|
لسلامتكم:تجنبي الجانب الغربي في واشنطن
|
لسلامتكم: تجنبي الجانب الغربي في واشنطن لم يغب بالطبع عن فطنة السودانيين حفاوة الرئيس جورج بوش بالسيدة ربيكا قرنق الوزيرة الاقليمية، واستقباله لها في منزله ودعوتها للعشاء مع اسرته في جو بالغ الود والحنان.. هذا في الوقت الذي لم يتشرف السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب والتي هي وزيرة النقل فيها بمقابلة الرئيس الامريكي حتى بدون عشاء. والفرق بين الزيارتين كبير في أسباب الدعوة وفي البرنامج وفي حرارة الإستقبال. والشيء المشترك هو تغييب الحكومة السودانية وسفارتها في واشنطن.. ولكل من هذا دلالته في سلوك حكومة المحافظين الجدد. لقد إنزعجت هذه الحكومة من النظرة الاستقلالية التي رأتها في سلوك الفريق سلفاكير السياسي أو عرفتها من شكوى من اشتكى لها. وأنه ينظر لإتفاقية السلام كجنوبي سوداني ولا ينظر لها بعيون أجنبية لا ترى إلا مصالح الآخرين. فخشيت ان تضيع أهدافها المطلوبة من الإتفاقية إذا تأكدت قيادته وسار نحو تحقيق مطالبه الجنوبية دون الإلتفات للأهداف التي بذلت في سبيلها الكثير. بعدها إنطلقت هذه الحملة المسعورة ضد مساعديه المقربين. وبدأ العمل في تخريب علاقة الثقة التي بناها مع الشماليين وخاصة شركاء الحركة في عملية السلام.. ما المقصود من ذلك؟؟ إن إتفاقية نيفاشا بالنسبة للمحافظين الجدد في واشنطن ليست المحطة الأخيرة.. ولم يكن يراد منها تحقيق الإستقرار في السودان.. ولكنها مرحلة في خطة الإستراتيجية الامريكية وعتبة للقفز نحو الهدف النهائي وهو إختراق سيادة الوطن والتغلغل في داخله والسيطرة على مقدراته. لذلك يجب ألا ينجح تنفيذ الاتفاقية ليكون ذلك مبرراً لمزيد من تأزيم العلاقة بين الجانبين السودانيين ولمزيد من الإتهام للحكومة الخائنة للعهود.. ثم ليكون مبرراً لتدخل القوات الدولية الضامنة للإتفاقية. إن قيادة الفريق سلفاكير في نظر الحكومة الامريكية الحالية لا يمكن الرهان عليها ما لم يغير النائب الاول قناعاته ويستوعب ما يريده الامريكان. وعليهم في هذه الحالة الإحتياط والنظر في البديل.. هل كانت دعوة السيدة الوزيرة لإختبار قدراتها القيادية.. وفحص توجهاتها السياسية.. ومدى كراهيتها للشماليين والإطمئنان على إستيعابها لنوايا حكومة الرئيس بوش؟؟ هذا ما ستكشف الايام القادمة حقيقته... أما التغييب المتعمد لممثل الحكومة السودانية وتجاهل الحكومة أصلاً والإصرار على دعوة قادة الحركة بإعتبارهم حكام دولة الجنوب، والإيحاء بألا دخل لحكومة السودان في الشأن الجنوبي.. فكل هذا يكشف عن الطبيعة المتخلفة لهذه العصابة التي ابتليت بها الولايات المتحدة والشعب الامريكي. هذه الحكومة التي تدعي أنها زعيمة العالم المتحضر وأنها القوة العظمى الوحيدة، لم تتعلم بعد شيئاً إسمه »المجاملة الدولية« »Comity of Nations« ولا تهتدي بالقانون الدولي في سياستها الخارجية بل تلجأ للبلطجة.. وسوء الأدب كأساس وحيد لممارسة علاقاتها مع الآخرين. هذه هي نفس العقلية التي إستخدمت القنبلة الذرية ومحقت بها مدينتي هيروشيما وناجازاكي بمواطنيهما الأبرياء من أطفال ونساء وعجزة وبكل ما فيها من مدارس ومصانع ومستشفيات. وهي العقلية ذاتها التي صنعت مأساة فيتنام وافغانستان والعراق وتريد أن تكرر ذلك في السودان. حفنة من اليهود والأصوليين النصارى المتهورين والبلطجية العنصريين.. لقد سودوا وجه أمريكا واساءوا للشعب الامريكي أيما إساءة.. فلم يعد أحد يصدق أن هذا السلوك هو سلوك شعب متحضر.. أو ديمقراطي جدير بأن يدعي أن دولته هي قائدة العالم الحر. لقد »لبد« هؤلاء يوم كان الإتحاد السوفيتي يهددهم بجبروته فلم نسمع بهم يتدخلون بجيوشهم لإنقاذ شعوب أوروبا الشرقية بدعوى حقوق الانسان أو الحرية المفترى عليها. لكنهم الآن يفعلون ذلك مما يؤكد أنها »البلطجة« وحدها وليست القضية أو المباديء. نحن لا نعتمد على أحد غير الله ثم شجاعة شعبنا.. لكننا بعد ذلك نراهن على وعي الشعب الأمريكي وعناصره الليبرالية الحرة التي ستدرك يوماً ماجَّرته عليها هذه العصابة الحمقاء. وستكون ردة الفعل من داخل أمريكا. أما السيدة الوزيرة فأرجو أن تتجول في أحياء الأمريكيين الأفارقة لتكتشف زيف الحفاوة »والحنِّية« التي إستقبلها بها جزارو العراق وفلسطين.. وأن جنوب السودان لا يختلف عن الجنوب الامريكي.. وأن نفطه لا يختلف عن نفط العراق.. لقد عشنا يا ربيكا كأفارقة في أمريكا فنحن نعرف.. السعيد من إتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه.
قطبي المهدي
|
|
|
|
|
|
|
|
|