على جدول الاعمال بعد اتفاقية السلام، فان السهولة التي تنازلت بها عن وزارة التربية، وهي تتعامل معها من حيث المناهج كوزارة (استراتيجية) لاعادة صياغة الانسان السوداني(!) وفق المخطط الشمولي، تلك السهولة كانت مريبة اصلا ، ولكن باعطائها لأحد واضعي مناهجها، يرتفع العجب عن سلوك الانقاذ، ولكنه يقع على رقبة التجمع! دع عنك معايير اختيار الوزراء، فأين الهيئات المكلفة بمتابعة ومراقبة اداء ممثليهم؟! وأين الاجهزة الاستشارية التي تضع السياسات البديلة وتتابع انفاذها؟! ولماذا لم نسمع ولا بمبادرة واحدة لمراجعة سياسات الانقاذ التعليمية؟! ولماذا لا يبدأ الاصلاح بالدعوة الى مؤتمر عن التعليم، يدعى له المعلمون، وروابطهم، والخبراء، للنظر في كافة جوانب العملية التعليمية، خصوصاً الميزانيات المخصصة، وأوضاع المعلمين وتدريبهم، والمناهج؟!.. تُرى متى يفيق التجمع الى امهات القضايا؟! ومتى يستيقظ ممثلوه في الجهاز التنفيذي عن سباتهم العميق والعقيم؟! * وأما وزير التعليم العالي، د.بيتر نيوت، فهو من أبرز الاكاديميين في البلاد، وكان المتوقع والمأمول ان يكرس منصبه لمراجعة (هوجة) الانقاذ المسماة ثورة التعليم العالي ، والتي قادت الى الأوضاع المتردية والبائسة حالياً للجامعات السودانية، الى درجة ان جامعة الخرطوم، مصدر فخرنا ، قد تدهورت لتحتل بحسب المقاييس العالمية الرقم 531 افريقياً والرقم 5500 عالمياً!! ألا يستطيع وزير التعليم مجرد دعوة الاكاديميين السودانيين الى مؤتمر علمي يناقش الاوضاع الحالية ليخرج ببرنامج للاصلاح؟! والى متى ينتظر لانجاز مثل هذا الامر الممكن والمتاح؟! * ولكن حسناً فعل اساتذة جامعة الخرطوم ، اذ بادروا عبر نقابتهم الشرعية بالاصلاح، وينهمكون هذه الايام في التحضير لمؤتمر اكاديمي. وبمستوى الاوراق المقدمة له، فالواضح انه مؤتمر حقيقي، يوفر المعلومات ويدرس الاوضاع والخيارات والمعالجات، فيختلف بذلك عن المؤتمرات المعهودة الزائفة التي تهدف الى تمرير القرارات المعدة سلفاً في زفة من طقوس هتافات الحلاقيم المتضخمة وفيضان مواد الدعاية التي يصرف عليها اكثر من الاوراق العلمية، اضافة الى صرف الحوافز والعمولات التي تحولت هي الأخرى الى طقوس مقدسة، الخروج عليها كما الخروج على ما في الدين بالضرورة!! * في احدى الاوراق المقدمة للمؤتمر الأكاديمي بجامعة الخرطوم، وقد أعدها د.كامل ابراهيم حسن ـ الاستاذ بكلية الزراعة ـ، واستناداً على دراسة احصائية للبروفيسور محمد الامين التوم، يضع الاساتذة اصابعهم على جوهر المشكلة، وهي تضاؤل نسبة الصرف على التعليم: في عام 56/1957 كان نصيب التعليم كنسبة مئوية من جملة مصروفات الحكومة يساوي 2.13%، وفي عام 85/1986م ـ 15%، وفي عام 87/1988م 4.12%، وفي عام 88/1989م 4.6% اما في عام 89/1990م فكان 5.4% وفي عام 91/1992م 7.1%! وفي عام 98/1999م 7.7% وفي عام 2001/2002م، 9.6%. مما يؤكد تراجع نسبة الصرف على التعليم، خصوصا في عهد الانقاذ، بل ان الصرف الحالي علي التعليم يشكل حوالى ثلث نسبة الصرف عليه عند الاستقلال!! * ولا تستطيع الانقاذ التذرع في ذلك بقلة الموارد، فقبل تصدير النفط وارتفاع اسعاره عالميا، كانت للانقاذ موارد تبددها في غير اوجهها الصحيحة، ففي ميزانية عام 92/1993م كان المبلغ المخصص للوفود والمؤتمرات 500 