|
|
 الفاضل احمد المهدى المحامى يكتب من الخرطوم مساء 27 فبراير
|
بمبادرة المانية
الخرطوم عاصمة للحوار بين الاسلام والغربالخرطوم عاصمة للحوار بين الاسلام والغرب
شهدت الخرطوم في احدي امسياتها البهيه بطقسها المعتدل حدثاً هاماً ، وان كان صغيراً هادئاً وبعيداً عن الانظار ، الا ان له وقعاً مريح وفيه نهج يستحق الاقتداء ، كما يدفع المهتمين بالشأن العام إلي تقديره والنظر اليه بعين الرضي . وافق ذلك الاثنين 27/2/2006م . حيث دعى سعادة السفير الالماني المستر شتيفن كيلر الي ندوة حوار ثقافي بين الغرب والمسلمين . وقد ادارها سيادته بدبلماسيه رفيعة المستوي ، وقد كان نقاشاً حراً أمه عدد من رواد المركز الثقافي الالماني وعدد من الدبلماسيين والطلاب ومنهم الاجانب .
وقد تميز ذلك اللقاء بالصراحه والشفافيه ، واتاحة الفرص الكافيه لكل من اراد المشاركة وابداء الرأي من الحضور.
كغيره من المنابر المفتوحه ، شهد اللقاء بعض الاراء المتطرفه الخارجه عن اطار الموضوع ، واتخذها البعض منبراً للتعبير عن مواقف شخصية متشائمة حيال الوضع السياسي الراهن في السودان، كما تحدث البعض عن ضرورة الفصل ما بين الدين والدولة ، أسوة بالتجربه الغربيه الناجحة في هذا الصدد "كما زعم المتحدث الالماني" كما تم التعرض بشكل جيد للمعيار المزدوج في القضايا الدولية التي ظل يمارسها الغرب حيال القضايا الدولية التي يعني بها العرب والمسلمين. كما تحدث البعض عن المفارقات الموجودة في العالم العربي والاسلامي فهم يستهلكون المنتجات الامريكية وفي الوقت نفسه يرجعون اساب التردي في الوطن العربي والاسلامي للسياسات الامريكية المعاديه ، والتي لا تعرف حداً في مناصرتها لاسرائيل المحتله . وهم كغربيين ينظرون لهذه المفارقه باعتبارها كيل بمكيالين ايضاً " double standard " .
لقد كانت لمداخلات سعادة السفير بين الكلمات اثرها الايجابي في ضبط روح المبادرة ، والسير بها تجاه دوافعها ومبتغاها الحقيقيى ، وهي في تقديري الحرص على التعبير عن الرأي في بيئة ديمقراطية . والتأكيد على أن الخلاف لا ينبغي أن يفسد للعلاقات الدولية وداً ، وخاصة الشعبية منها. والعمل على احترام الرأي الاخر الذي لا نتفق معه .
والحوار في الحقيقه هو الوسيلة الوحيدة لإبراز ذلك الموقف من الرأي الاخر ، الحوار والمناقشه والاستماع المتبادل للراي والراي الاخر سعياً وراء " احلال قوة الحجة مقام حجة القوة " .
واجدني ممتناً لسعادة السفير على هذا الجهد المقدر . لأنه في تقديري لن يتسني بناء علاقات خارجية سليمة وواقعية ؛ بدون أن يكون مصدر هذه السياسات معرفه حقيقيه بالثقافات المحلية والاراء المتداوله بين المواطنيين والرعايا العاديين لدوله ما . وبالتالي فإن مثل هذه المبادرة الشجاعه للمستر شتيفن كيلر سفير جمهورية المانيا الشقيقه التي توفر مناخاً صحياً لتناول الاراء في هدوء واحترام متبادل . مما يمكن من الحصول بالحوار والمناقشه والاستماع لوجهات النظر المتباينه على اسانيد ودعائم واقعيه لسياسات خارجيه موفقه تتسم بالنجاح ، وتسهم في بناء الثقه وتوحيد الرؤي بين الامم والشعوب . ولربما ادت لتوافق وانسجام في الرأي.
إن ما حدث في الدنمارك من نشر لصور كرتونية تسئ للمصطفي صلي الله عليه وسلم . لتصرف ينطوي على إحدى أمرين . أولهما أن الرسام لا يعرف مدي تأثير ونفوذ ومكانة النبي صلى الله عليه وسلم ، في قلوب المسلمين بمختلف درجاتهم ومستوياتهم الثقافيه . أي انه في حالة جهل مطبق وفاحش بعقيدتنا وثقافتنا كمسلمين. وبهذا الفهم فالرسام لا يستحق في الواقع لقب الصحفي الذي يعتد به ويتستر عليه بذلك ، مبدأ حريه الصحافة . وربما يدعو ما احدثه ذلك الصحفي بجهله من ضرر بمسيرة الوفاق العالمي والتعايش الديني ومناهضة التطرف ، ربما يدعو ذلك الي وضع شروط لممارسة مهنة الصحافة تتضمن قدراً ادني من الثقافة والالمام المعرفي والمعلومات العامة . قبل الترخيص بمزاولة من ذلك العمل الذي ثبت بالممارسة مدي خطورته في عالمنا المعلوماتي المعاصر . فكما يقال فإن الكلمة تقتل مثل الرصاص . والرسم ابلغ من الكلمات في التعبير . وثانيهما أن يكون هذا الصحفي الرسام الذي يشهر في وجوهنا هو وحكومته " دون وجه حق" درع حرية التعبير ، اذا افترضنا علمه بمكانة النبي صلي الله عليه وسلم في قلوبنا وعقيدتنا وثقافتنا . فأذن هو من دعاة وأتاة العنف والتطرف ، فالتعبير عن الرأي يمكن أن يكون سلمياً معتدلاً لا يثير النعرات والبغضاء ويلهب المشاعر ، ويدعو للرد والحوار والمناقشة. كما قد يكون تعبيراً على النغيض من ذلك ، عدائياً يحمل في طياته الغلو والكراهية ، وبالتالي يكون التعامل معه لا بالحوار والمناقشة ، وانما بما يخرج عن السيطرة العقلانية ويضيع في زحام النعرات والبغضاء والفتن . ويكون في هذه الحالة الثانية جانياً يتوجب عقابه.
إنني اري بتواضع أنه لو قدر لمبادرة السيد السفير المستر شتيفن كيلر سفير جمهورية المانيا ، أن تجد النور وتتسع لتشمل الدول الاسلامية والعربية والدول الغربية بحيث يشرف السفراء على حوارات من هذا النوع تضم المثقفين من الرعايا الاجانب مع نظرائهم للتشاور وتبادل الاراء ، حتي يحدث نوع من التعارف الثقافي . لو قدر لذلك أن يحدث ؛ لشاع فهم جيد للثقافات الاخري ، والمعتقدات المقابلة ، مما يدعو الكافة لتجنب الاساءات وما يثير النعرات ويهيج الضمائر ويفعل التناصر الديني في قضايا تعاون دنيوية . نحو افاق ارحب للحوار والمناقشة لا من باب الكراهية والشعور بالظلم أو القوة ، وانما من قبيل الاحترام والتقدير المتبادل للانسان والانسانية. في معني قولهم :
One world is enough for all of us . قال تعالي : ( انما خلقناكم أمم وشعوب وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم ) كما قال نبي الرحمة صلي الله عليه وسلم ( من سن سنة حسنة ، فله اجرها واجر من عمل بها الي يوم القيامة ) صدق الله العظيم ورسوله الكريم . اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون احسه . أمين
الفاضل احمد المهدي
المحامي / الخرطوم
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
Ro3ah
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست