الصادق المهدي ... آخر زعماء المهدية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 03:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-13-2006, 12:56 PM

د. سيف اليزل حامد البشير


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق المهدي ... آخر زعماء المهدية

    د. سيف اليزل حامد البشير
    شهد السودان خلال شهر ديسمبر ويناير المنصرمين سلسلة احتفالات بمناسبة بلوغ الامام الصادق المهدي سن السبعين..وذلك تقليد استبقه محبو الاديب الكبير الطيب صالح حيث اصدروا سفرا بمناسبة سبعينيته وضمنوه بحوثا ومقالات اشرف عليها الدكتور حسن ابشر الطيب وتباري فيها النقاد والمحبين وحتي اقرباء الاديب الكبير لتقريظ موهبته وانسانيته وقلبه الكبير.كما احتفي من قبلهما شاعرنا الكبير محمد سعيد العباسي ببلوغه سن السبعين في قصيدته الشهيرة:
    سبعون قصرت الخطي وتركنني امشي الهويني ظالعا متعثرا
    من بعد ما كنت الذي يطئ الثري زهوا ويهوي الحسان تبخترا
    وهذه مناسبة للتفكر في الكسب السياسي والفكري الذي خلفه السيد الصادق المهدي. حيث يزعم محرر هذا المقال ان السيد الامام هو اخر زعماء اسرة المهدي الذي يجمع بين السلطتين الزمنية والروحية..وهو نهج خالف فيه سلفه من لدن المهدية.. فالامام المهدي اكتفي بالسلطة الروحية وترك ادارة السلطة الزمنية لساعده الايمن وخليفته عبد الله ود تورشين.. كما احتفظ من بعده السيد عبدالرحمن المهدي بالسلطة الروحية وترك تدبير شئون السلطة الزمنية والادارية لمساعديه مثل البك عبدالله خليل والمحجوب وابنه الامام الصديق..وعلي ذات النهج اسس اسيد الصادق المهدي انشقاقه الشهير علي عمه الامام الهادي الذي طالبه برعاية السلطة الروحية والتخلي عن السلطة الزمنية بدافع تجديد الحياة السياسية وتحديث حزب الامة.
    هذا الانقلاب الفكري في نهج اسرة المهدي ادي الي تكريس سلطة ابوية قابضة تجمع بين السلطتين الزمنية والروحية مما اغلق باب التجديد في الكيان وسد الرافد الحيوي الذي كان يمده بالمبدعين المستقلين الذين جاءوا للحزب من خارج دوائر ولاءاته التقليدية من امثال البك عبد الله خليل ومحمد احمد المحجوب. ويعتقد كاتب هذا المقال ان ان الصادق المهدي هو اخر زعماء المهدية حيث جمع بين السلطة الروحية والزمنية والطاقة الفكرية للتجديد المعرفي مما وفر له فرصة سانحة لاجتراح تجديد وتغيير جذري في فكر المهدية وتوجهاتها الكلية لكنه اكتفي بتخريجات منطقية مست الشكل وتركت الجوهر..ونزعم ان الامام الصادق المهدي اذا لم ينهض بمهمة البعث والتجديد الفكري المطلوب فستستحيل علي من يخلفه للمزايا والخصائص وروح الزعامة التي يتمتع بها وسط محبيه ومؤيديه. فهل يستجيب للنداء التاريخي ام يكتفي بتخريجاته المبتسرة التي طلق فيها المهدية العقدية واكتفي بالمهدية الوظيفية. وهي ذات السانحة التي لاحت للامام الخميني حيث كان هو الوحيد المؤهل الذي يملك سلطة الغاء فكرة الامام الغائب فبدلا من رميها في غيابت الجب تمحل بنظرية امامة الفقيه . ولم يجرؤ احد من بعده علي الاجتراح الموضوعي.
    شخصية الصادق المهدي يميزها فاعلان: فاعل سياسي يعبر عن كسبه الذاتي في الفكر والثقافة والممارسة والانتاج المعرفي وخصائص القيادة والزعامة.
    وفاعل روحي يستمده من ينبوع المهدية التاريخي وهو الذي يمنحه الشرعية والولاء الشعبي .. ولا تكاد تستقيم للدارس شخصية الصادق المهدي دون اعتبار جدي لهذين الجانبين. وقد مازج بفرادة مدهشة بين ثلاث مفردات هي موروث الثقافة الدارفورية التي يغتني منها بمخزون كبير و ثقافة الوسط النيلية وتراث المهدية الزاخر بالاقوال والقصص والاشعار والامثال. فقد قال معبرا بلسان اهل دارفور عن رفض حزب الامة للمشاركة الديكورية حسب وصفه في حكومة الوحدة الوطنية "انحنا يا جماعة ابينا دوت كي". وعندما اراد تبخيس استخراج البترول في ذروة معارضته للانقاذ قال انها " احلام ظلوط" وعندما عارض التوسيع في الجامعات من غير روية ودراسة كافية قال " انها كمن يحاول ان يطعم برميل موية بملعقة سكر" . وقال عن انشقاق مبارك الفاضل وانضمامه للحكومة انه "كمن استبق اكل الفطيس قبل الذبيح " . وقال مستشهدا بمقولة الامام عبدالرحمن عندما طالبه البعض بالقصاص السياسي ضد الانقاذ "الفشي غبينته خرب مدينته". هذه المزواجة بين التراث والتقليد من جانب والحداثة والمعاصرة من جانب اخر هي احدي دوافع الافتتان الشديد به من قبل المثقفاتية من شيعته الذين يغالبون نزعات الولاء الطائفي علي الولاء الفكري. وفي هذا الصدد فقد وصفه الدكتور علي حمد وهو استاذ جامعي يقيم في اروبا في مقال نشره قبل عام تقريبا بانه فكي خواجة حيث يلبس جناح ام جكو ويتحدث بلسان اهل الغرب ويجادلهم في اخر نظريات الفكر الانساني بثقة عالية وثقافة موسوعية وافرة..وقد ابان ذلك المقال الخلل الجسيم الذي اصطنعه المثقف الملتزم سياسيا فقد تنازل عن سلطته المعرفية في الجدل والنقاش بحثا عن الحقيقة ليصبح حوارا يتلقي البركات من شيخه بعد ان شحبت روحه طارت شفقا ولم تشع غيما وسنا كما ارادها الفيتوري. فالغي بذلك اعز ما يملك المثقف وهي عقله و سلطته المعرفية. وشبيه بذلك المقولة الشهيرة التي رددها احد انصاره وهو استاذ في جامعة الخرطوم اثناء فترة الديمقراطية الثالثة ان الصادق المهدي لو امره بالتصويت لحمار لفعل دون تردد. هذا الاستلاب الثقافي مارسه ايضا الدكتور حسن الترابي مع اتباعه المثقفين الذين وصفهم الدكتور تجاني عبدالقادر في مقال نشره مؤخرا بانهم ارتضوا ان يلعبوا دورا رسمه لهم الساسة ورجال الامن والتجارالجهولين الذين لم يكملوا مقررا دراسيا واحدا.
    ومارسه كذلك الاستاذ محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي وذلك حسب المرافعة الفكرية العميقة التي قدمها الاستاذ المرحوم الخاتم عدلان. وحسب وصف احد الساسة فان الظل الفكري الثقيل للدكتور الترابي قد حجب ضوء الشمس عن النباتات الفكرية الواعدة فماتت سهوا وترصدا.. هذا الظل الفكري الثقيل ايضا فرضه الصادق المهدي علي حزبه حيث لم تنبت قامة فكرية مستقلة من الحديقة النباتية لفعاليات هذا الحزب . ولم ينتج هذا المناخ سوي كوادر فكرية متوسطة القامة استنسخت صورة الصادق المهدي واكتفت بتقليده وترديد مقولاته. ورغم بروز الشيخ عبدالمحمود ابوه الا انه صار صورة طبق الاصل من الصادق المهدي وقد حجبته ثقافته التراثية ودراسته التقليدية من اشعاعات الحداثة حيث تدرج في مسار التعليم الديني التقليدي من الخلوة الي الجامعة الاسلامية ولم ينل حظا من التعليم الغربي مما جعل كل مخزونه وافكاره عن الحداثة مستمدة من احاديث وكتابات الصادق المهدي لانه لم يتصل بمصادر الحداثة المعرفية بصورة مباشرة..هذا التكلس المعرفي والضمور الفكري في حزب الامة يتحمل مسئوليته الامام الصادق لانه سد الرافد المبدع الذي كان يرفد حزب الامة بالافكار والشخصيات الخلاقة وهو تيار المستقلين من غير الانصار مثل الشاعر محمد احمد المحجوب وحتي الباشا عبدالله خليل. وهو قد ارتد بذلك عن السياسة التي رسمها واختطها الامام عبدالرحمن الذي كان يفتح ابواب الحزب للشخصيات المستقلة ذات العطاء المبدع بل ويقلدها المسئوليات والمناصب القيادية. في ظل قيادة الصادق المهدي انحسر هذا الرافد وعمد الي ترفيع الكوادر ذات النفوذ الطائفي والقبلي لحفظ التوازنات الجهوية وكان طبيعيا ان تفرز تلك السياسة نظاما ابويا قابضا . وانتقل بالحزب من بوتقة ينصهر فيه دعاة التيار الاستقلالي الي كيان طائفي مترهل يقوم علي التحالفات العشائرية والجهوية مع الراسمالية المحلية.وهو بذلك قد افرغ العملية السياسية داخل الحزب من فعاليتها التاريخية واستبدلها بنظام ابوي ترتفع فيه قيمة الولاء الطائفي والسياسي للقيادة ويقل فيه الحراك الفاعل المبدع وبالطبع فان مثل هذه القيادات ليست حريصة علي الاصلاح والتغيير لان ذلك يناقض مصالحها في التمثيل الجهوي في السلطة السياسية للحزب. ان سياسة تجفيف الحزب من المثقفين الحقيقيين والاستعاضة عن ذلك بعناصر تستنسخ شخصية زعيم الحزب الفكرية وتستهلك مقولاته وافكاره ادي الي حالة من الضمور الفكري والتكلس المعرفي وخمود ملكة التجديد والابتكار للاعتماد علي مصدر واحد للالهام الفكري الذي مهما تدفق عطاؤه فانه لا يفي بتطلعات الظامئين . بتحليل كثير من النماذج المماثلة في الساحة السياسية السودانية يستفيض الزعم بان الصادق المهدي صمم هذا النموذج بوعي كامل ليظل هو علامة العرفان والفذ الملهم في خضم الجهل السائد لتظل مقاليد سلطته الروحية والفكرية والسياسية في غير محل نزاع من العامة و الخاصة.
    يمتاز الامام الصادق المهدي بخصيصة نادرة وسط السياسيين في السودان وهي موهبته الثرة في اجترار الامثال الشعبية وتشقيق التشبيهات الساخرة . ففي موقف المفارقات الكاريكاتورية كثيرا ما يستشهد بديك المسلمية الذي يصيح ويعوعي في الوقت الذي يحمر فيه اهل البيت بصلته استعدادا لاكله ويستفيض في شرح انواع الديوك الاخري ذات الشهرة والصيت مثل ديك العدة. وللاستاذ نقد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي ذات النزعة في استخدام الامثال الشعبية اما للسخرية او لتقريب المعني وشرح المواقف لجمهور المستمعين. فقد سبق للاستاذ نقد ان شبه موقف الجبهة الاسلامية في مناداتها بتطبيق الشريعة الاسلامية مثل "المراة الغلفاء التي تمسك بالموسي لتطهر النساء" اي ان فاقد الشئ لا يعطيه ورغم طرافة المثل وغلظة عباراته الا انه قوبل بحملة شرسة حيث رماه البعض بالسوقية وكساد بضاعته وعجز بيانه عن التعبير الحاذق والمعني الادق في اجترار التشبيهات . ورغم ميل الزعيمان لاستخدام الامثال الشعبية الا ان الامام الصادق المهدي قد سجل تفوقا واضحا وبلغ فيها شاوا بعيدا وصارت تشبيهاته مثار تندر وتداول بين النخبة المثقفة والجمهرة العامة لطرافتها ولان المخيلة الشعبية تصنفه في طبقة الزعماء الذين لا يختلطون بالعامة ولا يستعملون لغتهم ومفرداتهم.
    ان نزعته للمزاوجة بين التراث والمعاصرة في شخصيته الفكرية تكاد تصبغ طبيعة تصرفاته السياسية التي تفضل كذلك المزاوجة بين المتناقضات والجمع بين المتوازيات. وصفه الدكتور منصور خالد بانه رجل وقواقة مرتبك في نفسه مربك لغيره..يتوهم في نفسه القدرة علي حل مشاكل العالم وهو لا يستطيع حل ابسط خلافات اسرة المهدي . ووصفه الدكتور حسن الترابي بانه كان يحلم بلعب دور شبيه وموازي للدور الذي لعبه تروتسكي في تصحيح واصلاح الفكر الماركسي ولكن حقيقته العلمانية ومظهره الاسلامي عمقا فيه فعل الشئ ونقيضه.وقال ان به يقينا ثابتا بانه ولد سيدا وفي فمه ملعقة من ذهب لذا فعلي الناس ان يقدموا التضحيات من اجل ان تكتب البطولات باسمه.وكان يصفه رفيق دربه المرحوم عمر نورالدائم لخاصته بانه رجل مشغول بالفكر اكثر من السياسة حتي اصاب الكيان بانيميا الفعل وعجز السياسة اذ كان يتمني ان يتفرغ السيد الامام كلية للعمل السياسي. ووصفه الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية بانه رجل توفرت له كل اسباب النجاح من ارومة اصل وعراقة نسب وفرصة لحكم السودان مرتين الا انه افشل حاكم في تاريخ السودان الحديث كما انه ساهم في صنع الكارثة التي يعاني منها الجميع اولا بابتداره مع حسن الترابي لمشروع الدستور الاسلامي وثانيا لانه دعا في منشوراته الفكرية الي اسلمة وتعريب جنوب السودان بالقوة كما انه غذي الصراعات القبلية بتسليحه للقبائل العربية اثناء فترة حكمه الاخيرة. وصفه الدكتور علي الحاج القيادي في المؤتمر الشعبي قائلا: ان الصادق المهدي مثل الطفل الصغير الذي يبكي بحرقة لامتلاك اي لعبة اطفال تقع علي عينه وعندما تعطي له ليكف عن البكاء يقوم بتكسيرها علي الفور.
    ويصفه استاذ جامعي مرموق عكف علي دراسة بعض فترات المهدية بانه يدعي تقمص روح الامام المهدي والهاماته الغيبية اكثر من الامام عبدالرحمن الذي تميز بالواقعية وحسن المناورة السياسية. ووصفه الرئيس الاسبق جعفر نميري بانه لا يصلح لحكم السودان اذ تتحكم فيه ذهنية اهلية لا تتناسب ورجل الدولة المسئول.وصفه استاذ جامعي متخصص في العلوم السياسية بانه شخصية اختزالية اذ تميزت فترات حكمه باختزال الحزب في رئيسه واختزال الحكومة في رئيس الوزراء كما انه عمل علي انتاج ديمقراطية عشائرية تقوم علي تحالفات قبلية وعشائرية مع الراسمالية الانتهازية فابعدها عن حركة الحداثة. وصفه مواطن عادي بانه اول امام لطائفة دينية يمتلك الجراة علي الاحتفال بعيد ميلاده بطريقة رومانسية تخل بمروءة الائمة الدينيين..وصفه السفير الامريكي الاسبق في السودان دونالد بترسون بانه شخصية مترددة في اتخاذ القرارات الحاسمة وقد فشل في قراءة الاسباب الحقيقة لمشكلة الجنوب لانه كان يعتقد ان الحركة الشعبية هي الذراع العسكري لحكومة مانغستو في اثيوبيا متناسيا ان لمشكلة الجنوب جذورا تاريخية معلومة.وصفه ضابط عسكري رفيع خدم تحت قيادته عندما كان رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع بانه شخص حالم لانه كان يدفع الجيش لمحاربة الحركة الشعبية وهو يجبن عن زيارة حامية واحدة في الجنوب.
    يصفه سياسي مخضرم بان افضل نموذج للسياسي الذي يستسلم لغريزة حب البقاء ويؤثر علي الدوام السلامة الشخصية علي التضحية وشبهه بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي عرف بقدراته المتميزة في استشعار مكامن الخطر وساق الامثال علي ذلك اذ قطع دراسته بكلية غردون وسافر للدارسة بالاسكندرية خوفا علي نفسه عقب الاحداث التي صاحبت زيارة الرئيس المصري محمد نجيب للسودان.كما انه خرج من الجزيرة ابا قبل ايام قلائل من قصفها حيث ترك الامام الهادي لمصيره المحتوم.ضمن لنفسه الخروج بعد فشل الحركة الوطنية في عام 1976 لانه كان اخر الداخلين واول الخارجين اذ اثر السلامة الشخصية علي تضحيات القيادة .. قال احد الانصار الذين قاتلوا الي جانبه في تلك الحركة "اننا فجعنا في انسانيته وقدراته القيادية ِلانه لم يكلف نفسه عناء السؤال عن اسر الضحايا من الانصار الذين قتلوا في تلك الحركة ولم يهتم باحوال الجرحي او الذين فقدوا بصرهم وضاعوا في الصحراء القاسية بين ليبيا والسودان..ولم يتفضل عليهم بكلمة شكر او حتي بتكريمهم وحفظ حقوقهم ورعاية اسرهم لانه يعتبر ان هؤلاء الغبش الذين ينحدر جلهم من غرب السودان يقومون بواجبهم الطبيعي في تقديسه والاستجابة لاوامره". وقال عنه سياسي اروبي مخضرم التقاه العام الماضي واستمع الي ارائه في قضية دارفور" احسست في حينها انني امام سياسي محترف يناقش قضية دارفور من منطلق الربح والخسارة السياسيتين..ولم المس منه حزنا علي الضحايا او اسفا علي الاوضاع الانسانية الماساوية. ولم يتفضل بطرح اي اراء تساعد في رفع المسغبة عن الضحايا والمحتاجين وازداد عجبي عندما علمت لاحقا ان حزبه الذي يعتبر اكبر الاحزاب ذات الثقل الجماهيري في السودان لا يمتلك منظمة خيرية لاغاثة المتضررين " ..قال عنه سياسي مخضرم ايضا ان الصادق المهدي رغم تسامحه الظاهري الا انه رجل لا ينسي ثاراته ولديه استعداد فطري لسحق كل من ينازعه سلطانه الحزبي والسياسي ويميل الي التشفي واقصاء خصومه بالضربة القاضية وقال مدللا علي ذلك بالموقف الراهن من السيد مبارك الفاضل الذي يريد اذلاله باشهار اعتذاره وتوبته لقبول عودته منفردا وكذلك الاعراض عن كل مخالفيه والمنشقين عنه وتجاهل مصافحتهم واحراجهم علي الملا في المناسبات الاجتماعية العامة. وكذلك شماتته يوم ان تلقي نبا ضربة الترابي من بطل الكارتيه العالمي هاشم بدر الدين وكذلك ابتسامته الساخرة يوم الاعتداء علي الترابي امام ناظريه في يوم الاحتفال بعودته في مسجد الخليفة بامدرمان. قال وليم باتي سفير بريطانيا السابق في السودان " كنت عندما اطلب مقابلته يحرص علي ان يكون بجانبه عدد كبير من انصاره ربما لاظهار ثقله واهميته وكانوا جميعهم يتحدثون معقبين علي كلامه لهذا كثيرا ما يختلط علي حقيقة موقفه وموقف المتداخلين من انصاره". قال عنه صحفي يعد كتابا توثيقيا عن احداث الحركة الوطنية عام 1976 ان قيادات الفصائل المشاركة في الحركة قد احست بخيانته عندما شعر ببوادر النصر تلوح في الافق.. ويقال ان الزعيم الشريف الهندي وبعض قيادات الاسلاميين قد اقسموا الا يعملوا ويتعاونوا معه مرة اخري في قضايا مصيرية تتطلب قدرا من التضحية والثقة المشتركة ..لانه اراد ان يقطف ثمار النصر لوحده وعندما فشلت الحركة حيث ذهب وصالح نميري لوحده دون ان يستشير حلفاءه. يصفه الكاتب الصحفي عثمان ميرغني بان الصادق المهدي رجل يحتاج الي من ينقذه من نفسه اذ ارتضي ان يعلق من المدرجات علي مباراة كان يمكن ان يكون لاعبها الاول.يقول عنه سياسي مخضرم بان حب الظهور والشهرة بلغت به مبلغا انه اذا راي جمهرة غفيرة تشيع جنازة تمني في قرارة نفسه ان يكون الميت. قال عنه محمد احمد المحجوب الذي اجبر علي التنحي لانتخاب الصادق المهدي رئيسا للوزراء انه حاول اقناعه بالتروي والتدبر واكتساب مزيد من التجربة لان اسماعيل الازهري سياسي محنك يستطيع ان يلوي ذراع اقوي سياسي الا انه رفض نصيحته فقال عنه ان الغرور الذي اعتلي به المنصب الرفيع سيكون هو ذاته من يهوي به الي اسفل سافلين ومن ثم ارتجل مقولته الشهيرة في البرلمان ان من حاول الدفاع عنهم طيلة حياته كسروا سيفه الفولاذي واستبدلوه بسيف من خشب وقال "لا اريد ان افسد علي رئيس الوزراء بهجة يومه هذا ولكن اتنحى لمقعد المعارضة لاعلمه كيف تكون المعارضة" وقال معرضا به وبصهره الدكتور حسن الترابي الذي ناصره علي المحجوب ان بينهما وصال. فرد عليه الدكتور حسن الترابي الذي كان يكنيه المحجوب بالشاب الملتحي قائلا "من اول رئيس علا الي اخر صنم هوي- مشيرا للمحجوب- فهذا اول رئيس للوزراء ليس له رئيس خارج قبة هذا البرلمان" .
    سئل مسئول ليبي كبير زار السودان في بداية عقد التسعينات في ندوة عامة عن مناصرة الجماهيرية الليبية للعقيد جون قرنق فرد قائلا: لا تسالوا القيادة الليبية بل اسالوا الصادق المهدي الذي قدم قرنق للعقيد القذافي عام 1983 وطالب بدعمه وتسليحه لاسقاط نظام نميري ووصفه بانه رجل وطني مخلص. واضاف قائلا: لولا الصادق المهدي ماعرفنا قرنق ولولا توصيته لما دعمناه. واوضح بان الصادق المهدي عاد اليهم بعد الانتفاضة مطالبا بايقاف الدعم العسكري لقرنق.
    يقول كثير من المراقبين ان اميز سلبيات الرجل انه متردد في اتخاذ القرار يلجا الي الحلول الوسطية والتوفيقية التي تجمع المتناقضات وذلك لمنهجه الذي يحاول التوفيق بين الاشتات ويجمع بين المتوازيات. حكي عنه احد وزراء فترة الديمقراطية الثالثة مبكتا تردده وتوفيقيته السالبة فقال: تقدم وزير الاسكان بمقترح لتتبيع مصلحة الاحصاء لوزارته ولما اخضع المقترح للتداول اعترض عليه وزير الدفاع ذاكرا المبررات القانونية والشواهد التاريخية باحقية وزارته بالمصلحة خاصة وهي معنية بترسيم وتحديد حدود السودان المشتركة مع دول الجوار. وسانده في ذلك معظم الوزراء بالمجلس فما كان من الصادق وقد حسم النقاش باسقاط المقترح الا ان قرر
    ان تبقي مصلحة المساحة في كنف وزارة الدفاع علي ان تفتح وزارة الاسكان مكتبا لها في المصلحة دون اي مسوغات تنفيذية ومبررات عملية سوي ارضاء صاحب المقترح.
    يقول عنه احد العاملين في مجلس الوزراء في فترة الديمقراطية الثالثة انه تعمد فصل اكثر من 17 موظفا من مجلس الوزراء للصالح العام كما فصل تسعة من كبار موظفي شركة الخطوط الجوية السودانية منهم الكابتن شيخ الدين وذلك تمهيدا لخصصة سودانير وبيعها لال المهدي بعد ان تقلدت حرمه سارة نقدالله رئاسة مجلس الادارة.
    وقد دافع عن سياسة الفصل للصالح العام الدكتور المرحوم عمر نورالدائم امام الجمعية التاسيسية قائلا "هم الثقلاء ديل ما يمشوا قبل ما نطردهم لان الرئيس الامريكي المنتخب تخصص له 20 الف وظيفة يعين فيها من يشاء" . يقول عنه الدكتور قطبي المهدي ان الامام المهدي لو بعث اليوم لما اختار الصادق لخلافته لانه اضاع اهم ما يميز الانصار وهو روحهم الجهادية واعتزازهم بالعقيدة وموتهم في سبيل اعلاء رايتها..يري الانجليزي المخضرم توماس غراهام صاحب كتاب "موت حلم" الذي خصصه لذكرياته مع الامام عبدالرحمن المهدي ولمناصرته للسيد الصادق المهدي اثناء فترة نضاله ضد جعفر نميري ان الصادق المهدي يدرك دائما حقيقة وضعه كزعيم لذا فان سقف المساومة السياسية دائما بالنسبة له محدودة لانه لا يستطيع ان يذهب ابعد من الافق الذي يتوقعه الانصار.
    عقب انتفاضة ابريل 1985 دعا الباحث التراثي الطيب محمد الطيب ثلة من الشعراء والمثقفين للقاء الصادق المهدي في منزله للتعرف علي رؤيته وارائه في الساحة الثقافية والفكرية وقد اندهش الحضور من دقة متابعته للتطورات الحادثة في الفضاء الثقافي والفني خلال فترة غيابه المتطاولة في الخارج.. فقام الشاعر الفطحل عبد القادر الكتيابي مطرزا بكل الق الشعر ونفحة البنفسج وكبرياء الشعراء وارتجل
    عفو الخاطر قصيدة "علي الطلاق":
    علي الطلاق...
    مكاء صلاة اليمين عليك.. وحج اليسار اليك نفاق..
    واقطع حد ذراعي رهانا
    ستصبح ثم تراهم سمانا ..
    وثم يشد عليك الوثاق
    لتعرف ان المنابر سوق ..
    وان البضاعة انت
    وليس هناك امام .. وليس هناك رفاق
    ستعرف اني صدقتك نصحي ..
    واني احبك ، قلبي ابوك وامك ..
    قلبك امي وطفلي .. مَحَنَة اهلي ــ
    احبك انت تغني وانت تصلي ..
    وليس كمثل اشتياقي اليك اشتياق ..
    احبك طميا شهي النفاحة ، حنى خيالي
    وجذبة وجد لمشهد وجهك فوق احتمالي ..
    واني اخاف عليك اليمين اليسار
    اخاف عليك بقايا التتار ، وان تتحمل ما لا يطاق
    واعرف انك تحلم في الله
    كيف يكون خداع المخادع "في الله " ..
    كيف يكون النفاق ..
    ومن قال اني لوجه الكريم اعد لذبحك
    قلت لاجل الكريم ساقبل ..
    جل الكريم اليه المساق ..
    ستعرف اني بطينة طبعك اني خلقت
    واني صدقت .. واني بررت علي الطلاق ..
    فما ان اكملها الكتيابي حتي تسلل الصادق المهدي الي داخل منزله والغضب يكسو ملامح وجهه.. ولم يعد بعدها الي مجلس الشعراء.. وليته جلس لان نبوءة الشاعر قد صدقت..ولم يحنث بطلاقه..
    يقول الصادق المهدي عن نفسه ان ميلاده ارتبط ببشريات عظيمة لانه صادف يوم ميلاد المسيح عليه السلام في الخامس والعشرين من ديسمبر وكذلك بالرؤية الصالحة اذ راي احد اطفال الاسرة في المنام ان مهاجرا سياتي من كبكابية يوم الخميس..ثم ما لبث ان ولد يوم الخميس مما فسر الرؤية بالبشريات العظيمة. قال عنه الناشط السياسي غازي سليمان في مهرجان عودته من الخارج انه لولا مانديلا لاطلقنا عليك لقب ابو الديمقراطية في افريقيا.
    يقول عنه اكاديمي بارز ان اميز اجتهادات الصادق المهدي الفكرية هي كتابه "سيالونك عن المهدية" الذي استطاع ان يقدم فيه اجابات ذكية عن فكرة المهدية واصولها باستشهادات موثقة من الكتاب والسنة والتاريخ الاسلامي. كما انه فرق في اطروحته تلك بين المهدية التاريخية والمهدية الوظيفية. ودعا الي التركيز علي المهدية الوظيفية وهي المعنية بامر الاصلاح والتجديد الديني . يقول الطيب صالح في ذكرياته مع طلحة جبريل في سفره القيم " معا علي الدرب مع الطيب صالح" انه فكر في عقد الستينات ان ينضم الي حزب الامة بعد ان جذبه الطرح الفكري والعقلاني للسيد الصادق المهدي الذي كان يمثل رمز الحداثة والاستنارة في القيادات السياسية انذاك واشار الي انه سبق وان تسلل للاستماع الي احاديثه ومحاضراته وما يزال يحتفظ للرجل باحترام وتقدير كبيرين.
    يقول عن نفسه ان اهم انجازاته هي انه حول الحزب من مساره التقليدي وانتقل به الي افاق التحديث حيث كادت الفكرة المهدية ان تتلاشي ويقل كسب المنتمين اليها ولم يبق منها الا التراث والطاقة الجهادية الكامنة. فجدد بعث الفكرة المهدية واستطاع ان يعيد للحزب جماهيرته حيث ظل الرقم الانتخابي الاول خلال عهد طويل لا سيما فترة الديمقراطية الثالثة.
    الصادق المهدي شخصية مثيرة للجدل حيث يحبه اقوام ويتدلهون به ويكرهه اخرون ويغتاظون منه ولعل ذلك الجدل هو من سمت الشخصيات ذات الاثر في التاريخ.
    وتنتهي بنا المقاربة في الاستشهادات الي ان الصادق المهدي زاد من حصيلة الكسب الذاتي السياسي والمعرفي اكثر من اي زعيم اخر مر علي كيان الانصار وحزب الامة حيث لم يعتمد فقط علي ارومة اصله وتاريخ اسرته ومنبع وجدانها الروحي بل زاد عليها من كسبه الذاتي واطروحاته الفكرية وموسوعيته الثقافية..
    يواجه الصادق المهدي ذات النفق التاريخي الذي واجهه الامام الخميني الذي اخرج الفقه الشيعي من طلاسم الامام الغائب الي نظرية ولاية الفقيه وكان بامكان سلطته الروحية ان تسقط فصل الامام الغائب من مقررات كتاب الفقه الشيعي الي الابد ولكنه اثر ان يحتفظ بسلطة الفقيه فاضاع فرصة ما زال يتحسر عليها قادة الاصلاح في المذهب الشيعي لانه من النادر الان ان تتوفر لاي احد كارزما السلطة الروحية التي تمتع بها الخميني من قبل.اما الامام الصادق المهدي فعليه ان يتعظ من تجربة الخميني وان يواصل مسيرة الاصلاح السياسي والفكري والا يقف علي اعتاب التعليل السهل للظاهرة المهدوية وتجديدها تحت مبررات المهدية الوظيفية..لان الصادق سيكون اخر مجدد يمتلك الجراة الفكرية والكارزمة الروحية في اسرة المهدي وما لم يفعله الان سيستحيل حتما علي من يخلفه .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de