|
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا (Re: محمد جمال الدين)
|
شكرا جزيلا محمد جمال الدين: تحية لك ولمبادراتك المعرفية الهميمة، ولهمتك الوطنية ولجديتك في بذل هذا الجهد بلا كلل.. وعرفان وتقدير واجب ومستحق وضروري جدا ولترسخ قيمة المعرفة في ذاتها على هذا الأساس من كونها معرفة تحترم طالبها وبالتالي ستؤدي إلى معارف أوسع، وليس فقط عبر الاتفاق بل وقبلا فبالاختلاف المؤسس.. ولو أن بحثك العارف الحاذق هذا، عن أغنية الحقيبة، والآخر المتصل به عن قصيدة بنونة بت المك نمر، لا يفعل سوى إثارة السؤال المعرفي الضروري والجاد، الذي أعتقد أنه سيكفي لاستفزاز الباحثين في اللغة (السوربية*) وفي أنماطها الشعرية ومجمل الآداب السودانية، وذلك لسبر المجهول منها والمهمل من أشكالها وبُناها وأغراضها وتمايزاتها، أو للبحث عن سر وجوهر موسيقاها وعن أوزانها الشعرية مثلا.. أو للكشف عن الخاص فيها ذي الجذر السوداني وفرزه عن أو ربطه بالمعدّل منها المتقاطع أو المتصل بالمعهود الفراهيدي واستحداثاته، فإذن لقد كفاك ذلك وبحثك كرامة ومأثرة وسبقا.. وفي الحقيقة، فظني غير آثم، أن مبحثك هذا قد، بل يجب أن، يفتح الأبواب نحو دراسات أكاديمية بتفاصيلها، بعيدا عن (الأوهام الخالدة) كما قد جرت عبارتك الأثيرة. ولأبحاث للماجستير والدكتوراة قد طال غيابها عن الحقل أو هي منعدمة أصلا.. أكرر شكري لفضلك..
ثم، في نفسي شيء من حتى! وحتى فالطبع هي مدخل للاختلاف الحميد ونحو المزيد من الإضاءات.. وقد كنت ولا زلت على رغبة وعزم لبذل مفاكراتي هناك في البوست الأصل، ولكن أشياء هنا ـ وقد أتاحها غوصك المنقب فيما وراء لغة د. منصور خالد الفخيمة وعاطفته الجائشة ــ قد حتمت علي بعض إشارات سريعة، وأن أفتح أقواسا للعودة إليها:-
١) عن قول منصور خالد (بنفي المجون والخلاعة عن شعراء الحقيبة وتغنيه بعفتهم الشخصية وحسن أدبهم)؛ أوافقك على قولك عليه بما يفيد؛ أن هذا مما لا يعتد به بخصوص مثل هذه الأحكام عن الشخصيات، ليس لأنها متهمة بشيء منه لا سمح الله، ولكن لأن أشعار الحقيبة أصلا قد نسجت على منوال من المجاراة الفنية أو المعارضة لقديم بعينه، بل وللمعاصر من نوعها في المثال الشعري، وليس عن تجارب حياتية ماثلة.. أوافقك الآن على صحة ما قلت، ولكنها صحة وموافقة ستفتح لي بابا كبيرا لاختلاف آخر مع أطروحتك أهم لي من هذا، وسأرجع له في محله لو حيينا!!
٢) وأما تعليقك المعترض على قول د. منصور ــ الذي يحيا ويموت على فكرة (المصهر) البتجيب لي حساسية دي هههها ــ)، وبحسبك فقد قال: {"الشعر العربي السوداني "الامدرماني".. هو المصهر الذي وحد مشاعر أهل السودان الشمالي"}، ولتعترض عليه أنت بقولك {"أن امدرمان لم تكن موجودة كمدينة قبل المهدية"}.. مستصحبين للسياق، ففي اعتقادي ألا وجه هناك لافتراضك بأنه قد يعني أي شعر آخر سوى أشعار الحقيبة طالما وضع "امدرمان" في جملته بين مذدوجين، وخاصة لو افترضنا من جهة أخرى أنه، أي د. منصور، قد لم يخطر بباله أصلا، أو أنه قد سيعتبر ما عدا ذلك من شعر في عداد الشعر العربي أصلا!!.. وتلك نقطة مهمة جدا سأناقشها في ضمن مناقشتي لدواعي حضور هذه المدرسة في القصيد الزجلي المفصّح/الزجل على النمط الأندلسي في طوره الثاني لما بعد ابن قزمان/نمط الحقيبة بالذات من بين الزجل السوداني... إلخ.. وحتما فهذه المسميات الملتبسة ستحتاج إلى تسليط بعض الضوء عليها.. كما لا يمكن نفي التأثير والتأثر بين الحقيبة وما سبقها وعاصرها من فنون محيطة بأم درمان وسكانها، هكذا بضربة لازب في انبثاقها المفاجئ كفن شعري/غنائي جديد (قوس مفتوح)!!
٣) النقطة الأخيرة في رقم (٢) عن مسمى ونوع ونمط شعر الحقيبة تذكرني لأن أقول: الزجل ليس وزنا ولا بحرا ولا نمطا واحدا، ببساطة هو الشعر بالعامية، سواء على البحور التقليدية أو المستحدثة أو المعلولة أو التي بتجاوزات وتعديلات في تفعيلاتها.. المهم أنه مسمى للشعر بالعامية، هكذا قد بدأ وهكذا قد استغرق في العامية واشترطها من شروطه للزجل، أحد كباره صاحبك إبن قزمان.. إن استخدام هذا البحث اليراوح ما بين المصطلح شعر الزجل/ الزجل/ نمط الزجل/ نمط الزجل أندلسي/ الزجل الأندلسي إلخ، قد يسبب لبسا للقاريء، رغم أن مقصودك قد يتجلى أكثر في القول بــ "نمط الزجل الأندلسي" والذي أعتقد إنه بالذات الدور الثاني المفصّح من الزجل الأندلسي القريب من الموشح لفظا فصيحا ولغة معربة وأوزانا.. بل وأحيانا تبدو إشارات البحث كما لو أنها تشير إلى أوزان بعينها للزجل، ورغم إنها لا تصرح بذلك إلا أنه وعموما، فقد قيل (صاحب ألف وزن ليس بزجال) وهو ما يفيد عن تعدد وكثرة الأوزان التي يعرفها ويجربها ويستخدمها الزجال، ولكنه قول يفيد أكثر؛ بأن الأوزان ليست هي شرط الزجل بل العامية هي الشرط. وسأعود لذلك بتفصيل أكبر، ولكن ليس بغير إشارة عجلى الآن إلى أن فن الزجل ليس بغريب على أداب "السوربية" فيما قبل الحقيبة وإنه لم ينقطع بعدها!
٤) ومن أخر رقم (٣) معضد بغيره مما سأعود إليه، فلا أجدني على توافق كلي أو في تماهي تام مع كثير في المقتبس التالي من وصفك لزجل الحقيبة "بالدخيل للتو" "المنافي للوجدان"، أو في تعميمك الجامع لمن هو ليس معنيا بالحقيبة في الغالبية الساحقة، أو عكسها؛ قصرك المدن والأرياف السودانية في متكلمي (السوربية)، أو في قولك بالتناقض بين المخيال الغالب عند العشائرية والصوفية وبين الزجل رغم أن الزجل بالذات هو شعر العشائر والمتصوفة السودانية!! ولكنني اتفق تماما مع قولك أن الصور والترميزات في شعر الحقيبة لم تكن من المعتاد في شعر السودانين وذلك بالتحديد لأنها جاءت من باب (الحنين إلى الفردوس المفقود) أو ما جرت به عبارتك {"هناك نزعة حنين جلية إلى "فردوس مفقود/ضائع" وهي واحدة من أهم خصائص الزجل!"} ولكنها مع ذلك فليست خصيصة في الزجل ولا حتى الزجل الأندلسي، بقدر ماهي خصيصة في الأندلس ذاتها وفي استحضارها الروحي في عموم الشعر العربي بعد سقوطها واستحضارها في خصوص الشعر السوداني المديني المتعلم بعد كرري، والحقيبة هي واحدة من أكبر بل هي أكبر تجليات هذا الاستحضار النفسي.. (قوس كبير)!!
Quote: الهدف أن اؤشر إلى إنتفاء أن يكون شعر/غناء الحقيبة ذا علاقة بوجدان الشعب السوداني لا في الوسط ولا الأقاليم. بل العكس هو إبداع باهر جديد "دخيل للتو" جاء نتيجة للأحوال السياسية والإجتماعية الجديدة بعد أن توطدت سلطة العهد الإنجليزي/التركي في السودان بعد العام 1900 وظلت الغالبية الساحقة من جموع السودانيين في المدن والأرياف ترفضه وتقاومه وترفض الإعتراف به لأنهم لم يعتادوه ولا يعرفونه من قبل. وحتى تاريخ اليوم مخيال متوسط الفرد السوداني (وفي الوسط النيلي وأمدرمان) عشائري/صوفي وإلى وقت قريب تجد أغاني الدوبيت والحماسة والمناحة والبنات (مثال، سابقة للحقيبة) إنفعال وجداني اكبر من اغاني الحقيبة وربما حتى تاريخ اليوم. |
أتمنى أنني لم أسيء القراءة، وأعلم كثرة ما فتحته من أبواب وأقواس لن أقدر على إغلاقها في عجالة الآن، ولكن عسى أن يتسع لها وقت بقدر أهمية هذه المباحث التي تبتدرها عن جرأة ورغبة وجهد تحسد عليه يا عزيزي محمد جمال الدين.. دام فضلك.. ====
* السوربية: تركيب مزجي للعربية السودانية أو اللهجات العامية السودانية التي منذ حين قد أصبحت تتقارب كثيرا نحو لهجة الوسط. الزول سورب يعني تحدث بعامية السودان العربية.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خالد وحقيبة الفن السودانية)! | محمد جمال الدين | 08-21-18, 04:43 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-21-18, 06:17 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | معاوية الزبير | 08-21-18, 06:23 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-21-18, 06:49 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | جلالدونا | 08-21-18, 07:28 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | munswor almophtah | 08-21-18, 10:10 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-22-18, 01:13 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-22-18, 02:26 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-22-18, 03:08 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | هاشم الحسن | 08-23-18, 03:27 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-23-18, 01:33 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | AMNA MUKHTAR | 08-23-18, 03:18 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | mohmmed said ahmed | 08-23-18, 07:11 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-23-18, 08:39 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | هاشم الحسن | 08-24-18, 01:15 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | munswor almophtah | 08-24-18, 02:52 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | جلالدونا | 08-24-18, 06:07 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | هاشم الحسن | 08-24-18, 07:30 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-24-18, 02:45 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-24-18, 03:33 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-25-18, 04:23 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | munswor almophtah | 08-28-18, 00:30 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | هاشم الحسن | 08-28-18, 08:05 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-28-18, 12:05 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | جلالدونا | 08-29-18, 04:42 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-29-18, 03:23 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 08-31-18, 00:02 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 09-05-18, 02:37 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 09-07-18, 07:54 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | بابكر قدور | 09-11-18, 11:25 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 09-11-18, 07:05 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 09-11-18, 07:19 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | AMNA MUKHTAR | 09-11-18, 09:52 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | هاشم الحسن | 09-13-18, 03:03 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 09-18-18, 11:43 AM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 10-02-18, 07:51 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 10-14-18, 03:44 PM |
Re: أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خا | محمد جمال الدين | 11-16-18, 00:37 AM |
|
|
|