|
أما آن لليل السودان من صباحات جديدة ... ؟؟؟ (1)
|
لماذا أهملت النخب السودانية أمر تفعيل الفكر في الشأن الإقتصادي !! وكيف كان الإقتصاد متوازناً حين كان الإهتمام عاليا بالمشروعات _______________________________ كتب صلاح الباشا : [email protected]
سألني صديق عزيز ذات مرة وقد كنت أعمل وقتذاك خارج الوطن قائلأ وهو يزفر نفسا حاراً تغلفه ملامح أسي وحسرة : لماذا يُكتب علينا أن نعيش سنوات طويلة نعمل فيها بكد وإجتهاد خارج بلادنا ، بينما غيرنا من الشعوب العاملة بدول الخليج لديها خطط جاهزة للعودة إلي أوطانهم وهم يعلمون جيدا ماذا يعملون وفيما يستثمرون ، بل ومنهم من يعود إلي وظيفته الأولي مترقيا جنبا إلي جنب مع دفعته وزملائه في الدائرة التي كان يعمل بها داخل الوطن الأم. لم أجد رداً جاهزاً علي تساؤلات صديقي هذا ، لكنني ظللتُ لشهور .. بل لسنوات عديدة أحاول تقليب الأمر لعلي أجد إجابة شافية لذلك السؤال ، وهنا أذكر تاريخ سؤاله ذاك لي ، نعم .. كان ذلك في أوائل ثمانينات قرننا الماضي ، أي مايزيد علي ربع قرن من الزمان !! وفي واقع الأمر فإن كل الظروف والمراحل التي مرت بها بلادنا منذ أفول عهود الإستقرار النسبية ( 1958 – 1968م) ، أي فترة العشرة سنوات الممتدة منذ بداية حكم الفريق الراحل إبراهيم عبود وحتي نهايات فترة الأزهري والمحجوب عليهم جميعا الرحمة والتي إنتهت بإنقلاب 25/5/1969م ، حيث ظلت تلك الفترة تشهد إستقراراً نسبيا في الإقتصاد وفي توازن السوق ومستويات المعيشة وتحمل الدولة لتكاليف العديد من إحتياجات الإنسان الهامة كالعلاج والتعليم والرعاية الشاملة وتوفر فرص العمل والترقي والإبتعاث للخارج لمزيد من إتساع مواعين البحث والتخصص للخريجين وللعمال للتدريب، منذ نهايات ذلك الزمان ظل أهل السودان يعيشون حالات يأس متزايدة إلي أن وصلت تراكماتها درجات عالية من الإستسلام . ولم نقصد هنا الإستسلام بمعني عدم اللجوء لإفتعال المعارك وخلق الإضطرابات والإضرابات من أجل الوصول للتغيير في الطاقم السياسي ولخلق مراحل نماذج جديدة ، بل المقصود إنحسار .. بل إنعدام خلق المبادرات الحراكية التي تؤسس لفتح نقاشات جادة في مختلف الحقب لتحاول إيجاد حلول طويلة الأجل لمسألة تطوير الإقتصاد وخلق مناخات جديدة لإستحداث مشاريع ضخمة ، تراعي نوعية البيئات التي تقام فيها تلك المشروعات التي تعمل علي تنمية المناطق من جهة .. وعلي توظيف ملايين العمالة بكافة تخصصاتها من جهة اخري . وحين نعود قليلا إلي الوراء .. أي إلي عشرينات قرننا الماضي نجد أن الإدارة البريطانية التي كانت تحكم السودان قد خلقت في سنوات قلائل أهم ثلاثة مرافق تنموية كتب لها الديمومة والتوسع سنة إثر أخري ، بمثلما كتب لها في زمان لاحق الدخول في نفق الإنهيارات المظلم بقوة دفع سالبة عالية ، مثل مشروع الجزيرة وإمتداد المناقل والذي كان يؤدي دورا مفصليا في دعم الإقتصاد السوداني بمئات الملايين من الدولارات سنويا ، بل كان من المؤمل أن تدخل في ذات المشروع مساندات أخري كالإنتاج الحيواني وتالميكنة في العمليات الزراعية كلها مثلا . أما المرفق الإقتصادي الثاني الذي أسسته الإدارة البريطانية وقد إنهار أيضا فيمابعد هو هيئة السكة الحديد بخطوطها الممتدة إلي أعماق الوسط وإلي أطراف الشرق وإلي صحاري الغرب ، ولما كان لتلك الخطوط من عائد خدمي وتنموي عالي المقام كتوفير حالات التنقل والأسفار للمواطنين ، وتيسير حركة نقل البضائع من الوسط والأطراف إلي خارج البلاد . ثم يأتي المرفق الخدمي الثالث عالي التأثير ، وهو إنشاء ميناء بورتسودان البحري بماله من فائدة لاتحتاج كثير شرح. ذهب الإستعمار وترك لنا تلك البنية القوية بمقاييس ذلك الزمان وقد إستندت تلك المشروعات الثلاثة علي أصول ثابتة - Fixed Assets – ظلت القيمة السوقية والإقتصادية لها تتجدد وتتعاظم سنة إثر أخري ، غير أننا أهملناها جميعها تماماً .. تاركين مردوداتها الإقتصادية الضخمة علي الإقتصاد وعلي معاش أهل السودان تحت رحمة الزمن اللامبالي. إذن ... السؤال الذي سبق أن طرحه صديقي ذاك قبل ربع قرن من الزمان ( 1981م) له علاقة مباشرة بما ذكرناه من مقدمات في هذا المقال ، غير أن الإجابة علي السؤال تحتاج منا كثير جهد بحثي لا يستند كثيرا إلي قواعد النقد السياسي للأنظمة ، بل إلي ملابسات ومرتكزات أخري نستعرضها لاحقا حتي تتاح للجماهير المتابعة فرصة الإسهام المتجرد الذي لايعتمد كثيرا علي الغلو في كيل الشتائم العارمة لكافة أشكال الأنظمة التي وضعتها ظروف متباينة لتعتلي سدة الحكم في السودان عبر تاريخه الحديث.... نواصل ،،،ن ***** نقلا عن سودانايل ... صحيفة الخرطوم
|
|
|
|
|
|