وأردتموني أن أكون مدلسا .. هيهات .. غيري آثر التدليسا ( أبو العلاء المعري ) ..
حكا لي الزميل سيف المكي نكته طريفة عن زميل له ، إبان دراستهم في جامعة الخرطوم استعرت منها العبارة عنوان البوست ، وللعبارة قصة طريفة إن شاء أخونا سيف جاء وذكرها وان لم يشاء فالأمر يعود إليه . إن المتابع للشأن السوداني يدرك تماما نسبة الانحطاط المريع في الأخلاق ، والتربية ، وتدني الوازع الاجتماعي قبل الديني في سلوكيات ( البعض ) في مجتمع ظل على مر ألازمنه يتصف بنبل الخلق ، إلى أن جاءت سفينة الإنقاذ لا تبالي بالرياح ، تحمل على ظهرها قوم سماتهم وصفاتهم لا تشابه صفات المجتمع السوداني ، جاءوا فغيروا دفة سفينتهم بدرجة 360ْ ليسلكوا بالسودان وأهله طريقا بديلا أورد البلاد موارد الهلاك وتدمير الذات ، جاءوا فهدموا كل شيء جميل فينا ،امسكوا بتلابيب أمهات الموانع التي كانت تقف بين أهل السودان ونعمة الحياة الآمنة المطمئنة ، فمزقوها شر ممزق .. كان المجتمع قبل مجيئهم يعيش حياة ملئوها الطمأنينة والاحترام والخوف من النشوز والشذوذ ، مجتمع لايرحم مذنبيه ممن تسول له نفسه التغول على حقوق الآخرين ، مجتمع تكفل لجميع أبناءه بشتى أطيافه العيش حياة ملئها القسطاس المستقيم . قسطاس يرى الحق حق يحث على إتباعه ويرى الباطل باطلا يأمر باجتنابه وتفاديه حتى لا يقع المرء في قبضة أيادي حكم المجتمع قبل القضاء . تابعت كغيري ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام في مقطع مصور لحمار كوشة يقود دراجة بخارية أكاد اجزم انه لم يفطر ولربما لم يتناول عشاء في ليلته السابقة فنحول جسده البائن يعبر تماما عن بؤس حاله ، ومع ذلك وضع جل اهتمامه وأولوياته إشباع غريزته الجنسية قبل كل شيء تماما كحمار الكوشة يقف في الكوشة لايجد ما يأكله وتجده منتصب ..! والقصص كثيرة بعضها خرج للعلن فتداولته المواقع الالكترونية والجرائد اليومية ، وأروقة القضاء وقاعاته ، والبعض منها ظل طي الكتمان خوف الفضائح والقيل والقال .. وكلها تحكي معاناة شعب تغيرت ملامح أخلاقه وتربيته بفعل فاعل .. أُناس مُصابون بالهاجس الجنسي وضعوه نصب أعينهم وتناسوا كل ما سواه من مقومات الحياة الكريمة ، فلا عادت صفوف وانعدام وغلاء المعيشة يهمهم ، بقدر ما يهمهم النظر إلى المؤخرات وتقييم أحجامها ..! متى نشعر بالمسؤولية ..مسؤولية تجاه مجتمعنا ، مسؤولية أمام الله ..، مسؤولية أمام بعضنا البعض ؟ إلى متى نظل نطلق حبال قواربنا على عنانها لتقودها أمواج الرذيلة وحب الشهوات دون أدنى وازع أخلاقي أو ديني ..، إلى متى تظلون عبيد للحياة تقودكم الأفراح والملذات والأحلام والشهوات إلى أشراكها الذهبية اللامعة التي تنصبها لكم لتقودكم عبيدا مكبلين مسخرين إلى غايتها البعيدة الغامضة..!
حقا انه لمن المؤسف ما يحدث في الوطن من انحطاط أخلاقي ، أصاب البعض من جيل الشباب الذين خرجوا للدنيا في عهد الإنقاذ المشئوم وقلة من الأجيال السابقة ممن تغيرت أخلاقهم بفعل عوامل التعرية الأخلاقية التي ظلت الطبقة الحاكمة وعلى مر ثلاثة عقود من الزمن تعمل على تدميرها حتى استحقوا تساؤل طيبنا الصالح ( من أين أتى هؤلاء) ..؟ بالفعل اصبح الوضع لايطاق وبتنا ندور في حلقة شريرة ، تقصف بدورانها العنيف مستقبل اجيالا قادمين .. فلابد ان ننتبه و نوقف هذا الدوران العنيف ، ثم نعيدها الي مسارها الصحيح ،..
اعلم ياسادتي مدى قسوتي وان أطلقت كلماتي كالسهام فاعلموا تماما إنني أوجهها نحو " حمار الكوشة " . لعلها تصيبه في مقتل ، او تذجره فينتبه ، ويكف عن الانتصاب وهو جائع ، فيبارح تلك الكوشة التي يقف بها . ويطالب بحقوقه كاملة من ماكل ومشرب وحياة كريمة .. فإذا الشعــب يومــا أراد الحيــاة فلا بـــد أن يستجيب القــدر ... ولا بـــد لليــــل أن ينجلـــي ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر ومن لم يعانقــه شــوق الحيــاة تبخــر فــي جوهــا واندثـــر ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة