رجــال گوداعــة قطبي المهدي »سيأتي يوم تفتقدون فيه أمثالي من الرجال.. ولن تجدوهم«. سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر اليوم والجو ملبد بغيوم التدخل الدولي.. وصوت القرنيت يلعلع في حي السجانة.. وربيكا تتجول بين البيت الأبيض والخارجية والكونغرس والله يعلم أين أيضاً. في هذا الجو بدأت أستعيد من الذاكرة سنوات الانقاذ الأولى.. (والتي أصبح بعض الانهزاميين يتبرأون منها) .. حينما شعر السودانيون أن لهم دولة وأن في بلدهم سلطة وطنية تدافع عن كرامتهم.. ذلك الشعور الذي إفتقدوه من سنوات طويلة. معظمنا يعيش كما يعيش البعير.. نأكل ونشرب.. لا نجاهد ولا نحدث أنفسنا بالجهاد ثم نموت كما يموت البعير!! فإذا شفع لخالد عمره الذي أمضاه في الجهاد والنزال.. فليشفع لنا أن نموت كما يموت المجاهدون الشهداء في ميدان الجهاد.. كأمثال وداعة.. ... فحينما صممت قيادة الثورة على تطهير الجنوب من التمرد وعلى بسط سيادة الدولة على ترابها الوطني.. وعلى قفل الطريق أمام التدخلات الخارجية فحركت قواتها في عملية صيف العبور.. وحينما إستنفرت قوى الشعب للدفاع عن تخوم الوطن في الشرق والجنوب والوسط وحينما شحذت همم الشباب السوداني يوم أن غدر العدو بتوريت وهو يفاوض وفدنا في محادثات السلام... يومها كان هناك أكثر من وداعة.. كان رجال القوات المسلحة يقاتلون خلف رجال كالشهيد البطل عبد المنعم »المكحل بالشطة«... وكان مجاهدو الدفاع الشعبي يقاتلون مع العالم المجاهد الشهيد أحمد محجوب حاج نور.. والشهيد القيادي الطالبي محمد عبد الله خلف الله.. وأمثالهم. كانت هناك قضية.. وكانت هناك رسالة.. لذلك كان إستعداد الشعب كبيراً وكان وعي مناضليه عالياً.. كنا نعيش روح تلك اليقظة في أناشيد المجاهدين الثورية وفي معسكراتهم النابضة بالحياة.. في صلواتهم ودعواتهم وتساميهم فوق الموت تطلعاً للشهادة.. في زغاريد الأمهات وهن يقمن بزف أبنائهن لميادين الجهاد.. وهن يستقبلن أنباء إستشهادهم بالفرح والأعراس.. وينشدن : حدثوا الأمات العديلة ليه الشهيد ما مات العديلة ليه زغردي أم الشهيد وأعزفي أحلى نشيد لم يمت من مات لله وللدين المجيد ولا تزال مشاهدهن وهن يصنعن زاد المجاهد بأيديهن يرددن الأغاني الجهادية تلهم الصمود والإقدام وتبرهن على مدى الإنفغال الشعبي الواسع والمشاركة الفاعلة للمرأة في تحمل المسؤولية الوطنية.
وفي سنوات الحذر والغفلة والوهم والجري وراء السراب الكاذب.. تباعد العهد بذلك الألق السامي.. وتراجع عنفوان الوعي بالمسؤولية الوطنية الذي ظل يقاوم ويقاوم حتى تم إسكات أصواته الواحد بعد الآخر... أين يا ترى تلك الوجوه التي كنا نطالعها في »ساحات الفداء«؟؟ وكنا نلتقيها في الخطوط الأمامية.. في همشكوريب والنيل الأزرق وخور بركة وجنوب كردفان وأحراش الجنوب؟؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست