لاهوتُ البَيْتِ الأَبْيَض! ...كمال الجزولي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-25-2003, 10:01 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجزء الرابع (Re: أبنوسة)

    لاهوتُ البَيْتِ الأَبْيَض (4)

    كمال الجزولى [email protected]

    (1)
    (1/1) تأخرت هذه الحلقة الأخيرة عن موعدها فى الأسبوع الماضى لعلة طارئة ألمت بى ، فمعذرة. وكنا عرضنا ، فى ما سبق ، لما وقع لنا من تبايُن بين رؤيتين متقاطعتين تماماً لرجلى دين مسيحيين حول قضية واحدة ، هى الخطاب الثيولوجى المعتمد لدى الادارة الأمريكية: رؤية كاهن كنيسة الشهيدين بالخرطوم الذى يعجبه "تديُّن" رموز هذه الادارة ، فيعتبرهم ، بالجملة ، "كنيسة مؤمنة" يُصدِّق "مواعظها" ، ورؤية كاردينال كنيسة روما الذى لا ينخدع لحماسة هذا الخطاب الخارجية ، فيدمغ "أنبياءه الكَذَبَة" ، ويعتبرهم ، بالجملة ، "خَوَنَة للانجيل"! ثم حاولنا أن نتلمس بين الرؤيتين سبيلاً يمكننا من استجلاء ما إذا كان هذا الخطاب ينهل ، بالحقِّ ، من جوهر دينىٍّ حقيقى ، أم أنه محض مُخاتلة مُفارقة لما ينبغى أن تقوم عليه علاقة الانسان بربِّه.
    (1/2) أوردنا ، فى هذا الاطار ، بعض الملاحظات حول نمط التديُّن المحدود ، شديد التعصب والانكفاء لجورج دبليو بوش ، والذى تضافرت فى تشكيله عوامل عدة ، أهمها خصائصه وتطلعاته الشخصية ، وميراث التديُّن الأمريكى التبسيطى السائد ، بالاضافة إلى التأثيرات القصدية التى مارسها عليه اليمين المسيحى الصهيونى فى الولايات المتحدة ، والذى تتحالف فيه طغم مالية وصناعية نفطية وحربية من بين بروتستنت الكنيسة المعمدانية أو المنهجية Bbtist/Methodist ، من جهة ، وقوى ضغط صهيونية طامحة لإعادة تقسيم المنطقتين العربية والاسلامية إلى كانتونات صغيرة فى محيط "الامبرطورية الإسرائيلية" ، من الجهة الأخرى. كما أشرنا إلى تمكن هذا التيار من السيطرة على مفاصل الحزب الجمهورى ، الأمر الذى هيأ لبوش الابن أن يصبح حاكماً لتكساس ، ثم رئيساً لأمريكا كلها ، محاطاً برهط من أكثر ناشطى المسيحية الصهيونية تعصُّباً وارتباطاً بالمصالح النفطية.
    (1/3) وقلنا إن هذا اليمين المسيحي يؤمن بأن "الحرب المقدسة" هى وحدها التى سوف تفتح الطريق أمام عودة المسيح ليحكم العالم ألف عام ، وأن إسرائيل مشروع إلهى ، ومحطة تاريخية لازمة لهذه العودة ، كما أبرزنا رؤية البروفسور جون ايسبوزيتو القائمة فى كون استراد بيت المقدس وتوطين اليهود فى فلسطين ، ليس حباً فيهم ، وإنما تمهيداً لعودة المسيح وضمهم إلى المسيحية ، هو الأساس الأيديولوجى لتقارب هذه القوى البروتستنتية الصهيونية ، على خلفية مصالحها المتمثلة فى استعادة سيطرتها على أوربا واليابان ، بعد زوال "الخطر" السوفيتى ، عن طريق تمكينها من مخزونات النفط الغنية فى الخليج والعراق وبحر قزوين وغيرها ، من جهة ، وإنعاش سوق السلاح ، من الجهة الأخرى ، بوضع العالم بأسره تحت الرعب الدائم من تهديدٍ مختلق وخطر متوهَّم ، إضافة إلى تحقيق الحلم القديم بإعادة هندسة المنطقتين العربية والاسلامية لصالح هيمنة "إسرائيل العظمى". وبحسب القس فريتس ، فإن غاية ما كان يتطلع إليه أتباع هذا التيار هو العثور على قائد يوحِّد بين طموحهم السياسى ورؤيتهم الدينية ، تماماً على قياسات شخصية "داود" الإنجيلية (!) وإن الدلائل كلها تشير ، الآن ، إلى أنهم مقتنعون بعثورهم على هذا القائد فى شخص بوش الابن ، كما وأنه هو نفسه مقتنع بذلك!

    (2)
    (2/1) وحاولنا مقاربة الأسلوب الذى يفكر به الرئيس الأمريكى ورموز إدارته ، من حيث هو أسلوب قائم فى التخليط بين السياسة "العملية" وبين تلقى "الوحى" من الرب ، وإغراق الخطاب السياسى فى لجج من المطلقات والمتقابلات والثنائيات الدينية ، والإيمان المطلق بأن أمريكا وحدها على حق ولذلك فإن الله سينصرها دون شك ، وما إلى ذلك. وقد شرعنا ، منذ نهاية الحلقة الماضية ، فى إيراد بعض الشواهد والمجتزءات على النحو الآتى:
    أ/ عرضنا للخبر الذى ساقه هاوارد فاينمان حول اجتماع بوش الابن مع لفيف من كبار الأساقفة بمقره كحاكم لتكساس ، عام 1999م ، بينما كان يتهيأ لخوض المعركة الانتخابية ، حيث طلب منهم دعمه لكون "المُنادى" ، كما قال ، قد "ناداه" لأداء "رسالة" سامية ـ he’d been (called) to seek higher office (نيوزويك ، 10/3/2003م).
    ب/ كما عرضنا أيضاً لقوله ، ذات يوم من فبراير الماضى ، لمحطة إذاعة دينية فى ناشفيل: "إن الارهابيين يكرهون حقيقة .. أن بمقدورنا عبادة الرب بالطريقة التى نراها ملائمة" ، وأن الولايات المتحدة مكلفة بجلب الحرية ، كهدية من الرب ، إلى "كل إنسان فى العالم" (المصدر).
    ج/ وقوله كذلك ، قبلها ببضعة أيام ، فى حفل "إفطار الصلاة" الذى حضره الأب القمص فيلوثاوس وعاد منه منبهراً "بمواعظ" الرئيس ورهطه ، ما معناه أن أمريكا لن تهزم لأن هذا هو ما قدَّره الرب العادل الرحيم (المصدر).
    د/ ثم ، وعقِبَ حديثه فى ناشفيل ، عقد الرئيس لقاءً خاصاً مع بعض رُعاة الكنائس أعلن فيه أنه يتعيَّن على أمريكا أن تعلم أنها إنما "تجابه الشر" فى هيئة صدام حسين ، وأنه ما من خيار أمامها سوى أن تتصدَّى له ، إلى حدِّ الحرب إذا اقتضى الأمر. ثم أردف قائلاً: "إذا كان لأحد أن يشعر بالتصالح مع نفسه ، فأنا متصالح معها"! وقد علق تشارلس ستروبل ، عقب انفضاض اللقاء ، قائلاً: "لم أكن لأتخيَّل المسيح يلقى إعلان حرب أمام جمهور منفعل يلوِّح له كما فعل الرئيس للتو"! (المصدر).
    هـ/ وأوردنا كذلك طرفاً من الصورة التى رسمها جستين ويب للحياة اليومية فى البيت الأبيض ، حيث العاملون يتراكضون من مكتب لمكتب وبأيديهم الأناجيل ، وحيث الجميع يترقبون صوتاً يأتي دائما من أعلى ، وحيث ثنائيات الخير والشر ، الصواب والخطأ .. الخ ، تبدو مناسبة أكثر لأجواء الحرب ، وحيث الرئيس ورهطه كانوا ، بلا شك ، يصلون بحرارة لكي تدهس حافلة صدام حسين ، لكن إذا تعذر وجود حافلة فإنهم سيعتقدون أن لديهم الحق في فعل ما قرروه! وعموماً ، ولأنهم قرروا خوض معركة "الخير" ، فإن الشكوك والمخاوف العقلانية التي تتردد عالميا يمكن أن تنحى جانبا! (بى بى سى ، 17/3/2003م).
    و/ وأضفنا إلى هذا التقرير ما ظلت تتداوله أجهزة الاعلام العالمية عن أحوال الادارة الأمريكية الحالية ، منذ تولى بوش الابن رئاستها. فالحرب أمر إلهى يستوجب طاعة المؤمنين(!) والأمم المتحدة لا تهم الرئيس فى شئ لأنه متوكل على الرب (!) وآرى فلايشر يروِّج للصلة المفتوحة بين الرئيس والسماء (!) والرئيس يعلن بنفسه أنه يتلقى الوحى من الرب!
    (2/2) ومواصلة لهذا السياق فقد كان لافتاً للنظر فى أول خطاب يلقيه الرئيس الأمريكى على شعبه بعد كارثة الحادى عشر من سبتمبر ميله الواضح للتخفى خلف المطلقات والتعبيرات الدينية والأخلاقية التى لا تفصح عن معنى سياسى محدَّد: "لن ينسى أىٌّ منا هذا اليوم ، ومع ذلك فسوف نمضى قدماً فى حماية الحرية وكل ما هو خيِّر وعادل فى هذا العالم"! وقد لوحظ ذلك أيضاً فى كلمته أثناء القداس الخاص الذى أقيم بهذه المناسبة فى مبنى الكتدرائية الأمريكية بحضور شخصيات الادارة ، والرئيسين السابقين بيل كلينتون وجيمى كارتر ، ونائب الرئيس السابق آل قور ، إضافة إلى رموز دينية يبدو أنها جرى انتقاؤها بعناية من مختلف الطوائف ، من بينها حاخام يهودى ، وكاردينال كاثوليكى ، ورجل دين مسلم ، وكان هناك أيضاً ، بطبيعة الحال ، رمز اليمين المسيحى الصهيونى القس بيلى جراهام أو "الرجل الذى قادنى إلى الرب" كما يصفه بوش الابن! قال الرئيس الأمريكى فى تلك الكلمة: "إن مسئوليتنا أمام التاريخ قد أصبحت واضحة الآن: أن نردَّ على هذه الهجمات ونخلص العالم من الشر"! وقد علق بوب وودورد لاحقاً على تلك العبارات بقوله: "لقد طرح الرئيس رسالته ورسالة الأمة التبشيرية فى ضوء التجلى المهيب لإرادة الرب الغالبة" (ب. وودورد ؛ بوش فى حالة حرب ، دار نشر سايمون وشوستر 2002م ، ص 67). وقد عاد الرئيس الأمريكى لاستخدام تلك المطلقات الدينية فى شأن يتصل بالسياسة العملية عند إلقائه لخطاب الاتحاد الدورى فى 29/1/2002م ، حيث وصف العراق وإيران وكوريا الشمالية "بمحور الشر" (!) وأعلن أن الخطر الداهم يكمن فى تمكن الارهابيين أو هذه الدول من أسلحة الدمار الشامل.
    (2/3) وبعد أن استمع وودورد إلى بوش الابن ، فى الحوار الذى أجراه معه فى كراوفورد ، كتب يقول: "ثمة آمال عِراض لدى أغلب الرؤساء ، ولكن البعض منهم ينطوى على رؤى جليلة لما يريد تحقيقه ، وبوش الابن راسخ القدمين فى الفريق الثانى" (المصدر ، ص 339). والواقع أن الرئيس الأمريكى يبدى حرصاً يبلغ أغلب الأحيان حدِّ النفاق الفج على التمسُّح ، بمناسبة وبغير مناسبة ، بأعتاب القيم الدينية ، مما لا يندر أن يثير استغراب حتى أقرب المقرَّبين إليه. وقد روى وودورد كيف أن كونداليزا رايس نفسها دهشت من إثارته ، فجأة ، لموضوع "العون الانسانى" أثناء إنهماكهم فى ترتيبات الحملة العسكرية على أفغانستان ، بما فيها القصف الجوى الكثيف الذى طال المدنيين بصورة واسعة (!) وقد قال بوش لوودورد ، لاحقاً ، إنه لم يكن يريد ذلك (!) وأضاف: "لقد كنت حساساً تجاه فكرة أن تدمغ هذه الحرب بأنها حرب دينية ، أو أن تظهر الولايات المتحدة فيها بمظهر المنتصر ، لقد أردت أن نبدو فى صورة المحرِّرين" (!) ويتبدى النفاق هنا كأوضح ما يكون حين نذكر وصفه بنفسه لتلك الحملة ، ذات خطاب سابق ، "بالحرب الصليبية" ، فى ما سعى أركان إدارته لامتصاص آثاره ، وقتها ، بتسميته "بزلة لسان" (!) وكذلك عودته لاحقاً ، بين يدى حملته على العراق ، ليؤكد ، فى "موعظة إفطار الصلاة" ، التى بهرت الأب القمص فيلوثاوس ، أن أمريكا لن تنهزم لأن هذه هى "إرادة الرب العادل" (!) علاوة على قوله الفصيح الصريح ضمن خطاب إعلان هذه الحرب: "اؤكد لكم أن هذه الحملة لن تكون حملة الاجراءات المجتزأة: لن نقبل بأي نتيجة أخرى غير النصر"!!
    (2/4) وفى مقارنته بين شخصيتى بوش الأب وبوش الابن أشار وودورد إلى أنه كان يعلم أن الأب اعتاد ، فى تصريفه لشئون الرئاسة ، أن يستخف بهاجس "الرؤيا" و"الكشف" و"التجليات الصوفية" وما إليها ، أما بالنسبة للابن "فقد دهشت حين قال لى إن كل شئ يتوقف على هذه الأمور" (المصدر ، ص 341). ولكن أىُّ "رؤيا" وأىُّ "تجليات"؟! جديرة بالنظر هنا ، بوجه خاص ، إنتباهة وودورد لفكرة صدرت عن بوش الابن ، أثناء ذلك الحوار ، بما يؤكد على حالة اللهوجة الفكرية التى يدير بها شئون الحكم والحرب ، أو أنها أفلتت منه ، فى أفضل الأحوال ، من دون قصد. ومفادها أن عدم ميله إلى قصف المدنيين يرجع إلى خشيته من أن يؤدى ذلك إلى "تقوية جانب طالبان" ، على حدِّ تعبيره (!) وهى فكرة تتنافر ، طرداً على عكس ، مع ادعائه العريض بأن ما يحدوه لاستبعاد فكرة القصف هو تجنيب الشعب المزيد من المعاناة (!) ولكن الرئيس الأمريكى لا يتردَّد ، مع ذلك ، فى خوض الحرب بالمزاوجة المستحيلة بين الفكرتين معاً ، أو ما يسميه وودورد "بالاعتبار العملى" و"الاعتبار الأخلاقى" فى ما يتعلق بقصف المدنيين (المصدر ، ص 131).
    (2/5) وعلى الرغم من كون هذا الفكر العسكرى المُلهوج مخلوطاً خلطاً شديداً ، كما هو واضح ، فى عجينة كثيفة من الهواجس والتصورات الغامضة الملتبسة بقشور القيم الدينية والانسانية ، فإنه ليس مما يُعجز كاردينال البيت الأبيض هذا ، حين يحزب الأمر ، أن يفصل فصلاً جراحياً تاماً بين مكونات عجينته ، ليُغلب العنصر العسكرىَّ منها فى "الاعتبار العملى"، بينما يُبقى على العنصر اللاهوتى لأغراض التلهِّى اللفظى فى "الاعتبار الأخلاقى" (!) ويتمظهر ذلك ، أكثر ما يتمظهر ، فى أنه ، وفى الوقت الذى تواصل فيه الصواريخ الأمريكية قصف الملايين من المدنيين العُزل فى أفغانستان ، ثم فى العراق لاحقاً ، وتواصل فيه الترسانة الحربية الإسرائيلية ، بدعم أمريكى مشهود ، دك البيوت والمدارس والمستشفيات ودور العبادة على رءوس البشر الفلسطينيين فى مدن الضفة الغربية وقراها ، بمن فيهم العجزة والمسنون والأطفال الرضع ، فإن الرئيس الأمريكى لا يكفُّ عن التمتمة بتسابيحه اللاهوتية الهادئة: "ثمة أوضاع إنسانية يتوجب علينا أن نقلق بشأنها فى أوقات الحرب (!) ثمة منظومة من قيم الحرية ، والأوضاع الانسانية ، وحب الأمهات لأطفالهن لا يمكننا المساومة عليها ، لأنها ليست من صنع الولايات المتحدة ، بل هى هبة من الرب (!) ومن المهم جداً لنا، ونحن نمارس سياستنا الخارجية من خلال دبلوماسيتنا وعملياتنا العسكرية ، ألا تبدو هذه القيم أبداً وكأنها من صنعنا ، أو كأننا نحن مؤلفوها .. فكلنا عيال الرب" (المصدر نفسه). ولعل أخطر آثار هذا الخلط الذى تدار به الأمور فى البيت الأبيض ، بين النزعة العسكرية القصدية وبين "الهواجس" اللاهوتية المشوبة ، بطبيعتها ، باللهوجة والغموض والتشويش ، ما استخلصه وودورد ، فى ختام مؤلفه المشار إليه ، والصادر قبل حرب العراق ، من أن "رؤيا" رئيس الادارة الأمريكية الحالى تشمل مشروعاً طموحاً لإعادة ترتيب الكون ، من خلال عمليات غزو واحتلال لا يهم ما إذا توفرت أو لم تتوفر لها شرعية دولية ، طالما أنه مقتنع بجلال هدفه المتمثل فى تقليل المعاناة وجلب السلام (المصدر ، ص 341).
    (2/6) وإذن ، "فسلام السودان" ، الذى تكبد أبونا المبجل القمص فيلوثاوس فرج مشقة السفر إلى واشنطن للصلاة لأجله خلف كاردينالات البيت الأبيض ، ما هو غير ما يدعونه Pax Americana ، وقد جاء شرحه فى بيان سبتمبر الدورى ، العام الماضى ، بأن القائمين على أمره ، وهم ذات أولئك الكاردينالات ، لا يحفلون إلا بإرادة أمريكا المنفردة ، المتجاوزة ، إن استدعى الأمر ، لإرادة المجتمع الدولى بأسره (!) ولقد قدر للعالم أن يشهد بأم أعينه وجهاً لتطبيقاته فى أفغانستان ، وفى العراق ، وما يزال عرضه مستمراً!

    (3)
    (3/1) لم يؤدِ نهج الادارة الأمريكية الحالى إلى تشققات فى جبهة التحالفات السياسية الغربية القديمة ، فحسب ، وإنما أيضاً إلى تباين واسع فى ما يتصل بتقديرات هذا النهج من زاوية النظر المسيحية. فقد ظل البابا يوحنا بولس الثانى وأهم معاونيه يعبرون ، منذ البداية ، عن معارضتهم لمشروع الحرب الأمريكية ضد العراق. كما بادر البابا بدعوة كل المسيحيين فى العالم إلي الصلاة من أجل تجنب الحرب في الشرق الاوسط ، وذلك أثناء حديثه ، أواخر يناير الماضى ، إلي أعضاء لجنة مشتركة بين الكنيسة الكاثوليكية ومختلف الكنائس الأرثوذكسية في الشرق ، إجتمعوا في الفاتيكان لاستعراض الحوار الديني بين الكنيستين ، مشدِّداً على أن "جهدنا المسكوني يستهدف علي الدوام ارساء حضارة الحب علي اساس العدالة والمصالحة والسلام". وأكدت مجلة اليسوعيين الايطاليين سيفيلتا كاتوليكا (الحضارة الكاثوليكية) المقرَّبة من أمانة سر الفاتيكان ، في المناسبة نفسها ، أن مبدأ شن "الحرب الوقائية" هو موضع إدانة أخلاقية إلا في حال حرب دفاعية. ووصفت الأسباب التي تتمسك بها الولايات المتحدة بأنها تفتقر إلى المصداقية. وأكدت خصوصا أنه اذا كان من الصحيح ان العراق انتهك عدة مرات قرارات الامم المتحدة ، فيجب عدم نسيان أن هذه القرارات انتهكت بإجمالي 91 مرة ، بينها 59 مرة من قبل حلفاء الولايات المتحدة ، مثل اسرائيل وتركيا.
    (3/2) ثم عاد البابا مجدَّداً لإدانة أى حرب محتملة فى المنطقة ، مستبشعاً الحرب ، بخاصة ، ضد العراق ، واصفاً إياه بأنه "أرض الانبياء" ، ومشيداً بشعبه الذى "امتحن بقوة لأكثر من 12 عاما من الحصار" ، ومحذراً من أن حرباً ضد هذا البلد وشعبه ستكون ، حال وقوعها ، "هزيمة للبشرية".
    (3/3) وفى ندوة حول السلام بروما إعتبر وزير خارجية الفاتيكان شن أى حرب منفردة علي العراق دون موافقة الامم المتحدة "جريمة بحق السلام".
    (3/4) أما إذاعة الفاتيكان فقد انتقدت الادارة الامريكية أكثر من مرة ، وبشدة ، متهمة إياها بالغطرسة. وقال مديرها الأب باسكوالي بورغوميو أنه ، وفي الوقت الذي يدعو فيه الفاتيكان الي التعقل وتشجيع العمل الدبلوماسي والتمسُّك بالقانون الدولي ، نري في الجانب الآخر قوة عظمي تقودها ادارة خولت لنفسها مهمة انقاذية ، واتخذت لهجة ومواقف صليبية (الاذاعة ، 19/2/2003م).
    (نواصل)


    --------------------------------------------------------------------------------








                  

العنوان الكاتب Date
لاهوتُ البَيْتِ الأَبْيَض! ...كمال الجزولي أبنوسة03-24-03, 08:22 PM
  Re: لاهوتُ البَيْتِ الأَبْيَض! ...كمال الجزولي ود شاموق03-25-03, 05:08 AM
    Re: الجزء الثاني أبنوسة04-02-03, 12:41 PM
      Re: الجزء الثاني أبنوسة04-13-03, 10:38 AM
        Re: الجزء الرابع nadus200004-25-03, 10:01 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de