قراءة حول الوثيقة المُسرَّبة لمداولات إجتماع رئيس المؤتمر الوطني مع رئيس وفد المفاوضات واللجنة الأمنية والعسكرية لإسناد التفاوض المُسرَّبة بتاريخ : 18 نوفمبر 2018
مقدمة :
طالعنا الوثيقة المُسرَّبة لمحضر مداولات إجتماع رئيس المؤتمر الوطني مع رئيس وفد المفاوضات بتاريخ 18/11/2018 الذي حضره حسب المحضر كل من : 1/ المُشير/ عمر حسن أحمد البشير – رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني 2/ دكتور / فيصل حسن إبراهيم – نائب رئيس المؤتمر الوطني ورئيس وفد التفاوض 3/ فريق أول ركن / كمال عبد المعروف الماحي – رئيس هيئة الأركان المشتركة 4/ دكتور / عبد الرحمن أحمد الخضر – رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني 5/ فريق أول ركن / صلاح عبد الله قوش – مدير عام جهاز الأمن والمخابرات 6/ بروفيسور / إبراهيم أحمد عمر – رئيس المجلس الوطني 7/ مهندس / طارق حمزة زين العابدين – مدير الأمن الشعبي – المدير التنفيذي لمجموعة شركات سوداتل.
ناقش الإجتماع مواضيع مختلفة أهمها كيفية التعامل مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال. وبغض النظر عن مصدر الوثيقة وصحتها أم لا، فإن ما ورد في الوثيقة يتفِّق تماماً مع طريقة المؤتمر الوطني في التفكير والمُمارسة بالإضافة إلى وجود وقائع على الأرض تؤكد ما جاء في الوثيقة مثل التحرُّكات العسكرية في العديد من المحاور، وحركة سلاح الجو، وغيرها من الأحداث. وقد كشفت الوثيقة بعض النقاط ، وأثارت ملاحظات مهمة :
• طبيعة وصفات الحضور والمشاركين في الإجتماع تعكس العقلية والإستراتيجية الأمنية للمؤتمر الوطني في تعامله مع ملف التفاوض الذي يُمثِّل المحور الرئيسي للإجتماع حسب الأجندة. • كشفت الوثيقة الإرتباط العضوي بين الحركة الإسلامية والنظام الحاكم • كشفت الوثيقة أيضاً المبادىء والإستراتيجيات - الأهداف، بالإضافة إلى وسائل تحقيق هذه الأهداف.
المبادىء والإستراتيجيات :
1/ أكَّد الإجتماع وشدَّد على (الثوابت الوطنية) والدولة الدينية مع رفض الإصلاح الديمقراطي ومبدأ المُساواة بين الناس ورفضهم لحقوق المُهمَّشين وإنكار وجودهم، والدليل على ذلك ما قاله البشير حسب التسريب : (حكم السودان إسلامي ولا تنازل عن الشريعة الإسلامية وهوية السودان إسلامية عربية – والإلتزام بميثاق جامعة الدول العربية – أي مسودة إتفاق إطاري أو أجندة المفاوضات يجب أن لا تمس الثوابت الوطنية وتوجهات الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني).
2/ موقف المؤتمر الوطني بشأن الأرض في مناطق الهامش : كشفت التسريبات موقف المؤتمر الوطني الحقيقي والمُستبطَن بخصوص أراضي السكان الأصليين في مناطق الهامش، وقد عبَّر رئيس هيئة الأركان المشتركة فريق أول ركن / كمال عبد المعروف عن ذلك بقوله : (لا توجد أراضي للنوبة بجنوب كردفان وإنما هى أراضي سودانية تسكن فيها كل القبائل السودانية، وتختلف وضعية جنوب كردفان عن جنوب السودان وكانت أراضي مُحدَّدة منذ الإنجليز). - وأضاف إبراهيم أحمد عمر بقوله : (هل توجد أراضي مُخصَّصة للنوبة مع الحلو حتى يطالب بتقسيمها، وأراضي جنوب كردفان هي ملك لقبائل كتيرة وهم غالبية أكتر من النوبة وكيف تُقرِّر الأقلِّية في شأن الأغلبية) .. ! - وقد عبَّر البشير أيضاً عن قلقه بتواجد الجيش الشعبي قائلاً : (إن وجود الجيش الشعبي بالمنطقتين ما زال يُمثِّل تهديد مباشر للأمن القومي ويُعطِّل مشاريع الإستثمار بجنوب كردفان .. تفاوضنا لجمع السلاح وإستلام أراضينا) .
3/ التسريبات أكَّدت إن المؤتمر الوطني يتَّخذ الحرب كإستراتيجية للبقاء في السُلطة لأطول فترة مُمكنة وإنهم غير حريصين على السلام، وقد أكَّد ذلك عمر البشير بقوله : (ما الذي يدفع الحلو إلى رفع سقف مطالب أبناء النوبة رغم إن قرار حكومة السودان وحلفائنا بالجنوب محسوم بتحرير المنطقتين ودارفور من الحركات المُتمرِّدة) وحديث رئيس وفد التفاوض فيصل حسن إبراهيم : (إرغام الحلو لتقديم تنازلات، .. أو قام سلفاكير بتوحيد الحركة الشعبية، .. أو من خلال حرب خاطفة ترغمهم على الإذعان لشروط المؤتمر الوطني).
4/ محاولة المؤتمر الوطني الإلتفاف على القضايا الجوهرية وتجنُّب الخوض في جذور المشكلة ومناقشتها، وسعيه للتوصُّل إلى سلام شكلي لإقناع المجتمع الإقليمي والدولي بجديتهم في تحقيق السلام دون أن يكون هناك حل حقيقي يُعالج مشاكل المُضطهدين في السودان وهذا ما أكَّده عمر البشير : (التفاوض مع حركات دارفور وفق إتفاق الدوحة ولن نسمح بفتح الإتفاقية مُجدداً للتفاوض، وزيارتهم لأديس أبابا للتوقيع على وقف العدائيات) .. (ليست لأبناء النوبة بالحركة الشعبية والجيش الشعبي حقوق سياسية أو هوية يتم التفاوض حولها ..) .. (يجب أن لا تمس أي مسودة إتفاق إطاري أو أجندة المفاوضات الثوابت الوطنية وتوجُّهات الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني). 5/ الإعتماد على الوساطة الأفريقية غير المُحايدة في تمرير أجندتهم وتحقيق مكاسب سياسية خلال التفاوض كما جاء على لسان عمر البشير : (عندنا ثوابت لا يمكن تجاوزها وهي الحوار الوطني وصل إلى نهاياته، ولدينا وثيقة قومية تحكم الساحة السياسية وهذا ما إتفقنا عليه مع الرئيس ثامبو أمبيكي).
6/ إعتماد الأموال كآلية لشراء الذمم وإحداث إنشاقاقات وسط أعضاء الحركة الشعبية وإضعافها حسب ما جاء على لسان عبد الرحمن الخضر : (إستخدام الأموال ربما أتى بنتيجة أفضل .. والقرش يلعب دور في حسم النتائج بسرعة فائقة وكل الناس بتكون رضيانة، كل سياسي ممكن تشتريه لكن طريقة الدخول فيه تحتاج دراسة وتخطيط ومعرفة ميول القيادي وهوايته وصفاته الشخصية وكل ما يحيط به من مشاكل أسرية وتنظيمية والصراعات الداخلية). وحسب التسريب أضاف طارق حمزة بقوله : (طبعاً المال سوف يحسم القضية لصالحنا .. التركيز على الأموال مهم وسوف نجد من يغريه المال، ونحن أموالنا جاهزة للشراء، ومافي زول بيابَى القروش والدولار وهذه مُجرَّبة .. وأغلب الإنشقاقات تمت في فنادق التفاوض).
وبناءً على مبادئهم هذه كشفوا عن أهدافهم الحقيقية فيما يخص مستقبل الدولة السودانية عموماً ومستقبل الحل السلمي بشكل خاص وتتلخَّص أهدافهم هذه في :
1/ محاولة عزل موقف الحركة الشعبية التفاوضي عن القضايا القومية والتمسُّك بمخرجات الحوار الوطني التي تٌمثِّل وجهة نظر ورؤية المؤتمر الوطني.
2/ الحفاظ على بقاء النظام في السلطة والحفاظ على سيطرة الحركة الإسلامية على النظام
3/ التخلُّص من خصومهم بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وأهم خصومهم الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال
ولتحقيق هذه الأهداف وحسب ما جاء في المداولات فقد تم تحديد الوسائل التي يريدون بها تحقيق هذه الأهداف وتتلخَّص في :
1/ الخداع : كما جاء في موجهات عمر البشير : (همنا الأول نُفكك الجيش الشعبي بجنوب كردفان وهذا يحتاج لخطوات سياسية ودبلوماسية مع الدول والمنظمات الداعمة لهم نوقف الإمداد ونغريهم بالسلام الزائف) وما جاء أيضاً في التوصية رقم 29 : (التأكيد على إن الحكومة تريد مفاوضة مجموعة الحلو لإعطائهم أهمية زائفة ويتم إستدراجهم إلى عمق التفاوض).
2/ شراء الذمم وفي هذا يعتمد المؤتمر الوطني على أموال الحركة الإسلامية بالخارج (المال السياسي)
3/ الترهيب والتلويح بالإغتيالات
4/ زرع الفتنة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وبعض قبائل جنوب السودان كما جاء في التوصية رقم 18 : (قيادة عمل سري مع قبائل النوير والشلك والإستوائيين بإن تواجد أبناء النوبة المؤيدين لسلفاكير بالجيش الشعبي بالمنطقتين خطر على مستقبلهم السياسي في جنوب السودان).
5/ الإعداد للحرب والإبادة وهذا ما يؤكده البشير : (أبناء النوبة ما عندنا ليهم غير البندقية والرصاص والهواء الماشي، والجبال القاعدين فيها بتبقى ليهم أضيَّق من خُرم الإبرة .. تفاوضنا لجمع السلاح وإستلام أراضينا وإيقاف المؤسسات التبشيرية الأجنبية .. ).
6/ إعتماد المؤتمر الوطني على ما يُسمَّى بـ(مُبادرة أبناء النوبة في الخارج) لإضعاف الموقف التفاوضي للحركة الشعبية ومحاولتهم تسويق المُبادرة للوساطة الأفريقية وممثلي دول الترويكا والمجتمع الدولي.
7/ تصفية الجيش الشعبي لتحرير السودان- شمال من خلال التفاوض، وبالتالي فإن تركيزهم في المفاوضات ينحصر في ملف الترتيبات الأمنية دون المساس بالقضايا السياسية.
الخلاصة :
1/ المؤتمر الوطني هو المسؤول عن إطالة أمد الحرب بعدم جديتهم للوصول إلى سلام شامل وعادل
2/ إرتباط النظام بأجندة خارجية غير وطنية (الحركة الإسلامية العالمية).
3/ (توحيد الحركة الشعبية - شمال) يقف من خلفه المؤتمر الوطني بإعتبار إن وجود الرئيس والأمين العام السابقين سيُسرِّع العملية التفاوضية بسبب التنازلات التي قاموا بتقديمها في الجولات السابقة.
العنوان
الكاتب
Date
قراءة في الوثيقة المُسرَّبة لمداولات إجتماع البشير مع رئيس وفد المفاوضات واللجنة الأمنية المسربة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Khalid Kodi
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست