اِنتقام التاريخ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 06:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-25-2006, 02:22 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: خالد فضل)

    الباب الثالث
    انتصار الغرب؟
    فى تفسير ماجرى , انفجر الاستنتاج داويا : ان ماحدث هو الانتصار النهائى للديموقراطية الليبرالية الغربية . وفى الحال يمكن ملاحظة ثلاثة مكونات لهذا الادعاء :
    1- أنه لم يعد هناك بديل للديموقراطية الليبرالية الرأسمالية .
    2- ان الانهيار يدعم قوة الرأسمالية الغربية بالذات قوة الولايات المتحدة الامريكية , فهى قد كسبت الحرب الباردة .
    3- اِن امتداد السوق الرأسمالى العالمى ( العولمة ) , اى بعد فتح السوق فى شرق اروبا , يمثل عهدا جديدا من ازدهار الرأسمالية العالمية
    وهى ادعاءات زائفة تماما , يرميها بالزيف المنهج الذى اتبع فى الوصول اليها. اِن اى تقييم لاثر انهيار الاستالينية فى النظام العالمى , يجب ان يمر بحالة الاقتصاد الرأسمالى العالمى لحظة الانهيار . ففى نهاية الستينات مر العالم الرأسمالى باسوأ مرحلة من عدم الاستقرار , بعد الانهيار الاقتصادى العظيم (Great Depression) . وقد سبق ذلك مرحلة طويلة من الازدهار الاقتصادى فى الخمسينات والستينات . وقد عانى الاقتصاد الرأسمالى العالمى مرحلتين من الركود الاقتصادى (Recession) فى 74-1975 و79-1982 . وقد تميزت دورات الركود بتصاعد وتسارع معدلات التضخم , انخفاض الانتاج وارتفاع معدلات البطالة .
    لقد مثلت حالة الاقتصاد الامريكى فى الفترة 83-1984 درجة عالية من الانتعاش امتدت فوائدها لاروبا حتى انهيار سوق الاوراق المالية فى يوم الاثنين الاسود فى 19/10/1987 . اقرت الفاينانشيال تايمز : " لقد ابتدأت مرحلة ازدهار ما بعد الحرب فى الاختفاء فى نهاية الستينات – ليس بسبب حقبة البترول كما هو شائع – واِنما بسبب نسب الربح والتى انخفضت بشكل واضح فى نهاية الستينات لعدد من الاقتصاديات الكبيرة " ( عدد سبتمبر 1989 ) . لقد كان ذلك الاقرار مدهشا حقا , فهو بالضبط مايراه ماركس باعتباره السبب الرئيسى للازمات الاقتصادية .

    لم يكن الانتعاش الاقتصادى فى الثمانينات نتيجة لاعادة ترتيب البنية القطاعية للاقتصاد بحيث يتم التخلص من انواع راس المال غير الفعالة , لضمان الارتفاع فى مدى الربحية على المدى الطويل , بل أن ما كان وراء تلك الطبيعة المحدودة للانتعاش , هو ازدهار انواع محددة من الاستثمار المالى , مثل شراء الشركات وتفتيتها وبيع اصولها , والمضاربة فى السندات والعقارات . وهذه الاخيرة اثبتت جاذبيتها وتفضيلها مقارنة بالاستثمار فى المنشاءات الصناعية وادوات الانتاج الصناعى . فبعد كل الحديث اذن عن عالمية رأس المال , اتضح ان الالة الدافعة للنمو هى مجرد الادارة الكينزية للطلب بواسطة الدولة , والتى استمرت تداخلية (interventionist) بالرغم من الهجمنة المعرفية المفترضة للاقتصاد النيوليبرالى على طريقة فريدمان وهايك . لقد كان انتعاش الاقتصاد الامريكى هو النتيجة غير المتوقعة لما سمى بالكينزية العسكرية فى عهد ادارة ريجان بتقليص الضرائب والانفاق السخى فى التصنيع العسكرى . ساعد على تحريك الاقتصاد ايضا سياسات التساهل المالى التى اتبعتها ادارة " البنك المركزى " (Fedral Reserve Board) التى استهدفت حماية النظام المصرفى من الانهيار بعد أن اخفقت المكسيك فى مقابلة التزاماتها بدفع خدمة الديون فى 1982 . لقد قامت كل الدول الرأسمالية باتباع سياسات تنشيط الطلب , عندما أبطأت معدلات النمو الاقتصادى فى 1986 مهددة بركود كبير . هذا اضافة الى استجابة البنوك المركزية ليوم الاثنين الاسود بتخفيض اسعار الفائدة واتباع مجموعة سياسات مالية متساهلة . وقد اجتمعت الجى سفن لتنسيق السياسات بغرض تحقيق الاستقرار لعملاتها .

