عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل جمال خاشقجي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 06:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-01-2018, 09:33 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل جمال خاشقجي

    09:33 AM November, 01 2018

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر

    وضع في الشبكة يوم أمس. أرجو نسخ نسخة واحدة من هذا الرابط الذي سيظهر مزدوجا ثم وضع الرابط في محرك البحث لقراءة تحليلات في غاية الجودة.

    https://www.alhejaz.org/pdf/Alhejaz_192.pdfhttps://www.alhejaz.org/pdf/Alhejaz_192.pdf




















                  

11-02-2018, 05:24 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    النسخة الرقمية ظهرت في الشبكة اليوم:

    ــــــــــــــــ

    دولة المنشار!
    رحل خاشقجي شهيداً.

    نشره محمد بن سلمان بالمنشار، وقطّعه إرباً إرباً، وأخفى جثته، وربما أُهديَ له رأسه في الرياض.

    لكن رحيل الخاشقجي لم يكن بلا ثمن، كما حدث لمئات بل لآلاف الأشخاص الذين غيّبهم النظام السعودي المجرم.

    لقد فضح دم خاشقجي آل سعود، وكشف سوءتهم، وأبان للعالم همجيتهم ودعشنتهم، وهبوط قيمهم، ومزاعم انسانيتهم، وانحطاط سلوكهم، وضعضع قوائم ملكهم قبل أن تأتي نهايتهم.

    الدم البريء لم يفضح محمد بن سلمان وحده، بل فضح أجهزة الدولة السعودية كافة، وخاصة مباحثها ومخابراتها، فضلاً عن إعلامها ووزارة خارجيتها، ونيابتها العامّة.

    وفضح الدم البريء، العائلة المالكة نفسها، التي لا تتحمل صوتاً من داخل نظامها، وسلّط الضوء على تاريخ الملوك السابقين وجرائمهم أيضاً.

    ودم الخاشقجي لم يذهب هدراً، بالنظر ايضاً الى حقيقة أن مقتله مثّل حماية لبقية المعارضين الفارّين من جحيم الحكم السعودي. فعلى الأرجح لن يُقدم النظام ـ على الأقل في الوقت الحالي ـ على التعرّض للمعارضين بالقتل أو الخطف. سيكون انكشاف مقتل الخاشقجي بالطريقة البشعة التي يعلمها العالم، كابحاً ـ ولو مؤقتاً ـ للمنشار كي يكفّ عن بعض جرائمه.

    ومن جانب ثان، فإن اللاجئين السياسيين المُسعودين في الخارج، الذين لم يُبتّ في قضاياهم ـ بحجة انهم غير معرّضين للخطر في وطنهم ـ هؤلاء قد يسرّع دم خاشقجي في حلحلة مسائل قبول لجوئهم، فقد تمّ وصم النظام السعودي بالإجرام والدموية، تجاه معارضيه في الخارج، فكيف سيكون حالهم بالداخل؟ وستبقى وصمة الدموية والعنف والتسلطية تلاحق ابن سلمان ونظام آل سعود لسنوات طويلة قادمة.

    وسيُلقي دم خاشقجي بظلاله الإيجابية على المعتقلين بنحو أو بآخر، فقد يتم اطلاق سراح بعضهم أو كثير منهم، وقد تتوقّف أحكام الإعدام ـ ولو مؤقتاً؛ وقد يضطّر النظام ـ حسب تطور أزمته ـ الى القيام بإصلاحات شكليّة على الصعيد السياسي، وربما فُكّ الخناق الشديد ـ ولو قليلاً ـ عن حرية التعبير للصحفيين المحليين.

    ولأنّ جرائم آل سعود لا تنحصر في الداخل، فمن المرجّح ان يضعف دم خاشقجي السيف السعودي المصلت على رقاب اليمنيين الذين يعانون من الحصار والتجويع وقصف القنابل. من يدري، فقد يكون من نتائج جريمة آل سعود: إيقاف الحرب العدوانية على اليمن، وفكّ الحصار عن قطر، وتوقّف التهديدات بالغزو لسلطنة عمان والكويت.

    يمثل مقتل خاشقجي منعطفاً جديداً وحاداً في تاريخ الحكم السعودي. فخلال العقود الثلاثة الماضية، مرّت مملكة آل سعود بثلاثة منعطفات حادّة، كان مقتل خاشقجي آخرها وأخطرها. وقد سبقها منعطف تفجيرات سبتمبر في نيويورك وواشنطن في ٢٠٠١، ومشاركة ١٥ سعوديا فيها؛ وكذلك الغزو العراقي للكويت في ١٩٩١.

    واذا كانت الرياض قد نجت من تداعيات أزمة احتلال الكويت واستقدام القوات الأمريكية، عبر قمع الصحويين و»ثورة بريدة»، وعبر وضع نظام أساسي (تافه) للحكم؛ وتأسيسي مجلس شورى مُعيّن صوري. فإن تداعيات ٩/١١ لازالت باقية الى اليوم، وأخطرها قانون جاستا المتطاول كالسيف (الأملح!) على رقبة آل سعود.

    فضيحة جريمة مقتل خاشقجي، هي الأقسى فيما يبدو، والأكثر خطراً على النظام السعودي، وقد جاءت في وقت تفككت فيه العائلة المالكة، وانفض التيار الوهابي (في قسم كبير منه) عن آل سعود، وفي وقت يخوض فيه الأخيرون معارك فاشلة متعددة على الصعيد الإقليمي، ومعارك قمع داخلية وضغط في المعيشة، وتناقص في المشروعية.

    جريمة مقتل خاشقجي، ودمويتها، وآثارها المستقبلية على الداخل السعودي، وعلى النظام السعودي نفسه، جعلتنا ـ في مجلة الحجاز ـ أن نفرد هذا العدد عنها، وهو أمرٌ لم يحدث (تجاه أي موضوع) منذ انطلاق المجلة قبل ستة عشر عاماً.

    وتشاء الأقدار، أن هذا العدد من المجلة، هو آخر عدد مكمل للعام السادس عشر من المجلة، وهو أيضاً آخر عدد يتم إصداره، وها نحن نودّع جمهور (الحجاز) بعد أن أدّت غرضها ودورها، وكانت صوتاً حين لم يكن هنالك من صوت. على أمل نصر قريب على الديكتاتورية السعودية الوهابية الى الأبد.

                  

11-02-2018, 05:40 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    اغتيال «إبن النظام» والأسئلة الكبرى
    وداعـاً.. خـاشـقـجــي!

    عـبـدالحـميـد قـدس
    ناصر عنقاوي
    عـبد الـوهـاب فـقـي

    بات مؤكداً أن الصحفي جمال خاشقجي، قد دخل قنصلية بلاده في إسطنبول ولم يخرج حيّاً؛ بغض النظر عن التفاصيل المتعلقة بتقطيع جثته (وهو أمرٌ مؤكدٌ أيضاً)، أو مكانها (وهو أمرٌ مجهول حتى الآن).

    القضية اليوم في تداعيات الحدث على النظام السعودي داخلياً وخارجياً، وما إذا كانت هناك إمكانية لصفقة سعودية ـ تركية ـ أمريكية تتوصل الى (لفلفة) قضية مقتل خاشقجي، ليخرج آل سعود بأقل الخسائر، وهي حتى الآن باهظة على صعيد سمعة الدولة السعودية، ومكانة محمد بن سلمان.


    بيد أن الأسئلة الكبرى المتعلقة بجريمة القتل السعودي، لموظف الإستخبارات السعودية السابق، لازالت قائمة، ولازال النظام السعودي وأبواقه يرددون بعضها كحجج ومبررات دفاعية، وسنحاول هنا القاء الضوء عليها.

    لماذا يضطّر محمد بن سلمان ـ الذي أعطى الأوامر على الأرجح ـ الى قتل جمال خاشقجي؟

    لماذا اختار هذه الطريقة للتخلّص منه ومن إزعاجه؟

    أيّ الأفعال التي قام بها خاشقجي وأكثرها حساسية.. جلبت عليه نقمة «أولياء أمره»؟

    ألا يوجد بين المعارضين في الخارج ـ رغم ان جمال يرفض ان يصنّف كمعارض للنظام ـ مَنْ هو أخطر منه، ولم يلقَ المصير نفسه؟

    في مكان الجريمة؛ لماذا قنصلية إسطنبول، وليس قنصلية او سفارة واشنطن مثلاً؟ لماذا في القنصلية وليس اغتيالاً في الشارع بكاتم صوت مثلاً؟

    هل صحيح أن أسلوب القتل والاختطاف وتقطيع الجثث، ليس «سلوكاً سعودياً»؟!

    كيف يمكن لمخابرات آل سعود (التي يُقال عنها أنها متمكّنة) ان تقوم بعملية أمنية تلفّها الأخطاء والثغرات من كل جانب؟

    وماذا عن الموقف الأمريكي (ترامب) و(السي آي أيه) و(الإعلام الأمريكي خاصة الواشنطن بوست) ورجال الكونغرس وغيرهم.. ماذا عن مواقفهم؟ الا تثير أسئلة واستفهامات، وربما تواطؤ من البعض ضد الضحية؟

    لماذا اتهمت الرياض مخابرات تركيا وقطر بأنها وراء «مسرحية اغتيال خاشقجي» كما تزعم؟!

    يقولون: فتّش عن المستفيد من عملية قتل خاشقجي، فمن هم المستفيدون ومن هم الخاسرون؟

    وهل تؤثر مجريات القضية على مستقبل ابن سلمان في الحكم، الى حد اقصائه عن ولاية العهد، كما تشير صحف غربية؟

    لماذا أُثيرت ضجة غربية حول مقتل خاشقجي، في الوقت الذي يواصل فيه ابن سلمان مسلسل الدم في اليمن وقتل الأبرياء بشكل يومي، دون أن يلقى اهتماماً؟

    هل الحملة الإعلامية الغربية على ابن سلمان مفاجئة؟ مالذي يزعجهم منه؟ او مالذي يريدونه منه؟ ماذا تريد بريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وغيرها من تصعيد لغتها تجاه ابن سلمان ومن خلال بوّابة خاشقجي؟

    هل سيكتب مقتل خاشقجي نهاية «رؤية ابن سلمان ٢٠٣٠» على الأقل في شقّيها الاجتماعي والاقتصادي؟

    عشرات الأسئلة الكبيرة والصغيرة، المحورية والثانوية، تلاحق أي باحث او كاتب يتابع موضوع تصفية جمال خاشقجي؛ وهذه إجابات بعضها..


    (١) لماذا تقتل الرياض خاشقجي؟
    (٢) هل هناك حلٌّ آخر مع خاشقجي؟
    (٣) لماذا إسطنبول وليس واشنطن؟
    (٤) لماذا لم يكن خاشقجي حذراً؟
    (٥) لماذا كانت العملية الإجرامية ساذجة فاشلة؟
    (٦) كيف أخطأ ابن سلمان في حساباته السياسية للعملية؟
    (٧) كيف فشل آل سعود في إقناع العالم بروايتهم؟
    (٨) ماذا يريد أردوغان أن يجني من الجريمة؟
    (٩) ما هي آفاق مستقبل إبن سلمان السياسي؟
    (١٠) ما هو تأثير الجريمة على السياسة الخارجية السعودية؟
    (١١) ماذا عن تداعيات الجريمة داخلياً؟
                  

11-02-2018, 06:05 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (١)
    لماذا تقتل الرياض خاشقجي؟
    حقاً..

    اذا كان جمال خاشقجي «إبن النظام»، أي الشخص الذي كبر في حضن النظام، وخدم النظام، وبقي الى الرمق الأخير مدافعاً مخلصاً عنه (رغم نقده له).. وهذا ما اعترف به السفير السعودي في واشنطن، ابن الملك خالد بن سلمان..

    واذا كان جمال خاشقجي، لا يعدّ نفسه معارضاً، بل لم يكن يقبل أن يوصف بأنه (منفيّ) كحقيقة حين خرج أول مرة قبل نحو عام هارباً من «جحيم المهلكة» السعودية..


    واذا كان الرجل خاشقجي، لا يمثّل خطراً على النظام، كما يقول النظام نفسه..

    فلماذا يستدرجه محمد بن سلمان عبر أخيه خالد بن سلمان الى القنصلية السعودية في إسطنبول، ويرسل اليه فريقاً ليقوم بتصفيته؟!

    أمران، يحوم حولهما المحللون في سبب إعطاء ابن سلمان أوامره بقتل خاشقجي:

    الأول ـ ويتعلق بحقيقة أن جمال خاشقجي هو «ابن النظام» وجاء من صلب الاستخبارات السعودية التي عمل معها دهراً، خاصة في الفترة الممتدة التي تولى فيها الأمير تركي الفيصل مسؤولية الجهاز. ثم لحق به ليعمل معه كمستشار حين اصبح تركي الفيصل سفيراً في لندن، ثم لحقه مرّة أخرى الى واشنطن حين تمّ تعيين الفيصل سفيراً لعائلته هناك.

    ولأن جمال ـ يقول المحللون ـ وبسبب قربه من صنّاع القرار، وعمليات الاستخبارات، فإنه كان مطّلعاً على كثير من القضايا والأسرار؛ وعليه خشي محمد بن سلمان أن يفشي جمال ما لديه منها، فقرر التخلّص منه.

    الثاني ـ وهو الأهم والأساس بنظري. فجمال خاشقجي كان له ميدانا عمل واسع، ولكن الدائرة الأساس التي كان يتحرك فيها إعلامياً، هي ذات الدائرة التي يعتمد عليها محمد بن سلمان نفسه في بقائه في الحكم، وفي دعم استمرار سياساته المحلية والإقليمية.



    لماذا لم يدافع تركي الفيصل عن "ابن النظام"؟
    بمعنى آخر: المعارضون لآل سعود لهم دوائر تأثير، في محيطهم المحلّي (المناطقي والطائفي والحقوقي وحتى الإعلامي والأكاديمي). لكن رسالتهم، وربما حتى خطابهم، لم يكن مقبولاً لدى صنّاع القرار في الغرب، ولا حتى كانوا مؤثرين كما ينبغي بين الأكاديميين (اذا أخذنا البروفيسورة مضاوي الرشيد مثالاً). والسبب ان خلفية المعارضين لآل سعود حدّت من قبول خطابهم، وبالتالي تأثيرهم، سواء في الدوائر الغربية الحاكمة، او حتى في الإعلام الغربي عامّة.

    أما جمال، فكانت له علاقات واسعة، مع كل أطياف الإعلام، ومع حقوقيين، وسياسيين. لكن أثره الأكبر والمباشر والمزعج لإبن سلمان، هو في دائرة صنع القرار الأمريكي تحديداً.

    احتُضن جمال خاشقجي في أمريكا. لأن الجميع هناك نظر اليه كواحد من النظام السعودي نفسه (وان اختلف معه قليلاً) وهم يريدون مختلفاً بهذا القدر القليل من الإختلاف والنقد، حتى وإن كان غير مقبول لدى ابن سلمان نفسه.

    الغربيون لم يروا الخاشقجي معارضاً، وهو أكّد لهم ذلك.

    ووجدوه معتدلاً.. وهم يريدون ناقداً حريصاً على بقاء النظام السعودي نفسه (بعكس المعارضين الآخرين).

    ووجدوه دمث الخلق، ورجل علاقات من الطراز الأول، ولكثير منهم معرفة سابقة به كاعلاميين او أعضاء كونغرس وأكاديميين وغيرهم.


    ورغم ان نقد جمال خاشقجي للنظام وبعض سياساته كان ناعماً، لم تجد فيه النخبة الأمريكية عامة ضرراً على آل سعود، ولا على ابن سلمان تحديداً، ولا على مصالحهم.. لذا أفسحوا له المجال بأن يكتب في صحيفة الواشنطن بوست في مقال اسبوعي. كان جمال يعرف الخطوط الحمراء للنظام، وكذلك خطوط الأمريكيين الحمراء.

    هذا النقد الناعم، ولكن المستمر، كان مؤثراً في دائرة لم تستطع المعارضة الوصول اليها، او لم يُسمح لها بإسماع صوتها حتى. هذه الدائرة هي ذاتها دائرة النظام السعودي ومحمد بن سلمان، التي عمل على استمالتها اليه، والترويج لسياساته بينها (كما رأينا ذلك اثناء زيارته الأخيرة لأمريكا).

    ومشكلة محمد بن سلمان، أنه وضع كل بيضه في سلّة أمريكا، ولم يكن يعبأ حتى بأوروبا (تحديداً بريطانيا وفرنسا)، فبنظره، ان نيل دعم واشنطن، يُغني عن أي دعمٍ آخر (سنرى ان هذا قد ارتدّ عليه أخيراً).

    ولأن رهانه في أمريكا.. كان عمل الخاشقجي مؤثراً. فقد كان الأخير جالساً على ذات المائدة التي يأكل منها ابن سلمان. ووجد الأخير ان خاشقجي ينسف ـ ببطء ولكن بحكمة وذكاء ونعومة ـ الولاءات المركّبة في كثير منها على مصالح شخصية، والتي عقدها هو ـ أي ابن سلمان ـ بحيث أن الخاشقجي زاحمه في دائرة التأثير الأهم على مستقبله.

    لهذا كان لا بدّ من قتله سعودياً!

    حتى لو لم يكن معارضاً، وحتى لو كان حريصاً على بقاء النظام.. فما قام به خاشقجي من حيث التأثير أعظم أثراً من عمل كل المعارضين خلال العام الذي قضاه في المنفى.

    ولذا لا يؤخذ قول المدافعين عن النظام: ان خطاب المعارضين أكثر خشونة ومع هذا لم يتم قتلهم!

    الصحيح: ان خطاب الخاشقجي الناعم وقبوله من قبل افراد في دائرة الاستهداف والتأثير السعودي، هو أعظم تأثيراً وخطراً على ابن سلمان، من الخطاب العنيف المعارض.

                  

11-02-2018, 06:07 PM

elhilayla
<aelhilayla
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 5551

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    تشكر أخي ياسر
    أتابع مجهوداتك الجبارة، في هذا الصدد
    أرجو ألا يفلت الجناة من العقاب اللائق
    ___
    الحليلة
                  

11-02-2018, 06:16 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: elhilayla)

    تسلم يا أخي زين العابدين "الحليلة"

    ـــــــــــــــ
    (٢)
    هل هناك حلٌّ آخر مع خاشقجي؟
    دقيق ما قاله أحد المعارضين (د. حمزة الحسن)، وهو أن آل سعود (عارضوا جمال)، بينما هو لم يعارضهم. أي ان المشكلة لم تكن يوماً في جمال خاشقجي، بقدر ما كانت في محمد بن سلمان والنخبة النجدية الحاكمة.

    مؤكدٌّ أن تطفيش جمال خاشقجي من موقعه الإعلامي خطأ. وإيقافه عن الكتابة في الصحافة المحلية وحتى في صحيفة الحياة كان خطأ. وكذلك منعه من التواصل عبر حسابه في تويتر كان خطأً من ابن سلمان ودليمه (سعود القحطاني) وكتابه.


    القاتل والقتيل: ألا توجد طريقة أخرى لاستيعابه غير المنشار؟!
    لقد حرّض هؤلاء على جمال حتى قبل خروجه. قالوا انه يتحدث باسم المملكة ويقول آراءً مختلفة عن الموقف الرسمي، او حتى متطابقة مع الموقف الرسمي، ولكن لا أحد يجرؤ على البوح بها، أو يستطيع تسويقها بالطريقة التي سوّقها جمال لقرائه في مقالاته، سواء في قضايا إقليمية: سوريا، العراق، اليمن، او في قضايا محليّة.

    وضغط هؤلاء على وزارة الخارجية، الى حد أنها أصدرت نفياً رسمياً بأن جمال خاشقجي ليس متحدثاً باسمها.

    وفعلاً، لا أحد قرأ جمال خاشقجي، كان يعتقد بأنه متحدث باسم الحكومة أو وزارة الخارجية. كان لديه متسع من المساحة يقول فيه أموراً لصالح النظام، لم تُعجب النخبة النجدية الحاكمة.

    واصل كتاباته، رغم عدم تمثيله المزعوم للخارجية السعودية، فما تحمّلوه، وكادوا يعتقلونه، ففرّ بجلده ولاحقوه في المنفى حتى قتلوه.

    كان بإمكان آل سعود أن لا يفعلوا أياً من هذا.

    كان بإمكانهم تخفيف قلقه على حياته وعلى حياة عائلته.

    بل أكثر من ذلك، كان بإمكانهم الاستفادة منه وهو في الخارج كمستشار.

    وكان بإمكانهم استيعاب جمال خاشقجي (طالما انه صادق في نصحه كما قال سفير أبيه خالد بن سلمان) ضمن أيّ إطار كان.


    العربية تستدعي زوجة جمال التي أُجبرت على الطلاق منه لتتحدث بلسان آل سعود!
    وكان بإمكان محمد بن سلمان، أن يستعين بتركي الفيصل، صديق جمال ورئيسه السابق في جهاز الإستخبارات، من أجل تحقيق ذلك الاستيعاب. وقد قيل أن جمال عرض خدماته على ابن سلمان.

    وكان بإمكان ابن سلمان ان يستعين بخالد الفيصل، حيث عمل جمال رئيساً لتحرير صحيفة الوطن التي يمتلكها الأمير خالد (بعث ابن سلمان خالد الفيصل لتركيا كي يغطي سوءته بقتله جمال خاشقجي).

    وزيادة على ذلك، فكان أمام ابن سلمان خيار الصمت عن جمال خاشقجي وتجاهل ما يكتبه ويبديه من آراء. فكم هو نظام ضعيف لا يستطيع ولا يطيق سماع رأي آخر ضمن الدائرة الملكية الخاصة؟!

    محمد بن سلمان لم يقم بأيٍ من هذا.

    كان لديه خيار واحد: إخراس جمال خاشقجي الى الأبد.

    لقد تولّد لديه حقد شخصي ضدّه.

    عمل على معاقبته في عائلته: تم تطليق زوجته منه: آلاء نصيف، التي لم يُسمح لها بالسفر الى زوجها؛ والتي استخدمتها قناة العربية لتطعن في خطيبة خاشقجي رغم أنها مطلقة!

    وعاقب ابن سلمان عائلة خاشقجي بمنعهم من السفر، وعدم التواصل مع أبيهم.

    وواصل ابن سلمان شنّ الهجمات العنصرية ضد جمال، عبر الذباب الالكتروني، واستنقاصه بأنه ليس (سعودياً أصيلاً!!)، و (طرش بحر)، و(لا تعد.. اذهب الى بلدك تركيا)، (تنازل عن الجنسية السعودية)، (عد الى جنسيتك التركية).

    مرّة أخرى.. لم تكن المشكلة في جمال خاشقجي، بل في محمد بن سلمان، والنخبة النجدية العنصرية الحاكمة. فهي التي لم تبحث عن حلّ سوى القتل. وهي التي لم تتحمل الرأي الا بالمنشار وتقطيع الجثث.
                  

11-02-2018, 06:24 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (٣)
    لماذا إسطنبول وليس واشنطن؟
    حسن..

    قرر ابن سلمان إخماد صوت جمال خاشقجي الى الأبد. وهو الأمر الذي رحب به أمراء وذباب الكتروني وصحفيون موالون.. شتموا وشمتوا بمجرد ان تناهى الى سمعهم خبر مقتله او اختفائه، بل وعمدوا الى تهديد بقية المعارضين المسعودين المقيمين في الخارج بشكل علني وبأسمائهم الصريحة.


    اختيار إسطنبول كان أفضل خيارات المخابرات السعودية

    ماهر المطرب، قائد عملية التصفية،
    كان مسؤول استخبارات السفارة بلندن وتم طرده بتهمة التجسس

    ناصر السعيد.. اختطف وقتل!

    أمراء معارضون اختطفوا من أوروبا في العهد السلماني!
    السؤال الذي يتكرر بغرض الاستفهام، او بغرض التعمية وإبعاد الشبهة عن آل سعود هو: لماذا تم اختطاف او اغتيال أو اختفاء أو قتل وتقطيع جمال خاشقجي في قنصلية إسطنبول، وليس في غيرها؟

    ثلاثة أماكن رئيسية كان يتنقّل بينها خاشقجي: أمريكا وبريطانيا وتركيا.

    وحتى لا نُطيل: الرياض لا تقتل معارضيها في واشنطن أو في لندن. سبق ان اختطفت أمراء من عواصم أوروبية أخرى (سويسرا مثلاً) وهناك دعوى قائمة بسبب اختطاف الأمير سلطان بن تركي.

    لندن وواشنطن محرّمتان على آل سعود. هم يعلمون ذلك. ولكن لا يعني ان المخابرات السعودية ستتقيّد بذلك تماماً. هذا غير مضمون. لكن هناك اتفاق بين أجهزة مخابرات هذين البلدين مع السعودي، وأن لا تقوم بأعمال مخالفة بدون التنسيق المسبق. وقد حدث أن طردت بريطانيا مسؤول الاستخبارات في السفارة السعودية، لأنه اعتمد على شرطي بريطاني للحصول على معلومات عن معارضين سعوديين، كما سبق لها أن طردت آخرين يحملون الصفة الدبلوماسية.

    لكن الى الآن، يعلم سلمان وابنه بأن اختطاف خاشقجي في واشنطن او لندن، أمرٌ متعذّر، وفضيحة غير قابلة للتغطية او التبرير.

    ولنا أن نتخيّل، مجرد تخيّل، لو أن ما حدث لجمال خاشقجي، حدث في سفارة السعودية بلندن، او واشنطن، كيف ستكون ردود الفعل، وحجم الفضيحة، وعُظم الخسائر السياسية، وكيف تتوتر العلاقات بين الرياض وحليفاتها اللاتي للتوّ لم تفرغ من قضية سكريبال الروسي في سالزبوري ببريطانيا؛ وواشنطن التي لم تنس حتى الآن جريمة ٩/١١، وقانون جاستا لازال سيفاً مصلتاً على رقاب آل سعود.

    نعم.. لو كان خاشقجي ذاهباً لدولة عربية كلبنان او مصر او حتى المغرب وتونس.. إذن لكان ذلك أفضل، ولكان من الممكن خطفه بسهولة.

    ولقد خطفت الرياض ناصر السعيد من بيروت في ديسمبر ١٩٧٩، ولم تعترف بذلك، ولازالت قضيته مفتوحة على الجدل والنقاش بعد نحو ثلاثة عقود.

    وسبق للرياض ان اختطفت المعارض السعودي أحمد المغسل من بيروت العام الماضي، وأعلنت ذلك على الأشهاد، وقالت انه مطلوب لديها. ولم يتنفّس أحد!

    واغتالت الرياض رئيس حزب الأمة السعودي الشيخ محمد المفرح وهو في إسطنبول ايضاً. اغتالته بالسمّ عام ٢٠١٥، وانتهى الأمر الى صمت مطبق، اللهم الا من صديقه الكويتي الدكتور حاكم المطيري الذي فضح الأمر علناً، فتحركت السفارة السعودية في الكويت، واذا بحاكم المطيري يُستدعى للتحقيق والتهديد.

    الخيار بين إسطنبول ولندن وواشنطن، يفيد بأن الخيار الأول هو الأفضل، سواء من جهة سهولة التنفيذ في القتل، او التغطية عليه، او السيطرة على تداعياته.

    ففي أفضل الحالات ستقطع العلاقات مع تركيا، وهذا أمرٌ لم يكن الأمراء السعوديون يعيرونه بالاً.

    لهذا كله.. فإن القول بأن الرياض لو أرادت اغتيال خاشقجي لفعلت ذلك في واشنطن او لندن، كما يزعم تركي الحمد، ليس صحيحاً وليس دقيقاً البتة.

    الحقيقة انها لم تجد أفضل من إسطنبول (ضمن الخيارات المتاحة لجهاز الاستخبارات السعودي).

                  

11-02-2018, 06:31 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (٤)
    لماذا لم يكن خاشقجي حذراً؟
    اذا كان جمال خاشقجي قد عمل ردحاً من الزمن في جهاز الإستخبارات السعودي، بمعيّة سيّده الأمير تركي الفيصل..

    واذا كان خاشقجي يعرف الخطوط الحمراء السعودية، ويعرف إمكانيات الجهاز السعودي، فلماذا لم يدرك تبعات كتاباته ونشاطاته، وتالياً إمكانية استهدافه؟


    لماذا لم يحذر جمال هذين المجرمين بما فيه الكفاية؟
    كيف لشخص مثله، يُقاد بسهولة الى حيث قُتل؟!

    هذه الأسئلة تُستحضَرْ لنفي تهمة قتل خاشقجي عن الرياض.

    لا شك أن خاشقجي كان حذراً بقدر غير قليل. وكان حريصاً على ألا يكسر الخطوط الحمر، المتوهّمة في أكثرها.

    هو ظنّ أنه يقوم بما يقوم به، ضمن (دائرة النقد) غير المقبولة من قبل ابن سلمان وأجهزته؛ ولكن عزاءه هو أنه (مخلص في نقده)، وأنه (ليس معارضاً) لأصل النظام ويؤمن بضرورة بقائه، وأنه يتفق مع النظام في أكثر سياساته، وأنه ما فتئ يؤكد ولاءه للنظام في تغريداته، بل ويهنّيء رؤوس النظام في المناسبات، بما فيها اليوم الوطني، بل ويشيد في أحايين غير قليلة بخطوات النظام في مجالات إيجابية (سواقة المرأة؛ الترفيه، وما أشبه).

    لكن جمال خاشقجي.. رغم هذا كلّه، وفي حين أنه (دخل) السفارة السعودية في واشنطن، وحافظ على تواصله مع الشخصيات السعودية الكبيرة القديمة التي يعرفها، أو الجديدة المقربة من محمد بن سلمان (بما فيها سعود القحطاني).. الا انه لم يكن واهماً بشأن (العودة) الى بلاده، رغم توقه الى ذلك. وقد قال للبي بي سي، بأنه لا يفكّر في العودة، وذلك قبل ثلاثة أيام من مقتله.

    ثم ان جمال كان يعلم بمدى التغيّر الذي طرأ على البلاد بمجيء ابن سلمان، ان من جهة شدّة القمع، أو من جهة خشونة وقذارة الخطاب. وقد عبّر عن ذلك مراراً بطرق مختلفة في تغريداته بتويتر.

    وعليه فإن الزعم بأن جمال لم يكن حذراً لانه يدرك بأن آل سعود لا يقومون بهكذا جرائم قتل في وضح النهار، ليس صحيحاً.

    كما ليس صحيحاً ما يقوله كتاب آل سعود بأن خاشقجي كان ينوي العودة الى بلاده (وزاد بعضهم بأنه جاء الى القنصلية لتسوية أوضاعه قبل العودة) وأن المخابرات التركية والقطرية هي التي قتلته لمنعه من العودة وفضح سياسة البلدين.. هذا القول، بل هذا الزعم، لم يأخذ به أحد على نحو جاد، اللهم الا من قبل الذباب الالكتروني السعودي، والى حين أيضاً.

    إذن أين كان خطأ الخاشقجي؟


    يرى صديقه ياسين أقطاي، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ومستشار الرئيس أردوغان، أن خطأ خاشقجي كان في ثقته بالآخرين؛ وتساءل: هل هذه جريمة؟.

    خطأ خاشقجي الوحيد، بل هو خطؤنا كلّنا نحن المعارضين، هو أنه ونحن لم نقدّر بشكل دقيق حجم ومدى العنف الذي يمكن أن يصل اليه آل سعود وأجهزة مباحثهم ومخابراتهم.

    خاشقجي، بعد خروجه من السعودية، ذُهل ـ كما توضح تغريداته ـ من تخبّط النظام، وحجم اعتقالاته، كما ذُهل من تنكّر زملاءه في مهنة الصحافة وموقفهم منه، وتشويههم لصورته، وطعنهم حتى في أصوله التركية.

    وخاشقجي، وهو يشهد سيل الاعتقالات لأشخاص يعرفهم او لا يعرفهم، من أن النظام لم يعد يفرّق بين الموالي والمعارض، بين الناصح الأمين للنظام ـ مثله ـ وبين (الحاقد) على النظام ورموزه الذين يتمنون زواله وزوالهم.

    لكن جمال، رحمه الله، وهو المطّلع على الجهاز، والذي يعلم كما يعلم العالم، انه يختطف معارضيه ـ سابقاً ولاحقاً كما الأمراء في أوروبا ـ لم يتوقع ان دموية محمد بن سلمان يمكن أن تصل الى هذا الحدّ الصارخ من الفجاجة والسادية، فيصبح هو ـ أي خاشقجي ـ ضحية الجهاز الذي عمل معه، وضحية النظام الذي يدافع عنه، وضحية الأصدقاء والزملاء الذين وثق بهم.

    هذا خطؤه. بل هو خطؤنا جميعاً في تقدير مدى الدموية للنظام الجديد، ولجهاز الاستخبارات الذي تمّ تفعيل كامل قواه، واختراقه لكل الحدود والأعراف الاجتماعية، التي تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بما فيها ملاحقة النساء، والحكم باعدامهم، والقبض والتضييق على عوائل المعارضين، وامهاتهم، والاعتداء على اعراضهم.


    سلمّها تلفونه، وطلب منها الإبلاغ عن اختفائه ان لم يخرج!
    جمال وهو يدخل القنصلية السعودية، كان لديه شك، فالاحتمال بالتحقيق معه موجود، وربما حتى إيذائه جسدياً واهانته مثلاً، ولذلك اصطحب معه خطيبته احتياطاً، وسلّمها جهاز هاتفه، ونصحها بالاتصال بأشخاص محددين اذا ما طال غيابه. لكن ان يُختطف أو يُقتل وتقطّع جثته، فهذا لم يدر بخلده، ولا بخلد المعارضين، سيئي النيّة في الأساس بالنظام السعودي.

    احتياطاته، تفيد بأنه كان يتوقع السوء من النظام ومخابراته، ولكن تلك الإحتياطات لم تكن كافية لتمنع عملية قتله في وضح النهار وبدم بارد.

    ومن هنا كانت المفاجأة له، كما نُقدّر، ومفاجأتنا معه!

    غنيّ عن القول، بأن بعض ـ وربما كثير من المؤيدين للنظام من الكتاب والذباب الالكتروني والإعلاميين وحتى الإداريين، وأيضاً من أصدقاء النظام في الخارج ـ لم يصدقوا جميعاً، ان النظام السعودي، يمكن أن يُقدم على عملية أمنية دموية بشعة كهذه، حتى لو تمّ استحضار كل تاريخ النظام، وكل أفعاله القريبة، والتي تفيد بأنه يمكن أن يقدم على جريمته.

    التساؤل الذي كان يقوله بعضهم: هل يعقل ان نظاماً مسالماً يمكن أن يقدم على قتل خاشقجي داخل قنصليته ويقطّع جثته إرباً إرباً؟

    ويضيف بعضهم: هذا فعل تقوم به أنظمة أخرى، وليس النظام السعودي، وأنه ليس في تاريخ النظام وسلوكه ما يفيد بتوقع ذلك.

    النظرة الخارجية الى السعودية وحكامها بقيت ذاتها منذ زمن بعيد، وهي تفيد بأن النظام السعودي رغم تخلفه.. ناعم، وإن كان قد صدر منه بعض التجاوزات (ناصر السعيد والأمراء المخطوفين)، ولكن هذا ليس سلوكاً ممنهجاً.

    يغيب عن هؤلاء، ان السعودية التي يعرفونها قد تغيّرت بشكل شبه كلّي.

    السنوات الأربع الماضية، أي منذ وصول سلمان وابنه للعرش، تفيد بأن السعودية القديمة قد ذهبت، وأننا بإزاء (سعودية جديدة) تختلف ملامحها وسياساتها وسلوكها مع خصومها الخارجيين والداخليين عما كانت عليه. يكفي ان السعودية الجديدة هي سعودية حرب اليمن، وسعودية المواجهة مع قطر، وسعودية التطبيع مع إسرائيل، وسعودية انقلابات القصر، وهي السعودية التي نفذت أكبر عملية اعدامات علنية في تاريخها دفعة ـ أو وجبة ـ واحدة، وهي السعودية التي اختطفت الحريري وأجبرته على الإستقالة من الرياض وعبر قناة العربية.


    اختطف الحريري واحتجز (المدمن) ولي العهد ابن نايف!
    وبالطبع، فإن جهاز المباحث، وجهاز الاستخبارات الخارجي، قد طوّر عنفه في هذه السعودية الجديدة، سعودية العهد السلماني، تماشياً مع سياسة سلمان وابنه (واللذين هما الأكثر عنفاً وتطرفاً لمن يعرفهما قبل وصولهما الى السلطة).

    سلمان، اعتدى جنسياً على ابنة اخته، ثم قتلها بإغراقها في بركة سباحة؛ ثم اختطف أخاها الذي فضح سلمان وقد كان لاجئاً في فرنسا. وسلمان هو الرأس المدبّر لكل سلوك ابنه، بل ان ابنه نسخة منه (الولد سرّ أبيه).

    ومحمد بن سلمان، وحسب الغربيين، يضع الرصاصة على الطاولة وهو يحدث منافسيه عن المال ـ وليس السلطة ـ وكان ذلك قبل وصوله اليها!

    ابن سلمان الذي لا يعبأ بأحد، فيعتقل كل الأطياف، ويكسر كل المحرمات، وينهب أموال رجال الأعمال علناً، ويتهم ولي العهد السابق بأنه مدمن مخدرات، ووزير الحرس بأنه فاسد، كمبرر لإزاحتهما. ابن سلمان الذي يعاقب المغرد برأي لا يعجبه بسبع أو عشر سنوات سجناً، والذي يهدد رجال مباحثه المواطنين علناً على مواقع التواصل الاجتماعي بلا حياء: (إحذف التغريدة وإلاّ.. بعثنا تغريدتك الى الداخلية..).

    أفلا يتوقع من هذا الشاب النزق والمغامر أن يمارس اجرامه بحق خاشقجي وغيره؟

    مشكلة البعض أن تقييمه للسعودية وحكامها، هو تقييم قديم (وان كان غير صحيح)، ولا يريد هذا البعض ان يرى السعودية الجديدة على حقيقتها. وبالتالي، فهو يكاد لا يصدق ما يسمع، وما تراه عيناه، حتى لو كانت كل الدلائل تشير الى جريمة نكراء قد تم ارتكابها في قنصلية آل سعود في إسطنبول.
                  

11-02-2018, 06:44 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (٥)
    لماذا كانت العملية الإجرامية ساذجة فاشلة؟
    من التساؤلات المفضية الى التشكيك في دور الرياض في قتل جمال خاشقجي، هو أن العملية الأمنية الدموية مليئة بالثغرات. فهي عملية طفولية، غبيّة، فاشلة. وعليه لا يمكن ان يصدّق بعض الموالين ان تقوم أجهزة الاستخبارات السعودية بهكذا عملية، مفترضين أن السعودية قوية، وجهاز استخباراتها قوي، وأنها اذا ما أرادت قتله، فهي لن ترتكب هكذا أخطاء، وتنحصر في هكذا خيارات غبيّة.

    إذن.. المشكلة بالنسبة لهؤلاء سببها هو أنهم وضعوا جهاز الاستخبارات السعودي في مقام عال، وهو أمرٌ لم يثبت سابقاً ولا لاحقاً. كما يفترض التشكيك أيضاً، أن الأمراء السعوديين، وعلى رأسهم محمد بن سلمان نفسه، لا يمكن لهم ان يسمحوا بالقيام بعملية فجّة خرقاء غير مدروسة جيداً هكذا! فابن سلمان ـ بنظرهم ـ ذكي عبقري لا يقع في هكذا أخطاء.




    ــــــــــــــــ

    البلطجة والغطرسة سبب الفضيحة!

    دخل ولم يخرج.. سذاجة وأخطاء وغباء ودموية!

    الواشنطن بوست، أسقطت نيكسون، فهل تُسقط ابن سلمان؟!

    خطيبة خاشقجي: حضورها فضح الجريمة

    منفذو الجريمة.. مقربون من الديوان وابن سلمان!

    ــــــــــــــــ
    لنقل ابتداءً: أن تضع شخصاً او جهة ما في مقام أرفع، او تتصوره في مكان عال يستحقه، ثم لا تتوقع منه فعلاً معيّناً، يكشف عن خلل في التقدير. في تقدير الشخص، او تقدير قوة الجهة الاستخباراتية التي قامت بالعملية.

    والحال.. أن كل أجهزة الإستخبارات تقع في أخطاء؛ وكل السياسيين يقعون في سوء التقدير.

    ثم لم يُعهد عن جهاز استخبارات آل سعود أنه ناجح، او يُشار له بالبنان. هو ليس الموساد ولا السي آي أيه، وكلاهما أخطآ وفشلا مراراً وتكرارا.

