لولا اننا نعيش في متلازمة النسيان لامتلاكنا ذاكرة تتساقط منها الأحداث والأفعال والأقوال كتساقط الحبات الصغار من ثقب الغربال، لأصبح ما نكتبه عن الإمام الصادق المهدي كلاما مكرورا مملاً، ولكن ماذا نفعل، سنظل نكتب ونكرر ما نقول عسى ولعل تنقشع الغشاوة عن أعين المريدين والأحباب.
قلنا إن الإمام ما اراد من خلال تجميع المعارضة المسلحة والمدنية في جسم واحد إلا ليجعلها تحت إبطه وإمرته حتى اذا ذهب القوم إلى سوق حلول الأزمة الوطنية ضمن حلاً يبقي على زعامته الأبدية ليس في شخصه وإنما لمن يرثه على عرش الطائفة من بعده.
لا يمكن ان يكون هنالك شخص في هذا السودان الواسع العريض يأتي على حين غفلة ويسحب غطاء الزعامة والقيادة عن الامام سليل المهدية، وهو على قيد الحياة، لا يمكن أبداً، (معقولة يجي زعيم جديد يلتف حوله الناس والمهدي موجود)؟؟، الإمام هو الزعيم الأوحد الذي ينبغي أن تطوف حول معبده الجماهير، وصدق من قال "لو رأء المهدي جنازة يتبعها جمهور غفير لتمنى أن يكون هو الميت".
المهدي ولد أميراً وسيظل زعيماً يقود طائفة من أهل السودان يتم السيطرة على أفرادها من عمر باكر عبر العاطفة الدينية، سيدورون جميعاً في فلك الزعيم حتى يتم توريث الزعامة لمن بعده وغير مقبول أبداً خروج أحد عن مسار القطيع.
ولكن مع مرور الزمن وتنامي وعي الناس باتت هذه الوضعية كقصبة في مهب الريح، ومع ذلك ظل الإمام واقفاً ممسكاً بعصا القيادة المتوارثة عازماً على توريثها لمن بعده وان شق عليه وجوده.
وما بين مشقة العثور على الوريث وتنامي الوعي وسط التابعين بات الإمام يفقد دبلوماسية الحديث المعهودة فيه من زمن، وأصبحت الكلمات تخرج من فمه خروج (المكياج) عن الوجه الكالح.
تابعوا حواره الأخير مع عبير المجمر سويكت، والمنشور على الصحف الالكترونية، بتمعن وحتعرفوا الحقيقة التي قادت المهدي إلى ترك قاعة الصداقة حيث حوار البشير بعد ان كان أحد أكبر الداعميين له، فبعد ان وجد القاعة مليئة بأحزاب (الفكة) علم بأن (الطبخة) التي تتم مع الغائبين ستتجاوز (طبخة) قاعة الصداقة وتتجاوزه شخصياً بالتأكيد، وليس من بديل إلا اللحاق بالغائبين. وهكذا خرج من السودان بعد سيناريو الهجوم المباغت على قوات الدعم السريع ومذكرة علي قيلوب، للقصر التي حملت اعتذار المهدي للدعم السريع عن كل ما قاله في حقها.
أيها الناس ـ ناس "نداء السودان" أقصد ـ ان الذي بينكم والامام لهو أعمق مما بينكم والنظام، إنما النظام يخاف منازعتكم له على سلطة استولى عليها في جنح الليل بقوة السلاح ولا يهمه ان وقف معه السودانيين ام لا، فهو يسعى للمحافظة على سلطته وان اضطر لجلب مرتزقة لحمايته، بينما المهدي يخاف منازعتكم لزعامته المتوارثة بسحب قواعد طائفته في مناطقكم وتركه كالراقص العريان في زفة دراويش.
لذلك فهو يريد أن يأتي بكم لحظيرته تجرون من خلفكم قواعدكم وقواعد الأنصار التي تمردت او حاولت التمرد عليه بعد ان لامست عقولها حافة الوعي .. انكم تهددون عرش المهدي وتريدون القضاء على حزب الأمة فهل ينتظر حتى تهدون المعبد على رأسه.
أنظروا ماذا قال في الحوار المار ذكره خلال تعليقه على عبد الواحد محمد نور، الذي أفلت من الوقوع في شباكه، وفي الحيدث أطلق المهدي الجزء وأراد الكل. "أنا أعتقد أن بعض الناس أمثال عبدالواحد وغيره يعتقدون أنهم أن لم يستطيعوا القضاء على وزن حزب الأمة في دارفور لن تكون عندهم مكانة في قيادة دارفور، لذلك هم يعتقدوا أنه لازم يهدموا صورة حزب الأمة حتى يكون عندهم مستقبل في دارفور".. طيب اذا كانت الحركات المسلحة تسعى لهدم حزب الأمة في اعتقاد المهدي فما الذي تركته هذه الحركات للنظام حتى يقوم به ضد حزب الأمة، ام أن المهدي لا يرى في النظام خطورة على حزبه توازي خطورة الحركات؟؟ واذا كان المهدي يرى في الحركات ذلك فيا ترى ما الذي يمكن أن يفعله لمواجهة خطر هذه الحركات؟؟.
تعالوا شوفوا النصيحة التي قدمها لقادة هذه الحركات حتى يضمنوا وصولهم إلى السلطة، يقول "لذلك أنا الآن أقول لعبدالواحد وغيره :أن كنتم تريدون مصلحة دارفور ما في أي طريقة لتحقيق مصلحة دارفور عن طريق تعبئة قبيلة ضد أخرى أو فئة ضد فئات أخرى، وإنما الطريقة الوحيدة هي الإنتماء إلى منبر قومي واعي لقضية دارفور ويريد أن يعالجها، لكن أي كلام عن إنه يمكن أن يصل أحد للسلطة أو أي مكانة أخرى من غير اتباع هذا المسلك في رأيي هذا وهم".
لاحظوا قال الطريقة الوحيدة لمعالجة مشكلة دارفور هي إنتماء قياداتها لمنبر قومي.. لم يقل "عليهم أن يذهبوا ويشكلوا منبر قومي لمعالجة القضية"، فهو هنا ينطلق من العقل الجمعي الذي انبثق منه الفكر الكيزاني الذي لا يرى في أهل الهامش تاهيلاً لتكوين منابر قومية تسهم في الشأن الوطني، يريدونهم فقط قطيع في زرائب السادة، وان شذَ أحدهم وقام بتشكيل اي جسم بعيداً عن زرائبهم نُعت بالعنصرية، ألا أنهم هم العنصريون، وسيعلم الناس ذلك وإن طال السفر، فلا زلنا نتخبط في ظلمة الجهل وسيأتي فجر الوعي مهما تأخر.
ولكن فلنبق في محطة المهدي ونترك الحديث عن العنصرية التي تسيطر على الوعي الجمعي للسودانيين، لوقت آخر. فالمهدي يرى أن تفكير أهل الهامش في الوصول للسلطة او زعامة المنابر القومية من دون انضمامهم للمنابر القائمة، مجرد وهم لا أكثر، يا إلاهي ما هذا يا امام؟؟.
ما من شئ أرق المهدي في منازعة زعامته التي تلفظ أنفاسها الأخيرة غير أهل الهامش وبالتحديد (دارفور)، ظل المهدي يخاف أبنائها داخل حزبه وخارجه، فهي مركز ثقل حزب الأمة والأنصار، ورغم هذا الثقل إلا أن القيادة ظلت محرمة على أبنائها داخل حزب الأمة إلا من يأمنه المهدي ولا يخاف منه تهديد مصالحه الشخصية والأسرية.
وهنا دعوني أنشط ذاكرتكم بالذهاب بكم إلى المؤتمر السابع لحزب الأمة القومي في عام 2009، لأحكي لكم مقتطفات مما جرى من ممارسات غير أخلاقية ولا قانونية لضمان زعامة الإمام وقطع الطريق على مهدديه من أبناء دارفور، هل تذكرون الحرب الضروس التي قادها آل المهدي على آل مادبو.. هل تابعتم كيف تعرض الراحل مادبو آدم مادبو إلى الاختطاف والضرب من ضاحية سوبا التي تجري فيها فعاليات المؤتمر العام للأمة القومي؟.. هل تزكرون اعتداء ضابط الأمن وقتها بشرى الصادق المهدي على الوليد مادبو؟؟ لقد تعرض آل مادبو لأنواع من الارهاب الممنهج المدعوم من المهدي لا لشئ إلا لأنهم فكروا في قيادة طائفة الأنصار، وفك سيطرة آل المهدي على زعامة حزب الأمة القومي وكيان الأنصار.
ثم نمضي في تنشيط الذاكرة أكثر خصوصاً من (يفلقون رؤسنا) بديمقراطية المهدي، هل تذكرون كيف داس على دستور الحزب ولوائحه لأجل قطع الطريق على الأستاذ محمد عبد الله الدومة، حتى لا يتولى الأمانة العامة للحزب، وفعل المستحيل للاتيان بالفريق صديق اسماعيل، مكانه؟؟.
ان كنتم لا تذكرون فاذكركم بأن المهدي قام يومها بزيادة عدد أعضاء اللجنة المركزية للحزب من 600 من كل أنحاء البلاد إلى 856 من داخل المؤتمر، ومن دون أية تعديلات في الدستور، فقط بتقديرات من رئيس الحزب، حتى يتمكن من تحقيق الفوز للفريق صديق، بعد ان اقترب منه شبح سيطرة أهل الهامش على حزب الأمة، فهو يتعامل بنفس عقلية "الكيزان" لا يقبل بالتمثيل الحقيقي لأهل الهامش وإنما يركن لنظرية الترميز التضليلي من خلال الاتيان بأشخاص من الهامش يدورون في فلكه يضمنون استمرار مصالحه من جه، وتغبيش وعي الهامش بأنهم ممثلون في حزبه، من جهة أخرى.
يا عبد الواحد والحلو عليكم ان تدخلوا في حظيرة المهدي كما دخل مناوي وجبريل وعقار، ومن قبلهم أعمامكم أحمد ابراهيم دريج، وعلي حسن تاج الدين، وغيرهم من قادة (نهضة دارفور).
Quote: أيها الناس ـ ناس "نداء السودان" أقصد ـ ان الذي بينكم والامام لهو أعمق مما بينكم والنظام، إنما النظام يخاف منازعتكم له على سلطة استولى عليها في جنح الليل بقوة السلاح ولا يهمه ان وقف معه السودانيين ام لا، فهو يسعى للمحافظة على سلطته وان اضطر لجلب مرتزقة لحمايته، بينما المهدي يخاف منازعتكم لزعامته المتوارثة بسحب قواعد طائفته في مناطقكم وتركه كالراقص العريان في زفة دراويش.
لذلك فهو يريد أن يأتي بكم لحظيرته تجرون من خلفكم قواعدكم وقواعد الأنصار التي تمردت او حاولت التمرد عليه بعد ان لامست عقولها حافة الوعي .. انكم تهددون عرش المهدي وتريدون القضاء على حزب الأمة فهل ينتظر حتى تهدون المعبد على رأسه.
الحبيب زهير لعلك بخير ... حقيقة انا من المتابعين لأخبارك الصفراء منها والخضراء ... لكني لم اري في القريب الأسفيري راجمات مدفعيه نصبت تجاهـ الإمام كهذا المقال ... وقد افادني كثيراً بالتعرف علي عمق علاقة الحزب آي حزب الأمه وزعيمة الأمام بحركات الهامش ومثقفيه... : : : : : مع التحيات لله الزاكيات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
محمد حمزة الحسين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست