|
زعامـة الأمـم قـبـل رئاسـة القـمـم
|
قد يحتج خالطو الاوراق في منبرنا والمنابر والمنافذ الاعلامية الأخرى بأن رئاسة المشير البشير للقمة الافريقية التي ستنعقد في الخرطوم اليوم والايام التاليات, هي من الانجازات الوطنية الدبلماسية في اطار العمل الخارجي السوداني ضمن النطاق الاقليمي الافريقي والدولي,
ولهذه الحجج تحديدا فإن أي صوت يعارض رئاسة سيادته للقمة المذكورة يصبح عقوقا وطنياً يجنح للتصنيفات التي تودي بصاحبها لزيارات الامن الوطني ردئ السمعة.
ويطيب لي في هذه السانحة أن أذكر الجميع بأن الذين يرفعون عقائرهم هذه الايام بأحلام الوطنية هم أكبر المزوراتية لكل شئ في سهول وأودية بلادنا,
وهم أقل الناس تأهيلاً لإعطاء الدروس في الوطنية والقومية ناهيك عن دروس إنتمائنا العرقي والتاريخي والجغرافي للقارة السمراء ولكفاحها المستميت ضد الاستعمار والتخلف والرجعية والفهر والديكتاتوريات.
من قديم القدم كان السودان اسما اقليميا لا قطريا ينحصر في بلادنا , وتسمت بهذا الاسم اقاليما شاسعة ترامت اطرافها إلى الاطلسي غربا وحتى الهندي شرقاً ولامست البحيرات العظمى جنوباً
ومثلت سلطنات وممالك النيل الاعلى وكردفان ودارفور حلقة الاتصال والوعي والتمازج والتأثير الثقافي بين شمال القارة وجنوبها وشرقها وغربيها.
ولعب قادتها منذ الازل الدور الأمثل في الوفاء والعطاء والاستضافة والحماية ومحاربة الأطماع الخارجية.
لكن ذلك ما تأتى إلا بالزعامة الحقيقية للشعوب,
قديماً قالها الازهري ورددها عبد الناصر لأحد مشايخ الاعراب: (أنت تحكم أسـرة, لكني أتزعـم شعباً),
يترأس الدول من يحمل على الأكتاف بالاجماعات الوطنية كاسماعيل الأزهري وكوامي نكروما ونيلسون مانديلا,
كما يترأسها من يحمل على دبابات القهر والسحل والانقلاب والإقصاء وتكميم الأفواه, كرئيسنا ورؤساء أخـر لا يذكرهم التاريخ إلا باللعنات والمحاكمات والفظائع وكوارث الشعوب.
وشتان ما بين رئاســـة ورئاســـة,
وبالتالي فإن الاعتراف بفضل الزعماء قادة الشعوب مجد لهذه الشعوب وتثمين لكفاحها وفدائها وسعيها الدؤوب في صناعة تاريخها ومستقبل أبنائها ودعم وجودها على قائمة الأمــم العظيمـة,
كما أن مساعدة الرؤسـاء الانقلابيين على النفاذ إلى المؤسسات الإقليمية والدولية دعم لهم على الإفلات من ربقة ما اكتسبت أياديهم ومسامحة لهم على اقترفوا من موبقات أولها الانقلاب على الحكومات الديمقراطية التي أتت بها الشعوب عبر صناديق الاقتراع ولا نهاية لها.
هذه القواعد , قواعد عامـة وبدهية وطبيعية وعادلة وقد جأرت بها العديد من منظمات حقوق الانسان والعدالة حول العالم.
وبالتالي ,
يحتاج الرئيس السوداني إلى وقفة مع النفس ومع حزبه الحاكم وإلى صدقية في مشاركة الثروة والسلطة وحل مشاكل شعبه في الشرق والشمال والغرب والجنوب. كما يحتاج إلى استخلاص الدروس والعبر من المعارضة العنيفة التي واجهت استحقاقه رئاسة القمة الأفريقية التي ستنعقـد (لسخرية الأقدار) في عاصمته التي يذرع طرقاتها مسبوقاً بالمراسم الصوتية والحراسات العسكرية.
على الرئيس السوداني معالجة المظالم التي أوقعها حكمه على السودانيين والاعتراف بذلك قولا وعملاً كما نصت على ذلك الاتفاقيات التي وقعت حتى الان مع الفصائل المختلفة وعليه السـعـي ليكون رئيسـا لكل السودانيين,
فهــم أؤلئك الذين دعاهــم سيادته لحمل السلاح , إن كانوا يرغبون في تداول السلطـة
وقد فعلـوا لســوء الحــظ.
|
|
|
|
|
|