|
Re: الزائر القتيل - قصة قصيرة (Re: Mohammed Haroun)
|
وفي غمرة حديثه مع ذلك الشاب قام صديقه دون إحساس منه وتسلل إلى الصف الأول لإلتقاط بعض الصور الفريدة للحفل كي يوثق حديثه الذي سينشره عبر الشبكة العنكبوتية. وبحركة لا إرادية إلتفت صاحبنا إلى الوراء وليته لم يفعل فقد إلتقى الناظران – ناظره بناظرها وكل ذلك حدث بمحض الصدفة – دون قصد منها أو منه – إمرأة في منتصف العمر، لونها قمحي وترتدي ثوب لونه فريد، وتعلقت الأنظار برهةً وبدا له أنه أسرف في التحديق والدهشة فأحس بالحرج فأبتسم وأومأ برأسه تحيةً لها وجاوبته هـي بإبتسامة مماثلة وهزت رأسها في وجل.
وبدأ صاحبنا يختلس النظر إليها من حين إلى آخر وأحست هي بنظراته الظامئة فتارة تبادله النظرات وتارة تصد عنه, إنها أمرأة في غاية الحسن والجمال. وراح يتحدث معها حديثاً متقطعاً تتخلله أسئلة متلعثمة، وفي تلك الأثناء عاد صديقه إلى مجلسه وقبل أن يستقر في مقعده سلم على تلك المرأة بإسمها وكادت أن تتوقف دقات قلب صاحبنا وتيقن أن صديقه يعرفها وسوف يخبره بكل شيء عنها بعد الحفل وربما يدله على مسكنها فأطمئن قلبه واستعاد توازنه واطمئنت إليه هي أيضاً بعد أن أدركت أنه صديق لشخص معروف - فالإنسان يبحث عن الطمأنينة والأمان منذ الأزل.
ولما أنتهى الفنان عبدالقادر سالم من فاصله الغنائي الأول قام صاحبنا من مقعده ورأى صديقاً آخراً له فسلم عليه وتسلل خارج القاعة ليعدل مزاجه ويستعد للفاصل الثاني. إلا أن جل تفكيره قد إنصب على تلك المرأة – فكل شيء من الرجل وكل شيء للمرأة – والفرنسيون يقولون إبحث عن المرأة أو الزوجة فكلاهما سيان فالمرأة قد تكون زوجة والزوجة هي مرأة. فالبحث مضني ولكن الأقدار قد توفر عليك مجهودا كبيراً فهو أصلاً لم يكن يفكر في الحضور إلى هذا المكان ولكن صديقه كان السبب في إقناعه ويبدو أن الأقدار وراء كل ذلك فحضوره قد يجمعه بالمرأة التي ظل يعشق طيفها وعاشت في خياله وفؤاده طيلة العمر.
نواصل بعد حين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزائر القتيل - قصة قصيرة (Re: Mohammed Haroun)
|
وفجأة تذكر أنه ما زال في الحفل يرقص ويتمايل بين الراقصين والراقصات وأذاع الفنان أن الأغنية القادمة هي أغنية الوداع ومسك الختام وأهتز الجميع وزادت دقات قلب صاحبنا فقد حانت لحظات الفراق وأزفت ساعة الوداع – آهـ من كلمة الوداع، إنه لا يحب سماع هذه الكلمة، فما الذي أتى به أصلاً إلى هذا المكان ليخرج منه مقتولاَ وأشرأب بعنقه ليلقي نظرة على من أصابته في المقتل فرأها تتمايل كالغصن اللدن وأنسل من بين الراقصين والراقصات ليقترب منها ويهز يده فوق رأسها ويهمس في أذنها كلمات متلعثمة لم تفهم منها شيء. وهزت رأسها في وجل واستجمع رباطة جأشه وقال لها (عاوزين نشوفكم ياناس .......) فأبتسمت إبتسامة سريعة وعلا وجهها الحياء وتعمد ومد لها يده ولكنها تمنعت واستعصت وأنتهى الحفل وصفق الحاضرون تصفيقاً حاراً. يالها من ليلة فريدة حقاً، ويالها من إمرأة مكتملة الحسن والبهاء - كل شيء فيها فريد – حتى عطرها فريد.
وتفرق الجمع في كل النواحي وفي الطريق سأل صديقه في لهفة هل تعرف أين تسكن تلك المرأة فقال له نعم وذكر له اسم حي شهير. وفرح صاحبنا وسأل صديقه مرة أخرى وما إسم الشارع الذي تسكن فيه ورد عليه صديقه إنه لا يعرف الشارع ولم ير بيتها قط ولكنه سمع الناس يقولون أنها تسكن في ذلك الحي وإنه قابلها مرة واحدة فقط قبل عامين وهذه هي المرة الثانية ولا يدري إن كان سيراها مرة أخرى أم لا. وطأطأ صاحبنا رأسه في أسى – ياخيبة المسعى وياخيبة الأمل - فأحس بالضياع وشعر أن قدميه لا تقويان على حمله فجثا على ركبتيه وأفرغ كل ما في جوفه، وراح في غيبوبة لم يفق منها حتى الساعة.
بقلم/ محمد هارون فضل الله لندن في 17/3/2005م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزائر القتيل - قصة قصيرة (Re: Mohammed Haroun)
|
الأخ ممد هارون حقيقة القصه جميلة والسرد اجمل. شصيآ كنت متابعة القصة و منتظرة النهاية التي لم تخطر علي بالي. ـ في اتظار مذيد من ابداعاتك. واصل ونحن معك , وذي ما بقولو السكوت علامة الرضاء
مع فائق احترامي.
نون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزائر القتيل - قصة قصيرة (Re: Mohammed Haroun)
|
الأخت العزيزة نون
شكراً على مداخلتك الرائعة وتعليقك الأروع، فقد كانت مساهمتك هذه مفاجأة بالنسبة لي ودفعة معنوية لا حدود لها. والشكر يا عزيزتي أيضاً موصول للأخ العزيز بكري أبوبكر الشاب السوداني الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابة. ستظل الأجيال تذكر اسم الأخ بكري وموقعه الشهير(سودانيز أون لاين) فهو بحق من أرقى ساحات الحوار والتعارف وإبراز المواهب المغمورة.
تحياتي لك أيتها الجميلة المرهفة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزائر القتيل - قصة قصيرة (Re: Mohammed Haroun)
|
أيتها الخوجلية المرحة
تشكري على مرورك السريع وأتمنى أن تتحفينا برأيك الصريح في قصة الزائر القتيل فأنت تكتبين صباح مساء وقد عطرت سودانيز أو لاين بكتاباتك المدهشة وأفكارك المتحضرة الراقية.
تحياتي لك يا أم آيــة الطيبة النقية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزائر القتيل - قصة قصيرة (Re: Mohammed Haroun)
|
الإخوة/ات الأعزاء
أتساءل من وقت لآخر هل مات الزائر القتيل شهيداً كما قال الشاعر نزار قباني (قد مات شهيداً ياولدي من مات فداءً للمحبوب) أم أنه (راح شمار في مرقة). هل يقع الحب بغتة هكذا ومن أول لقاء أم أنه يحتاج إلى فترة حضانة تستغرق وقتاً ليس بالقليل؟؟ لا بد أنني مخطيء حينما صورت الزائر القتيل بأنه مجرد عاصفة لم تصمد أمام جبروت الأمواج المتلاطمة.
لماذا نعبر سريعاً هكذا إلى مرافيء التلاشي دون أن نحسب للدنيا حساب؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
|