ذكرت يا مهتدي ، عابرا ، استاذنا الكابلي..وعبرك التحية له اينما كان وكيفما ما كان ، وما يدور حوله في هذه الأيام ذكرني بتجربة مماثلة تعرض لها الشاعر الكبير مظفر النواب حينما زار الخرطوم في اواخر ثمانينات القرن الماضي ، ومقولته عن (ضبعة العراق التي ناشته) وهو يشير لأصدقائنا البعثيين في امسودان..!
كتبت من قبل عن اغنية استاذنا الكابلي (شذى زهر) والتي اداها في حفل عام المغني الأثيوبي علي بره..قلت وقتها ان علي بره وضع تلك الأغنية في موقعها الحقيقي بان حولها من اغنية استماع رتيبة الى اغنية بوب راقصة وفيها حيوية كبيرة..!
بعدها ، بالصدفة ، انتبه استاذنا الكابلي وعمل اشغال مع فرقة اثيوبية (نموذج العمل المعروض هنا) وهذه التجربة لا اقول انها تصحيحية في كل مشروع الكابلي ولكنها وضعت مشروع الكابلي في نقطة مفارقة كبيرة: فمن كان يسمع الكابلي بالفرق السودانية (مع احترامي لكل موسيقي ساهم في هذا المشروع الكبير) ويسمعه بالفرق الأثيوبية يشعر بالفرق الكبير للغاية..العمل مع الأثيوبيين يضع اعمال الكابلي في مجالها الحقيقي..لأن المستمع السوداني تربى على الإنحياز للكلمة ، والأثيوبيين يعملون على ترسيخ الموسيقى اكثر..!
الجميل في هذا العمل (كابلي والفرقة الأثيوبية) هي اداء اعمال الكابلي بفرقة مصاحبة تظهر فيها ربابة (طمبور) ، جيتار بيز ، ساكسفون (بدرجات مختلفة) وكيبورد يؤدي اشغال ثانوية ..ثم الكرايغروفي (على قول اخونا هاشم)..وهذه ملامح تجعل الأغنية تخرج عن رتابتها..! كنت ساقتبس من كلامك يا مهتدي ، نفس الفقرة التي اقتبسها صديقنا هاشم الحسن وعقب عليها تعقيب اتفق معه تماما..واضيف نقطة لم اقل بها من قبل..
النيل في المنطقة النوبية كانه فاصل مداري او نقطة تقسيم الأشياء..الة العود والة الربابة هي مختراعات تلك المنطقة الحضارية..العود ذهب شرقا (الشرق الأوسط ومناطق الحضارة السومرية القديمة )..ثم اتجه شمالا (اثنيا) ليكون هناك مندلينا..اما الربابة فكان مسارها في الغرب (طوارق ، مالي...تشاد ، دارفور ، كردفان) حيث احتفظت بشكلها في كردفان ودارفور وتشاد ، ثم تحولت الى الجيتار الصحراوي والكورا ، والجيتار الصحراوي هو اساس موسيقى البلوز التي نعرفها اليوم بانها موسيقى عالمية..!
ايضا الربابة اتجهت جنوبا كما نراها اليوم في ثقافات جبال النوبة..ثم اتجهت شرقا في مناطق البجا ، اثيوبيا الكبرى لغاية القرن الأفريقي ، وهي التي نراها في التنويعات المختلفة..! فهي يا صديقي سر الطمى والماء والجبل والسهل..!
فعلا يا صديقي المعمار والمكان لهما الأثر الكبير في التفاعل والتلقي وطرائق استنباط الأسئلة لمعرفة ما يحدث..مثلا..مدحة دولة العطا ، تم تصويرها بصورة مدهشة للغاية ..خصوصا ربطها بالجماعية ، فكرة النفير ، الحصاد..وهي هنا اشبه بفكرة الجلالة من اجل اثارة الهمة والحماس (توظيف عبقري للفكرة أي فكرة المدحة) بخلاف شكل المديح في وسط السودان مثلا ، والذي يعني الإنصات بخشوع وسكون (دعوة للكسل)..!
فكرتنا يا صاحب ان الفيديو رسالة متكاملة ، وملاحظته عن اغنية اسمر لونا (اسمر اللونا) التي تؤديها الفرقة ، اعمق من صورة اداء استاذنا وردي (مع احترامي لوردي) لأن الفرقة منحتها ابعاد يظهر فيها المكان (العمران) ، الإنسان ، الإكسسوار وطريقة الزي وهذه كلها شارات ثقافية تساهم في فهم العمل بصورة اعمق..! شكرا يا صاحب ، ولا داعي للإعتذار عن التطويل ، تحدث كما تشاء وسنقرأ ..لأن هذه الأشياء تحتاج التفصيل والشرح..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة