يا اخوانا انتو الدولار البقى باتنين جنيه وربع دا ما سمعتو بيو؟!

Quote: أسباب ارتفاع قيمة الدينار السوداني وتكلفة المعيشة الدكتور بدر الدين عبد الرحيم ابراهيم – خبير اقتصادي، وزارة المالية، سلطنة عمان. نظرا للتطورات الأخيرة الخاصة بانخفاض قيمة الدولار تجاه الدينار السوداني سألني أحد الأصدقاء كيف يكون سعر صرف الدولار الأمريكي فى انخفاض وفى نفس الوقت هنالك ارتفاع فى أسعار السلع والخدمات مما انعكس سلبا على مستويات المعيشة فى السودان؟ وفيما يلي محاولة متواضعة للاجابة على هذا السؤال الذي يقلق بال الكثيرين. كما هو معروف أن قيمة العملة الوطنية تزداد وتنقص تبعا لظروف العرض والطلب عليها فضلا عن التوقعات والمضاربة خاصة فى حالة الانخفاض المستمر فى قيمة العملة والظروف الاقتصادية غير المواتية (بالاضافة الى عوامل أخرى غير اقتصادية ليست ذات تاثير كبير)، ومن أهم العوامل التى تؤثر على العرض والطلب وترفع بالتالى أو تخفض قيمة العملة هو ارتفاع الأسعار والرسوم المحلية، وارتفاع الطلب على الواردات أو الصادرات وزيادة الانتاجية و ارتفاع أسعار الفائدة المحلية. وما يحدث فى السودان حاليا هو أن قيمة العملة الوطنية فى ارتفاع متدرج (الا فى الفترة الأخيرة حيث زادت وتيرة الارتفاع) نظر لارتفاع الطلب على المنتجات المصدرة كالنفط وزيادة الطلب الخارجي على المنتجات المحلية (الصادرات)، وانخفاض الطلب على السلع المستوردة كالنفط أيضا (وربما السلع الاستهلاكية والأدوية وليس السلع الانتاجية). ومما يدلل على ذلك أنه بين العامين 2000 و 2003 زادت الصادرات بنسبة 30% والواردات بنسبة 18% فقط، مما يعنى أن الميزان التجارى فى تحسن منذ بداية الألفية الثالثة سنة تلو الاخرى. وحسب احصائيات البنك المركزى فى السودان فان حصيلة الصادرات النفطية فى عام 2003 بلغت نحو 1.93 بليون دولار أمريكى من مجموع الصادرات البالغ قدره نحو 2.45 بليون دولار أمريكي (بنسبة 80%) بمعنى أن الصادرات غير النفطية تبلغ نحو نصف مليار دولار أمريكى فقط، علما بأن الاحصائيات من نفس المصدر دلت على أن الصادرات غير النفطية لم تتغير طيلة الفترة منذ العام 2000، بينما كانت تمثل نحو ثلاثة أرباع بليون دولار فى فترة طويلة قبل بداية تصدير النفط فى عام 1999، كما كانت الصادرات النفطية قبل العام 1999 تعادل صفرا. وكما نعلم أن فاتورة استيراد النفط فى السودان قبل بداية الألفية الثالثة وصلت الى نحو ثلاثة أرباع قيمة الصادرات السودانية وعند استغلال النفط تجاريا زالت هذه الفاتورة وقلت بالتالي الحاجة الى استيراده من الخارج وكذلك الحاجة الى العملة الصعبة التى كانت تصرف على هذا البند الكبير من الواردات تبعا لذلك. لذلك فانه كلما زادت الصادرات السودانية من النفط يتوفر لدى البنك المركزى احتياطيات بالعملة الصعبة تشكل عرضا متزايدا لهذه العملة وبالتالي يكون العرض أكبر من الطلب عليه (الطلب الناتج من العلاج أو السفر أو الاستيراد الخ). وتقل قيمة العملة الصعبة وتزداد بالتالي قيمة العملة المحلية. هذا مايحدث الآن وبصورة تدريجية حيث لاحظنا انخفاض قيمة الدولار فى السوق المصرفية السودانية خلال الأعوام الأخيرة مع تصاعد وتيرة الخفض فى الشهور الأخيرة. وحسب علمنا أن الاحتياطيات لدى البنك المركزى من العملات الصعبة كبيرة الا أنه لا يرغب فى طرحها دفعة واحدة للعمل على رفع قيمة العملة الوطنية بصورة كبيرة، بل يرغب فى رفع القيمة بصورة متدرجة نظرا لأن الانخفاض الكبير فى قيمة الدولار الأمريكيى ربما يؤثر سلبا على موقف الاستثمار الأجنبى والمحلى بالبلاد. هذا فيما يختص بقيمة العملة المحلية. ولكن السؤال لازال قائما كيف تظل الأسعار المحلية فى ارتفاع بالرغم من التدرج الذى يحدث فى قيمة الدينار السوداني مقابل الدولار الأمريكي؟ هنالك سببان رئيسيان لارتفاع الأسعار وتدنى مستويات المعيشة فى أى دولة وهما زيادة الطلب (القوة الشرائية) المدعوم بزيادة العرض النقدي فى الاقتصاد (مع ثبات أو انخفاض العرض من الانتاج الكلى من السلع والخدمات)، أو/و ارتفاع تكلفة الانتاج من أجور وكهرباء ومياه وايجارات وضرائب وغيرها من مستلزمات الانتاج. على الرغم من أن تكلفة الانتاج فى السودان لازالت فى زيادة خاصة الأعباء الضريبية، وأن هنالك ممارسات احتكارية لا تظهر للعيان أدت الى ارتفاع الأسعار، الا أننا نرى أن العامل الرئيسي فى زيادة الأسعار بالرغم من ارتفاع قيمة العملة الوطنية يكمن فى زيادة القوة الشرائية الناتجة عن ارتفاع الأجور نتيجة للتغيرات التى حدثت فى الاقتصاد بعد تصدير النفط ومحاولة تغطية الفارق الكبير بين الدخول ومستويات الأسعار عن طريق رفع الأجور. علما بأن زيادة العرض النقدي من العملة المحلية فى الاقتصاد لاتزال تشكل أكثر من 30% سنويا (منها والعملة لدى الجمهو بنسبة أكثر من 24%والودائع تحت الطلب بنسبة أكثر من 37%). وعلى كل فان تحسن الموازين الاقتصادية فى السودان فى السنوات الأخيرة وزيادة الانفاق على التنمية خاصة فى مجالات الطاقة والتعدين والنقل والمواصلات والاتصالات والصناعة) بعد تصدير النفط وزيادة معدلات النمو الاقتصادي تبعا لذلك الى أكثر من 6% قللت كثيرا من وتيرة ارتفاع الأسعار حيث بلغ معدل التضخم الرسمي نحو 7.4% سنويا، علما بأن سياسة بنك السودان تعمل على الا يتجاوز السعر الرسمي أكثر من 7% خلال السنوات الفائته. وكما هو معلوم أن نسبة التضخم الحقيقية أكبر من النسبة الرسمية التى تظهر سنويا فى المنشورات الرسمية. النتيجة النهائية أن ارتفاع قيمة العملة المحلية ربما يكون قد خفف من النمو الكبير فى ارتفاع الأسعار مقارنة بالماضي، علما بأن زيادة الأجور كانت ومازالت أقل من ارتفاع الأسعار مما أدى الى تدنى القوة الشرائية لهذه الأجور وانعكس سلبا على مستويات المعيشة. واذا كانت مستويات الزيادة فى الأسعار قد تدنت مؤخرا الا أنها لازالت عالية نسبيا نظرا لعوامل داخلية من أهمها ارتفاع تكلفة الانتاج المحلية وزيادة القوة الشرائية. ومن المتوقع وفى مقبل السنوات أن يزيد انتاج النفط وكذلك الانتاج الكلى من السلع والخدمات بعد توسيع مواعين الاقتصاد الوطنى، الا أننا نرى أن مسيرة ارتفاع الأسعار لايمكن أن تتوقف الا اذا عملت الحكومة على تخفيض تكلفة الانتاج بتخفيض الضرائب من جهة والعمل على زيادة العرض النقدي فى الاقتصاد بصورة معقولة تتناسب مع زيادة الانتاج المحلى. على كل فان العوامل التى ذكرناها بشأن ارتفاع الأٍسعار لايمكن التحقق منها بصورة أكيدة الا باجراء دراسات حول تأثير ارتفاع العرض النقدي على الأسعار وكذلك انعكاسات العوامل المؤثره على زيادة التكلفة الانتاجية.