يامناضلي الكيبورد لقد تجاوزكم الواقع في السودان0(لاجئ القاهرة مثالا)

Quote: مأساة الضحايا ....... وبؤس الهرج www.adilelbaz.blogspot.com الذي جرى فى احداث القاهرة يمثل نموذجا لحالة الهرج التي طالما نوه اليها استاذنا د.عبد الله على ابراهيم. . نحاول هنا ان نصوب النظر الى تداعيات ماجرى فى القاهرة . بدأت حالة الهرج هذه حين اجتمع اكثر من ثلاثة آلاف من طالبي اللجوء فى منتصف العاصمة المصرية ليفرضوا واقعاً جديداً على مفوضية اللاجئين وعلى الحكومة المصرية ، من هنا بدأت المأساة. الآلاف من البشر فى دولة ليست دولتهم يطالبون جهة ما لا يسمح قانونها ولا امكاناتها ان تبعثهم كلاجئين لدولة اخرى ، لم تكن موجودة اصلا ، اذ لم ترحب باستقبالهم أي من دول العالم . لم يك ممكناً إثناء الحالمين بالسفر لأرض الاحلام عن احلامهم اذ هم غير مهيئين للاستماع لأي صوت ، لذا فشلت حكومة الوحدة ابتداءً في مراجعتهم ، كما عجزت المعارضة السودانية هناك عن فعل أي شئ ، كما لم يكن بمقدور الحكومة المصرية ان تتصرف إزاء تعقيدات هذه الحالة. اما مفوضية اللاجئين ومن ورائها المجتمع الدولى انسحبوا من ميدان مصطفى محمود ، واصبحوا فى عداد الفراجة . رغم كل ذلك رفض اللاجئون الحالمون التعامل مع أي من الحلول او الوعود التي قُدمت لهم ..!! كانت الأحلام اقوى من ان تخان. كيف يمكن إدانة الضحايا على احلامهم. الاحلام لاتدان . . الحقيقة لم تك احلاماً ، كانت محض أوهام تحولت مع الأيام لحالة هرج. عاش اللاجئون هنالك حالة عبثية بين احلام مستحيلة وواقع يزداد تأزما داخل دولة لم تبخل عليهم يوماً باستضافة ولا منعتهم من المطالبة بحقوقهم ، وعلى مر السنوات آوت من آوت ، وصرفت على من صرفت ، وعلّمت من علّمت دون ان تبدي تضجرا ، فلم تطارد احداً ، ولم تسأل عن اقامة ، بل ولا عن تأشيرة . أُدخلت مصر فى مأزق بالتأكيد لم تسع اليه كما لم تك تتمناه. عاصمة تتعايش لثلاثة اشهر مع ثلاثة آلاف لاجئ على قارعة الطريق يفعلون مايفعلون فى وسط القاهرة!. ماذا ستفعل القاهرة ، بل ماذا ستفعل أية عاصمة فى الدنيا إزاء هذا الوضع الذي هو بلا حل ، ومرشح لأن يمتد لسنوات؟. قررت القاهرة انهاء هذا الوضع وجرى ماجرى من احداث وتداعيات . اليوم اللوم على القاهرة ، ولكن لم يقل لنا أي من المنتفخين الآن ماذا كان بوسع القاهرة ان تفعل ؟ ، التعاطف مع الضحايا مطلوب ، ولكن ليس بالهرج ، ولا بالادانة ، وليس بتلفيق الاتهامات. هب ان هؤلاء اللاجئين مصريون اعتصموا فى وسط العاصمة لثلاثة اشهر فماذا ستفعل الحكومة المصرية ؟ على الارجح ستتعامل معهم بنفس الطريقة . اذن الموضوع لم يك اعتداءً على اشخاص لكونهم سودانيين ، انما محاولة لفض حالة الهرج المستعصية هذه ، سواء كان ابطالها سودانيين ام مصريين. كان مؤسفاً الحديث عن الاستهداف المصرى للجنوبيين اواللاجئين من غرب السودان ، ثم محاولة إلباس ذلك لباساً عنصرىاً ، كأننا نتحدث عن اسرائيل لا عن مصر. اكثر ما أدهشنى فى حالة الهرج هذه هو ذلك الربط بين ماجرى من احداث بقناة جونقلى. وكانت اشارة اخرى سالبة لاتستحقها بالقطع مصر. لا يُفهم بالضبط ماذا تريد جوقة المتنطعين هذه ؟!. للسفير المصرى الحق فى التشكك فى نوايا سدنة هذا الهرج !. مرة أُخرى ما معنى ان تسعى صحف للمبالغة فى عدد الضحايا ، وحشد العبارات العاطفية ، وتأليب الرأي العام ليس بالحقائق وانما بالاكاذيب؟. الضحايا ثلاثون تحولوا فى مانشيتات الصحف لثلاثمائة وينسب التصريح لمصدر مجهول . ما الهدف ياتُرى؟. قمة المأساة ان تطلب حكومة الجنوب من افراد القنصلية المصرية بجوبا المغادرة . ألم يك باستطاعة حكومة الجنوب ان تحمى بضعة افراد يعملون بجوبا من مهددات متخيلة؟، من سيصدق ان السلام والاوضاع استقرت بالجنوب ؟ ، الذين اتخذوا هذا القرار - إن كان فعلاً قد أُتخذ - لم يحسبوا أثره على الصورة العامة للجنوب ، فاية حكومة هذه التي تعجز عن توفير الأمن لبعثة دبلوماسية واحدة طرفها ؟. فى ضجيج الهرج غالباً مايغيب العقل. فبدلا ًمن السعي لمعرفة الحقائق نعجل بالادانة. كان الأوفق ان تشرع حكومة الوحدة الوطنية وليس حكومة الجنوب فى تكوين لجنة (كما حدث امس) لتقصي الحقائق ومعرفة ماجرى تحديداً ، ومن ثم تكيِّف رد فعلها بناءًعلى نتائج التحقيق . ثم تتم معالجة الأمر أياً كانت النتائج فى اطار المصلحة العامة للدولة وللضحايا. ثم تبقى الأسئلة المتعلقة بالمستقبل ، كيف نُلطف ماحدث ، كيف نساهم فى لملمة وتضميد جراح الضحايا ، ماهى العبر التي سنخرج بها من منعطف هذه الأزمات ؟. كان كل ذلك ممكناً، ولكن لأن دوامة الهرج تلف ممارستنا السياسية لا نتريث فى رد فعل ، ولا نستفيد من حادثة ، ولا نتأمل عواقب افعالنا ، ويظل الحال هو الحال ، لخمسين عاماً لم نتعلم شيئاً ، ولم ننسَ شيئا ... والله المستعان .