Quote: كيف الناس دي فايتة الموسيقى السودانية بخمسين سنة؟ وشنو الميزات العندهم وما عندنا؟ وكيف نسد الفَرَقَة بتاعة الخمسين سنة دي؟
طيب كويس، أرد على سؤالك الأول يا أخ الصادق وأترك الثاني فهو خارج موضوع هذا البوست.
في الحقيقة قد أكون أجحفت في حق أهل إثيوبيا جداً بل ظلمتهم إذ صرحت بأن موسيقاهم تسبقنا بأكثر من خمسين أو ستين سنة، وكان ذلك مجرد تقدير مبني على الاستماع والمقارنة البسيطة التي اشترك فيها مع غالبية السودانيين الذي يعرفون هذه الحقيقة بمجرد الاستماع والملاحظة لكني اعتقد أن فترة السبق أكثر من ذلك!
لا أتحدث عن الإيقاع ولا عن الأغاني، بل الموسيقى، صحيح أن الإيقاعات في إثيوبيا محدودة شيئاً ما مقارنة بما لدينا في السودان، وبالتأكيد لن يدعي أحد هنا أن الأغاني لدينا تفوق أو أنها أفضل نوعاً فهنا ليس وجه مقارنة مالم نجد من يفهم لغات إثيوبيا وهذا أمر خارج عن سؤالك.
وما يعرفه الكل أيضاً أن موسيقانا يفهمها أهل إثيوبيا ببساطة شديدة وهذا يفسر لماذا نحس بأنهم يؤدون أغنياتنا مع موسيقاها بأفضل مما نفعل.
والأهم هو قدرتهم في التعبير بها بينما لا نحس ذلك في أداء الأوربيين ولا العرب ولا الصينيين لذات أغانينا، قد يقول قائل أن ذلك يعود إلى أن الوجدان واحد لكني أرى أن السبب الأقوى هو تفوقهم علينا في الموسيقى أيضاً واستيعابهم لأغراضها بأفضل مما قدرنا عليه.
فلماذا أقول أن موسيقاهم تسبق الموسيقى السودانية؟
لأنها ارتبطت بالكنيسة التي تشجع على هذا النشاط بعكس ما لدينا من ارتباطها بالنشاط الاجتماعي الفردي في غالبه.
الموسيقى في إثيوبيا ارتبطت بالكنيسة التي ظلت مستقرة على حال أفضل من نظيرتها في السودان التي انتهت بسقوط الممالك ثم دخول حقب السلطنات التي اهتمت أكثر بمنجز (وينتهي نسبه إلى) مروراً بعصور الاستعمار الحديث وانتهاء بمنجزات (الفن الجهادي).
الإنشاد الكنسي يا أخ الصادق جزء من الطقوس التعبدية في الدين المسيحي وبمصاحبة الآلات الموسيقية وبأنماط مختلفة يدخل فيها الأداء الجماعي والفردي، هذا موجود في إثيوبيا وإلى الآن طبعاً وهي ذاتها الطقوس التي أخرجت لنا فيروز وماجدة الرومي وآخرون في العالم الغربي مثل تينا تيرنر وويتني هيوستن وجون ليجند.
هنالك الكثير من الأعمال التي ظلت مخفية عنا لخصوصيتها وهي الإنشاد الكنسي وتتجلى فيه عظمة الموسيقى الإثيوبية لأنه ببساطة الأساس التي انبنت عليه الموسيقى الحديثة التي تميزت بتوظيف ذلك آلات النفخ النحاسية وبالطبع آلات ضرورية أخرى مثل المزامير.
بالمقارنة، فإن الآلات الموسيقية عندنا كان دخولها بالأساس مع الفرق العسكرية! هذا يفسر لماذا لا نحسن توظيف الإيقاعات بمصاحبة الموسيقى ويفسر أيضاً لماذا ترتبط عندنا الأغاني العاطفية بالمارشات العسكرية كما في أغنية المرحوم محمود عبد العزيز (قنوعة) وغيرها الكثير ولمعظم الفنانين المشهورين
وربما يفسر أيضاً لماذا لا نؤدي الأعمال الموسيقية بروح (موسيقية) بل نكاد نقوم بواجب العزف ليس إلا بينما قلما نجد فنان إثيوبي أو فرقة موسيقية إثيوبية يعجز عن توفير الإحساس بالفرح ويكفي أن أغنية واحدة منشورة في بوست الأخ مصطفى محمود
حازت بمفردها على 26 مليون مشاهدة من كل العالم وستجد تعليقات من مختلف الجنسيات، هذا الرقم ربما يكون أعلى من مجموع مشاهدات كل الأعمال الموسيقية السودانية المنشورة على الانترنت وليس اليوتيوب وحده، بما في ذلك أغنية (عازة) التي يعيش بعضا وهم أن كل الدنيا تعرفها والحقيقة غير ذلك
وبالطبع ليست المشكلة في الكلمات بل الموسيقى ذاتها من ناحية جزئية ثم رغبتنا نحن في تقدير نشاط الموسيقى ومقدرتنا على إقناع الآخرين بما نفعل، ثم اقتناع الآخر بجودة ما فعلنا.
أما بخصوص توظيف الآلات الموسيقية فإثيوبيا متقدمة أيضاً، في آلات النفخ تحديداً بكل أنواعها فعلى سبيل المثال، لن تجد في تاريخ الأغنية السودانية توظيف للساكسفون بمثل ما هو معروض في الفيديو أعلاه لأغنية الفنانة فِكرأديس والذي أضافه الأخ تبلدي، لن تجد مثل ذلك أبداً
أما بقية الآلات فستجد أعمال موسيقية بالأورغان وهي إنشاد كنسي أيضاً وهنا جملة منها
إثيوبيا عرفت الكوار (الكورس) قبل أن نسمع به نحن، عندما كنا نحتفي بأغاني الحقيبة كانت في ذات الفترة تؤدى الأعمال الإنشادية داخل الكنائس من القرن السابع عشر.
إذن، نحن هنا أمام موسيقى منظمة تسبق ربما كل الدول الأفريقية وليس السودان وحده
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة