|
|
 الوطن الجريح بين الكتلة السوداء واتفاقية نيفاشا
|
الوطن الجريح بين الكتلة السوداء واتفاقية نيفاشا
نكتب من اجل الوطن بحدوده المتعارف عليها، بسكانه ولهجاته وعاداته وتقاليده وخيراته، نتناول مشاكله، نحدد اطر الخلاف والاتفاق ، نعطي كل ذي حق حقه لا نجامل في سبيل اعلاء كلمة الحق، ولا نزور في احداث التاريخ من اجل فئة او حزب او جهة معروفة او مجهولة، وجهات نظر نبديها، وحقائق نكشفها، واكاذيب ندحضها، ونظرة للمستقبل نوضحها، وحقائق غائبة عن اذهان الناس نتابعها ونستجلبها ونوضح خفاياها وندق ناقوس الخطر لما يهدد كرامتنا وعزتنا ونكشف من يحاول ان يخدع شعبنا، من يصور له الوهم حقيقة، وخيوط العنكبوت قوية متينة. فالساحة السياسية حبلى بكل ما هو جديد وغريب وعجيب، كثرت الجيوش وتعددت المسميات، وتنوعت الفصائل، ومطابخ الدول الاجنبية تعد في السيناريوهات ، والنفوس الضعيفة تهضم سريعاً هذه المشهيات طالما ان الفنادق اعدت، و الجيوب امتلأت ،والفضائيات وظفت لاخراج زعماء جدد يملأون الشاشات ضجيجاً وعويلاً وتحدياً واهانة لوطن عاشوا فيه.. ولقبائل علمتهم الكرامة والعزة والشموخ فاذابكرامتهم لدي اسيادهم وعزتهم حملها الهواء الساخن الى الغرف المكندشة، اما شموخهم فقد اضحى في الدولار والعربات المكندشة والاماني والاحلام القادمات.. هذا هو حالنا اليوم، فكيف كان حالنا بالامس وبالاخص فيما يتعلق بمشكلة الجنوب كيف كان تفكيرنا بالامس رغم المستعمر وسياساته، وكيف اضحى تفكيرنا الآن وما خطورته علي وطننا.
دعونا نستقرئ التاريخ ونفتح الصفحات المنسية ونوضح لاخوتنا من ابناء الجنوب، قومية اخوانهم في منتصف القرن الماضي، دعونا نحدثهم عن وطنية اهل السودان في جنوبه وان نتناول ما طرحوه ونقارنه بما يحدث الآن ويا لها من مفارقات، عجز دهاقنة الاستعمار بكل لوائحهم وقوانينهم وقسوتهم وجبروتهم ان يستعبدوا اهلنا في الجنوب، وان يغيروا اتجاههم نحو الشمال، لان الوظيفة كانت تمتزج بدمائهم رغم الهوان، وان تفكيرهم كان في وحدة الوطن شماله وجنوبه، وان رؤيتهم كانت واقعية وواضحة ومحددة، ولان المجتمع وقتها كان يحكمه المنطق، اقلامه سيوفاً موجهة ضد المستعمر، احتضن اخوته ابناء الجنوب، وقف معهم ودافع عن آرائهم ، حتى اتحدت الكلمة، وتراصت الصفوف ، وتوحدت الاهداف ونال السودان استقلاله.
هكذا كان جيل الامس.. الذي نعزه ونقدره ونحترمه ايا كان لونه اوجنسه او لغته او عاداته وتقاليده.
كان يوم 29/8/1948م يوماً ولا كل الايام.. ظهر فيه صوت قوى ينادي بحقه في الوجود في السودان الموحد، صوت يقول»انا الكتلة السوداء« وافد جديد من الشمال يعلو صوته بالحق، يطالب بحقه في الحياة، ينبذ الفرقة والشتات، يدعو الى القوة والصمود والتحرر.. لا يتحدث عن عنصرية اوجهوية لا يلتقي تعليمات من الخارج ولسكنه صوت الصحوة يطلقه ابناء الجنوب لمعرفة موقعهم في خارطة السودان في اخطر محطات التاريخ السوداني، كانت صرخة الكتلة السوداء الضوء الذي يحدد اطر التفاهم بين ابناء الوطن الواحد، لا خوف ولا وجل كتلة واحدة لا تنبغى في الحياة غير ان يكون لها شأن وصوت وقوة وارادة، استقبلها المجتمع بتحفظ ، ووقف معها جملة الرأي قادة صحافتنا وقتذاك ، ساندوها، ودعموها ، وعندما اشتد الخوف من اسمها، خشية ان تكون كتلة عنصرية تسعى لنسج خيوط الفتنة والشقاق نشر سكرتيرها حمد عجب ارباب في ٢١/9/1948م موضحاً اهداف الكتلة وما تسعى اليه.