مليون بينما المخصص للتربية والتعليم 321 مليون! وفي ميزانية 93/1994م المخصص للوفود والمؤتمرات 800 مليون وللضيافة الرسمية 500 مليون بينما المخصص للتربية والتعليم 732 مليونا!! وفي ميزانية 94/1995م كانت المصروفات السيادية 23 مليارا و500 مليون بينما تأهيل وترقية جميع الخدمات (صحة، تعليم...) فقط 7 مليارات و700 مليون!! وبعد الفورة النفطية، في العام الماضي، تبلغ المبالغ المخصصة للاجهزة السيادية 211 مليارا والوفود والمؤتمرات 45 مليارا والضيافة الرسمية 14 مليارا وتذاكر السفر للاجازات 5 مليارات بينما تبلغ ميزانية التعليم 110 مليارات ! (أي نصف المخصص للاجهزة السيادية)!! ولأن الانقاذ ظلت تهتم بالوفود والمؤتمرات اكثر من اهتمامها بالتعليم، فقد اخذتنا في طريق المسغبة والآلام، الى انفجار حروب الهامش، والى خروج ازمة السودان الى (المؤتمرات) الاقليمية والعالمية!! وهكذا دوماً يؤدي تجاهل التعليم الى التأليم! * ليت وزير التعليم العالي يستخلص العبرة، فيلتقط مبادرة اساتذة جامعة الخرطوم، فيطورها الى مؤتمر اكاديمي لاصحاح التعليم العالي، ليخرج بتوصيات الاكاديميين والخبراء، وبلجنة منتخبة ديمقراطياً منهم، بحيث تتابع انفاذ توصياتهم، وتشكل هيئة استشارية دائمة للوزير. فهلاّ فعل؟
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مسارب الضي -التعليم أم التأليم؟! -الحاج وراق (Re: Adil Isaac)
|
شكرآ عادل على هذا المقال الرائع من الأستاذ الحاج وراق . و أضيف إليه بأن من أكبر المصائب التى أنزلتها الأنقاذ على الأنسان السودانى هو خصخصة التعليم فأنتشرت المدارس الخاصة مثل النبت الشيطانى بينما تدهورت المدارس الحكومية و التى كانت تحتل مكانآ مرموقآ مثل خورطقت وحنتوب . و أصبحت الجامعات السودانية حكرآ على أبناء المقتدرين ماديآ بينما يعجز معظم أبناء الشعب السودانى المسحوق عن دعم أبناءهم ليواصلوا تعليمهم . إن كان التجمع يرغب حقآ فى الوقوف بجانب المواطن السودانى فيجب عليهم ان يوقفوا فورآ أى تراخيص جديدة للمدارس والجامعات الخاصة كما يجب عليهم دعم المدارس الحكومية و خاصة تلك التى فى الأقاليم حتى تعود قوية مرة أخرى و تنافس المدارس الخاصة . تخريمة : هل ستأتى للقاء وزيرة الصحة السودانية مع الأطباء يوم 29/ أبريل فى بيرمنجهام؟ أتمنى ذلك حتى نلتقى و لك الود .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مسارب الضي -التعليم أم التأليم؟! -الحاج وراق (Re: Dr Abdelazim Abdelrahman)
|
Quote: وبعد الفورة النفطية، في العام الماضي، تبلغ المبالغ المخصصة للاجهزة السيادية 211 مليارا والوفود والمؤتمرات 45 مليارا والضيافة الرسمية 14 مليارا وتذاكر السفر للاجازات 5 مليارات بينما تبلغ ميزانية التعليم 110 مليارات ! (أي نصف المخصص للاجهزة السيادية)!! |
Dear Azama, salam Kateer to you and family
see above, isn't the cause of our misery is governmnets like this?.No wonder, they deserve the contempt of the whole world and no one treat them with any respect... Quote: هل ستأتى للقاء وزيرة الصحة السودانية مع الأطباء يوم 29/ أبريل فى بيرمنجهام؟ أتمنى ذلك حتى نلتقى و لك الود . |
will do my best!Any more details...where, when etc? Thanks
Adil
| |
|
|
|
|
|
|
|