|
Re: اِنتقام التاريخ (Re: خالد فضل)
|
الباب الثالث انتصار الغرب؟ فى تفسير ماجرى , انفجر الاستنتاج داويا : ان ماحدث هو الانتصار النهائى للديموقراطية الليبرالية الغربية . وفى الحال يمكن ملاحظة ثلاثة مكونات لهذا الادعاء : 1- أنه لم يعد هناك بديل للديموقراطية الليبرالية الرأسمالية . 2- ان الانهيار يدعم قوة الرأسمالية الغربية بالذات قوة الولايات المتحدة الامريكية , فهى قد كسبت الحرب الباردة . 3- اِن امتداد السوق الرأسمالى العالمى ( العولمة ) , اى بعد فتح السوق فى شرق اروبا , يمثل عهدا جديدا من ازدهار الرأسمالية العالمية وهى ادعاءات زائفة تماما , يرميها بالزيف المنهج الذى اتبع فى الوصول اليها. اِن اى تقييم لاثر انهيار الاستالينية فى النظام العالمى , يجب ان يمر بحالة الاقتصاد الرأسمالى العالمى لحظة الانهيار . ففى نهاية الستينات مر العالم الرأسمالى باسوأ مرحلة من عدم الاستقرار , بعد الانهيار الاقتصادى العظيم (Great Depression) . وقد سبق ذلك مرحلة طويلة من الازدهار الاقتصادى فى الخمسينات والستينات . وقد عانى الاقتصاد الرأسمالى العالمى مرحلتين من الركود الاقتصادى (Recession) فى 74-1975 و79-1982 . وقد تميزت دورات الركود بتصاعد وتسارع معدلات التضخم , انخفاض الانتاج وارتفاع معدلات البطالة . لقد مثلت حالة الاقتصاد الامريكى فى الفترة 83-1984 درجة عالية من الانتعاش امتدت فوائدها لاروبا حتى انهيار سوق الاوراق المالية فى يوم الاثنين الاسود فى 19/10/1987 . اقرت الفاينانشيال تايمز : " لقد ابتدأت مرحلة ازدهار ما بعد الحرب فى الاختفاء فى نهاية الستينات – ليس بسبب حقبة البترول كما هو شائع – واِنما بسبب نسب الربح والتى انخفضت بشكل واضح فى نهاية الستينات لعدد من الاقتصاديات الكبيرة " ( عدد سبتمبر 1989 ) . لقد كان ذلك الاقرار مدهشا حقا , فهو بالضبط مايراه ماركس باعتباره السبب الرئيسى للازمات الاقتصادية .
لم يكن الانتعاش الاقتصادى فى الثمانينات نتيجة لاعادة ترتيب البنية القطاعية للاقتصاد بحيث يتم التخلص من انواع راس المال غير الفعالة , لضمان الارتفاع فى مدى الربحية على المدى الطويل , بل أن ما كان وراء تلك الطبيعة المحدودة للانتعاش , هو ازدهار انواع محددة من الاستثمار المالى , مثل شراء الشركات وتفتيتها وبيع اصولها , والمضاربة فى السندات والعقارات . وهذه الاخيرة اثبتت جاذبيتها وتفضيلها مقارنة بالاستثمار فى المنشاءات الصناعية وادوات الانتاج الصناعى . فبعد كل الحديث اذن عن عالمية رأس المال , اتضح ان الالة الدافعة للنمو هى مجرد الادارة الكينزية للطلب بواسطة الدولة , والتى استمرت تداخلية (interventionist) بالرغم من الهجمنة المعرفية المفترضة للاقتصاد النيوليبرالى على طريقة فريدمان وهايك . لقد كان انتعاش الاقتصاد الامريكى هو النتيجة غير المتوقعة لما سمى بالكينزية العسكرية فى عهد ادارة ريجان بتقليص الضرائب والانفاق السخى فى التصنيع العسكرى . ساعد على تحريك الاقتصاد ايضا سياسات التساهل المالى التى اتبعتها ادارة " البنك المركزى " (Fedral Reserve Board) التى استهدفت حماية النظام المصرفى من الانهيار بعد أن اخفقت المكسيك فى مقابلة التزاماتها بدفع خدمة الديون فى 1982 . لقد قامت كل الدول الرأسمالية باتباع سياسات تنشيط الطلب , عندما أبطأت معدلات النمو الاقتصادى فى 1986 مهددة بركود كبير . هذا اضافة الى استجابة البنوك المركزية ليوم الاثنين الاسود بتخفيض اسعار الفائدة واتباع مجموعة سياسات مالية متساهلة . وقد اجتمعت الجى سفن لتنسيق السياسات بغرض تحقيق الاستقرار لعملاتها .
فيما يخص العالم الثالث فازمة القروض تسببت فى خلق ظروف تقهر الوجدان . اِن خدمة الديون ( دفع الاقساط + المتاخرات + سعر الفائدة ) خلق تيارا مستمرا من الدفوعات خارجا من الجنوب الى الشمال , لتكون النتيجة تحويلا صافيا من الفقراء للاغنياء . فى 1985 قدرت القروض ب 35 بليون دولار لتتجاوزها دفوعات مستحقات القروض , حيث وصلت الى 58 بليون دولار دفعت للبنوك الغربية ( انظر الفاينانشيال تايمز 22/9/1986 ) . فى 1986 تجاوزت مدفوعات خدمة الديون كل ما تلقته امريكا الاتينية من قروض منذ 1982 بما يقدر ب 100 بليون دولار , ماحقة كامل الدخل الصافى من راس مال القارة خلال فترة السبعينات كلها . فى نهاية 1989 ذكر البنك الدولى ان كل الافارقة تقريبا يعانون فقرا مدقعا اليوم , وهو نفس مستوى الفقر الذى عانوه قبل 30 سنة . هذا وقد لاحظ امارتيا سن (Amartya. Sen ) انه ليس من اسباب المجاعة ندرة الغذاء فى افريقيا , بل – ماسماه ب - الفشل فى الاستحقاق , والذى يعنى – ببساطة - ان الفقراء لايملكون المال اللازم لشراء الغذاء الموجود بفيض فى السوق العالمى . وهو وضع يأتى نتيجة لازمة اقتصادية ومالية تعبر عنها السيرة الشريرة : ارتفاع اسعار الغذاء , انخفاض اسعار المنتج الوطنى الافريقى , وازمة الديون الخارجية . ففى 1984 مثل الدين 58% من اجالى الناتج القومى ( مثل فى امريكا اللاتينية 46% ) . انه فقر افريقيا , والذى يتاتى من وضعها فى السوق العالمى , هو ما يسبب المجاعة . والفقر لا يوجد فى الهوامش بايدى القدر او القسمة والنصيب , بالذات عندما يتحقق وجوده فى داخل المركز نفسه . فقد اتسعت قاعدة الفقر وبشكل هائل فى دول مثل امريكا وبريطانيا عندما خفضت حكومات اليمين الضرائب على الدخول ( المترجم : فى 2001 حول 42% من عائد خفض الضرائب الى 1% من السكان , أى تلك الفئة من السكان ذات الدخول العالية فى امريكا , لينال كل منهم حوالى ثلث مليون دولار فى السنة . وفى 2003 خفضت الضرائب على ارباح الاستثمار فى سوق الاوراق المالية (Dividend Income) ليستفيد من تلك السياسة اصحاب الدخول العالية . فقد نالت تلك الاسر والتى يتعدى دخلها المليون دولار فى السنة , 17% من عائد خفض الضرائب . تمثل هذه الاسر نسبة 0.13% من السكان . ويساوى ما حصلت عليه اكثر مما حصل عليه 70% من مجموع الاسر فى امريكا ) . وقد وجد فى 1988 حوالى 32 مليون شخص يعيشون تحت حد الفقر , مقارنة ب24 مليون فى العقد السابق . وفى بريطانيا اتبعت تاتشر سياسات مماثلة انتهت بالتظاهر فى مقاومة شعبية باهرة عرفت بمعركة ميدان ترافالجر فى مارس 1990 احتجاجا على سياسة الضرائب المحلية (Poll Tax ) , والتى سعت للاخذ من الفقراء لتمويل الاغنياء . أن اتباع مثل هذه السياسات يوضح بجلاء انه لا احد يثق فى السوق كأداه لتوزيع الموارد كما يدعى الفكر الرأسمالى بمختلف مدارسه . يوضح ماركس ان عدم المساواة الاقتصادية الاجتماعية والتى هى خاصية منتظمة ومنظمة لعالم اليوم , هى نتاج علاقات الاستغلال الرأسمالية . ولايبدو هناك اى سبب لعدم تصيدقه او اطلاق الاحكام بخطئه . ماركس لم ينتقد الرأسمالية لانها قائمة على الاسغلال الطبقى فحسب , وانما لانه اعتبرها اكثر التشكيلات الطبقية ديناميكية . فبالرغم من خصائصها الابتدائية ( استغلال العمل المأجور , والتنافس بين الرأسمالين ) فمن شأنها ايضا توسيع تطور القوى المنتجة , الا انها وفى نفس الوقت لا تمكن الانسانية من الانتفاع الكلى لهذا النمو فى قوى الانتاج . وحالة المجاعة المذكورة سابقا توضح ذلك جليا : فبالرغم من هذا التوسع فى القوى المنتجة وقدراتها فى انتاج الغذاء الذى يفيض عن حاجة البشرية ويتجاوز معدلات زيادتها الا اِن سكان افريقيا يعيشون على حافة الجوع وفى مستقر الفقر . فالتطور فى القوى المنتجة لايعنى تطورا متوافقا فى مستوى المعيشة . الباب الرابع
الاشتراكية مقابل الديموقراطية اليبرالية
الكل يتكلم عن الديمقراطية الان ! وبعد سقوط الاستالينية , اصبح حتى اليسار مهتما بهذه القضية . واصبح هناك اتفاقا ان قضية الاشتراكية لا يمكن ان تتقدم الا اذا اتخذت اشكالا ديموقراطية . ولكن , كثيرا ما ياتى هذا الاتفاق يصطحب ِاشكالا يتمثل فى مساواة الديموقراطية بانواع دستورية محددة , هى بالتحديد الديموقراطية الليبرالية المعاصرة . تعتقد انجس هيلر (Agnes Heller ) ان الاشكال الرسمية للديموقراطية ذات اهمية , بالتحديد الفصل النسبى بين الدولة والمجتمع . يؤسس لهذا الانفصال وثيقة رسمية ( فى معظم الاوقات وثيقة دستورية او الدستور نفسه ) تعكس او تؤسس للحريات الديموقراطية المدنية , التعددية , انظمة التعاقد ومبدا التمثيل . والملاحظ ان هيللر تساوى بين الديموقراطية الرسمية والديموقراطية ككل . وتقول " كل الذين يحاولون استبدال الديموقراطية الرسمية بما يسمونه بالديموقراطية ذات المحتوى , مما يترتب عليه توحيد المجتمع وجهاز الدولة بطريقة كلية , انما يتنازلون عن الديموقراطية ككل " . تعبر هيللر هنا عن موقف يشتركه مؤيدوا ومعارضوا استالين , وتقترح بناءا عليه استبعاد كل من يسعى لاهداف اشتراكية خارج الديمقراطية الرسمية , من حظيرة اليسار . انظر : ( A. Heller “ On Formal Democracy” In J. Keane “ Civil society and the State “ . London. 1988, P.130-133) . اِن طرح هيللر بصدد التفريق بين الدولة و المجتمع يعكس رؤية نبعت فى فكر المعارضة فى دول شرق اروبا , الا وهى رؤية او فكرة المجتمع المدنى , والتى كانت ذات تاثير كبير فى الفكر اليسارى فى غرب اروبا . تيم جارتون اش فى كتابه " نحن الشعب " يقول عن 1989 " انه الزمن الربيعى للمجتمعات المتطلعة لان تكون مدنية (civil) . " . يحكى كتاب اش عن التجربة البولندية فى زمن " التضامن " , حيث وصف خطاب المثقفين البولندين - ومن بعدهم التضامن - حركتهم بانها حركة قوى المجتمع المدنى فى معارضة جهاز الدولة . من المعروف ان مفهوم المجتمع المدنى سابق للتجربة البولندية , ولقد تابع روبيرتو بوبيو حركة المفهوم ليجد انه مر بمرحلتين متميزتين: (1) حدد هيجل المجتمع المدنى باعتباره المجتمع الذى تسود فيه علاقات اقتصادية رأسمالية . (2) ربطها قرامشى بالتعارض بينها وبين المنظمات الثقافية والسياسية , حيث ان الاخيرة جزء من البنية الفوقية . يقول بيلزنسكى : " تحتوى منظمة المجتمع المدنى عند قرامشى على عنصرين , عنصر يضعها فى عالم المنظمات الاجتماعية المستقلة (غير الحكومية) , و عنصر ينسبها لعالم يمكن تسميته بالمجتمع السياسى , يوجد خارج جهاز الدولة وفى معارضة له . وهذه المنظمات ايضا تدين فى وجودها لدرجة من الاستقلال الاجتماعى " . (Pelczynski, Z. . in Keane, J. (Ed.) "Civil Society and the State") . يلاحظ كين ( المرجع اعلاه) " ان المجتمعات المدنية تحتوى على عناصر متعددة و متغيرة بشدة تصعب معها اختصارها فى قاسم مشترك اعظم , او جوهر ابتدائى او مبدأ عام. فقد احتوت ( اى هذه المجتمعات ) على مقتصدات وملكيات عائلية راسمالية , وحركات اجتماعية و ومجتمعات عامة تطوعية ( كالكنائس , منظمات المهنيين , اجهزة اعلام مستقلة , مؤسسات ثقافية) , كما ضمت احزاب واجهزة انتخابية ومنظمات حارسى التمييز بين الدولة والمجتمع المدنى . الى جانب المنظمات الطوعية هناك ايضا المؤسسات النظامية كالمدارس والمستشفيات والسجون " . وبالتالى , وفى ظل هذا الخليط تصبح هذه المطالبة باعتماد الحياة السياسية الديموقراطية على منظمات المجتمع المدنى المرصودة فى هذه القائمة الطويلة غير المتجانسة , تصبح امرا غير مفهوم . يقول اش ( نعم , لقد كان ماركس على حق , كما اعتقد سكان شرق اروبا , فقد قالوا على اثر مساواته للمجتمع المدنى بالمجتمع البرجوازى ( او السوق ) : " الشيئان مرتبطان , ونحن نريدهما معا : حقوق مدنية وحقوق ملكية , حرية سياسية وحرية سوق , استقلال ثقافى واستقلال مالى ") وهكذا تصبح الرأسمالية مساوية للديموقراطية , وهى كما نرى معادلة غير ممكنة الا فى فكر اليمين الجديد . اذا مفهوم المجتمع المدنى يمكن ان يقود الى هذا النوع من " اللخبطة " واستخدامه بهذا المستوى يمكن ان يعطل اى نقاش جاد للعلاقة بين الديموقراطية والاشتراكية . هيللر تعتقد ان الفكرة بسيطة بشكل مناسب فاليموقراطية الرسمية يمكن تحويلها الى ديموقراطية اشتراكية . اما بوبيو فيقدم صورة تبدو اكثر واقعية للعلاقة بين الديموقراطية الليبرالية والاشتراكية . يقول " فى الدول الراسمالية المتقدمة حيث يتزايد مركزة القوة , يتم تكوين الاحزاب على قاعدة متسعة من العضوية . وتتسم الاحزاب بدرجة مناسبة من الحركية السياسية , بالرغم من هذا فشلت الديموقراطية فى تحقيق وعودها , والتى تتمثل فى : (1) المشاركة (2) التحكم من القواعد (3) حرية الاختلاف . فى البلدان التى تطورت فيها المنظمات الديموقراطية هناك ظاهرتان تعملان ضد مبادى المشاركة العامة المعلنة أ) عدم الاهتمام بالسياسة , والتى عادة ما تؤخذ او تفسر كمؤشر للاتفاق العام مع النظام السائد ( السكوت رضا ) . (ب) تشويه المشاركة (Manipulation ) من قبل تلك القوى التى تمتلك نوعا من الاحتكار الايديولوجى على الجماهير . اِن التحكم من القواعد يصبح اقل فعالية وبشكل متزايد فى حدود العملية الجارية التى تنقل القوة الى تلك المراكز المسيطرة , بالدرجة التى تصبح معها السيطرة على الجماهير قائمة على مؤسسات غير فعالة او متوهمة . فى نفس الوقت تصبح المؤسسات ذات التاثير , مثل المؤسسات المالية الكبيرة , المؤسسة العسكرية والجهاز البيروقراطى بعيدة عن اى تحكم ديموقراطى . أما فيما يخص حق الاختلاف , فهو متاح نسبيا داخل النظام الاقتصادى ولكن بدون امكانية حقيقية لاختيارات راديكالية " (مرجع سابق ) فى هذا الاقتطاف الطويل نرى بوبيو يقترب من الاستنتاج: ان المنهج الديوقراطى كما يمارس فى النظام الرأسمالى لا يسمح بتغيير هذا النظام . وهو يوضح ذلك بشرح الازمة التى تواجهها محاولة تحويل النظام الرأسمالى تدريجيا عن طريق اصلاحات بنائية , " هل يمكن تحويل النظام باجراءات اصلاحية لاتمتلك اى منها قدرات حاسمة على التغيير ؟ لنفترض ان التحويل يمكن ان يتم بسلسلة من الاصلاحات الجزئية , فالى اى نقطة يمكن اعتبار ان النظام جاهز لقبولها ؟ هل يمكن ان نتجاهل الامكانية فى وصول النظام الى حدود احتماله القصوى وانه لايمكن ان يقبل اى تعديلات اخرى بعد ذلك مما يتوجب معه تحطيمه ؟ واذا لجأ من ستضرر مصالحهم للعنف , ما الذى يمكن فعله غير مواجهتهم بالعنف ؟ " (نفس المصدر ) . هذه هى الصورة التى رسمها بوبيو للديموقراطية الموجودة فعلا , وهو المعادى النشط لاى تحويل ثورى اانظام السياسى , انها سمات النظام السياسى البرجوزاى المعاصر والذى يعانى: 1- من السلبية السياسية . 2- ازاحة الهيئات غير المنتخبة للاجهزة والهيئات البرلمانية المنتخبة , مثل اجهزة المخابرات وادوارها التى تلعبها فى الانتخابات وغيرها. هجرة راس المال من فرنسا اجبرت ميتران على التخلى من برنامجه الاشتراكى الذى رفعه لسدة الحكم فى 1981 . انه وبالتحديد لحضور مجمل هذه الخصائص , تصر الماركسية الكلاسيكية على وصف الديموقراطية الليبرالية بالديموقراطية البرجوازية . اِن هذا التحديد لا يعنى التخلص منها باعتبارها مجرد زيف , مما يعنى ان ان احلالها بدكتاتورية عسكرية او فاشية مسألة لاتعنى شيئا للاشتراكيين . بل بالعكس , فلينين ولوكسمبورج حاججا انه يتعين على اليسار الاتجاه لتحقيق الديموقراطية البرجوازية و حيث ان النظام الراسمالى يوفر ظروفا افضل لتطور حركة الطبقة العاملة . تروتسكى فى كتاباته الكلاسكية عن الفاشية الالمانية , اعتقد بضرورة ان يدافع الماركسيون عن المنظمات البرلمانية ضد هجوم اليمين . وبالرغم من هذا , لايعتقد الماركسيون ان الديموقرططية الليبرالية هى مؤسسات محايده واطر متجانسة مع الاشتراكية كما هى مع الراسمالية . بل انها شكل محدد من بين اشكال متجددة من السيادة الراسمالية . هل هناك بديل للديموقراطية الليبرالية ؟ بوبيو- فى انزلاقه المتواصل نحو مواقع الرجعية السياسية - يجيب بالنفى , مستمرا فى الاعتقاد ان الحكومة البرلمانية هل الشكل الوحيد المجدى من اشكال الديموقراطية بالرغم من محدوديتها ( راجع P. Anderson, “The Affinities of Norberto Bobbio,” New Left Review, No. 170 (July-Aug. 198 لقد عرفت الانسانية اشكالا من الديمقراطية المباشرة , اشهرها ديموقراطية اثينا بالرغم من حيازة ملاك العبيد لاشكال سيطرة واسعة على البرلمان. ومن اشكال الديمقراطية المباشرة المعاصرة نجد ديموقراطية السوفيتات ومجالس العمال , والتى تطورت الى اشكال يمكن اعتبارها فى الحد الادنى كجنين لنوع جديد من انظمة الحكم السياسى . من المميزات الاساسية للسوفيتات هى انها قامت على مواقع العمل وليس الموقع الجغرافى , فقد نشأت بسبب وداخل العملية المنتجة , ونظمت العمال-المنتجين بشكل جماعى , وقد قامت السوفيتات عابرة لتقسيمات العمل والتخصصات والنقابات . وقد مثلت وقدمت نموذجا للديموقراطية المباشرة والتمثيلية . يتم انخاذ القرارات بواسطة اجهزة منتخبة خاضعة للمساءلة المباشرة للناخبين فى تجمعات كاملة للعمال فى المصنع الواحد او النقابة الواحدة . هذا النظام التمثيلى يخلق اطارا لوحدة سوفيتات المصنع فى اشكال اوسع جغرافيا , قائمة على مستشاريات العمال المحلية وعلى المستوى الوطنى . وعليه , فقد خبرت روسيا فى 1917 ذلك المحتوى للديموقراطية المباشرة فى لجان المصانع وسوفيتات المناطق والمدن والاقاليم وبرلمان روسيا . واخيرا فان السوفيتات مثلت توجها نحو تحطيم ذلك التمايز بين الخصائص الاقتصادية والخصائص السياسية للمجتمع الراسمالى . ولقد تم تكوين اول سوفيت عمال فى بطرسبيرج فى 1905 عندما اضرب عمال الطباعة عن العمل من اجل تخفيض يوم العمل ورفع الاجور . تطور ذلك الاصراب الى اضراب سياسى عام , اجبر قيصر روسيا على تقديم بعض التنازلات وقدم دستورا للبلاد . لقد عبر رئيس سوفيت عمال بطرسبيرج – تروتسكى – عن ملخص التجربة عندما اعتبرها حكومة عمال فى شكل جنينى . اذا السوفيتات لم توجد نتيجة للقرار الواعى للحزب البلشفى , او اى حركة سياسية اخرى تستهدف مشروعا سياسيا بشكل مباشر . على العكس – كما قال لينين – لم تكن السوفيتات اختراع احد . فلقد نشأت فى جوف الصراع البروليتارى فى ساعة شدته وانتشاره , فى خضم حراك سياسى عال لجاهير العمال . فقد كانت الثورتين الروسيتين فى 1905 و 1917 مجرد البداية , فقد شهدت اروبا فى الفترة بعد الحرب العالمية الاولى تطور مجالس العمال وبشكل متسع فى معظم دول اروبا الصناعية . وعبرت عن وجودها وباشكال حاسمة مرة تلو الاخرى , فلقد خلق رد فعل العمال على انقلاب فرانكو 1936 , انواعا شعبية من الحكم الذاتى واجهت الجمهوريين والفاشية على حد سواء . الثورة البلغارية فى 1956 اتسمت باشكال تحكم سياسى فعال لمجالس العمال . اشكال مشابهة مكنت من سيادة الحزب الشيوعى الفرنسى ليقود الاضراب العام فى مايو-يونيو 1968 . لعبت مجالس العمال فى ايران " شورى العمال " دورا اساسيا فى اسقاط نظام الشاه , ولقد كان تحطيمها بافظع انواع العنف الاسلامى شرطا لانجاز " تمكين " ايات الله . تعتقد الماركسية الكلاسيكية ان هذه الاشكال تمثل الاساس لاشكال مبدعة جديدة من القوة السياسية قادرة على تجاوز جهاز الدولة الحالى , وترسى اطارا للانتقال للمجتمع الشيوعى . يقول قرامش " اِن الدولة الاشتراكية موجودة وبشكل احتمالى فى مؤسسات الحياة الاجتماعية للطبقة العاملة المستقلة . أن تحقيق الترابط والتنسيق بينها , ودفعها فى تراتبية عالية متمركزة متسمة بالقوة والقدرة , مع توفر احترام استقلاليتها وحقوقها فى التعبير , هو نفسه الفعل الذى يخلق ديموقراطية عمالية حقيقية . ديموقراطية عمالية فى فعل معارض حقيقى ومؤثر ضد الدولة البرجوازية , مستعد لاستبدالها , هنا والان وفى كل اوجه وظائفها " . ويقول لينين بصدد ديكتاتورية البروليتاريا انها تتضمن " تمديد عميق للديمقراطية _ والتى تكون و لاول مرة , ديموقراطية من اجل الفقراء .. ديموقراطية للجماهير وليست ديموقراطية لحقائب المال " ( انتهى ).
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-22-06, 07:15 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-22-06, 07:17 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | Elmuez | 01-22-06, 10:06 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-23-06, 11:38 AM |
Re: اِنتقام التاريخ | عمر ادريس محمد | 01-23-06, 01:29 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-24-06, 01:37 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | خالد فضل | 01-25-06, 07:12 AM |
Re: اِنتقام التاريخ | خالد فضل | 01-25-06, 00:57 AM |
Re: اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-25-06, 02:22 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-26-06, 03:36 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | Elmuez | 01-26-06, 05:30 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | charles deng | 01-27-06, 08:28 AM |
Re: اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-28-06, 09:09 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | A.Razek Althalib | 01-29-06, 06:16 AM |
Re: اِنتقام التاريخ | isam ali | 01-29-06, 11:15 PM |
Re: اِنتقام التاريخ | charles deng | 01-30-06, 07:26 AM |
|
|