تعالوا نقرأ سوياً اهداف هذه الكتلة واهدافها، تعالوا لنسطر باحرف من نور لصناعها ولقادتها ابناء السودان في جنوبه وشماله.. فالاحرار هم دائماً احراراً في آرائهم ومبادئهم كانت الكتلة السوداء اكثر حرصاً على وحدة السودان وتماسكه تسعى لازالة الفوارق، ولفتح الابواب للتطور المنشود، لينعم به ابناء الوطن جميعاً، وكان بيانهم بمثابة اتفاقية حددت العلاقة بين الشمال والجنوب، واوصدت ابواب الفتنة ووحدت رؤى المجتمع للنهوض في الزود عن حياضه ومستقبل اجياله تعالوا لنقرأ هذه الاهداف والتي تتلخص في:
تقوية الشعب بالاصلاح الداخلي، للوصول الى وحدة داخلية قوية وذلك باحياءالمجتمع واعطاء المحرومين نصيبهم من العيش، وازالة ماهم فيه من تعب وضيق ورفاهية صحيحة ليقل الاجرام.
الأخذ بيد العناصر الضعيفة وتقويتها لازالة الطبقة العنصرية لكي تحقق المساواة والاخاء الصحيح والتماسك التام بين المواطنين .
ان تقوم بالسودان حكومة سودانية ديمقراطية حرة تراعي العدل الاجتماعي والمساواة بين السودانيين وتقدم البلاد في كل النواحي.
ان يكون للسودان جيش قوي مجهز بكل المعدات الحديثة
ان يعتمد السودانيون على انفسهم لتحقيق امانيهم القومية.
هذه هي اهداف الكتلة السوداء، لا انفصال ولا تعدد منابر وجيوش تعالوا الآن نقارن بين الامس واليوم، بين مطالب للوطن وبين مطالب وتكالب وتمزق لجزء من الوطن..
ان الفرق واضح بين اتفاقية نيفاشا التي طبخت بايدي اجنبيه، واصابع تنفيذ سودانية ، وبين اهداف الكتلة السوداء..
ان ما يحدث الآن يدعو للحيرة والعجب، اقليم بحكومته وجيشه وعلمه ومنهجه التعليمي، طارد لكل ما هو شمالي، وفي ذات الوقت اعطته الاتفاقية نسبة تفوق نسبة الاحزاب بمجتمعه في الشمال.
المال عنده للجنوب فقط، الاتهامات وسيلته وهو السلطة الحاكمة مع الشريك النائب، الهجوم عبر وسائل الاعلام سلاحه، زرع الفتنة بين المواطنين وسيلته، التهجم علي الجامعات واستعراض البطولة هديته لمجتمع ينشد الوحدة الجاذبة..
آراء قادته في حكومة الشراكة تطفح بها الصحف اليومية، واتهاماته تتعدد وتتنوع.
نائب رئيس الجهوية الاخ سلفاكير لم يتكرم حتى اللحظة من الخروج من لباس الحركة الشعبية، ونسى انه النائب الاول لاهل السودان جميعاً، لم يتكرم بزيارة اقليم، لم نسمع صوته في لقاءات جماهيرية لم نسمع منه بحلول جذرية للبسطاء والغلابة من اهله في الشمال والحركة نفسها المبشرة بالفجر الجديد نامت على وسائد تخدير الشعب بالشعارات فخذلت جماهيرها التي كسبتهم عبر طرحها لبرنامجها عبر الفضائيات، وعندما نامت على وسائد العسل، واشيعتها الكلية بحلوها، نست او تناست الغلابة في السودان في شماله وجنوبه، والبؤساء في شرقه والحياري في غربة.
دعاة السودان الجديد اين هم من وطنية ابناء الامس الذين يطالبون بجيش قوي لحماية الوطن، والاتفاقية التي تعددت فيها الجيوش، حتى اضحى رئيس الجمهورية لاحول له ولا قوة في جيش ينتظم حدود بلده، مهانة ومزلة وعار واتفاقية كشفت مطامعنا السياسية وشهوتنا للحكم.
إن الجنوب يا سادة اصبح الآن سودانا آخر له مصالح مختلفة وحقوق منفصلة، علينا ان نؤديها ونحن له صاغرون،
يعقدون الاتفاقيات.. ويمسحون من سجلاتهم لغة الصلة والتواصل.
يعتدون على مواطنينا في الشمال والجنوب، يزرعون القنابل في مواقف المواصلات والاحياء، تعلو على سيماهم شعور الانفة والازدراء والكبرياء، يقتحمون الجامعات، يهددون اهل العلم وحكومتنا الشريك الغائب تراقب وتراقب وتراقب حتي خلتها مثل رجل الخط الذي لم يرى التسلل فاحرز منه الخصم هدف الفوز..
اصبح اخوتنا في الجنوب الذين عشنا معهم وتصاهرنا، واصبح لنا اسر وعوائل، صلة رحم ودم، اصبحوا بعد نيفاشا يشعرونا بانهم ليسوا منا وانهم امة وحدهم.
يا اعضاء حكومة المؤتمر
من يهن يسهل الهوان عليه
الانتباهة
ـــــــــــــ
|
|
 
|
|
|
|
waleed500
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست