|
قلم متميز وحروف مرتبكة تنتظر الاذن بالدخول يا باشمهندس بكري00
|
في كل أمور حياتي الكتابية كنت أتخير القصص قبل عناوينها ، أتخير الكلمات قبل أشكال الحروف بزواياها المختلفة ، أسمع صراخ المعاني قبل بعث الروح في أفئدة الصوت ألحبري ، أصغي لقهقهات ضحكات القلم الجالس على مقاعد الهمزات المتصلة ، أنصت لنحيب الألف المذبوح في أفواه همسات الماضي السحيق ، كل هذا كان قبل أن أعطي صفة حالة لكل كم هذه المظاهرات وانعتها بالمفرحة جدا أو المبكية جدا جدا أيضا .
تقف أناملي المرتبكة التي يقتلها التردد هذه المرة عند حافة دفتر الورق الزهري ، وينتاب قلمي حس الانسحاب ، وتتراكم العبرات بشكل يجعل من خروج الكلمات أمرا بالغ في الاستحالة .
يبتلع قلمي أخطاء الصمت يحيلها فجرا قاتما حول عيوني المجهدة ، تختال ألوان أقلامي كلها أمامي عارضة نفسها لأتخير لأول مرة بأي قلم سأكتب ، وتحت أي منحنى ستنطوي رايات العبر هذه المرة .
سحقا لعجز يكبل معصمي ، وسحقا لموت يغض الطرف عن ضعف بات يشل أطراف الدفاتر والأقلام والأخيلة وأنا .
هكذا رأيت نفسي
جذع شجرة مبتور....تستعر النيران في جوفه ..حريق هائل ...طال كل المنابع التي كانت تروي جذور الشجرة أم الجذع الميت بخيوط الشمس الصفراء .
هاهما العصفوران يرثيان لحال عش أحيل لرماد انتشر ليعمي أفق الكون الظالم البتار من قطعهما حينما وصل حياتهما بشجرة وارفة الظلال ،وفاقدة لحس البقاء من عدمه .
أي لعنة حلقت تعويذاتها في أركان أصابعي المتيبسة
وأي موت بات يغشاني لطرفة عمري كله
وأي طعم للفراق انتشيه بطيبة وببرود قمم الجبال الساحقة
وأي دهر هذا الذي أهون ما فيه توديع إنسان وأصعب ما فيه تبليغ سلام
وأي رثاء أحمق هذا الذي أتلفظ به
تلك حالتي بالكتابة من أعطيتها عنوانا قبل أن ينتهي تشخيص ألحبر لها
ومن أعطيتها لونا قبل أن تطلع شمس غد عليها
ومن أغدقت عليها من الدمع ربما
لأنني لم أكن هكذا
وربما من كانت أخرى من تسكن الآن خلف كل حرف تقرأ ونه
إني أذيع الآن لكم نشرة الأحوال الجوية لطقس الكتابة المتورمة الخواطر لي
فترفقوا بأجواء تتقلب أوضاعها بتقلب ميزان كفتي جنوني وعقلانيتي المفرطة
أراك سأذهب لأبحث عن أقلامي الهوائية
فقط كن بخير .... فقط اريدك بخير
فقط دعنا ندعي باننا سنلتقي 00
|
|
|
|
|
|