    المخابرات السعودية اختطفت المعارض ناصر السعيد في عملية عُدّت أنها (ناجحة) من وسط بيروت في ديسمبر ١٩٧٩، بمساعدة مخابرات فتح (أبو الزعيم)، وبأوامر من الملك فهد، وتنسيق من السفير السعودي في بيروت علي الشاعر.

    ناصر السعيد اختفى، اختطف، قُتل بعد أن عُذّب. وهناك معلومات وصلت اكثر من شخصية معارضة او إصلاحية عن هذا الأمر، وكان فهد يعذّبه بنفسه، ويطفيء السجائر في عينيه وأنحاء جسده، قبل التخلّص منه.

    لم يثر أحد مشكلة للسعودية في عملية الخطف، التي نفتها الرياض، ونفاها سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع الأسبق، وكذلك المقربون.

    لا حكومة لبنان تكلمت، ولا الأمريكان ومخابرات الغرب جميعا اهتمت بالأمر.

    وبهذا، صارت العملية ناجحة في ظرف سياسي وأمني مثالي للسعودية.

    ونجحت الرياض في العهد السلماني القائم، حين اختطفت أكثر من أمير، لأن الدول التي اختطف منها تكتّمت على الأمر ولازالت، ولم يصبح اختطافهم قضية رأي عام.

    واختطفت الرياض واحتجزت سعد الحريري في ٢٠١٧، وهو رئيس وزراء لبنان، ولكن عمليتها هذه المرة فشلت، لأن حكومة لبنان وبالذات (الرئيسان عون وبري إضافة الى السيد نصر الله) وقفوا بالمرصاد للملك سلمان وابنه، وتدخلت فرنسا فأنقذته. وكانت العملية فاشلة في كل أبعادها السياسية رغم اعلان الرياض براءتها منها!

    ليس كل ما تقوم به المخابرات دقيقاً.

    وليس كل ما يأمر به الأمراء، خاصة هذا الغرّ المغرور ابن سلمان، يتحقق بدون أخطاء.

    في الأصل، ما كان يجب اختطاف الخاشقجي. لا مبرر لذلك مطلقاً، وكان بالإمكان اخماد صوته بطريقة مختلفة دون القتل، وعبر الإستيعاب.

    واذا فهمنا لماذا اختيرت إسطنبول كخيار من الخيارات. فلماذا يكون قتله داخل القنصلية وليس خارجها؟!

    هل الرياض ومخابراتها حمقى؟ هل محمد بن سلمان أحمق ليختار القنصلية مكاناً للإعدام؟ هل كانت هناك خيارات أفضل؟

    صديق السعوديين، مدير السي آي أيه السابق، جون برينان، قال بأن الرياض مادام لم تقتل او تختطف الخاشقجي من مكان آخر خارج القنصلية، كأن يكون فندقاً أو نحوه، فإنها تصبح مسؤولة بشكل واضح عن مصيره!

    تُرى، كيف حسبها ابن سلمان؟

    واضح أن همّه كان منصبّاً على تنفيذ عملية (القتل)، ولم يكن يهتم بالطريقة ولا بالأدوات.

    وبالطبع فإن جهاز المخابرات كان مهتماً بتنفيذ العملية حسب أوامر سيده ابن سلمان، وربما تعجّل رجال المخابرات فلم يحسبوا الأمور بشكل دقيق، أو ظهرت مستجدات لم يتوقعوها: (مثلاً وجود خطيبته معه)! فهل كانوا يعلمون بوجودها خارج القنصلية؟ واذا علموا لماذا لم يتوقعوا الأسوأ، او كانت أمامهم خيارات أخرى؟!

    تزعم الحكومة رسميا بأن جمال خاشقجي مات بصورة عرضية غير مقصودة. بنظرهم كان المطلوب (تخديره لتسهيل عملية اختطافه)، وليس قتله.

    لنفترض ان هذا الزعم كان صحيحاً: ما هو القرار الصائب في حال مات بين يدي المخبرين الجلادين؟ هل هو القتل والتقطيع مثلاً؟! ثم من اتخذ قرار التقطيع ـ ان كان مات بفعل المخدر او التعذيب؟! وماذا يُفعل بالجثّة؟ هل تُخفى وأين؟ أم تُلقى في الشارع وكيف؟ واذا كان القرار في الأصل اختطافاً، فلم لا يتم اختطاف الجثة الى السعودية كما كان مقرراً؟!

    ثم لماذا كان عدد فريق الإعدام ١٥ شخصاً؟ ولماذا الاتصالات الهاتفية بين رئيس المجموعة مع مدير مكتب ابن سلمان، بدر العساكر، ولماذا صورها المستشار الغبي سعود القحطاني عبر سكايب؟ ولماذا تواصل القتلة المجرمون بمكتب ابن سلمان عبر هاتف القنصلية؟

    هذه التساؤلات وغيرها تكشف عن ثغرات واضحة، لم يفكر فيها جهاز الاستخبارات السعودي (العبقري!). حتى في حال ان الأوامر كانت بالقتل الصريح، فإنه كان يجب على المجرمين المنفّذين أن يتقنوا مهمة القتل والتصفية التي جاؤوا من أجلها.

    لم يكن فريق التصفية الجسدية لخاشقجي مهنياً، ولا من أدار عملية التصفية كان بمستوى المخابرات الأخرى.


    القنصل محمد العتيبي.. أكّد الاتهامات بدل دفعها!
    الطائرتان وسكن القتلة في فندقين، وأماكن حركتهما، والسيارات، والأكثر احتمالية اختراق المخابرات التركية للقنصلية (دعك من ساعة آي فون).. وسذاجة عرض القنصل محمد العتيبي، وغيرها.. كلها توحي بأن فريق التصفية مجرد بلطجية بلا عقل او فهم، وكأن من أدار العملية مبتدئ متسرّع للقتل بأكثر مما هو متسرّع لعدم ترك أي خيوط تكشفه وتدلّ عليه.

    لكن كما قال كثيرون، فإن وجود خطيبة جمال خاشقجي خارج القنصلية بانتظاره، وعدم التفات القتلة الى ذلك، أو حتى عدم اهتمامهم بذلك، كان من أكبر الثغرات، فهي التي فضحت ما حدث، وهي التي تمتلك بيدها جوال المغدور خاشقجي، وهي التي اتصلت على السلطات التركية، وهي التي واجهت الإعلام.. وكل هذه الأمور لم تكن تدر بخلد من أعطى الأوامر بالقتل: محمد بن سلمان.

                  

11-02-2018, 06:52 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (٦)
    كيف أخطأ ابن سلمان في حساباته السياسية للعملية؟
    لم يكن فريق الاغتيالات السعودي جاهزاً فنياً او كفاءة. كما لم يكن مدبرو الجريمة في الاستخبارات والديوان الملكي يمتلكون من الذكاء أدناه، بحيث يديروا اللعبة سياسياً واعلامياً.


    حسابات آل سعود السياسية خاطئة وحمقاء
    باختصار لم يكن فريق الاغتيالات، ومن هم وراؤه، يفكر بما (بعد تنفيذ قتل خاشقجي).

    لم يكن ليتوقعوا ان تفشل العملية، وهي بالنسبة لهم لم تفشل: إذ تمّ قتل وتقطيع جثة خاشقجي فعلاً.

    لكن انكشاف الجريمة، كشف معه أن آل سعود غير جاهزين لمواجهة الاعلام والدولة المضيفة والعالم.

    لم يفكر ابن سلمان فيما بعد ارتكاب الجريمة واعلانها.

    حين أُعلنت الى القنوات الفضائية، بعد نحو أربع ساعات، من دخول خاشقجي القنصلية، استناداً الى خطيبته التي لاتزال تنتظره عند بوابة القنصلية ولم ترحل عنها.. بقي آل سعود ومن أدار العملية على سذاجتهم السياسية، وحساباتهم الطفولية.

    كان تخطيطهم ان جمال سيأتي وحده. سيتم التخلص منه بسرعة ـ وهو ما حدث. بعد يوم أو يومين أو أكثر سيفتقده المقربون منه، واحتمل المجرمون في الاستخبارات السعودية ان خاشقجي ربما يكون قد أبلغ أحداً بنيته الذهاب الى القنصلية، وجهّزوا جواباً سهلاً: (نعم.. جاء وخرج من حينه)!

    توقّعوا تطور المسألة، وكانوا جاهزين، إذ أنهم وبسذاجة أيضاً أعطوا الموظفين من الأصول التركية العاملين في القنصلية والذين يجيدون العربية، إجازة فورية، وأغلقوا الكاميرات أو عطّلوها يوم الاغتيال لتكون حجّة فيما لو جرى تحقيق بأن لا دليل على (عدم خروجه).

    كانوا المجرمون يتوقعون أشياء قليلة وظنّوا ان اجاباتهم الساذجة ستقنع الاخرين.

    لكن وقوف خطيبته امام باب القنصلية منذ دخول خاشقجي، أعطى تشكيكاً في كلام القنصلية، وجوابها لسؤالها عنه: خرج، ولا يوجد أحد في القنصلية!


    اتهامات سعودية وطعنات لخطيبة خاشقجي
    بالطبع.. توقّع السعوديون احتمالية تطوّر الموقف، وكل تحليلهم كان قائماً على فرضية أن العملية لن تنكشف، وستقف عند حدٍّ ما، وكل ما سيحدث هو (كلمة واتهام ورد غطاءهما سعودياً) وسيصدق العالم كلام آل سعود مقابل كلام أصدقائه، وحتى مقابل السلطات التركية التي ستعمد الى الخرس.

    تقييم آل سعود للموقف التركي كان خاطئاً. كان من رأيهم أن تركيا لن تجازف بالتحقيق في الموضوع، وستعمد على لملمة القضية، حرصاً على عدم توتير العلاقة مع الرياض، وفي حال تمّ التصعيد ـ هكذا حسبها آل سعود ـ فإنه يمكن للرياض تضخيم الخلاف مع تركيا والتهديد بقطع العلاقات السياسية معها، وتحميلها مسؤولية (دم خاشقجي) واعتماد منطق ان إسطنبول غير آمنة، وان هناك الكثير من الاغتيالات وقعت فيها.

    وفعلاً.. من راقب الأداء السياسي والإعلامي السعودي يكتشف كم كان التهديد لتركيا بقطع العلاقات معها مطروحاً بجدية، حتى لا تمضي بعيداً في البحث عن مصير خاشقجي، وذلك قبل ان ينقلب الى انبطاح وترجّي وتودد لاردوغان بأن تتوقف التسريبات للإعلام.

    اعتقد فريق التصفية لخاشقجي ومن يقف وراءه، بان وقوع الجريمة في إسطنبول (ميزة) فتحوّلت الى (فخ). وقد وجدها أردوغان فرصة للكسب السياسي والاقتصادي محلياً وخارجياً، وتلك قصّة أخرى.

    في الأداء الإعلامي السعودي لما بعد وقوع الأزمة، نجد أن صاحب القرار السياسي قد وقع في شرّ أعماله. تملّكته الحيرة، وهو يرى التسريبات والصور والمعلومات، فلا هو قادر على نفيها، ولا هو قادر على إثبات ان جمال خاشقجي قد غادر القنصلية. على العكس، فإن الخطوات التي ظنّ آل سعود انها يمكن ان تخفف الضغط، فتحت عليهم تأكيداً للإتهامات الموجهة اليهم. مثال ذلك: القول بأن كاميرات السفارة لم تكن تعمل (حسب خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد، وابن الملك، والسفير في واشنطن)؛ او مثل دعوة وكالة رويترز لتدخل القنصلية لتفتشها بحثاً عن خاشقجي، فكان ظهور القنصل محمد العتيبي بتلك الوضعية بائساً يثبّت الإتهامات بدل أن ينفيها.

    سذاجة ابن سلمان تحديداً اوقعته في مآزق.


    خطف خاشقجي مسرحية، وقطر هي التي اختطفته!
    لقد صدّق بأنه بطل وعظيم، يقود (سعودية عظمى). وأنه قد اختطف آخرين ولم يحدث شيء له، فما عسى ان يكون خاشقجي؟ ومن يجرؤ على محاسبة “المملكة العظمى”؟! وظنّ ابن سلمان ان ترامب سيكفيه عبء الضغوط والاعلام، ولن تكبر المشكلة أبداً.

    كرة الثلج كبُرت شيئاً فشيئاً.

    الاعلام السعودي وقف محتاراً بدون توجيه. المغردون من الذباب الالكتروني وبينهم امراء، كتبوا بأسمائهم في تويتر تأييدهم لقتل خاشقجي، وأبدوا فرحة وغبطة بنجاح عملية قتله؛ بل ان بعضهم دعا معارضين في الخارج الى زيارة القنصلية السعودية (في إشارة الى ان مصيرهم سيكون مثل مصير الخاشقجي)؛ وزاد تنمّر هؤلاء الى حد توجيه تهديدات صريحة وعلنية لمعارضين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

    هذه الفرحة توقفت فجأة بعد يومين او ثلاثة من عملية التصفية لخاشقجي.

    وتوجهت الاتهامات بشكل مركز أكبر بأن تركيا وقطر وراء اغتياله، لأنه أراد العودة الى المملكة!

    ووجّه بعضهم اتهاماً الى ايران!

    ثم توجه الجميع كتابا ومغردين في الصحف وفي مواقع التواصل الى شن هجوم على خطيبة خاشقجي (خديجة جنكيز)، وافتعلوا حساباً باسمها، إمعاناً في التضليل، رغم ان لديها حساب بالعربية، وهي تتكلم بالعربية. بل وصل الأمر بهم ليس فقط الى كتابة مقالات ضدها، وانها عميلة موساد، بل الى الطعن في عرضها؛ وأجرت العربية مقابلة مع زوجة خاشقجي السابقة (آلاء نصيف) التي تزوجت بخاشقجي قبل خمس سنوات، ومنعها آل سعود من الالتحاق به، ثم طلبوا منها تطليقه، وهو ما حدث. جاءت بها العربية باسم (زوجة خاشقجي السابقة) لتطعن في خطيبته الجديدة، ولتشكك فيها، وتقول انها لا تعرفها!! وسبق ان جاء الاعلام السعودي بعائلة خاشقجي وابناءه ليصطفوا مع الحكومة ويقبلوا بروايتها، وهم الممنوعون حتى من السفر!

    لكن كل هذا لم يفد. كرة الثلج كبرت. الواشنطن بوست التي يكتب فيها خاشقجي مقالته، صنعت للجريمة اطلالة دولية. وضعت اسمه على عموده المفترض خالياً (قطعة من البياض) وقالت انه دخل القنصلية ويحتمل ان آل سعود قتلوه. وشيئاً فشيئاً اخذت تتابع تفاصيل القضية وتنشر التسريبات التركية حول الموضوع، حتى أصبحت قضية خاشقجي ومقتله جزءً من الحملة الانتخابية الأميركية التي يفترض أن تتم في السادس من نوفمبر القادم.

    ترامب الذي لم يكن يبالي، اضطر ان يتحرك، وأن يستثمر الوضع لصالح سياساته، وأن يبتز آل سعود.

    قادة أوروبا تحركوا ايضاً، ونددوا باختطافه او قتله، وطالبوا آل سعود بالكشف عن مصيره، ما يعني ان الرواية السعودية لم تقنع أحداً البتة.


    أكاذيب سعودية متواصلة الى الآن!
    في كل الأحوال هذه واحدة من الحسابات الخاطئة لمحمد بن سلمان. فقد استهان بخاشقجي، وظنّ انه في النهاية (حجازي) أي مواطن درجة ثانية او ثالثة؛ لا عصبية قبلية تدعمه او تثأر لدمه، ولا نخبة حجازية يمكنها أن تجأر بالشكوى، ولا دولة يمكن ان تقف معه مادام المال موجوداً في يده.

    ثبت لابن سلمان المغرور الطائش كم كان مخطئاً، وهو يرى سيل التنديد من أعضاء كونغرس، ومن أصدقاء خاشقجي من صحفيين وحقوقيين من مختلف بقاع العالم، يدافعون عنه، حتى غرق ابن سلمان هو واعلامه في بحرها، ولازال.

    وتركيا التي استضعفها ابن سلمان، وظنّ انها في وضع ضعيف، أدارت اللعبة بذكاء غير معهود، من خلال تسريب المعلومات الى المخابرات والصحف الغربية، وبشكل غير رسمي، فأصبحت الرياض (الرسمية) غير قادرة على مهاجمتها والتنديد بها، لأنها يجب ان ترد على كل المسؤولين والدول الغربية قبل الشرقية. تركيا لم تعط السعودية فرصة للتنفس، ولم تقل شيئاً رسمياً الا متأخراً عبر أردوغان نفسه الذي أكد التسريبات ووضع الرياض تحت الضغط. كل الحرب كانت تسريبات (وان التحقيق جارٍ) بينما كانت القضية قد حُسمت كرأي عام عالمي، بأن الرياض قد قتلت الخاشقجي وقطّعت جثته!

    الرياض التي اعتادت جلد تركيا واردوغان لخمس عشرة سنة متواصلة لم تقل فيها كلمة حسنة، وجدت نفسها لأول مرة تحت سياط أردوغان، الذي بدا وكأنه يحمل حبل مشنقة آل سعود، يلوّح به ولا يستخدمه الى أقصاه، انتظاراً الى تسوية لا تريدها الرياض، والى اعتراف سعودي بالجريمة لا تريد البوح به علناً.


    ليندسي غراهام.. ابن سلمان يجب ان يرحل!
    الإرتباك السياسي بدا واضحاً منذ اللحظات الأولى لإعلان جريمة الخطف.

    لم يظهر بيان رسمي ينفي دور السعودية في الخطف، وليؤكد على مقولة انه خرج من السفارة، فيما العالم انتقل الى المرحلة التالية، وراح يطلب منهم دليلاً على خروجه.

    وزارة الخارجية السعودية، وشخص وزيرها عادل الجبير بقيا صامتين، وحين تحدث فإنه لم يكن قبل اعتراف الحكومة السعودية بمقتل خاشقجي مضطرة بعد ١٧ يوماً من العملية الإجرامية.

    حينها تحوّل عادل الجبير الى تكرار ما قاله البيان الرسمي، سواء عبر (الانفوغرافات) التي تصدرها الوزارة اعلامياً، او عبر قناة فوكس كما فعل الوزير.

    الاضطراب السياسي للحكم السعودي، أدّى الى تمطيط الوقت في غير صالح ال سعود؛ كما أدّى الى إقناع المزيد من المراقبين والصحفيين والباحثين بأن الرياض متورطة حتى النخاع في العملية الإجرامية.

    حتى الكتاب السعوديين الأساسيين، خفّت حماستهم في الدفاع عن الرواية الرسمية بسبب الصمت المطبق، ليتم تبرير ذلك لاحقاً، بأن (الصمت السعودية كان حكمة) ولم يكن بسبب (الحيرة والعجز). وليصبح اعتراف الرياض بجريمتها فيما بعد (شجاعة وعدالة وتطبيقاً للقانون)!

    وهكذا تحوّل إخماد صوت خاشقجي الى فضيحة ونتج عنه عكس ما كان يراد من قلته، حيث فتح آلاف المنصات الإعلامية والسياسية ضد آل سعود.
                  

11-02-2018, 07:00 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (٧)
    كيف فشل آل سعود في إقناع العالم بروايتهم؟
    كان يمكن للرياض ـ ولو نظرياً ـ لفلفة قضية خاشقجي بثمن أقل.

    كان بإمكان آل سعود التفاهم سريعاً مع تركيا، وتقديم كافة المعلومات، والإعتذار، ودفع بعض (الثمن) سياسياً وربما اقتصادياً.

    لكن عنجهية الأمراء أبت عليهم التنازل لأردوغان. وكانوا يقولون: ومن هو اردوغان؟ لا شيء! ثم من هو خاشقجي؟ لا شيء أيضاً. وبطريقة محمد بن سلمان الذي سأل حبيبه جارد كوشنير ـ الصهيوني صهر ترامب: (What is a big deal؟)، فهو غير قادر على ادراك سبب الاستياء الأمريكي من قتل شخص مثل خاشقجي!


    ترامب.. حماية بقرته الحلوب حتى النهاية!
    أراد الأمراء عدم التعاون مع الأتراك بشأن عمليتهم الاجرامية الفاشلة. لم يشأوا التنازل لمن يرونه عدوهم او أدنى منهم. او لم يريدوا أن ينفضحوا بقدر ما، او لم يشأوا دفع ثمن سياسي (بالتحديد)، كأن يطلب منهم اردوغان حل أزمة قطر، او اطلاق سراح بعض معتقلي الإخوان، او كف الاعلام السعودي عن شتم تركيا ورئيسها.

    الغطرسة السعودية السائدة حتى الآن كانت قاتلة، فاذا اقترنت بالسذاجة وخطأ الحسابات، أصبحت عملية قتل خاشقجي كارثة بكل معنى الكلمة.

    حين كبرت القضية بفعل تبنيها من قبل الواشنطن بوست، تحركت الرياض ببطء، وطلبت من أردوغان ان يسمح لها بإرسال وفد يشارك وفدا تركيا في التحقيق. وقد وافق اردوغان بعد مكالمة هاتفية أجراها الملك سلمان معه، وقد نالت موافقته شكراً واطراءً سعودياً متكرراً غير معهود من الأمراء.

    ومرة أخرى، لم تشأ الرياض التعاون أمنياً مع المحققين الأتراك، وتبين أنها لم ترسل وفداً أمنياً بل أرسلت وفداً سياسياً للتفاوض من موقع دوني، برئاسة خالد الفيصل، ليقنع الأتراك بلفلفة التحقيق وقبول (عرض سعودي ما)؛ في حين كان من رأي الأتراك معرفة الحقيقة كاملة أولاً، ثم يجري التفاوض. وبسبب المماطلة السعودية، قررت وزارة الخارجية التركية بشخص وزيرها، إيقاف تعاون الوفد السعودي مع الأجهزة الأمنية التركية ووزارة الداخلية التركية، وحصر اتصالات الوفد السعودي بوزارة الخارجية التركية فقط.

    كان اختيار الملك سلمان، أحد أبناء الملك فيصل، وهو خالد الفيصل، ليرأس الوفد، مقصوداً.

    فهو وجه معتدل اذا ما قيس بابن سلمان والمستشارين من حوله، او حتى اذا ما قيس بوزير الخارجية عادل الجبير.

    ثم إن والدة خالد الفيصل تركية الأصل، ولهذا معنى، في بلدٍ يطعن في الأتراك عنصرياً ويسخر منهم الى هذا اليوم، وهو ما تضج به كتابات السعوديين الموالين وتغريداتهم.

    ومن جهة ثالثة، فإن المغدور جمال خاشقجي، ليس فقط حجازي، والحجازيون يميلون الى آل الفيصل.. بل ايضاً عمل خاشقجي ردحاً من الزمن مع أخ خالد الفيصل، وهو تركي الفيصل، في جهاز الاستخبارات. بل ان الخاشقجي عمل ايضاً مع خالد الفيصل نفسه، وكان مقرباً منه، الأمر الذي جعله يتولى رئاسة تحرير صحيفة الوطن التي أسسها.


    المتغطرس ابن سلمان لكوشنر: What is a big deal
    اختيار الملك سلمان لخالد الفيصل، كان موفقاً. لكن مساحة المناورة لخالد كانت قليلة، وكان حمق محمد بن سلمان سبباً في اخفاق مهمته، حسب مصادر سعودية وتركية. كان تشدد ابن سلمان مع الأتراك، ورفض فتح الملف الأمني او إعطاء معلومات طلبها فريق المحققين الاتراك، والتهديد بقطع العلاقات ومحاولة التدخل في التحقيقات التركية، وما يجب ان يُنشر من عدمه، قد عجّل بفشل المهمة.

    اما من الناحية التركية.

    فمنذ بداية أزمة خاشقجي، كان واضحاً للحكومة التركية أنها أمام (فرصة) سياسية لا يمكن تفويتها؛ وأيضاً أنها أمام (مخاطر) إن أساءت التقدير، وأخطأت التصرف.

    خشي أردوغان من أن كشف تفاصيل عملية الاغتيال ليس فقط سيؤدي الى قطع العلاقات مع الرياض، بل ومع الإمارات والبحرين، وربما يتسلسل الأمر الى دول أخرى واقعة تحت النفوذ السعودي. وهذا إن جاء فإنه يزيد الطين بلّة في ظرف سياسي واقتصادي حرج لتركيا.

    لكن عدم الكشف عن الجريمة الى حدّ التستّر، لا يمثل فقط تضييعاً لفرصة الكسب السياسي، بل قد تضعفه داخلياً، وتحط من شرعيته بين جمهوره، والأهم انها قد تُفقد تركيا واحدة من أهم أدوات النفوذ في المحيط الإقليمي والاسلامي، وهي التنظيمات التي تنتمي الى الإخوان المسلمين.

    إزاء الانسداد في التعاون بين الجانبين، التركي والسعودي، وتسارع عمليات التسريب التركية الى الاعلام الأمريكي، وتصاعد الضغوط على ترامب من قبل الإعلام الأمريكي، وأعضاء الكونغرس.. اضطرت الرياض ـ ولأول مرة ـ أن تفتح خط حوار مع قطر، للتأثير على الموقف التركي. وظهر خبر يقول بأن وزير الخارجية عادل الجبير قد زار قطر فعلاً، ولكن هذه الرواية لم تتأكد. المؤكد هو أن تواصلاً جرى بين الرياض والدوحة بشأن قضية خاشقجي، وأن هناك طلباً سعودياً أن تخفف قطر من حدّة اعلامها وخطوطها وأدواتها، وتركيزها على الرياض؛ كما طلبت السعودية من قطر ان تتوسّط لدى أردوغان، من أجل (تخفيف تشدده) بشأن التحقيقات والتسريبات بشأن العملية السعودية التي انفضحت.

    وبديهي ان قطر كانت تبحث عن حلحلة لأزمتها على أنقاض العملية السعودية الإجرامية، وقالت مصادر مطلعة بأن الدوحة لديها استعداد كامل للإنفتاح على السعودية، وحل الإشكالات معها، حتى وإن قدّمت بعضاً من التنازلات. الشيء الذي كان يصرّ القطريون عليه هو ان لا تفاهم مع محمد بن زايد، ولا مع ملك البحرين. فالدوحة تعتقد ان كل أزمتها مع السعودية تعود الى جذر واحد هو: محمد بن زايد.

    لكن.. رغم هذه الرغبة القطرية، لم يثبت ان المحاولة السعودية قد نجحت، او حتى فتحت افقاً للمستقبل في العلاقات بين البلدين، وذلك لأسباب (تركية) محضة.

    كان أمل الرياض منصبّاً على ترامب، أن يقوم هو بدوره في تهدئة الوضع، ومنع المزيد من الإنفضاح السعودي. لكن ترامب المتحمس للدفاع عن نفسه وعن مستقبله السياسي ومستقبل حزبه الانتخابي، واجه معارضة شديدة، فأخذ بالتقلّب في المواقف، حيث كان يعطي التصريح الواحد بما يحمل في طياته التأييد للرياض والنقيض لذلك، أي التهديد احياناً بالمحاسبة الشديدة! لكن ترامب نفسه فشل في النهاية في تغيير الوضع، تحت ضغط أعضاء الكونغرس الجمهوريين بالذات: كوركر وغراهام مثالاً.


    أردوغان وابن سلمان: الصبيّ خسر المعركة
    وإزاء الضغط الإعلامي الشديد، من سي ان ان، ونيويورك تايمز والواشنطن بوست، حيث سيل المقالات والأخبار والمتابعات والتغطيات الحيّة والعاجلة.. كان لا بد أن يدافع ترامب عن نفسه، في معرض تبرير وقوفه الى جانب محمد بن سلمان وطاقم الحكم السعودي. قال انه يدافع عن الصفقات العسكرية، وان لا مصلحة لديه شخصية أو أعمال خاصة مع آل سعود.

    طبعاً لم يصدقه أحد. كما لم يصدق المشرّعون والاعلاميون الامريكيون صهره جارد كوشنر، الذي اضطر الى اجراء مقابلة مع السي ان ان، حين شعر بأنه قد يغرق في المركب السعودي، وأعطى تصريحات فُهم منها انتقاداً لحليفه محمد بن سلمان، الذي سبق وان زوده كوشنر بأسماء بعض رجال الأعمال في حملة اعتقالات الريتز.

    في كل الأحوال، فإن الرياض كانت في أقصى حالات التوتر، وهي تحاول ان تبحث عن أية شخص او دولة يمكن لها ان تقوم بدور ما يخفف من الضغط عليها.

    لا أوروبا كانت في مزاج الدفاع عن ابن سلمان، حتى بريطانيا.. والأسباب متنوعة:

    ان ابن سلمان الذي كانت بلاده توزّع (الجزية) على كل الدول الغربية الكبرى، قام بإعطاء العقود العسكرية الكبرى والمناقصات الى أمريكا. حدث هذا في أواخر عهد أوباما وتكثف في عهد ترامب. في السابق (ومنذ ١٩٨١ ـ قضية الاواكس) صارت بريطانيا هي المورّد الأساس للطائرات المقاتلة (تورنيدو والتايفون)، ولكن منذ العهد السلماني انتقلت الأمور كلية الى أمريكا. وفرنسا التي كانت المورّد الأساس للفرقاطات والسفن الحربية لسنوات طويلة جدا، خسرت موقعها لصالح أمريكا، وكان اخر عقد وقعته الرياض مع إدارة أوباما بستين مليار دولار قيمة صفقات بحرية!

    فلماذا تدافع الدولتان عن الرياض؟ والأهم، فإن ابن سلمان لم يكن يعبأ بهما، فمن يمتلك التأييد الأمريكي ـ بنظره ـ لا يحتاج الى غيره. وهذا ما دفع ابن سلمان ليقول بشكل غير عابئ، في مقابلته الأخيرة مع بلومبيرغ بشأن (الزعل البريطاني) بشأن استمرار الحرب في اليمن: ليكن!

    كان خطأ استراتيجيا (على مستوى الدولة السعودية) ان تكون أسيرة حماية العواصم الغربية، بالشكل الذي يضعفها في مجال المناورة بسبب غياب الخيارات السياسية الأخرى. وجاء ابن سلمان ليضع كل البيض في سلّة (دولة واحدة) وليس عدّة عواصم غربية، فكانت النتيجة ان انسحبت تلك العواصم ورفعت دعمها عنه، وربما أرادت معاقبته!

    بعض الدول الغربية كألمانيا، التي كانت تورد للسعودية أسلحة (دبابات ليوبارد ٢، وغيرها) انخفضت مبيعاتها، وهي تتوق للتخلص من بقية الصفقات التسليحية مع السعودية، وهي صغيرة على أية حال، كما قالت ميركل، وقد جمدتها مؤخراً على خلفية تصفية خاشقجي. لكن السبب الأساس، ان تحالف ميركل لديه مشكلة مع السعودية، وهي مشكلة قديمة، تتعلق بالموقف من العدوان على اليمن، ومن قضايا حقوق الانسان. وبديهي كان من السهل على ألمانيا نقد السعودية في ملف خاشقجي، وان تتخذ موقفاً متقدما نوعاً ما، باعتبارها قائدة أوروبا ليس اقتصادياً فحسب، بل وسياسياً الان، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

    هناك كندا، التي سحبت الرياض سفيرها من عاصمتها اوتاوا وطردت السفير الكندي من الرياض، على خلفية اعتقال ناشطات. شعرت كندا بوضع قوي الآن، وأن نقدها السابق كان صحيحاً، وهي بإزاء إيقاف صفقات سلاح ضخمة للسعودية، وعبرت وزيرة الخارجية الكندية عن مواقف سياسية قوية ضد جريمة اغتيال خاشقجي. ومثل كندا بعض الدول الإسكندنافية، كالنرويج، التي لديها استعداد للتضحية بمكاسب اقتصادية مقابل مبادئ حقوق الانسان.

    وعليه فإن الرياض التي وضعت بيضها في سلّة واحدة، لم تجد نصيراً في أوروبا. ولم تجد نصيراً لها في منطقة الشرق الأوسط يعينها، كونها حرقت سفنها وسفن حلفائها مع الدول التي يمكن ان تتوسط. فالرياض التي اعتمدت سياسة (إما معنا في كل شيء، او ضدنا في كل شيء) لم تتح فرصة لحلفائها في المنطقة ان تساعدها. فالرياض وحلفاؤها ضد ايران القريبة جداً من تركيا. مصر على عداء مع تركيا. الكويت وسلطنة عمان اللتان تخشيان غزواً عسكرياً سعودياً، شعرتا بارتياح وهما تريان العالم يضع حداً لعنجهية محمد بن سلمان وتهديداته المبطنة لهما ولغيرهما. فلماذا تقومان بوساطة او تتبرعان بدعم لطاغية مجرم، يعلمان مسبقاً ان جهدهما لن يأتي أُكله.

    انطلق عادل الجبير في محاولة أخيرة الى أندونيسيا، عشية اعلان اردوغان تفاصيل الجريمة، فرفضت اندونيسيا الوساطة المتأخرة، وطلبت من الرياض الشفافية في التحقيق!

    إذن: إغرق وحدك يابن سلمان!

    حتى الإمارات، شريكة السعودية في أكثر الجرائم، بما فيها جريمة العدوان على اليمن، وجدت نفسها غير قادرة على الدفاع عن ابن سلمان.

    نعم.. وضعت الامارات امكانياتها وعلاقاتها لدعم ابن سلمان، الى حد ان ابن زايد ألغى زيارة الى فرنسا وأخرى للأردن.
                  

11-03-2018, 09:57 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (٨)
    ماذا يريد أردوغان أن يجني من الجريمة؟
    أطاحت الرياض بمشروع أردوغان عبر (الثورات المضادّة) ونجحت حين وجهت ضربة قاصمة لذلك المشروع حين تمت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عبر انقلاب السيسي. منذئذ، وأردوغان يرفل بالهزيمة على مستوى الشرق الأوسط بأكمله. الى أن جاءت الفرصة المناسبة الآن، من الخصم نفسه.


    اردوغان: تركيا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع قيادة العالم الإسلامي!
    يمكن القول بأن إدارة أردوغان لملف مقتل خاشقجي، يحوي شيئاً من الإنتقام من آل سعود وآل نهيان.

    ويمكن القول أيضاً أن أردوغان بدأ باستعادة بعض الأنفاس ليكون هو زعيم العالم الإسلامي، وتركيا زعيمة العالم الإسلامي.

    في الحقيقة هو قال ذلك بنفسه يوم ١٥ أكتوبر الجاري، حين صرح في خضم أزمة خاشقجي، بأن تركيا هي الدولة الإسلامية الوحيدة المؤهلة لقيادة العالم الإسلامي (بعضهم ترجمها: لريادة العالم الإسلامي).

    ما يريده أردوغان هو التالي:

    ١/ إضعاف الحكم السعودي، وخصوصاً محمد بن سلمان، ليس فقط انتقاماً لمشاريعه السيئة التي أدت الى اضطراب غير مسبوق في المنطقة؛ ولكن لعلمه مسبقاً بأن نفوذ تركيا في محيطها الشرق اوسطي، وفي العالمين العربي والإسلامي، يعتمد أساساً على ضعف الحكم السعودية. وأزمة خاشقجي، تفتح الطريق من جديد لذلك.

    ٢/ إعادة مكانة تركيا كنقطة ارتكاز وقيادة للشرق الأوسط، وهو ما لم يرده الأوروبيون والأمريكيون. ومن شأن استثمار اردوغان لجريمة مقتل خاشقجي، واضعاف الحكم السعودي، ان لا يجد الغرب أحداً آخر يمكن التعاطي معه في استقرار المنطقة سواه، وسيقبل به مكرهاً؛ إذ لا بديل في المنطقة عنه. فلا مصر السيسي ولا صهاينة إسرائيل يمكن أن يأخذوا موقع أردوغان. وفضلاً عن ذلك، فإن ما يزعج الغرب هو أن إيران ليس فقط تؤيد دوراً تركياً ريادياً في المنطقة، بل تشجّعه بأقصى ما لديها من طاقة!


    روحاني.. مع زعامة تركية رائدة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي
    ٣/ يريد أردوغان تعزيز موقعه الداخلي مقابل المعارضة، خاصة بعد ان انفصل الحزب القومي المتشدد عن تحالفه على خلفية التعاطي مع قضية خاشقجي. أردوغان يريد ان يكون حقاً سلطاناً عثمانياً حديثاً، يجمع بين القومية التركية كهوية جامعة، وبين الإسلامية باعتباره يمثل حزباً دينياً. ولهذا، فإن زعامة أردوغان الشخص مهمّة في تتبع وتحليل الموقف الذي يتخذه إزاء تصفية خاشقجي.

    ٤/ يريد أردوغان من أمريكا عدّة أمور سريعة: اطلاق يده في شمال سوريا، والقضاء على حلم الأكراد بدولة تنتقل عدواها الى الداخل التركي. ويريد (غضّ نظر) عن تعاملاته التجارية مع ايران، بحيث لا تشمله عقوبات واشنطن الجديدة. ويريد فوق هذا، الغاء الضرائب والعقوبات التي اتخذتها إدارة ترامب، ما أدى الى زعزعة الاقتصاد التركي والليرة التركية.

    ٥/ يريد أردوغان حماية نفوذه ونفوذ حلفائه في المنطقة. تحديداً هو يريد إنهاء السعودية لحصار قطر، فذلك مكسب كبيرٌ له. ويريد فيما لو تطورت الأمور، اطلاق سراح سجناء الإخوان من أكثر من بلد عربي بما فيها السعودية، لإعادة الإعتبار له بينهم، خاصة بعد مواقفه التي رأى فيها كثيرون انها ضعيفة امام محنة الإخوان في مصر، وكذلك حلفاءه في سوريا.

    حتى الآن.. لم يحصل اردوغان على ما يريد من السعوديين.

    كل ما فعله آل سعود عبر رئيس وفدهم الأمني/ السياسي: الأمير خالد الفيصل، هو وعد بدعم مالي كبير، وبعض العروض الاقتصادية الأخرى، الى جانب انهاء الأزمة مستقبلاً مع قطر.

    هذا لم يكن مغرياً كثيراً، بالنظر الى ارتفاع الكلفة والخسارة على اردوغان إن هو سعى الى صفقة على حساب دم خاشقجي. وكلما تقدّم الوقت، صارت الصفقة السياسية مع الرياض وواشنطن أكثر تعقيداً وصعوبة، وأقلّ احتمالاً في الوقوع.

    أيضاً، يبدو أن إدارة ترامب لم تقدم عروضاً ذات قيمة لأردوغان، رغم أن الأخير تخلّص من ورقة القس الجاسوس برونسون، وأطلق سراحه، وهي الحجّة التي بسببها صعّد ترامب وادارته النكير والعقوبات على تركيا.
                  

11-03-2018, 10:12 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (٩)
    ما هي آفاق مستقبل إبن سلمان السياسي؟
    باعتراف الرياض انها ارتكبت الجريمة (بشكل غير مقصود)، وانفضاح الكذب، لم يبقَ الا دفع الثمن.

    هناك تزايد المطالب بأن ثمناً ما يجب ان يدفعه آل سعود، حسب كل دولة وكل جهة. البعض يريد مكاسب اقتصادية، والبعض يريد مكاسب حقوقية (اطلاق سراح المعتقلين)، والبعض يريد إسقاط وإزالة محمد بن سلمان من الحكم نهائياً.


    هل يعود ابن نايف الى السلطة؟!
    إبعاد محمد بن سلمان عن ولاية العهد، بدت مطلباً كبيراً، حين عُرض أول مرة على لسان أعضاء كونغرس عُرفوا بدعمهم للسعودية ولابن سلمان شخصياً.

    لكن فكرة الضغط من أجل إبعاده تتلقى زخماً متصاعداً.

    فتركيا تريد ذلك، والكونغرس يريد ذلك، وأوروبا تميل الى ذلك، وقيادات إقليمية: ايران والكويت وسلطنة عمان، واليمن وغيرها تريد وتتمنى ذلك أيضاً. فضلاً عن حقيقة ان الكثيرين داخل العائلة المالكة، والمؤسسة الوهابية والمثقفين والنخب المحلية السعودية، تتمنّى إزاحته أيضاً.

    السؤال: ما هو الثمن الذي ستدفعه السعودية؟ وما هو ثمن الجريمة الذي سيدفعه ابن سلمان؟

    حتى الآن، خسرت الرياض الكثير من سمعتها محليا ودولياً.

    مليارات الدولارات صُرفت على (تلميع) و(تصعيد) ابن سلمان، لصناعة شخصية اسطورية كاذبة.

    هذه المليارات ذهبت هباءً منثوراً.

    كل الإستثمار في ابن سلمان ضاع.

    لم يعد هناك في الذاكرة سوى صورة شاب نزق دموي غرّ جاهل يقود بلاده والمنطقة الى بحر من الإضطرابات والعنف، غير جدير بالحكم.

    بل ان ابن سلمان بفعلته الشنعاء حين قتل وقطّع جسد الخاشقجي، قد حرق سمعة كامل أفراد عائلته، وحكمهم الحالي والغابر.

    خسارة آل سعود اليوم تتصاعد بمقدار بقاء ابن سلمان في السلطة. ليس فقط بسبب مقتل الخاشقجي، بل لأن كامل الرؤية السعودية العمياء التي جاء بها ابن سلمان، في جوانبها الاقتصادية والسياسية قد فشلت حدّ الإنهيار. وما مقتل الخاشقجي إلا القشّة التي قصمت ظهر البعير. ولربما لو جادل أحدنا، بأن ما جرى لابن سلمان يعكس الضعف الحقيقي له وللدولة السعودية نفسها، ما تعدّى الحقيقة. إذ لو كان ابن سلمان قوياً ما اجتمع عليه حلفاؤه لينهشوه حيّاً؛ وكما قال المثل: (اذا طاح الجمل كثرت سكاكينه).

    بالنسبة للإدارة الأمريكية فإنها واعية تماماً بأن (بقاء الحكم السعودي) ضروري للأمن القومي الأمريكي ولإسرائيل، كما قال ذلك ترامب ببجاحة. وفوق المكاسب المادية التي طفق ترامب يكررها على مسامعنا منذ اليوم الأول لأزمة تصفية الخاشقجي، هناك مكاسب استراتيجية، فرغم ضعف مقام آل سعود، وقدراتهم في خدمة الاستراتيجية الأمريكية خلال العقدين الماضيين، الا انه لا بديل عن السعودية كما قال ترامب.

    الإشكال الذي واجهه هو ان جريمة ابن سلمان سببها الأساس غض النظر عن جرائمه السابقة: حرب اليمن، حصار قطر، خطف الحريري، وغيرها. وقد اتهم أعضاء في الكونغرس ترامب بأن ابن سلمان (رجله) وأن سياساته هي التي سببت المشاكل. وألحوا على معاقبة ولي العهد السعودي، بدون ان يؤدي ذلك الى الإضرار بأمريكا واستراتيجيتها.


    عزل المنشار حلّ مُرضٍ لأكثر من طرف، إلا لسلمان وابنيه!
    ترامب كرر ان العقود العسكرية (١١٠ مليارات دولار) يجب ان تبقى وانه يخشى من تضييعها بمعاقبة ابن سلمان. ثم زادت الإدارة الامريكية بأن معاقبة السعودية هو اضعاف لسياسة محاصرة ايران ومواجهتها.

    ومع إصرار الكونغرس لاتخاذ خطوات مباشرة منه لمعاقبة آل سعود؛ خضع ترامب ولو جزئياً، وأقرّ مسألة العقوبات حسب قانون ماغنيسكي (عدم منح تأشيرات وتجميد ارصدة أموال الأشخاص المتهمين).

    السؤال المهم هنا: هل تستطيع أمريكا ان تحصر عقابها لابن سلمان (بإقالته) دون ان يصيب الحكم السعودي الضعف، واستراتيجية الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط بالشلل؟!

    هذا غير ممكن بالطبع.

    وبالتحديد، لا يمكن تفادي كل الخسائر بل بعضها فحسب.

    يمكن بقاء الصفقات العسكرية، ولكن إزاحة ابن سلمان تعني اضعافاً للحكم السعودي، وانكفاءً له، وربما أدى الى خسارة كبيرة على صعد عديدة: قطر واليمن إضافة الى استراتيجية مواجهة ايران.

    هناك بعض المحللين الاستراتيجيين (مارتن انديك مثالاً) يؤكدون على حقيقة ان الصفقات السعودية العسكرية هي أقل بكثير مما يعلنه ترامب. كما يؤكدون على أن ابن سلمان أضعف الولايات المتحدة بدلاً من مساعدتها، ليس بسبب عدم ولائه استراتيجياً لأمريكا، وإنما لحماقاته.

    وبنظر المتصهين مارتن أنديك، فإن ابن سلمان أضعف المواجهة مع ايران، بسبب إصراره على حرب اليمن والاستمرار فيها بحيث اعطى ايران قوة إضافية. ثم انه حاصر قطر الشريك في الاستراتيجية الامريكية، ما أوقعها في حضن ايران اكثر فأكثر. وبدل ان تكون الأوضاع في المنطقة مستقرة وامدادات النفط آمنة، زادت أسعار النفط بسبب تصرفاته. وفي حين كان المطلوب زيادة التلاحم بين حلفاء أمريكا لمواجهة الوجود الإيراني وتفرعاته، قام باعتقال رئيس وزراء لبنان الحريري، فأضعفه في مواجهة حزب الله.. وهكذا.


    خالد بن سلمان، غير مرغوب فيه لا كسفير ولا كولي عهد، لمشاركته في قتل الخاشقجي
    وعليه، فإن الغرب عامة، وليس الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، ترى بأن محمد بن سلمان مغامر أحمق، يضرّ حلفاءه بدلاً من أن ينفعهم، وقد طفح الكيل وفاض الكأس ولا بد من العمل على استبعاده من السلطة، حتى وان كانت هناك بعض الخسائر المؤقتة. فالهدف في نهاية المطاف، حماية المصالح الامريكية والغربية عامة، وحماية النظام السعودي نفسه من أشخاص متهورين كابن سلمان. وقد قال كوركر، عضو الكونغرس، بأن بلاده لن تقبل ان تبقى مع هذا الشخص لأربعين سنة قادمة!

    ومع ان الضغوط باتجاه إبعاد ابن سلمان عن السلطة، وحصر الضرر به، لا يلقى قبولاً لدى الملك سلمان، بل ان اعتراضه شديد في هذا الأمر.. الا ان الضغوط السياسية الناتجة عن التسريبات التركية قد تؤدّي الى ذلك (نشر وثائق حسّية تثبت تورط المنشار في إعطاء أوامر عملية القتل)، أو الى عُزلة سعودية عن حلفائها والعالم، والى عقوبات قد تبدو ضعيفة الآن، وربما تتزايد في المستقبل، اعتماداً على مقدار مقاومة الحكم السعودي واصراره.

    وحتى لو لم يتحقق عزل ابن سلمان، فإن الأضرار ستكون كارثية على الحكم السعودي، وبالتحديد على الملك سلمان وجناحه الحاكم.

    فالمملكة المُسعودة يحكمها ثلاثة اشخاص، انحصرت بهم كامل السلطة: الأب الملك سلمان، وابنيه: ولي العهد محمد، وشقيقه خالد، السفير في واشنطن.

    بالنظر الى دعوات أمريكية بطرد السفير خالد، باعتباره مشاركاً في جريمة قتل خاشقجي، وتسريب خبر انه لن يعود الى واشنطن منذ بدايات الأزمة، فإن حظوظ خالد ليخلف أخاه ليست كبيرة. فلا العائلة المالكة تريده، ولا نخبة الحكم والحلفاء الغربيون يريدونه ايضاً. إذ ان المطلوب تغيير نهج المنشار ولي العهد، وليس شخصاً يستكمل سياسته.

    بعض المعارضين، يتمنى او يميل الى تولّي الأمير أحمد، وزير الداخلية الأسبق، للسلطة، بحيث يكون هو ولياً لعهد شقيقه سلمان. فأحمد هو (شقيق) سلمان؛ وهو أصغر السديريين السبعة. وهو شخصية تصالحية، من الجيل القديم، يمكنها شدّ عصب العائلة المالكة وإعادة وحدتها مقابل الهزّة التي أصابتها نتيجة تصفية جمال خاشقجي. واذا كان سلمان يريد إبقاء وراثة العرش في ابنه محمد، فإن خياره الثاني ابنه خالد، وإلا شقيقه أحمد. على افتراض انه يقبل اساساً، ويستطيع في المقام الأول، إزاحة ابنه المنشار محمد بن سلمان.

    الخيار الثالث الذي يحظى بتأييد جهاز السي آي أيه، هو محمد بن نايف، ولي العهد السابق، الذي تمّت اقالته ووضع تحت الإقامة الجبرية، والحجة أنه لا يؤدي عمله لأنه (مدمن مخدرات). ابن نايف هو الأقرب الى السي آي أيه، وقد منحته وساماً قبل إزاحته. ولكن إن عاد ابن نايف الى موقعه، فسوف يعاقب من أزاحه، ومن تآمر عليه ضمن جهازه (الهويريني)، سواء قام بذلك في عهد سلمان أو بعد وفاته. وهذه مقامرة لا يمكن لسلمان القبول بها.

    وفي كل الأحوال، فإن إزاحة محمد بن سلمان عن السلطة ـ فيما لو حدث وهو مستبعد حتى الآن، وهو امر لم ينضج بعد ـ سيعيد مشكلة انتقال الوراثة في الحكم الى مربعها الأول. أي انها تعود الى الوراثة الأفقية، بدلاً من العمودية، التي يبدو ان سلمان قد أرساها: (أي الحكم للأب ثم الإبن ثم الحفيد).
                  

11-03-2018, 10:20 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (١٠)
    ما هو تأثير الجريمة على السياسة الخارجية السعودية؟
    سواء بقي ابن سلمان في السلطة أم خرج منها، فإن ما حدث حتى الآن لا بدّ أن يؤثر على مكانة السعودية اقليمياً، وعلى قدراتها في مواصلة سياسة (الحزم والعزم والظفرات) التي زعمها الملك سلمان منذ توليه العرش.

    فقد ثبت ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ أن قضية جمال خاشقجي كانت المناسبة التي انفجر فيها العالم (القريب والبعيد) بوجه سياسات سلمان وابنه.


    تداعيات مقتل خاشقجي أخطر من تداعيات ٩/١١ على آل سعود
    جريمة قتل خاشقجي أضعفت الحكم السعودي وزعزعته بأكثر مما فعلت أحداث ٩/١١، او غزوة مانهاتن، واتهام آل سعود بأنهم وراءها، وان الـ ١٥ سعودي المشاركين فيها، هم نفس العدد الذي توجه للقضاء على خاشقجي وتقطيعه بالمنشار.

    ومع أن بعض كتاب ال سعود يتحدثون عن سهولة تجاوز تداعيات مقتل خاشقجي، مثلما تم تجاوز أزمة ٩/١١، الا ان الحقيقة ستظهر لاحقاً. فقانون جاستا لازال سيفاً مصلتاً على رؤوس آل سعود. ومقتل خاشقجي بمثابة جاستا ثانية، لن تنتهي مفاعيله لسنوات، اللهم الا اذا غاب محمد بن سلمان عن مسرح السياسة تماماً.

    وفي هذا السياق، نشير الى أن دولاً عديدة تبحث مسألة إيقاف تزويد الرياض بالأسلحة كعقاب لها على الجريمة التي قامت بها. كندا، وألمانيا في المقدمة. واسبانيا تواجه معارضة شعبية لايقاف مبيعات السلاح لآل سعود. اما ترامب فيرفض ذلك. وبريطانيا صامتة، وكأنها تتمنى لو أن توريدات الأسلحة تدفقت كلها عليها وأصبحت من حصتها!

    حتى لو لم يتوقف تدفّق الأسلحة للسعودية. فإن التداعيات السياسية لحادثة خاشقجي، تتضمن إجبار الرياض على إيقاف حرب اليمن (أو هكذا يبدو ذلك). فالجميع يشعر بثقل المحنة في اليمن؛ ومصالح الدول الكبرى باتت على المحك، وقد زادت المعارضة للحرب وآثارها الإنسانية المدمرة. لا بدّ أن جريمة مقتل خاشقجي (الذي كان من مؤيدي الحرب على اليمن، ثم في سنته الأخيرة دعا الى ايقافها) ستضعف معسكر الداعين لاستمرار العدوان على اليمن. بل قد تضعف الرغبة في القتال بالنسبة لليمنيين الذين يقاتلون نيابة عن القوات السعودية. وحتى داخل العائلة المالكة، هناك من يريد إيقاف الحرب، فهي ليس مكلفة ماديا واقتصاديا وبشريا، بل هي مكلفة سياسياً وأخلاقياً، ولا أُفق نصر لها. وقد يكون من بين التسويات او المطالب التي ستفرض على سلمان وإبنه، مسألة إيقاف الحرب، والخروج بصيغة تحفظ ماء الوجه.


    الحرب في اليمن.. آن لها أن تتوقّف!
    مسألة أخرى هي من تداعيات مقتل خاشقجي. وهي ان السعودية باتت اليوم أضعف في مواجهتها لإيران أو تركيا، وهما العدوان اللدودان بنظر آل سعود. واذا كان العداء لتركيا بالنسبة للأخيرين أكبر من عدائهم لإيران ـ وهو صحيح ـ فإن واشنطن مهتمة بتشديد الخناق على ايران التي تنتظر عقوبات اقتصادية وحصاراً شاملاً بحلول ٤ نوفمبر ٢٠١٨. مشروع المواجهة الأميركية مع ايران، فاشل في أساسه، ولا يتوقع له الا نجاحاً جزئياً وطفيفاً. ومع ضعف السعودية التي تعتبر حجر الأساس في مواجهة ايران، فإن عقوبات ترامب ستكون بدون آثار كبيرة على مستوى مكانة ايران الإقليمية او على مستوى تفتيت اقتصادها.

    حتى إسرائيل، تحدثت بصوت عال عن خسارة كارثية بسبب مقتل خاشقجي. وقالت صحافتها ان الحلف الذي كانت تأمله مع ابن سلمان (حلف إسرائيلي ـ سنّي بزعمها) لمواجهة ايران، قد انهار بسبب سذاجة ابن سلمان نفسه، وهذا يعدّ أمراً كارثياً بالنسبة لها. وحسب الصحف الإسرائيلية فإنه لم يصل زعيم عربي الى الحكم منذ أربعين سنة، يعترف بإسرائيل، وينسق معها أمنيا وسياسياً، ويتنازل عن القدس، ويقبل بصفقة القرن، الا محمد بن سلمان. هذه الآمال الصهيونية تكاد تنهار الآن بشكل كامل مع حالة الضعف والضعة التي وصل اليها الحكم السعودي.

    في جهة أخرى، فإن تركيا ـ على الأرجح ـ قد حققت حتى الآن منجزاً ضخماً في الاستفادة من موضوع خاشقجي، وهي قادرة ـ ان ارادت الآن او في المستقبل القريب ـ ان توسع نفوذها الإقليمي على حساب مصر والسعودية.

    وعموماً، فالمتوقع ان تنكفيء السياسية الخارجية السعودية بعد هذه الأزمة. تماماً مثلما حدث بعد غزو العراق للكويت، حيث أمضت الرياض عقداً كاملاً في مرحلة سبات (١٩٩١ – ٢٠٠١) فلم تستفق إلا على تفجيرات نيويورك وواشنطن.

    لا يتوقع ان يقوم ابن سلمان بفتح معارك جديدة مع جيرانه، لا في الكويت وسلطنة عمان اللتان يهددهما بالغزو، ولا مع غيرهما من الدول الأبعد، فلا مكان للأخطاء مجدداً، ولا قبول بأية مبررات واعتذارات.


    هل توزّع الرياض بيضها في أكثر من سلّة سياسية؟!
    هذا يوصلنا الى موضوع قطر.. التي تلقي هذه الأيام بأقصى جهودها للإطاحة بمحمد بن سلمان، او على الأقل ـ الإستفادة من جريمة مقتل خاشقجي لرفع الحصار السعودي عنها. وفوق هذا، فإن قطر مهتمة بعودة العلاقات مع السعودية، وتريد مواصلة المواجهة مع ذيلي السعودية: الإمارات، والبحرين. الأولى كانت المحرض للرياض على حرب قطر وحصارها، والثانية مثلت البوق الذي انطلقت منه قوات للإطاحة بالحكم في قطر.

    على الأرجح، إن بقي محمد بن سلمان في السلطة، او خرج منها، فإن أزمة قطر ستكون أولى الأزمات التي سيتم انهاؤها رغماً عن أنف محمد بن سلمان.

    هذا يعني، أن مجلس التعاون، الذي قتله ابن سلمان، ليستعيض عنه بتحالف ثلاثي مع ابوظبي والمنامة، قد تُبعث فيه الحياة مجدداً، ولو بصورة محدودة، ولو بعد حين.

    من المحتمل، وان كان بقدر ضئيل، ان أزمة خاشقجي، قد أوضحت لآل سعود ضرورة إيجاد التوازن في العلاقات مع القوى الدولية، والكف عن العنتريات في مواجهة القوى الإقليمية (تركيا وايران تحديداً).

    قال ابن سلمان امام روس وصينيين حضروا مؤتمر دافوس في الصحراء (الذي عُقد مؤخراً في الرياض) بأن الأزمة كشفت من هو الصديق ومن هو العدو. وحتى الآن، فإن الرياض تستخدم هذا الكلام تكتيكاً لمواجهة الضغوط الغربية.

    قد يفكّر آل سعود في تعديل سياستهم الخارجية، بحيث ينفتحوا سياسياً بقدر أكبر على روسيا والصين كقوتين دوليتين، وعلى ايران وتركيا كقوتين اقليميتين، ومقاسمتهما النفوذ، وهو ما يريده كثير من المراقبين المحليين، وذلك لتفادي (الابتزاز الأمريكي والغربي).

    لكن الرياض، المدمنة للحماية الغربية، لا تستطيع الانفكاك عن الغرب دفعة واحدة حتى لو أرادت، فكل شيء في الرياض وفي عقول اهل الحكم يتمحور حول الحماية الغربية، وهم يشعرون بأنهم لا يستطيعون العيش والاستمرار في الحكم بدونها.

    لعل البدء باستراتيجية جديدة وهادئة هو ما قد يقدم عليه الأمراء، ان حدث ذلك. هذا محتمل، بصورة ضئيلة كما قلنا. والا فإن الرأي العام يقول: ان آل سعود لن ينتقلوا من الحضن الأمريكي/ الغربي الا الى القبر!

    فضلاً عن هذا، فإن العواصم الغربية، تراقب الخطوات السعودية في هذا الاتجاه التصالحي ـ لو حدث ـ مع روسيا والصين وايران وتركيا، ولن يسمح لها بفعل ذلك. وزيادة على هذا، فإن الرياض ملزمة لوقت طويل مستقبلي، بأن تؤدي دورها ضمن الاستراتيجية الأمريكية. أي انها لا تستطيع الآن ان ترفض الدور الموكل اليها ،حتى لو أدى الى الصدام مع روسيا وتركيا وايران على الأقل.
                  

11-03-2018, 10:22 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عدد خاص من مجلة الحجاز لشهر أكتوبر عن مقتل (Re: Yasir Elsharif)

    (١١)
    ماذا عن تداعيات الجريمة داخلياً؟
    ماذا عن الشعب السعودي، او المسعود؟ أليس لديه كلمة او موقف في هذا الظرف العصيب، ليس على آل سعود فحسب، بل على البلاد وشعبها أيضاً؟

    لا شك أن انكشاف جريمة قتل خاشقجي، قد فضحت الحكم السعودي، وهبطت بأسهم آل سعود، وبالخصوص محمد بن سلمان الى الحضيض.

    كانت هزّة أصابت الجميع، حتى المؤيدين، الذين انكفأ الكثير منهم ـ وبينهم كتاب مشهورون ـ عن الكتابة، واعتزلوا مواقع التواصل الاجتماعي، او لم يعودوا يكتبون شيئاً او يعلقون على أي حدث.

    وقد حاولت السلطة ومباحثها وذبابها الالكتروني تحفيز الحس الوطني للدفاع عن (الوطن = محمد بن سلمان)، ولكن دون فائدة كبيرة، حتى بين المشاهير الذين تعرضوا بالاسم الى هجمة حادة تتهمهم بالخيانة لأنهم لم يقفوا مع الوطن، ولم يتحدثوا عن براءة آل سعود من دم الخاشقجي. ولم تخف التهديدات العلنية على وسائل التواصل الاجتماعي، الا بعد ان استجاب بعضهم، والا بعد أن أعلنت السلطة السعودية نفسها عن اعترافها الصريح بقتل خاشقجي في قنصليتها في إسطنبول.

    حتى مشايخ السلطة نفسها، فقد تفاجأت الأخيرة بضعف حماس أكثرهم في الدفاع عنها. وكان كتبتها يتحدثون عن خيانة متعددة الجوانب للوطن، وظهر آخرون يتحدثون عن (فشل الاعلام السعودي) في الدفاع عن آل سعود ومملكتهم.

    ماذا يعني هذا؟

    هذا يعني ابتداءً ان شرعية النظام السعودي خلال السنوات الأربع الماضية، وهي سنوات العهد السلماني، قد تراجعت بشكل كبير.

    وأسبابها ليست الخاشقجي ومقتله، وانما هذا واحد من الأسباب. هناك أسباب اقتصادية بسبب الضرائب وانهاك المواطنين بها. وهناك أسباب سياسية وأمنية، حيث القمع المستطير لكل أصحاب الرأي، وهناك الفشل الاقتصادي والجمود السياسي.

    لم يكن المواطن قادراً على ابداء رأي مخالف وهو يرى انحدار المنشار محمد بن سلمان بنفسه وبالدولة وبالمواطنين. وأصحاب الرأي غير المعتقلين فضلوا الصمت (ما وسعهم) رغم ملاحقاتهم من قبل سعود القحطاني وزبانيته من الذباب الالكتروني.

    لهذا لا يجب ان يتوقع احد ان يظهر صوت من المواطنين.

    ويفترض أيضاً ان لا يعوّل الملك سلمان وابنه المجرم على دعم شعبي يقف معهما في أزمتهما الحالية.

    ومادام النظام قد شعر بالإهتزاز، وأن ليس لديه من نصير، وفي ضوء ان الملك يريد الإبقاء على ابنه في منصبه، ومواجهة بعض الضغوطات الخارجية والمطالب الطويلة من دول استعمارية كبرى حليفة له.. فليس أمامه الا التراجع أمام الشعب ولو قليلاً.

    نقول تراجع نسبي. فالنظام لا يفكر في إعطاء وعود بإصلاحات سياسية، وما أكثر وعود الملوك السابقين التي لم تطبق، اللهم الا على النحو الذي وعد به الملك فهد بعيد ازمة احتلال الكويت، بأن وضع مجلس شورى معيّناً.

    لا يتوقع ان يكون هناك اصلاح سياسي بهذا المعنى.

    ولكن ما هو متاح للنظام وما يتوقعه الباحثون أن يقوم به، هو سياسات تقليدية، من بينها:

    استمالة الشعب من خلال عطاءات او تخفيف الضرائب. وقد أعلن الملك اعادته للعلاوة السنوية لموظفي الدولة، ولكنها لم تحدث الأثر المطلوب، كونها أمراً تافهاً. كما سبق وأن اعلن ابن سلمان نفسه في لقائه الأخير مع بلومبيرغ انه لن يفرض ضرائب جديدة حتى سنة ٢٠٣٠. وحتى لو صدق في هذا، فهو أمرٌ غير مرضٍ البتة.

    تخفيف وطأة القمع، باطلاق سراح معتقلي الرأي، وإلغاء أحكام الإعدام المتزايدة. فهذا لو حدث سيكون مؤشراً على تغيّر في (النهج السلماني العقيم). هناك من يتوقع ان يتم اطلاق سراح بعض المعتقلين غير الخطرين، كالنساء اللاتي طالبن بقيادة السيارة، ثم وضعهن المنشار في السجن بلا مبرر، ما قلب الأمور في غير منفعته الآنية والمستقبلية. كما يتوقع البعض الغاء احكام الإعدام او معظمها، وتخفيف الحكم، واطلاق اعداد من المعتقلين، بحيث يُحدث ذلك اثراً شعبياً يداوي بعض جراح الشعب. هذا يعني أيضاً، أن سياسة القمع والاعدام والتشويه والمنع من السفر، يفترض ان تتوقف او يتم التخفّف منها الى حدود بعيدة، والا فإن التوتر الذي عاشته البلاد منذ وصول سلمان الى السلطة سيستمر. وان حالة طلاق المجتمع مع آل سعود ستتعمد اكثر فأكثر.

    يتوقع ان يسترضي النظام العائلة المالكة، بالتأكيد على ان الهدف الأكبر هو حماية (مُلكْ آل سعود) في مواجهة الأزمات الخارجية. هذا لن يتأتّى الا بتغيير منهجي ومشاركة أوسع في السلطة بين الأمراء. ربما يتم اطلاق سراح بعض الأمراء، وعودة بعض المنفيين منهم، ومحاولة القيام بمصالحة من نوع ما.

    مشايخ الوهابية، والوهابية نفسها كأيديولوجية، يتوقع ان يُعاد اليها بعض الاعتبار، وكذلك للمشايخ ـ خاصة أعضاء هيئة كبار العلماء ـ الذين تم تهميشهم واخراسهم. استرضاء المشايخ لن يتم الا بتعديل بعض السياسات التي يقوم بها ابن سلمان نفسه، والتي يعدونها تغريبية. اما المشايخ انفسهم فلازال ولاؤهم للنظام، وأما سخطهم فهو مؤقت، ويستطيع الملك سلمان النجاح في هذا الشأن وجلبهم اكثر الى جانبه، وإن كانت قيمتهم بشكل عام قد تضاءلت، نظراً لما تعرضوا له من حملات إعلامية، ولأن أكثرية الشعب تنظر اليهم كأدوات رخيصة يستخدمها النظام متى شاء.

    وكما توقع كثيرون، فإن سلمان وابنه وجدا كبش فداء، وفي مقدمة الأكباش: سعود القحطاني، المستشار برتبة وزير، ونائب رئيس الاستخبارات احمد عسيري. ومتوقع ان تتم اقالة آخرين في وزارة الاعلام والخارجية (الملحق العسكري والقنصل محمد العتيبي في تركيا) وغيرهم، وتحميلهم الفترة السوداء المكارثية السلمانية الماضية.

    لكن المهم والمتوقع هو: انحسار دور الذباب الالكتروني الذي جلب لآل سعود بزعامة سعود القحطاني مشاكل كثيرة، وجعل الرأي العام العربي والإسلامي ينفر من آل سعود، بسبب قذارة هذا الذباب وما ينشره على مواقع التواصل. ويبدو ان هناك رغبة شعبية كبيرة للتخلص من اكثر الذباب المجندين بالمال للدفاع عن النظام الكترونيا، وذلك على أمل توسعة هامش حرية التعبير للصحفيين المحليين وهم في معظمهم مع النظام، ورغم هذا لم يسلموا من القحطاني وذبابه. قد تشهد الفترة القادمة شيئاً من توسعة مساحة التعبير وتخفيفاً من وطأة الذباب ومشايخ الذباب!

    وختاماً لهذا الملف.. فإن جريمة قتل المرحوم خاشقجي، قد جاءت صاعقة للنظام في آثارها ونتائجها، وهو لم يحسب لها حساباً. وتوضّح ان دم خاشقجي، ودماء الشهداء، ودعوات المعتقلين وعوائلهم، وما صنعه سلمان وابنه في اليمن وغيرها قد جاءت بنتيجة طيبة لعملية جبانة سيئة.

    لقد قدّر الله ان يفضح آل سعود المجرمين، وهو القادر على إنهاء شرورهم الى الأبد، وأن يقتصّ منهم عبر أقرب المقربين اليهم: حماتهم الغربيين.

    ان بطش ربك لشديد، فله الحمد أولاً وآخراً، وإنا لله وإنا اليه راجعون!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de