رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 11:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-10-2002, 09:58 PM

rummana
<arummana
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 3537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح

    عزيزتي ايلين
    الآن انتهيت من فض حقائبي. أنت عظيمة ولست أدري ماذا افعل بدونك. كل شيء يلزمني وضعته في الحقائب. تسعة قمصان "فان هوسن" ثلاثة منها لا تحتاج للكي. "أغسلها ونشفها وألبسها" . وأنت تعلمين انني لن أفعل شيئا من هذا القبيل. ربطة العنق التي اشتريتها لي في العام الماضي في بوند ستريت، وجدتها مع خمسة كرفتات أخرى. "خمس كرفتات تكفيك. أنت لن تخرج كثيرا ولن يدعوك أحد لحفلة . واذا دعيت فلا تذهب" . كم أحببتك لأنك لم تنس أن تضعي في حقائبي هذه الربطة .... ربطة عنق قرمزية اللون ، واحدة من ملايين الأشياء الصغيرة التي تشد قلبي اليك...في مثل هذا الوقت من العام الماضي ، بعد ثمانية أشهر من معرفتي اياك، في القطار الذي يسير تحت الأرض ، الساعة السادسة والناس مزدحمون ، ونحن واقفان وأنت متكئة علي ، فجأة قلت لك : "انني احبك . أريد أن أتزوجك" . احمر خداك والتفت الناس الينا. طيلة ثمانية أشهر عرفتك فيها لم أقل لك انني أحبك . كنت أتهرب وأداري وأزوغ ثم فجأة وسط الزحام ، في الساعة السادسة مساء ، حين يعود الناس التعبين مرهقين الي بيوتهم بعد عمل شاق طيلة اليوم ، فجأة خرجت الكلمة المحرمة من فمي وكأنني محموم يهذي . لا أعلم أي شيطان حرك لساني ، أي ثائر أثارني ، ولكنني شعرت بسعادة عظيمة ، في تلك الساعة ، في ذلك الجو الخانق ، بين تلك الوجوه الكالحة المكدودة التي اختفت وراء صحف المساء . ولما خرجنا ضغطت على يدي بشدة ، ورأيت في عينيك طيفا من دموع ، وقلت لي: "إنك مهووس. أنت أهوس رجل على وجه البسيطة . ولكنني أحبك . إذا رأيت أن تتزوجني فأنت وشأنك" . ء
    ثمانية أشهر وأنا أتهرب وأحاور وأحاضر . أحاضرك في الفوارق التي تفرقنا . الدين البلد والجنس . أنت من أبردين في اسكوتلندا وأنا من الخرطوم أنت مسيحية وأنا مسلم . أنت صغيرة مرحة متفائلة ، وأنا قلبي فيه جروح بعد لم تندمل. أي شيء حببني فيك؟ أنت شقراء زرقاء العينين ممتلئة الجسم ، تحبين السباحة ولعب التنس ، وأنا طول عمري أحن الى فتاة سمراء ، واسعة العيون سوداء الشعر، شرقية السمات هادئة الحركة . أي شيء حببك في؟ أنا الضائع الغريب ، أحمل في قلبي هموم جيل بأسره؟ أنا المغرور القلق المتقلب المزاج؟ "لا تتعب عقلك في تفسير كل شيء . أنت حصان هرم من بلد متأخر ، فقد أراد القدر أن يصيبني بحبك. هذا كل ما في الأمر . تذكر قول شكسبير . كيوبيد طفل عفريب . ومن عفرتته أنه أصاب قلبي بحب طامة كبيرة مثلك " وتضحكين ، ويقع شعرك الذهبي على وجهك فتردينه بيدك ، ثم تضحكين ضحكتك التى تحاكي رنين الفضة. وذهبنا الى مطعم صيني واحتفلنا ، وكنت نسيت أن اليوم هو يوم ميلادي . أنا لا أحتفل بأمسي ولا بيومي وأنت تحتفلين بكل شيء . أنت تذكرت فأحضرت لي ربطة العنق القرمزية هذه . كم أحبك لأنك وضعتها بين متاعي . ء

    عزيزتي ايلين
    هذه هي الليلة الأولى بدونك....منذ عام . منذ عام كامل ، ثلاثمائة وخمس وستون ليلة وأنت تشاركينني فراشي ، تنامين على ذراعي ، تختلط أنفاسنا وعطر أجسادنا ، تحلمين أحلامي ، تقرأين أفكاري ، تحضرين إفطاري نستحم معا في حمام واحد ، نستعمل فرشاة أسنان واحدة ، تقرأين الكتاب وتخبريني بمحتواه فأكتفي بك فلا أقرأه . تزوجتني ، تزوجت شرقا مضطرا على مفترق الطرق، تزوجت شمسا قاسية الشعاع ، تزوجت فكرا فوضى وآمالا ظمأى كصحارى قومي . الليلة الأولى عداك ، يا طفلة من ابردين – وضعتها الأقدار في طريقي . تبنيتك وآخيتني . "يا أختاه ز يا أختاه" . البدلة الرمادية التي تؤثرينها – "ثلاثة بدل أكثر من الكفاية . رجل متزوج يقضي شهرا مع أهله . لن يحفل بك أحد ، ولن تهتم بك صبايا بلدك ، ولا حاجة بك الى هندمة نفسك والاعتناء بشكلك . ومهما يكن فان شكلك لا تجدي معه هندمة . إذهب وعد الي سليما : إذا ضحكت لك منهن فتاة فكشر في وجهها" . ء
    اطمئني فلن تضحك لي فتاة . أنا في حسابهن كنخلة على الشاطيء اقتلعها التيار وجرفها بعيدا عن منبتها . أنا في حسابهن تجارة كسدت ، لكن ما أحلى الكساد معك . ء
    الليلة الأولى بدونك ، وبعدها ليال ثلاثون كمفازة ليس لها آخر. سأجلس على صخرة قبالة دارنا وأتحدث اليك . أنا واثق أنك تسمعينني. أنا واثق أن الريح والكهرباء التي في الأثير والهواجس التي تهجس في الكون ، سترهف آذانها ، وتحمل حديثي إليك . موجات هوى من قلبي تستقبلها محطة في قلبك . حين تنامي مدي ذراعك حيث أضع رأسي على الوسادة ، فانني هناك معك. حين تستيقظين قولي" صباح الخير" فانني سأسمع وأرد . أجل سأسمع . أنا الآن أسمع صوتك العذب الواضح تقولين لي: "اسعد في عطلتك ولكن لا تسعد أكثر مما يجب . تذكر أنني هنا أتضوى وأنتظرك. ستكون مع أهلك فلا تنس أنك برحيلك ستتركني بلا أهل" . ء

    أتم الخطاب وثناه أربع ثنيات ووضعه في الغلاف ، ثم كتب العنوان. ورفعه بين أصبعيه وتمعنه طويلا في صمت كأن فيه سرا عظيما . نادى أخاه الصغير وأمره بالقائه في البريد . مرت بعد ذلك مدة لم يعرف حسابها ، لعلها طالت أو قصرت ، وهو جالس حيث هو لا يسمع ولا يرى شيئا . وفجأة سمع ضحكة عالية تتناهى اليه من الجناح الشمالي في البيت . ضحكة امه . واتضح لاذنيه اللغط ، لغط النساء اللائي جئن يهنئن أمه بوصوله سالما من البلد البعيد . كلهن قريباته . فيهن العمة والخالة وابنة العم وابنة الخالة . وظل كذلك برهة . ثم جاء أبوه ومعه حشد من الرجال . كلهم أقرباؤه ، سلموا عليه وجلسوا. جيء بالقهوة والشاي وعصير البرتقال وعصير الليمون . شيء يشبه الاحتفال . سألوه أسئلة رد عليها، ثم بدأوا في حديثهم الذي ظلوا يتحدثونه طول حياتهم . وشعر في قلبه بالامتنان لهم انهم تركوه وشأنه
    وفجأة تضخمت في ذهنه فكرة ارتاع لها . هؤلاء القوم قومه ، قبيلة ضخمة هو فرد منها . ومع ذلك فهم غرباء عنه . هو غريب بينهم . قبل أعوام كان خلية حية في جسم القبيلة المترابط . كان يغيب فيخلف فراغا لا يمتليء حتى يعود . وحين يعود يصافحه ابوه ببساطة وتضحك امه كعادتها ويعامله بقية أهله بلا كلفة طوال الايام التي غابها . أما الآن ، أبوه احتضنه بقوة وأمه ذرفت الدموع وبقية أهله بالغوا في الترحيب به هذه المبالغة هي التي أزعجته . كأن احساسهم الطبيعي قد فتر فدعموه بالمبالغة
    "طويل الجرح يغري بالتناسي"
    وسمع صوت ايلين واضحا عذبا تقول له وهي تودعه: "أرجو من كل قلبي أن تجد أهلك كما تركتهم ، لم يتغيروا . أهم من ذلك أن تكون أنت لم تتغير نحوهم" . ء
    آه منك يا زمان النزوح !








                  

العنوان الكاتب Date
رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح rummana09-10-02, 09:58 PM
  Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح عبدالله09-10-02, 10:43 PM
    Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح eyes of liberty09-11-02, 07:20 AM
      Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح dreams09-11-02, 07:33 AM
        Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح wadazza09-11-02, 08:19 AM
          Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح waleed50005-26-03, 11:27 AM
            Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح abuguta05-26-03, 12:00 PM
  Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح 3mk-Tango05-26-03, 05:19 PM
    Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح EMU إيمو05-26-03, 06:39 PM
  Re: رســــــالة الـى ايـليـن....الطيــب صالــح KOSTA05-26-03, 08:05 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de