|
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر (Re: Kabar)
|
اغني.. أن اغني..!!
11 الخرطوم ، في الصباح ، بدت شاتمة .. زاعقة تلعن الأمريكان..امواج المظاهرات الهادرة تسد الدروب و الشوارع..مكبرات الصوت تزعق بهدير قوي للغاية و هي تشتم امريكا..و تدين فعلها المشين..و توعدها باننا تسلحنا لها.. تسلحنا بالإيمان..!!! كانت مشارق في انتظاري في المكتب..سلمت عليها..و هي تسألني اين كنت الليلة الماضية..و تبسمت و انا اقول لها: كنت في سماوات البهاء.. بعيدا بعيدا عن الأرض..! مطت شفتيها استهزاءا و هي تقول: لم اسألك عن خيالك المسطول ، سألتك عن الواقع..سألتك عن مطر الرصاص الذي انهال علينا بغتة..! مشارق ، مثلها و مثل الكثيرين ، ترتعب لمطر الرصاص الذي انهدل ليلة ، ولا تعرف ان الأخرون ، الأخرون الأشقياء.. صيفهم تهطل فيها سحابات الرصاص ، شتاءهم تهطل فيه سحابات الرصاص ، خريفهم تهطل فيه سحابا الرصاص..! زجرتُ تلك الخاطرة اللئيمة و انا اطردها بعيدعن خيالي ، خيال التواطؤ السائب..! قلت: كنت في بيت المرأة الغريبة..! ضحكت مشارق و هي تقول: ماذا تعني؟.. حكيت لها التفاصيل كلها.. و قالت: هذه فعلا امرأة غريبة..و الأغرب وفرة الكونياك الهنسي في امبدة..!! ضحكت و انا اقول: الغريبة لم افكر في امر تلك الوفرة..ولا ذلك الأمان الغريب..! دخلت عائشة و صواهد ..و كل منهما تحتقب رزمة من صحف الصباح..و كغير العادة ، كان الأستاذ الكبير قد حضر مبكرا و هو يتتبع الأخبار..لم يسألنا كعادته في تفسير الأشياء او تحليلها و لكنه كان صامت متوتر..كانت تجلس معه فتاة تلتفع بثوب احمر و تبدو غير مهتمة بمظهرها..وهي تحاول ان تجري حوار مع الأستاذ الكبير.. عرفنا انها صحفية في احد الصحف..و كان الأستاذ مترددا في امر الحوار بدعوى انه لم يجمع معلومات كافية..! جلسنا نتصفح صحف الخرطوم ..و يبدو انها كلها تتحدث بطريق التكهنات.. مع التركيز على الإدانة العاطفية للحدث..لا احد يقدم معلومة دقيقة عما حدث ..ولا صورة واحدة لبقايا المصنع.. يبدو ان المكان اصبح محظورا..! سمعنا جلبة في البهو امام مكتبنا..و حاولت استفسار الأمر.. رأيت مجموعة من العسكر و برتب كبيرة للغاية و في الزي الرسمي..سلموا علي و سألني احدهم: هل تعمل في هذا المكتب؟..و قبل ان اجيب.. تحدث رجل برتبة عقيد و هو يقول: هذا الأستاذ حماد ، يعمل مع الأستاذ الكبير..! وقبل ان افكر في امرهم.. دعوتهم للدخول الى المكتب..و لدهشتي اخذوا يتحدثون مباشرة الى منار سكرتيرة المكتب..لم ارى منار ، في حياتي ، في موقف حانق كهذا..و كانت تجادل كبيرهم ..و هو برتبة مارشال.. كأنها تتحدث الى موظف صغير يعمل عندها.. قالت: ماذا الآن.. لا اعرف مكانه..! تبسم الضابط الكبير وهو يقول: معلوم يا منار.. و نحن من يحتاج اليه.. انت تعلمين لا متاعب فهو استاذنا الذي علمنا اشياء كثيرة..! وقتها تذكرت امر الصحفية التي تجلس مع الأستاذ الكبير في داخل مكتبه الذي احكم اغلاقه كأنما يفعل شيئا مشين بعيدا عن اعين الفضول..و اخذت اساءل نفسي..و ما علاقة كل هذا ببعضه البعض؟.. لماذا الأستاذ الكبير وفي هذا المنعطف بالذات؟.. قال الضابط ، المارشال ، يخاطب منار: سانتظره هنا..و لابد أن يساعدنا.. البلد في موقف حرج للغاية..! و لم تقل منار شئ ، غير عبارتها: لا اعر ف اين هو الآن..! جوقة العسكر زحمت المكتب ، و اصبح لا موطئ قدم.. زميلاتي .. مشارق و عائشة و صواهد تجلى الرعب في قسمات وجوههن.. كن مرتعبات بحق و حقيقة.. و اقترحت عليهن ان يذهبن الى مكتب الشركة المجاورة لمكتبنا..و لم يعترض العسكر على ذلك.. ثم دعوتهم ، دعوت العسكر ، للجلوس..! في تلك اللحظة فتح الأستاذ الكبير باب مكتبه وخرج يستفسر الأمر.. شعرت بحيرة.. فياترى ماذا سيفعل؟.. تبسم في وجه الضابط الكبير ، الضابط المارشال ، و هو يقول: لم اكن اعرف ان لدينا ضيوف.. تفضلوا الى مكتبي..و لكن العسكر اعتذروا عن الدخول الى مكتبه..! كنت انتظرهم ان يبدأوا الحديث مع الأستاذ الكبير..و لكن كبيرهم قال له: نريد لقاء جنابوعبد المنعم..! ضحكت في نفسي ، وقلت: كل هذه الجلبة من اجل عم عبد المنعم؟..ياما تحت السواهي دواهي..! لم يطل انتظارنا كثيرا..و جاء عم عبد المنعم .. يتأبط الصحف ، صحف الخرطوم اليومية ،..و يحمل قدح القهوة له..و قدح نسكافيه لمنار سكرتيرة مكتبنا..! كل العسكر كانوا ينظرون اليه برعب و زهو و خشوع..و قال كبيرهم معتذرا: اسف الأمر لا يحتمل الإنتظار .. نريد مساعدتك..! ولأني تعودت على وجودهم الصاخب.. فاقترحت عليهم الجلوس في مكتب الأستاذ الكبير..و استأذنت في الخروج..و جذبني عم عبد المنعم و هو يقول.. لا تذهب اريدك ان تبقى..! دخلنا مكتب الأستاذ الكبير..و استأذن هو في الخروج..وكنت اظن أن عم عبد المنعم سيطلب منه البقاء..و لكنه شكره على الضيافة.. واعدا بان الجلسة لن تطول..! وقال بصورة واضحة: اريد ان يبقى معنا استاذ حماد..! خرج الأستاذ الكبير..و خرج عم عثمان الفراش..و لم نبقى الإ انا و عم عبد المنعم و العسكر..! قال عم عبد المنعم مخاطبا الضابط الكبير ، الضابط المارشال : ماذا تريد بالضبط؟.. نظر الضابط الكبير في وجهي جيدا..فقال عم عبد المنعم: اريده ان يبقى وهو شاب خير..لا خوف منه..! شعرت بخوف حقيقي..! قال الضابط الكبير: نريدك ان تكتب سلسلة مقالات..و سوف نمنحك حافز خمس مليون جنيه عن كل حلقة..و اكتب ما شئت.. حتى و لو الف حلقة..و لك مطلق الحرية في اختيار الصحيفة التي ترغب في النشر فيها.. فقط قل لهم ان البلاد لا تصنع اسلحة بيولوجية..!! قال عم عبد المنعم بهدوء: مثلما قلت لك.. لن اكتب حرف قبل زيارة ميدانية..! قال الضابط الكبير بتلعثم: و هذا غير ممكن..! قال عم عبد المنعم: حسنا ، فلن استطيع ان اكتب خيالا..! ساد صمت قليل..ثم قال الضابط..اريدك في امر اخر..قال عم عبد المنعم قل.. تلعثم الضابط الكبير مرة اخرى و اخذ يحدق في وجهي بصورة شريرة..وقال عم عبد المنعم: قلت لك امره يهمني..و لا خوف منه.. ماذا تريد؟.. قال الضابط الكبير: التخزين..! قال عم عبد المنعم: مخازنكم قديمة..وضيقة..و غير مؤهلة لإستيعاب ما تودون تخزينه.. ناهيك عن حرارة الطقس..لماذا لا تبنون مخازن جديدة و بمواصفات مواكبة؟.. قال الضابط الكبير: انت تعلم حال البلد..و شح الأمكانيات..وظروف الحرب..و الحصار..! قال عم عبد المنعم: اعلم ذلك ، و لكن الإرادة غائبة تماما..لا ارادة تفكر في المستقبل و لو على المدى القريب..! قال الضابط متلعثما: انت تعرف سعادتك ، اننا عسكر ..و اهل السياسة هم من يتحكمون في الأمور..! قال عم عبد المنعم: الجيش عمره لم يكن تحت السياسة في هذه البلاد..و مطالبكم مشروعة ..و انتم تقدمون الكثير للبلد و اهلها..! قال الضابط: نعم..و لكن ماذا ترى في امر التخزين..؟ قال عم عبد المنعم: ضعوا الأشياء في وضع رأسي..و الخسارة ستحدث ..ان لم يكن اليوم فغدا او بعد غد..! قال الضابط الكبير مستغربا: و لكن سيادتك ، الخبراء العراقيون يرون ان نضعها في وضع افقي؟.. امتعض عم عبد المنعم و هو يقول: الخبراء العراقيون لا يفهمون في طقس بلادنا الحار..و لا يعرفون عن طبيعة مخازنكم.. الأرضية عندكم ارضية ترابية..الوضع الأفقي سيجعل الخسارة اكبر.. الوضع الرأسي سيجعل الخسارة اقل..لأن الأتجاه سيكون نحو الأعلى.. اما الأفقي . الإتجاه سيكون حول المباني و المساكن و مخازنكم تقع وسط منطقة ماهولة بالسكان..! عاد الضابط الكبير الى الموضوع الأول و هو يقول لعم عبد المنعم: سوف اجتهد في ان اوفر لك زيارة..ميدانية..ولكني لن اوعد بشئ..! قال عم عبد المنعم: سانتظر..وفي المرة القادمة ارجوكم لا ترعبوا هذا المكتب و اهله.. هذا ليس مكتبي..و انت تعرف كيف تجدني..! و كان هذا بمثابة اعلان لنهاية الإجتماع الغريب..!
كبر
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-01-18, 08:31 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-01-18, 08:33 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-01-18, 08:35 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-01-18, 08:37 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | امتثال عبدالله | 09-01-18, 09:53 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | munswor almophtah | 09-02-18, 00:04 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-02-18, 02:57 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-02-18, 02:59 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-02-18, 03:01 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-02-18, 06:25 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | محمد بدرالدين | 09-02-18, 07:55 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | هاشم الحسن | 09-02-18, 08:35 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | محمد حمزة الحسين | 09-02-18, 09:50 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | علي عبدالوهاب عثمان | 09-02-18, 10:20 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | حامد عبدالله | 09-02-18, 10:33 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Biraima M Adam | 09-02-18, 01:09 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Ahmed Yassin | 09-02-18, 02:58 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | امير الامين حسن | 09-02-18, 05:24 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-03-18, 00:22 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-03-18, 00:26 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-03-18, 00:28 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | معاوية الزبير | 09-03-18, 03:58 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | adil amin | 09-03-18, 05:33 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-03-18, 06:48 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-03-18, 06:49 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-03-18, 07:19 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-03-18, 07:22 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-04-18, 11:32 PM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-10-18, 02:52 AM |
Re: رواية نواح الشواهق – محمد النور كبر | Kabar | 09-14-18, 05:53 AM |
|
|
|