كذب اللاجئون ولو صدقوا..!!!

Quote: حقاً أخوتي الأعزاء ما كان يحدث في القاهرة من تشويه وتدني لسمعة السودان هو اجحافاً من هؤلا بحق هذا الوطني وكرامة إنسانه وما حدث كان افجع وأسموء وكم هذه النقلة ما حدث في القاهرة وتحديداً حديقة المهندسين التي احتشد فوقها ومنذ ثلاثة أشهر آلاف من السودانيين طالبي الهجرة الذين اعتبروا مصر محطة لهجرتهم منذ سنوات عديدة كانت بداياتها مبررة بسبب حرب الجنوب والتعسف السياسي والنقابي والأيدولوجي وبدايات»الإنقاذ» كما يعرف الجميع..! ولكن ما الذي أغرى هؤلاء الناس بداية للاحتشاد في مصر بعد أن لاحت ومنذ سنوات بوادر حلول لأسباب هجرتهم..؟! إن للنظام دوراً ذكرناه في الفقرة الماضية، ولكن للتجمع المعارض دوراً لم نذكره في هذه المأساة، فهو الذي أغرى ووعد هؤلاء الناس والذين سبقوهم بسهولة العبور إلى الدنيا الجديدة في أمريكا واستراليا وكندا وبريطانيا وغيرها ولكنه حين بدأ يتفاوض ويخطط للعودة لجسم معارض لم يمارس نفس المغريات التي أتت بهؤلاء الناس إلى القاهرة لكي يعودوا قبله أو معه أو بعده إلى السودان، كيف ترك التجمع كل هذه المشكلات خلفه وعاد بعض قادته إلى الوطن مكتفين بعدة مناصب وزارية أو مكاسب ذات طابع شخصي في الغالب، بينما قال بعض قادته «أي التجمع» لا نريد العودة واختاروا منذ زمان بعيد البديل وبقوا بالخارج يحملون الجوازات والإقامات والوظائف والمأوى الآمن الرغد لأسرهم..! هؤلاء شركاء في المأساة..! هذا هو الخطأ القومي الثاني بعد الخطأ الحكومي الذي ذكرناه وتبقى أخطاء الآخرين وفي مقدمتهم الأمم المتحدة التي لم تكن حاسمة في رفضها ومحددة في موقفها بأن تقول لهؤلاء الناس لا سبيل إلى الهجرة وإعادة التوطين أو حتى المِنح المالية البسيطة التي كانت تسد الرمق لكي يبقى هؤلاء الناس محتشدين في مصر على هذا النحو الشاذ، وللأمر هذا جانب آخر يتّصل بالذين تمكّنوا من الهجرة واستقروا في عواصم العالم أو المغتربين التقليديين الذين استقروا في الخليج أو غيره.. وتأتي شراكة هؤلاء في المأساة من خلال كون بعضهم كان يُحوّل الأموال للمحتشدين في القاهرة باسم المساعدة والدعم و«الخوّة» والمروءة وأمور أخرى كثيرة أعطت اشارات واضحة لهؤلاء المحتشدين في مصر بأن المال في المهاجر، عربية كانت أو أوروبية أو أمريكية، يتدفّق على الذين هناك وإلاّ لما كانت هذه التحويلات، انعدمت الصراحة ولم يقل معظم الذين تمكّنوا من الهجرة أنهم يعانون أكثر ممّا عانوا في بلادهم ويمتهنون المهن القبيحة ويواجهون نظم وقوانين وملاحقات ومطاردات وتمييز أقبح بكثير من أي واقعٍ هربوا به من بلادهم، طبعاً نستثني من هؤلاء اولئك الذين اهّلتهم للهجرة قدراتهم ومؤهلاتهم وشهاداتهم وفرص العمل المحددة أصلاً كما هو حال أخوتنا في الخليج وأوروبا من ذوي الخبرة والمؤهلات والتعاقدات الواضحة..! الطرف المخطيء أيضاً في هذه المأساة هو الأداء الفاسد والمرتشي في بعض المؤسسات والسفارات في مصر وسيكون من المضحك المحزن ـ أن نقول بأن جماعات من راغبي اللجوء السودانيين امتهنوا مهنة التوسط بين بعض السفارات وبين طالبي اللجوء فظهرت أسواق شديدة العتمة وليست السوداء فقط، فدفع الحالم بالهجرة ما لديه من مالٍ قليل لتلك العصابات المجرمة اللا أخلاقية وقوامها بعض السودانيين وبعض العاملين في السفارات والمنظمات المتصلة بهذا الأمر الخطير، والذي نشهد به لوجه الله والحقيقة والتاريخ هو أن الأداء المصري والشعب المصري والحكومة المصرية وكلها أطراف متضررة لم تنغمس على الإطلاق في أي عمل فاسد أو متاجر أو مستفيد من مأساة السودانيين مثلما حدث من بعض السودانيين على نحو ما اسلفنا. وبعد ثلاثة أشهر من الاعتصام القبيح وسط أكبر ميدان في العاصمة المصرية وهو «مدينة المهندسين» اديرت حوارات مصرية وسودانية حكومية وشعبية وحزبية مع هؤلاء الناس بحثاً عن حلولٍ بما فيها إمكانية استيعابهم كلاجئين في مصر تشرف على أمرهم وتمولهم هيئة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ولكن العتاة المتزمتين منهم رفضوا كافة العروض إلا عرضاً واحداً أصروا عليه وهو أن يهاجروا أو يهجروا إلى بلدان بعينها منها أمريكا وبريطانيا وكندا واستراليا وفرنسا وألمانيا وهي جميعها بلدان أعلنت منذ عام أو يزيد أنها قفلت أبواب الهجرة واللجوء إلاّ وفق مقاييس لا تنطبق على أي من هؤلاء المعتصمين كما قالت هذه السفارات ضمناً..! إذا ما كان يريده ويطلبه الإخوة المعتصمون والمعتصمات هو أن تستخدم الأمم المتحدة ومصر القوّة المسلحة لتغزو هذه البلدان المذكورة وتفرض عليها بقوّة السلاح طالبي اللجوء والهجرة وإعادة التوطين وهذا أمر مستحيل..! إذا حدث الذي حدث وكان الخيار الأفضل هو الحوار السوداني ـ السوداني بين السلطات السودانية وبين هؤلاء المعتصمين الذين كوّنوا لأنفسهم جسماً نقابياً يتفاوض باسمهم ويصرح إلى زوارهم ويتحدّث إلى الفضائيات بما فيها محطات تلفزيونات إسرائيل والأعداء التقليديين للسودان البلد وليس السودان النظام، حيث احتشد «كما شهدت بأم عيني» عشرات الصحافيين والمصورين والإعلاميين الأجانب، بل والسوّاح حول حديقة المهندسين هذه لينقلوا للعالم ولشعوبه أن السودان أكرم وأعظم بلد جاء منه هؤلاء الناس وهربوا من الجوع والبؤس في وقتٍ يعلم هؤلاء قبل غيرهم أن السوداني هو الإنسان الوحيد على وجه الأرض الذي من الممكن أن يتزوّج وهو عاطل، ويُخلّف وهو عاطل ويسافر الإجازات للداخل والخارج وهو عاطل ويرتدي أفخر الثياب وهو عاطل ويشارك في اجتماعيات كل الأسر وهو عاطل أيضاً، لأن المعنى الحقيقي للعطالة يختفي عندما تطبّق قاعدة التكافل والتكافؤ والمشاركة، فالطعام طعام الجميع يفرشه الناس في الشوارع في حالات المأتم أو الأفراح وفي رمضان وأيام العطلات وفي مواقع الترويح في الساحات وفي المستشفيات عندما يحتشد الناس لمعاودة مريض مُحمّلين بكل ما لذّ وطاب. وماذا بعد أن وقعت الواقعة ..؟! ونطرح السؤال من جديد هل قصّرت الحكومة..؟ نترك للإجابة أن تقول الآتي، بعد بضعة أيام من الإعتصام الكارثة أسرعت السفارة السودانية في القاهرة للإتصال بالمعتصمين فكان أن تهشمت سيارة السفارة ونزعت منها اللوحات الدبلوماسية وأُنقذ من يمثلونها بمعجزات الجليل الرحيم، وبعد ذلك كله من نشتم فيه رائحة العقل والمنطق من الذين طلبوا من هؤلاء الناس أن ينفضوا كان متهماً بموالاة السفارة والحكومة السودانية لدرجة نصب المشانق على فروع أشجار حديقة المهندسين لينفّذ الموت شنقاً في مَن يُتّهم بأن له علاقة بالسفارة أو الحكومة السودانية أو حتى الضمير السوداني الحي..! الآن وقد وقعت الواقعة وحلّت الكارثة وكل هذا الثمن الغالي تتحرّك بعض الجماعات والمنظمات وتتحدّث عن إنسان وحقوق إنسان وعن مضيف هو مصر التي انشغلت بالأمر لأكثر من ثلاثة أشهر وعن اولئك الذين فقدوا ارواحهم أو الذين جُرحوا وهؤلاء العشرات من قتلى وجرحى دون أن تقول هذه الجهات الخمس الآن لردود الأفعال إن السودان البلد والشعب قتلا سمعة وأُضيرَ وأُهينَ وأُسيءَ لهما من بعض بنيه وهو أمر مدان ويجب أن يدان قبل أن نتحدث عن كيف مات من مات وجُرح من جُرح وأُعتقل من أُعتقل، وحتى لا تشغلنا المغالطات بين هل الأمن المصري أسرف في استخدام القوى أم أن المعتصمين وتحديداً «عتاتهم الذين قادوا هذا العمل» قد اسرفوا في الإساءة لبلدهم وشعبهم؟! الرحمة للذين فقدوا أرواحهم والشفاء العاجل للمصابين والدعاء الحار للمتبقين هناك بأن يعودوا إلى بلادهم التي أضحت الآن وبفضل الله وبرغم أية صعوبات أو تعقيدات تستورد الأيدي العاملة من الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين..!