|
يفتح الله وجه القسوة المرعب
|
يفتح الله محمد عبد الله الريح
وجه القسوة المرعب اليوم يتذكر العالم سربرنتسا التي اجتاحتها قوات الصرب بعد أن فتحت لهم القوات الدولية كبرياً ليمروا من خلاله ليبيدوا ثمانية الآف من سكانها المسلمين. لقد تم كل شئ تحت سمع وبصر القوات الدولية التي جاءت لتحمي المسلمين الأبرياء العاجزين عن حماية أنفسهم. وعندما نقلت شبكات التلفزيون في جميع أنحاء العالم صورة الصبي البوسني زياد وقد تم إخلاؤه من المئات من بني جنسه من بلدة سربرنتسا المحاصرة لم يتنفس العالم الصعداء . بل شعر الناس بفداحة تلك الحرب وبشاعتها وقسوة الصرب وموت كل فضيلة إنسانية في داخلهم .في تلك الأيام كنت بالمملكة العربية السعودية أشاهد تلك الأحداث المؤلمة ولا زالت صورة الصبي زياد عالقة بذهني. زياد علي سرير المستشفي وحوله والدته وأخوه الأصغر اللذين حرم من رؤيتهما مدي الحياة . أنه يتحسس بيديه تلك الضمادات التي وضعت علي عينيه وهو يسأل أمه : هل شكلي بشع يا أمي ؟ هل تشوهت كثيراً وتجيب والدته : لا يا بني … لا زلت وسيماً كما عهدناك . ويقرر زياد حقيقة يعرف هو مدى فداحتها عندما يقول : ولكنني فقدت بصري يا أماه . ويحكي زياد كيف فقد بصره فقد كان مع مجموعة من الصبية في مثل سنه يلعبون كرة القدم في فناء مدرستهم عندما صدقوا أن هناك وقفاً لإطلاق النار . وفجأة تسقط قذيفة عليهم وتنفجر محدثة فرقعة هائلة وتتطاير الشظايا وتصطاد أجساد الصبية ويقع بعضهم مضرجاً في دمه بينما يصاب زياد في وجهه وكان أخر منظر رآه هو منظر أحد أصدقائه قد سبح في بركة حمراء وتناثرت أمعاؤه عل أرض الملعب يقول زياد أن ذلك المنظر سيظل محفوراً في ذاكرته الى الأبد . أن الظلام الذي يعيش فيه الآن بعد أن فقد بصره ظلام أحمر قان مختلط بلون الدم ورائحة البارود وصياح الأطفال. ويشير زياد بيديه علي أخيه ليقترب منه لكي يلمسه ويتحسس وجهه الذي حرم من رؤيته وتبتل أصابعه بدموع أخيه فيربت عليه ويطلب منه أن يكف عن البكاء . تلك صورة مأساوية لحرب قذرة تلتهم في أتونها كل شئ حي … أن الحروب التي كانت تشن في الماضي كانت تحكمها قوانين بعضها مكتوب وبعضها متعارف عليه … وبالرغم مما كانت تحدثه من دمار إلا أنها بمقاييس اليوم تعتبر حروباً رحيمة ونظيفة الى حد ما وكل أهدافها كانت تنحصر في هزيمة الطرف الآخر واحتلال أراضيه وفرض سيطرة المنتصر عليه وعندما غزت الجيوش النازية فرنسا وأقامت سلطة عسكرية نازية في باريس وفي كثير من المدن الفرنسية كان الناس تحت الاحتلال يمارسون حياتهم العادية وكانت المسارح تكتظ بروادها وكذلك المتاجر إلا في الحالات التي تداهم فيها قوات النازي الأوكار التي يختبئ فيها رجال المقاومة الفرنسية ولو حدثت إعدامات فهي تتم بمراسيم عسكرية ومحاكمة يمثل أمامها من تعتقد سلطات النازي بأنهم مجرمون ولكن مثل ذلك القصف العشوائي علي المدنيين دون أي أهداف محددة بل القصف من أجل القصف أو أحداث أكبر قدر من الدمار والموت … لم يعهده أحد .. إن الإنسان الآن في العراق وفي فلسطين يعاني من قسوة لا حدود لها .. قسوة بعض أفراده علي البعض الآخر … وقسوة القوة والهمجية والتسلط علي من لا حول لهم ولا قوة وفي مثل هذه الأوقات المظلمة والشر الذي أطبق مخالبه على الرقاب لا يسعنا إلا أن نتجه الى الله العلي القدير أن يجد لكل المستضعفين في الأرض مخرجاً وفرجاً قريباً لازمتهم فلا أحد يمكن أن يسمع شكواهم غيره .
|
|
|
|
|
|