    فيما يخص العالم الثالث فازمة القروض تسببت فى خلق ظروف تقهر الوجدان . اِن خدمة الديون ( دفع الاقساط + المتاخرات + سعر الفائدة ) خلق تيارا مستمرا من الدفوعات خارجا من الجنوب الى الشمال , لتكون النتيجة تحويلا صافيا من الفقراء للاغنياء . فى 1985 قدرت القروض ب 35 بليون دولار لتتجاوزها دفوعات مستحقات القروض , حيث وصلت الى 58 بليون دولار دفعت للبنوك الغربية ( انظر الفاينانشيال تايمز 22/9/1986 ) . فى 1986 تجاوزت مدفوعات خدمة الديون كل ما تلقته امريكا الاتينية من قروض منذ 1982 بما يقدر ب 100 بليون دولار , ماحقة كامل الدخل الصافى من راس مال القارة خلال فترة السبعينات كلها .
    فى نهاية 1989 ذكر البنك الدولى ان كل الافارقة تقريبا يعانون فقرا مدقعا اليوم , وهو نفس مستوى الفقر الذى عانوه قبل 30 سنة . هذا وقد لاحظ امارتيا سن (Amartya. Sen ) انه ليس من اسباب المجاعة ندرة الغذاء فى افريقيا , بل – ماسماه ب - الفشل فى الاستحقاق , والذى يعنى – ببساطة - ان الفقراء لايملكون المال اللازم لشراء الغذاء الموجود بفيض فى السوق العالمى . وهو وضع يأتى نتيجة لازمة اقتصادية ومالية تعبر عنها السيرة الشريرة : ارتفاع اسعار الغذاء , انخفاض اسعار المنتج الوطنى الافريقى , وازمة الديون الخارجية . ففى 1984 مثل الدين 58% من اجالى الناتج القومى ( مثل فى امريكا اللاتينية 46% ) . انه فقر افريقيا , والذى يتاتى من وضعها فى السوق العالمى , هو ما يسبب المجاعة .
    والفقر لا يوجد فى الهوامش بايدى القدر او القسمة والنصيب , بالذات عندما يتحقق وجوده فى داخل المركز نفسه . فقد اتسعت قاعدة الفقر وبشكل هائل فى دول مثل امريكا وبريطانيا عندما خفضت حكومات اليمين الضرائب على الدخول ( المترجم : فى 2001 حول 42% من عائد خفض الضرائب الى 1% من السكان , أى تلك الفئة من السكان ذات الدخول العالية فى امريكا , لينال كل منهم حوالى ثلث مليون دولار فى السنة . وفى 2003 خفضت الضرائب على ارباح الاستثمار فى سوق الاوراق المالية (Dividend Income) ليستفيد من تلك السياسة اصحاب الدخول العالية . فقد نالت تلك الاسر والتى يتعدى دخلها المليون دولار فى السنة , 17% من عائد خفض الضرائب . تمثل هذه الاسر نسبة 0.13% من السكان . ويساوى ما حصلت عليه اكثر مما حصل عليه 70% من مجموع الاسر فى امريكا ) . وقد وجد فى 1988 حوالى 32 مليون شخص يعيشون تحت حد الفقر , مقارنة ب24 مليون فى العقد السابق .
    وفى بريطانيا اتبعت تاتشر سياسات مماثلة انتهت بالتظاهر فى مقاومة شعبية باهرة عرفت بمعركة ميدان ترافالجر فى مارس 1990 احتجاجا على سياسة الضرائب المحلية (Poll Tax ) , والتى سعت للاخذ من الفقراء لتمويل الاغنياء .
    أن اتباع مثل هذه السياسات يوضح بجلاء انه لا احد يثق فى السوق كأداه لتوزيع الموارد كما يدعى الفكر الرأسمالى بمختلف مدارسه . يوضح ماركس ان عدم المساواة الاقتصادية الاجتماعية والتى هى خاصية منتظمة ومنظمة لعالم اليوم , هى نتاج علاقات الاستغلال الرأسمالية . ولايبدو هناك اى سبب لعدم تصيدقه او اطلاق الاحكام بخطئه . ماركس لم ينتقد الرأسمالية لانها قائمة على الاسغلال الطبقى فحسب , وانما لانه اعتبرها اكثر التشكيلات الطبقية ديناميكية . فبالرغم من خصائصها الابتدائية ( استغلال العمل المأجور , والتنافس بين الرأسمالين ) فمن شأنها ايضا توسيع تطور القوى المنتجة , الا انها وفى نفس الوقت لا تمكن الانسانية من الانتفاع الكلى لهذا النمو فى قوى الانتاج . وحالة المجاعة المذكورة سابقا توضح ذلك جليا : فبالرغم من هذا التوسع فى القوى المنتجة وقدراتها فى انتاج الغذاء الذى يفيض عن حاجة البشرية ويتجاوز معدلات زيادتها الا اِن سكان افريقيا يعيشون على حافة الجوع وفى مستقر الفقر . فالتطور فى القوى المنتجة لايعنى تطورا متوافقا فى مستوى المعيشة .

    الباب الرابع

    الاشتراكية مقابل الديموقراطية اليبرالية

    الكل يتكلم عن الديمقراطية الان ! وبعد سقوط الاستالينية , اصبح حتى اليسار مهتما بهذه القضية . واصبح هناك اتفاقا ان قضية الاشتراكية لا يمكن ان تتقدم الا اذا اتخذت اشكالا ديموقراطية . ولكن , كثيرا ما ياتى هذا الاتفاق يصطحب ِاشكالا يتمثل فى مساواة الديموقراطية بانواع دستورية محددة , هى بالتحديد الديموقراطية الليبرالية المعاصرة . تعتقد انجس هيلر (Agnes Heller ) ان الاشكال الرسمية للديموقراطية ذات اهمية , بالتحديد الفصل النسبى بين الدولة والمجتمع . يؤسس لهذا الانفصال وثيقة رسمية ( فى معظم الاوقات وثيقة دستورية او الدستور نفسه ) تعكس او تؤسس للحريات الديموقراطية المدنية , التعددية , انظمة التعاقد ومبدا التمثيل . والملاحظ ان هيللر تساوى بين الديموقراطية الرسمية والديموقراطية ككل . وتقول " كل الذين يحاولون استبدال الديموقراطية الرسمية بما يسمونه بالديموقراطية ذات المحتوى , مما يترتب عليه توحيد المجتمع وجهاز الدولة بطريقة كلية , انما يتنازلون عن الديموقراطية ككل " . تعبر هيللر هنا عن موقف يشتركه مؤيدوا ومعارضوا استالين , وتقترح بناءا عليه استبعاد كل من يسعى لاهداف اشتراكية خارج الديمقراطية الرسمية , من حظيرة اليسار . انظر :
    ( A. Heller “ On Formal Democracy” In J. Keane “ Civil society and the State “ . London. 1988, P.130-133)
    . اِن طرح هيللر بصدد التفريق بين الدولة و المجتمع يعكس رؤية نبعت فى فكر المعارضة فى دول شرق اروبا , الا وهى رؤية او فكرة المجتمع المدنى , والتى كانت ذات تاثير كبير فى الفكر اليسارى فى غرب اروبا . تيم جارتون اش فى كتابه " نحن الشعب " يقول عن 1989 " انه الزمن الربيعى للمجتمعات المتطلعة لان تكون مدنية (civil) . " . يحكى كتاب اش عن التجربة البولندية فى زمن " التضامن " , حيث وصف خطاب المثقفين البولندين - ومن بعدهم التضامن - حركتهم بانها حركة قوى المجتمع المدنى فى معارضة جهاز الدولة . من المعروف ان مفهوم المجتمع المدنى سابق للتجربة البولندية , ولقد تابع روبيرتو بوبيو حركة المفهوم ليجد انه مر بمرحلتين متميزتين:
    (1) حدد هيجل المجتمع المدنى باعتباره المجتمع الذى تسود فيه علاقات اقتصادية رأسمالية .
    (2) ربطها قرامشى بالتعارض بينها وبين المنظمات الثقافية والسياسية , حيث ان الاخيرة جزء من البنية الفوقية . يقول بيلزنسكى : " تحتوى منظمة المجتمع المدنى عند قرامشى على عنصرين , عنصر يضعها فى عالم المنظمات الاجتماعية المستقلة (غير الحكومية) , و عنصر ينسبها لعالم يمكن تسميته بالمجتمع السياسى , يوجد خارج جهاز الدولة وفى معارضة له . وهذه المنظمات ايضا تدين فى وجودها لدرجة من الاستقلال الاجتماعى " .
    (Pelczynski, Z. . in Keane, J. (Ed.) "Civil Society and the State")
    . يلاحظ كين ( المرجع اعلاه) " ان المجتمعات المدنية تحتوى على عناصر متعددة و متغيرة بشدة تصعب معها اختصارها فى قاسم مشترك اعظم , او جوهر ابتدائى او مبدأ عام. فقد احتوت ( اى هذه المجتمعات ) على مقتصدات وملكيات عائلية راسمالية , وحركات اجتماعية و ومجتمعات عامة تطوعية ( كالكنائس , منظمات المهنيين , اجهزة اعلام مستقلة , مؤسسات ثقافية) , كما ضمت احزاب واجهزة انتخابية ومنظمات حارسى التمييز بين الدولة والمجتمع المدنى . الى جانب المنظمات الطوعية هناك ايضا المؤسسات النظامية كالمدارس والمستشفيات والسجون " .
    وبالتالى , وفى ظل هذا الخليط تصبح هذه المطالبة باعتماد الحياة السياسية الديموقراطية على منظمات المجتمع المدنى المرصودة فى هذه القائمة الطويلة غير المتجانسة , تصبح امرا غير مفهوم . يقول اش ( نعم , لقد كان ماركس على حق , كما اعتقد سكان شرق اروبا , فقد قالوا على اثر مساواته للمجتمع المدنى بالمجتمع البرجوازى ( او السوق ) : " الشيئان مرتبطان , ونحن نريدهما معا : حقوق مدنية وحقوق ملكية , حرية سياسية وحرية سوق , استقلال ثقافى واستقلال مالى ") وهكذا تصبح الرأسمالية مساوية للديموقراطية , وهى كما نرى معادلة غير ممكنة الا فى فكر اليمين الجديد . اذا مفهوم المجتمع المدنى يمكن ان يقود الى هذا النوع من " اللخبطة " واستخدامه بهذا المستوى يمكن ان يعطل اى نقاش جاد للعلاقة بين الديموقراطية والاشتراكية . هيللر تعتقد ان الفكرة بسيطة بشكل مناسب فاليموقراطية الرسمية يمكن تحويلها الى ديموقراطية اشتراكية . اما بوبيو فيقدم صورة تبدو اكثر واقعية للعلاقة بين الديموقراطية الليبرالية والاشتراكية . يقول " فى الدول الراسمالية المتقدمة حيث يتزايد مركزة القوة , يتم تكوين الاحزاب على قاعدة متسعة من العضوية . وتتسم الاحزاب بدرجة مناسبة من الحركية السياسية , بالرغم من هذا فشلت الديموقراطية فى تحقيق وعودها , والتى تتمثل فى : (1) المشاركة (2) التحكم من القواعد (3) حرية الاختلاف . فى البلدان التى تطورت فيها المنظمات الديموقراطية هناك ظاهرتان تعملان ضد مبادى المشاركة العامة المعلنة أ) عدم الاهتمام بالسياسة , والتى عادة ما تؤخذ او تفسر كمؤشر للاتفاق العام مع النظام السائد ( السكوت رضا ) . (ب) تشويه المشاركة (Manipulation ) من قبل تلك القوى التى تمتلك نوعا من الاحتكار الايديولوجى على الجماهير . اِن التحكم من القواعد يصبح اقل فعالية وبشكل متزايد فى حدود العملية الجارية التى تنقل القوة الى تلك المراكز المسيطرة , بالدرجة التى تصبح معها السيطرة على الجماهير قائمة على مؤسسات غير فعالة او متوهمة . فى نفس الوقت تصبح المؤسسات ذات التاثير , مثل المؤسسات المالية الكبيرة , المؤسسة العسكرية والجهاز البيروقراطى بعيدة عن اى تحكم ديموقراطى . أما فيما يخص حق الاختلاف , فهو متاح نسبيا داخل النظام الاقتصادى ولكن بدون امكانية حقيقية لاختيارات راديكالية " (مرجع سابق )
    فى هذا الاقتطاف الطويل نرى بوبيو يقترب من الاستنتاج: ان المنهج الديوقراطى كما يمارس فى النظام الرأسمالى لا يسمح بتغيير هذا النظام . وهو يوضح ذلك بشرح الازمة التى تواجهها محاولة تحويل النظام الرأسمالى تدريجيا عن طريق اصلاحات بنائية , " هل يمكن تحويل النظام باجراءات اصلاحية لاتمتلك اى منها قدرات حاسمة على التغيير ؟ لنفترض ان التحويل يمكن ان يتم بسلسلة من الاصلاحات الجزئية , فالى اى نقطة يمكن اعتبار ان النظام جاهز لقبولها ؟ هل يمكن ان نتجاهل الامكانية فى وصول النظام الى حدود احتماله القصوى وانه لايمكن ان يقبل اى تعديلات اخرى بعد ذلك مما يتوجب معه تحطيمه ؟ واذا لجأ من ستضرر مصالحهم للعنف , ما الذى يمكن فعله غير مواجهتهم بالعنف ؟ " (نفس المصدر ) . هذه هى الصورة التى رسمها بوبيو للديموقراطية الموجودة فعلا , وهو المعادى النشط لاى تحويل ثورى اانظام السياسى , انها سمات النظام السياسى البرجوزاى المعاصر والذى يعانى:
    1- من السلبية السياسية .
    2- ازاحة الهيئات غير المنتخبة للاجهزة والهيئات البرلمانية المنتخبة , مثل اجهزة المخابرات وادوارها التى تلعبها فى الانتخابات وغيرها.
    هجرة راس المال من فرنسا اجبرت ميتران على التخلى من برنامجه الاشتراكى الذى رفعه لسدة الحكم فى 1981 .
    انه وبالتحديد لحضور مجمل هذه الخصائص , تصر الماركسية الكلاسيكية على وصف الديموقراطية الليبرالية بالديموقراطية البرجوازية . اِن هذا التحديد لا يعنى التخلص منها باعتبارها مجرد زيف , مما يعنى ان ان احلالها بدكتاتورية عسكرية او فاشية مسألة لاتعنى شيئا للاشتراكيين . بل بالعكس , فلينين ولوكسمبورج حاججا انه يتعين على اليسار الاتجاه لتحقيق الديموقراطية البرجوازية و حيث ان النظام الراسمالى يوفر ظروفا افضل لتطور حركة الطبقة العاملة .
    تروتسكى فى كتاباته الكلاسكية عن الفاشية الالمانية , اعتقد بضرورة ان يدافع الماركسيون عن المنظمات البرلمانية ضد هجوم اليمين . وبالرغم من هذا , لايعتقد الماركسيون ان الديموقرططية الليبرالية هى مؤسسات محايده واطر متجانسة مع الاشتراكية كما هى مع الراسمالية . بل انها شكل محدد من بين اشكال متجددة من السيادة الراسمالية .
    هل هناك بديل للديموقراطية الليبرالية ؟ بوبيو- فى انزلاقه المتواصل نحو مواقع الرجعية السياسية - يجيب بالنفى , مستمرا فى الاعتقاد ان الحكومة البرلمانية هل الشكل الوحيد المجدى من اشكال الديموقراطية بالرغم من محدوديتها ( راجع
    P. Anderson, “The Affinities of Norberto Bobbio,” New Left Review, No. 170 (July-Aug. 198
    لقد عرفت الانسانية اشكالا من الديمقراطية المباشرة , اشهرها ديموقراطية اثينا بالرغم من حيازة ملاك العبيد لاشكال سيطرة واسعة على البرلمان. ومن اشكال الديمقراطية المباشرة المعاصرة نجد ديموقراطية السوفيتات ومجالس العمال , والتى تطورت الى اشكال يمكن اعتبارها فى الحد الادنى كجنين لنوع جديد من انظمة الحكم السياسى . من المميزات الاساسية للسوفيتات هى انها قامت على مواقع العمل وليس الموقع الجغرافى , فقد نشأت بسبب وداخل العملية المنتجة , ونظمت العمال-المنتجين بشكل جماعى , وقد قامت السوفيتات عابرة لتقسيمات العمل والتخصصات والنقابات . وقد مثلت وقدمت نموذجا للديموقراطية المباشرة والتمثيلية . يتم انخاذ القرارات بواسطة اجهزة منتخبة خاضعة للمساءلة المباشرة للناخبين فى تجمعات كاملة للعمال فى المصنع الواحد او النقابة الواحدة . هذا النظام التمثيلى يخلق اطارا لوحدة سوفيتات المصنع فى اشكال اوسع جغرافيا , قائمة على مستشاريات العمال المحلية وعلى المستوى الوطنى . وعليه , فقد خبرت روسيا فى 1917 ذلك المحتوى للديموقراطية المباشرة فى لجان المصانع وسوفيتات المناطق والمدن والاقاليم وبرلمان روسيا . واخيرا فان السوفيتات مثلت توجها نحو تحطيم ذلك التمايز بين الخصائص الاقتصادية والخصائص السياسية للمجتمع الراسمالى . ولقد تم تكوين اول سوفيت عمال فى بطرسبيرج فى 1905 عندما اضرب عمال الطباعة عن العمل من اجل تخفيض يوم العمل ورفع الاجور . تطور ذلك الاصراب الى اضراب سياسى عام , اجبر قيصر روسيا على تقديم بعض التنازلات وقدم دستورا للبلاد . لقد عبر رئيس سوفيت عمال بطرسبيرج – تروتسكى – عن ملخص التجربة عندما اعتبرها حكومة عمال فى شكل جنينى .
    اذا السوفيتات لم توجد نتيجة للقرار الواعى للحزب البلشفى , او اى حركة سياسية اخرى تستهدف مشروعا سياسيا بشكل مباشر . على العكس – كما قال لينين – لم تكن السوفيتات اختراع احد . فلقد نشأت فى جوف الصراع البروليتارى فى ساعة شدته وانتشاره , فى خضم حراك سياسى عال لجاهير العمال . فقد كانت الثورتين الروسيتين فى 1905 و 1917 مجرد البداية , فقد شهدت اروبا فى الفترة بعد الحرب العالمية الاولى تطور مجالس العمال وبشكل متسع فى معظم دول اروبا الصناعية . وعبرت عن وجودها وباشكال حاسمة مرة تلو الاخرى , فلقد خلق رد فعل العمال على انقلاب فرانكو 1936 , انواعا شعبية من الحكم الذاتى واجهت الجمهوريين والفاشية على حد سواء . الثورة البلغارية فى 1956 اتسمت باشكال تحكم سياسى فعال لمجالس العمال . اشكال مشابهة مكنت من سيادة الحزب الشيوعى الفرنسى ليقود الاضراب العام فى مايو-يونيو 1968 . لعبت مجالس العمال فى ايران " شورى العمال " دورا اساسيا فى اسقاط نظام الشاه , ولقد كان تحطيمها بافظع انواع العنف الاسلامى شرطا لانجاز " تمكين " ايات الله .
    تعتقد الماركسية الكلاسيكية ان هذه الاشكال تمثل الاساس لاشكال مبدعة جديدة من القوة السياسية قادرة على تجاوز جهاز الدولة الحالى , وترسى اطارا للانتقال للمجتمع الشيوعى . يقول قرامش " اِن الدولة الاشتراكية موجودة وبشكل احتمالى فى مؤسسات الحياة الاجتماعية للطبقة العاملة المستقلة . أن تحقيق الترابط والتنسيق بينها , ودفعها فى تراتبية عالية متمركزة متسمة بالقوة والقدرة , مع توفر احترام استقلاليتها وحقوقها فى التعبير , هو نفسه الفعل الذى يخلق ديموقراطية عمالية حقيقية . ديموقراطية عمالية فى فعل معارض حقيقى ومؤثر ضد الدولة البرجوازية , مستعد لاستبدالها , هنا والان وفى كل اوجه وظائفها " . ويقول لينين بصدد ديكتاتورية البروليتاريا انها تتضمن " تمديد عميق للديمقراطية _ والتى تكون و لاول مرة , ديموقراطية من اجل الفقراء .. ديموقراطية للجماهير وليست ديموقراطية لحقائب المال "
    ( انتهى ).
                  

العنوان الكاتب Date
اِنتقام التاريخ isam ali01-22-06, 07:15 PM
  Re: اِنتقام التاريخ isam ali01-22-06, 07:17 PM
  Re: اِنتقام التاريخ Elmuez01-22-06, 10:06 PM
    Re: اِنتقام التاريخ isam ali01-23-06, 11:38 AM
  Re: اِنتقام التاريخ عمر ادريس محمد01-23-06, 01:29 PM
    Re: اِنتقام التاريخ isam ali01-24-06, 01:37 PM
      Re: اِنتقام التاريخ خالد فضل01-25-06, 07:12 AM
  Re: اِنتقام التاريخ خالد فضل01-25-06, 00:57 AM
    Re: اِنتقام التاريخ isam ali01-25-06, 02:22 PM
      Re: اِنتقام التاريخ isam ali01-26-06, 03:36 PM
  Re: اِنتقام التاريخ Elmuez01-26-06, 05:30 PM
    Re: اِنتقام التاريخ charles deng01-27-06, 08:28 AM
      Re: اِنتقام التاريخ isam ali01-28-06, 09:09 PM
        Re: اِنتقام التاريخ A.Razek Althalib01-29-06, 06:16 AM
      Re: اِنتقام التاريخ isam ali01-29-06, 11:15 PM
        Re: اِنتقام التاريخ charles deng01-30-06, 07:26 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de