|
محجوب شريف ويعقوب والديك
|
محجوب شريف ويعقوب والديك
امير احمد السيد
كنت وقبل زيارتى بالأمس للاستاذ محجوب شريف احسب أن الشعب السودانى قد فقد لكثير من قيمه وأخلاقه وكعادة زياراتى للاستاذ محجوب شريف فكلما ذهبت اليه وجدته خارجاً لقضاء بعض الحوائج وبما ان خروجه في هذه المره كان لامر يخص الهكر فلقد دعانى للذهاب معه وحقيقة لقد كانت فرصة رائعة ان تكون ولأطول فترة في صحبة قامة سامقة كالاستاذ محجوب شريف فهي فرصة للحوار واكتساب المعرفة من رجل في قامته·
وكنا في صحبة بعض الاخوان من اهل الهكر وكان معنا الاخ يعقوب صاحب الرواية ويعقوب من ابناء النوبة تربطه علاقة انسانية بمحجوب وأسرته كما أنه علي علاقة تطوعية بالهكر: ويعقوب يسكن الثورة الحارة >48< غرب الحارات حيث يسكن الانسان السودانى الاصيل بكل التفاصيل القديمة وحيث يسكن النازحين من ضحايا الحروب· ووصلنا الي باب منزل يعقوب وتفضلنا كعادة اهل السودان وكان المنزل يتكون من غرفة خاصة بيعقوب واسرته ويمتلك يعقوب ديك ودجاجة وكلب يتوسد عتبة الغرفة وقد خفناه في بادئ الأمر الاّ انه كان ودياً جداً فكانت تلك كل ممتلكات يعقوب الذي ادخلنا الي غرفته وقام باكرامنا من زيره المثلج وظل الاستاذ يداعبه وفي لحظة رأيت الاستاذ محجوب شريف يطلب منه ان يكرمه (بديكه) الوحيد فكان رد يعقوب عملياً فقام بمطاردة الديك وفي لحظة المطاردة همس الاستاذ محجوب فى أذنى بأن أراقب تصرف ذاك الانسان السودانى البسيط الطيب وفي محاولته لإكرام الضيف وظللت اراقب موقف المطاردات الذي انتهى بإلقاء القبض علي الديك الحزين وكانت الدجاجة في تلك اللحظة في حالة ترقب لعزيزها وشريك عمرها الديك الذي قد يعطوه (خروج بدون عودة) من دار يعقوب وفي تلك الاثناء قام يعقوب بربط أرجل الديك وقدمه هدية لمحجوب شريف وهو يوكره ان ذلك الديك لعشاء (ناس مين) وكنت في تلك اللحظة وبكل مشاعرى اراقب الاستاذ محجوب وقد كادت دموعه ان تسيل ورعشة في يديه وظهر لي جلياً احساس شاعر مرهف وكنت في قمة السعادة وأنا أرى لحظة احسبها لحظة ميلاد قصيدة فها هو محجوب شريف ابن الشعب يستشعر شعره من خلف العمارات والجدران العالية ومن داخل الشعب وممن أوجدوا من رحم الفقر والمعاناة·
وبعد ذلك الموقف السودانى الأصيل بفيض الكرم السودانى وقام الاستاذ محجوب شريف بمحاولة اقناع يعقوب بالدعابة وبأنه قد اكرمه فعلاً بذلك الديك وقام استاذنا بفك أرجل الديك وقال ليعقوب في دعابة انظر الي زوجته كم هي تعسه من فراق معشوقها الديك وضحك يعقوب وضحكنا جميعاً وجرى الديك حراً طليقاً الى معشوقته وأراهم في حالة عشق وولهه·
ويظل الشعب السوداني رغم كل الظروف المحيطة به هو عنواناً للكرم والجود وحقيقة اسند محجوب ان دعوة من يعقوب خير وافضل عندي من دعوات القصور·
امير احمد السيد [Back] Alhorriyah Newspaper
|
|
|
|
|
|