|
Re: ما هي الرسالة التي نقلها السيسي مقاول الت� (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
زيارة السيسي للخرطوم ورحلة البحث عن النفوذ المفقود.
محمد المجذوب
قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يرافقه وفد دبلوماسي واستخباراتي رفيع، بزيارة طارئة للعاصمة السودانية الخرطوم وهي الزيارة غير معلنة أو مخطط لها، فالزيارة المعلنة لا يزال مع معيتها ثلاثة أشهر من الزمان.
بداهة يمكن القول أن قيام الرئيس المصري بزيارة طارئة للخرطوم ، يعني أن هناك متغيرات سياسية طارئة وقعت علي السياسة الخارجية المصرية تجاه السودان، دفعت باعلي هرم الدبلوماسية المصرية بالتعجيل والهرولة نحو الخرطوم، وبديهي أيضا القول أن القضايا الثنائية او الإقليمية العالقة بين الدولتين ، كقضية حلايب وشلاتين او التجارة الحدودية أو حتى الموقف غير المتطابق من سد النهضة ليس هي ما دفع الوفد المصري للقيام بزيارته العاجلة، إذ أن سائر تلك القضايا محل البحث هي قضايا متابعة عبر لجان رئاسية أو استخباراتية أو وزارية أو حتى رئاسية بين الطرفين، وهناك آراء ومواقف معلنة حولها من قبل الأطراف ازاءها.
فما الداعي إذن لزيارة الوفد المصري للخرطوم ؟.
حتى نضع الزيارة في سياقها الصحيح ينبغي تتبع المتغيرات السياسية الطارئة التى شهدتها علاقة البلدين او علاقات الإقليم ككل لنفهم دوافع ما حدث، المعلنة وغير المعلنة، ونتوقع من ثم السيناريوهات و المالات والعاقبة.
اول تلك المتغيرات الطارئة في الآونة الأخيرة هو التقارب المفاجئ الذي وقع بين اثيوبيا وإريتريا، والذي تم بموجبه القبول باتفاق الجزائر كاطار لحل النزاع الحدودي بين الدولتين، والذي يقضي بأن يتم استرجاع أراضي حدودية متنازع عليها إلى إريتريا.
ولكن تداعيات ذلك لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه إلى إمكانية فتح المواني الارترية أمام حركة التجارة الإثيوبية، ولكن أيضا والأهم من هذا وذاك والمتصل بزيارة الوفد المصري للخرطوم، هو أن إريتريا بتقاربها مع جارتها اللدود إثيوبيا وضمان مصالحها الحيوية، ستبتعد أكثر وأكثر من تأثير النفوذ المصري، الذي كان يوظفها كحجر عثرة أمام نهضة إثيوبيا وكذلك استقرار السودان بالتأثير عبرها على بعض قبائل شرق السودان، لضمان ايلولة حلايب وشلاتين للجانب المصري على المدي المتوسط، وعندها تكون مصر قد فقدت أهم أوراق التأثير في المنطقة على جارتها السودان فيما يتعلق بمناطق في شرق السودان، وعلى غريمتها أثيوبيا على مياة النيل وسد النهضة، فضلا عن ضعف تاثيرها في النفوذ على حوض البحر الأحمر الذي أصبح يشهد سباق نفوذ ضخم بين دول كإسرائيل وتركيا والإمارات والسودان والسعودية وقطر ... الخ.
اما المتغير الطارئ الثاني، فقد كان هو الاختراق الذي احدثه الدبلوماسية السودانية في مسألة الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان، وقدرتها على جمع الفرقاء السياسيين الجنوبيين، والمضي قدما نحو تحقيق مصالحة وطنية جنوبية جنوبية، وهو الدور الذي أرجع الخرطوم إلى دائرة الثاثير الفعال فيما يجري بالمنطقة، بعد ان عجزت أطراف اقليمية ودولية عن القيام بذلك.
ودلالة ذلك السياسية هو ان مصر اذا ما كتب للمصالحة السياسية ان تتحقق في دولة الجنوب، تكون قد فقدت منطقة نفوذ أخري مهمة لها في المنطقة، كانت تؤثر من خلالها على كل من السودان وإثيوبيا.
واذا ما أضفنا لذلك التقارب الأثيوبي الصومالي والتأثير السوداني على الصومال، فان الخلاصة هي أن مصر قد فقدت الكثير من أوراق تأثيرها في منطقة القرن الأفريقي.
اما المتغير الآخر فهو التقارب السوداني اللافت مع دولة روسيا ودعوة الرئيس السوداني من قبل الدبلوماسية الروسية لحضورة خاتمة لعبة كأس العالم، في رسالة أراد منها الرئيس الروسي بوتن اغاظة الغرب وأمريكا. ولكن ما يهم الطرف السوداني هو كسر طوق الحصار السياسي والدبلوماسي المضروب عليه، وتدفق من ثم الاستثمارات الروسية على السودان، وهو تحول يثير القلق لدي مصر الرسمية، باعتبار أن انعتاق السودان من حالة الضعف الاقتصادي ستمكنه من لعب أدوار مهمة في الإقليم ليست بالضرورة ستكون متطابقة مع المخيال السياسي المصري.
أمام هذه المتغيرات والاعتبارات الطارئة تظهر حقيقة الدوافع المعلنة وغير المعلنة للزيارة المصرية للخرطوم، فالقاهرة ورغم تحفظاتها المعروفة على نظام الخرطوم، فإنها لا تجد بابا آخر للولوج نحو الإقليم لا يمر عبر محطة الخرطوم، كعدو إيديولوجي ما من صداقته بد، عساها تستميله إلى جانبها بغية إعادة التوازن المفقود لها في المنطقة.
ومهما كانت موضوعات الزيارة المباشرة متعلقة ببعض القضايا الداخلية في البلدين، فإن ما يجب على الخرطوم إدراكه جيدا، والعمل بمقتضاه، هو حالة توازن النفوذ في الإقليم ككل، فلا يجب على الخرطوم، التركيز على القضايا الداخلية فحسب، بل الإقليمية، وأن عليها ألا تخسر أيا من أديس أبابا او اسمرا او جوبا لصالح القاهرة، بل عليها تصحيح النظرة المصرية إزاء استقرار الإقليم وفق قاعدة الحق والعدل كأساس للعلاقات بين الجميع.
كما إني ادعو الخرطوم لتبني مشروع اتحاد القرن الكبير لدول المنطقة،السودان، مصر، أثيوبيا، جنوب السودان، إريتريا، الصومال. ولاحقا يمكن اضافة ليبيا وتشاد .
كونه المشروع الاستراتيجي الذي يطمئن مصر على هواجسها المشروعة على حصتها في نيل حياتها، كما يعطي كلا من أثيوبيا والسودان مفتاح نهضها الزراعية المرجوة، فتتحول رؤي العلاقات بين مجموعة الدولة في المنطقة، من وراء منظور الصراع والنفوذ إلى منظور الاعتماد المتبادل والتكامل الاقتصادي أساسا للعلاقات بينها، فبحكم الجوار والأمر الواقع فإن أيا منها لا يستطيع إلغاء الآخر، وبمقدور كل طرق إلحاق الضرر والأذى بالآخرين إذا تعرض له.
وعندها يكون التفكير الإيجابي طريقة جيدة لضمان المصالح واحتواء الخلافات. copied
|
|
|
|
|
|
|
|
|