|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
قد يكون المستعمرون البريطانيون معذورون في محاول تلطيخ اسمك أو محاولة محو اسمك من ذاكرة التاريخ. أو محاولة تصويرك كمارق أو آبق أو متمرد ...
و لكن ما عذرنا نحن؟
بالطبع لن يكون البريطانيون و كذلك الحكم الخديوي العثماني و اتباعهم معذورين لاستباحتهم لأرض ليست أرضهم و استيلائهم على بلدٍ آمنٍ و إذلال مواطنين مسالمين.
فإذا كان اتباع و حفدة المستعمرون البريطانيون لا يرون (كما جاء في مؤتمرهم الأخير) فيما فعلوا باستعمارهم البلدان المستعمَرة ندما او اعتذارا أو فعلا يُوجِب الاعتذار.
و ما يرون في أفعالهم تلكإلا تفضّلا على تلكم البلدان...و أنهم ليسوا بنادمين على ما فعلته امبراطوريتهم الكولونيالية في مستعمراتها من سخرة و تعذيب و تنكيل و قتل
و سجن و استغلال لموارد تلك البدان.
فما هو العذر الذي نتعذّر به نحن أحفادك؟ ما العذر لكي نتجاهل سيرتك.. و أن لا نفتخر بك و لا نُعلي من سيرتك و لا نتغنى بإنجازاتك و أمجادك؟
نحن نعترف بأنك إنه رجل ليس من ذلك الزمان...فقد كنت سابقا لعصرك و متقدما على زمانك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
لقد قاما المهدي بثورة في وطنية بحتة في وقت كانت كل دول العالم تغض في سبات وطني عميق. كانت إما نائمة و إما صامتة لأن معظمها كان مستعمَرا..
لقد زلزل المهدي الإمبراطورية البريطانية و العثمانية بمفرده . فعل كل ذلك بإمكانات بسيطة و بإيمان رجل بسيط. بثقافة استقاها من تراب بلده و من بني وطنه الطيبين.
لملم طموحاتهم و جراحاتهم بكاريزما معجونة بتراب بلده و حبات عرق مواطنيه البسطاء. بثقافة وطنية بحتة لم يستقيها من جامعة أو مؤسسة اكاديمية مرموقة و كقائد
عسكري لم يتعلم في اكاديمية عسكرية ذات تاريخ و إرث عسكري باذخ كما تخرج اعداؤه الذين قابلوها في ساحات الوغى..
لم يكن تحت أيديه حينما ناطح الثور الكولنيالي إلا سلاحا بسيطا. و لم يكن في معيته إلا مستشارين و قادة لم يملكوا من العلم العسكري المعلومات العسكرية و
الاستراتيجية إلا ما حبتهم به الفطرة و الإيمان بالله و الوطن. و لم يكن وراءه إلا شعبا و جيشا من المواطنين البسطاء الذين اقتنعوا به قائدا و رأوا فيه منقذا .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
قائد لم يطّلع على كيف تُنشأ الجيوش و لا كيف تُساس الدولة و لا كيف تعبأ الجماهير..و لا كيف تُكسب المعارك ..
و لكنه فعل كل ذلك. فعل كل ذلك و لم يرى بأعينه عواصم دولة أخرى و لا سافر خارج البلاد و لم ينتمي لأي مؤسسة العسكرية و
لم ينل دراسات في العلوم السياسية أو الاستراتيجية و لا إدارة الدولة..
و لكنه بعد ذلك استطاع بحنكة أعيت الأعداء و كسرت شوكة طغيانهم أن ينتصر عليهم.. و استطاع أن يحرر بلده في وقت لم تُعرف فيه إلا نادرا الثورات الوطنية للتحرر
و لم يُعرف التمرد على السلطات الكولونياليية..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
ألا يستحق هذ القائد الثائر المناضل أن نُعلي من سيرته و أن نفخر بانتصاراته و أن نتغنى بأمجاده و أن ننشد انجازاته كقائد عالمي أكبر بكثير من قادة عسكريين
يذكرهم العالم مثل هوشي منه و الجنرال جياب و جيفارا و بقية الثوار العالميين؟
و كيف سيتم تقديره من الآخرين و نحن لم نعرّفه و نقدمه للعالم في سيرته الناصعة و بانتصاراته الباهرة و انجازاته الأسطورية ؟ ..و كيف نترك ساحات التعظيم و تمجيد أبطالهم و هم المهزومون و هم المستعمِرون ا و كانوا طاغين؟
و كيف نصمت نحن المنتصرون أصحاب الحق و الذين يحق لنا أن نرفع رؤوسنا و هاماتنا و نرفع الصوت العالي مذكرين العالم باسم و سيرة و نضال
و انجازات هذا القائد الوطني..الذي لم ينصفه التاريخ.....
لم ينصفه التاريخ لأنه تاريخ كتبه المستعمرون. كتبوه وفق رؤيتهم و وفق مكرهم و سوء نيتهم.
لم ينصفه التاريخ لأنه لم ننصفه نحن الذين ينتمي لنا و ننتمي له.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
كل الدول حينما تُذكر يُذكر قوادها أو محرروها أو مناضلوها أو من ساهموا في تحريرها...يسمّون باسمهم المطارات و الساحات و أكبر الميادين و حتى أسماء المدن...
حتى هي تُسمّى بأسمائهم و تُزيّن بصورهم و شعاراتهم.....إلا نحن .. إلا نحن لم نفعل ذلك ..لأننا لأننا لم نقرأ سيرتهم بالعمق الوطني الذي ينبغي و لا نظرنا إليهم بعين التقييم الوطني الحقيقي. ....
..........و لأن مؤرخينا لم ينظروا لما خلف الوقائع التاريخية و اكتفوا بالسرد التاريخي الوثائقي. و لم يستلهم شعراونا و كتابنا سيرتهم كما ينبغي..
قرأنا سيرة المهدي كرجل درس هنا و قابل هذا و نازل ذاك و تحرك من مدينة كذا يوم كذا و حاصر المنطقة الفلانية.......و لكننا لم نكتب كيف تم ذلك
و ماذا وراءه من إعداد و من تنسيق و ما سبقه من إعداد.و لم نقرا خلف الحوادث من تفاصيل و خطط و توقعات و أولويات..بل و اختلافات..
فالتاريخ ليس تواريخ و توقيتات فقط .بل حياة ذاخرة من سيرورة طويلة يتم فيها تخيّل و تأويل كثير من التفاصيل ..تفاصيل تتضمن لحظات الأمل و الغضب و الكفاح
و الخوف و القلق و التردد. كل ذلك لنبذّ الحياة في الأشخاص و اللحظات حتى نحسّ بهم و بما عاشوه و ما فعلوه و ما قاسوه و عانوه..لنتضامن معهم و لنحبّهم أكثر و
نقدّرهم التقدير اللازم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
فالتاريخ يجب أن تعاد صياغته ليشمل التفاصيل و يشمل الأبعاد و يشمل الأفراد و يشمل حتى الأنفاس التي تتردد في الصدور كما في انتظار لحظة الحسم.
كما يجب أن يتضمن لحظات الخوف و القلق حينما يكون الأبطال محاصرون..
يجب أن يتسع التاريخ ليحدثنا عن كل التفاصيل مصحوبا بالتخيّل و التأويل لتكسب الأشياء أبعادها و يستعيد الأبطال ألقهم و الوطن قوته الكامنة..
.......قوته التي لم يعرف غير قادتها الحقيقيين قوتها الكامنة خلف الصمت و خلف النكوص و التراجع..
فالتاريخ يا سادتي لم يعد حِكرا على المؤرخون و النصوص التاريخية الجامدة. بل التاريخ أضحى نصاً مفتوحا على مصراعيه لكافة لإمكانات التأويل
و لأعمال الرواة و الفنانون…فالتاريخ لم يعد نصوصا مغلقة كما كنا نظن في السابق......
.........فليحتفظ المؤرخون لنا التحقيب اللازم و التوقيتات و الوقائع و ليتركوا لنا التأويل..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
هل هي غفلة أم تجاهل أم جهل أم كسل أم حيرة منا لكي لا نهتم بهذه الشخصية؟
لماذا تحتفل جنوب افريقيا بمانديلا و الهند بغاندي و الجزائر بجميلة بوحيرد و ليبيا بعمر المختار و بريطانيا بغوردون..
و جميعهم لم يحرر بلده..و لم يطرد مستعمر و يهزم جيوش.
في منتصف القرن التاسع عشر لم تبدأ ثورات التحرر الوطني إلا بعد ذلك بنصف قرن...
نحن لدينا شخصية أسطورية بكل المقاييس ..بمقياس الزمان و مقياس المكان و مقياس الإمكانات..و بمقياس الانتصارات...
رجل حوّل شعب بلاده إلى شعب موحد الهدف و الاتجاه...موحد الهوية..
رجل استطاع تعبئة مواطنين بسطاء يغلب عليهم الجهل و الأمية ...و أن يوحّد سكان متباعدي الأهواء و الثقافات الاماكن .....
رجل بمثل هذه المقاييس كان يمكن أن يكون بطلا قوميا يعلو على مانديلا و هوشي منه و جيفارا... لو لم يعاديه أعداؤه البريطانيون .....
............و لكان احتفى به غيرنا نحن السودانييون..
و لو كان المهدي بريطانيا لكرموه و اقاموا له التماثيل و كتبوا عنه المسرحيات..و الأفلام...
و هم لم يقصّروا في تلطيخ اسمه ...و فعلوا ما فعلوا و كتبوا ما كتبوا...و نحن لم نفعل شيئا....
حتى فيلم بمقاييس عالمية نقدمه للعالم نرد فيه على دعاية فيلم(الخرطوم) لم نقم به...
نحن بحق ظلمناه...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: Ali Alkanzi)
|
حبيبنا محمد عبدالله .. تحياتي .. لأننا شعب مسيس وفي السياسة المصلحة الشخصية والحزبية أحياناً فوق الوطن من هذا المنطلق لم يفكر إلا قليل منا فيما ذهبت إليه .. فمعظم السياسيين المهدية عندهم ( كانت مرحلة وإنتهت ) .. ويمكن أيضاً أن نقول ( أن آل مهدي ) إستغلوا إسمه وتاريخه ونضاله لكسب الاصوات والمناكفات السياسية .. فكان حتماً وجود فريق آخر يعارض هذا الحزب .. وهكذا .. حبيبنا محمد - التسيس يذهب بكل القيم والمعاني السامية - حتى الدين عندما تم إقحامه في السياسة تعرض للتشويس وتشويه .. المشكلة بصراحة في ( حزب أمة ) ومصطلحات التجييش مثل ( أنصار المهدي - أهل الببت ) لكسب الاصوات وأذكر جيداً في الستينيات أيام الديمقراطية بعد عبود .. عندما تتنافس الاحزاب .. أيام الانتخابات .. كنا نستغرب ونتعجب عن ذلك التاريخ الناصع عن المهدي في المدرسة وحصص التاريخ .. وما نسمعه عن المهدي من آبائنا في الليالي السياسية وحملات الانتخابات ..
هذه قراءتي ورأي الخاص .. أن الخطأ أساساً من عائلة المهدي .. لأنهم إستغلوا الاسم وجعلوه حصرياً على فئة معينة وخطأ الفريق الاخر هو تشويه الصورة لغرض المنافسة ..
شكراً حبيبنا محمد عبدالله .. هذا رأي خاص
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
الأخ الحبيب علي الكنزي
شكرا على المرور يا حبيب
و في انتظارك دوماً ********************* الأخ الحبيب علي عبدالوهاب
تحياتي
كلامك صاح...
الجميع مقصرين الساسة و كذلك أسرته ...و خصومهم ...
و نحن المتعلمين أيضا لنا نصيب من التقصير..
فالرجل ملك للسودان كله بل لأفريقيا و العرب و العالم...إذا قسنا ما قام به ..
و لكننا انسقنا وراء كراهية الانجليز له و صومتهم الفاجرة التي لم يسلم منها إلا القليل منهم...
بعضهم اشاد بشجاعة جنوده و بعض قادته..أما هو فلم يجدوا إلا أن ينبشوا حتى جثمانه ليعبثوا به ..أي حقد هذا؟؟
فكبلينغ الشاعر البريطاني تغنى بفرسان البجة ...و لم يشأ يذكر قائدهم..
ود النجومي مات و هو يقاتل رغم قلة فرص كسب المعركة أو النجاة...
عثمان دقنة الذي دوّخ الانجليز لم يجد إلا الأسر و التعذيب..
هوؤلاء و أولئك قادة كان يمكن أن تفتخر بهم دولهم لو وُجِدوا في غير السودان.
مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
حبيبنا محمد عبدالله .. مع التحية .. ليت أحفاده يفكرون بطريقتك هذه بكل تجرد .. مثال : قبل عدة شهور كان السيد / مبارك الفاضل في زيارة إلى دنقلا وسألت أهلنا هناك هل زار جزيرة الاشراف .. قالوا لا ؟؟ كان من الاجدى أن يزور جزيرة الاشراف مسقط رأس الامام المهدي .. ولكن لم يعير الأمر إهتماماً .. ومن المفترض أن يتم ترميم للمنزل وعمل متحف مصغر بمقتنيات المهدية لتكون هذه الجزيرة مقصد للزوار والباحثين من الداخل والخارج تكون رمزية لكل الوطن .. والآثار الموجودة في أمدرمان معظمها بإسم الخليفة لا فرق بينهما ولكن المهدي هو الاساس
شارلي بونيه السويسري في قريتنا كرمة بنى متحف عن آثار كوش اليوم تجد مئات الاوربيين يأتون اليه ..
شكراً محمد الحبيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
الاخ الحبيب محمد عبدالله في قولك ادناه تكمن الحقيقة المرة التي لم نستوعبها فانظر لغاندي وانظر للمهدي ، فستجد الفرق بين امة تمجد ابطالها وامة نست وجهلت أن لها قادة ورجال افذاذ كالامام المهدي وغيره من الشخصيات المتفردة مثل ابوسليم، بابكري بدري وغيرهم وها انت توجز القول:
هوؤلاء و أولئك قادة كان يمكن أن تفتخر بهم دولهم لو وُجِدوا في غير السودان.
وسأعود اليك حسب وعدي ان شاء الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: Ali Alkanzi)
|
ورالدين مدني mailto:[email protected]@msn.com هناك من ادعى المهدية وهم أبعد عن الحق. ولكن آخرين قاموا بها لأنهم استمعوا الى نداء السماء، وهي تنادبهم للقيام. وكانت مهدويتهم سماوية أرضية، فيها الصدق والإخلاص، وفيها التفاني في الرسالة، وفيها التماثل المطلق بين المسلك الفردي ومغزى الرسالة. ومن هؤلاء وقد يكون انجبهم وأعظمهم نبلاً، محمد احمد بن عبد الله السوداني، الذي ازدهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وشغل ساحة افريقيا والعالمين العربي والإسلامي كما لم يشغلها غيره في زمانه وفي غير زمانه. ولقد انتهى مهدي السودان عام 1885م ليترك وراءه تاريخا جديدا وزاخرا بالمعنى، ومع ذلك ورغم قرب المسافة في الزمان والمكان، لا يكاد العرب يعرفون شيئا عن هذا الجليل.
المهدي السوداني محمد احمد بن عبد الله، تخطى رحلة الانتظار والصبر ليدوي صوته في اسماع العدو والصديق. ومن فاته النظر قرأه باللمس. ومهما حاصروه فهو حاضر في الوجود والماهية. ذلك ما سهل على حفيده السوداني ان يكتب عن المهدي مراغما انوف اصحاب السيادة ومخترقا حجاب الاعلام الامبريالي، ليقدمه في لوحة مقروءة ومرئية كخطوة اولى في طريق انبعاثه، الى حد ان ترغم المؤسسات المسيجة بالعساكر لفتح ابوابها ليدخل منها المهدي بمهدويته الغرارية، التي يقصص علينا محمد سعيد القدال بعض فصولها في كتاب عنوانه: “الامام المهدي: محمد احمد بن عبد الله لوحة لثائر سوداني”. والمؤلف ماركسي، لكن من جلدة الامام، وماركسيو السودان لهم مزاياهم التي تذكرنا بماركسيي الصين ايام العز. فهم احرار تقل فيهم التبعية، ووعيهم الطبقي متجذر في مجتمعهم وغير مترجم. هم من نوادر العرب والافارقة الذين حملوا فكرا ووعيا محليا، لم يترجموا عن غيرهم، وماركسيتهم اقرب الى ماركسية ماركس ومريديه الاوائل، بحساب الفكر الاجتماعي لا المنهج العلمي، وهو ما لا نطالبهم به، لأن الماركسية الاجتماعية لا تحتاج الى الماركسية العلمية لكي تفعل في مجتمع ما، شرقي او آفرو آسيوي على الخصوص. وقد اقامت شعوب في آسيا وافريقيا على امتداد العصور الغابرة شيوعيتها الخاصة بها دون ان تنتظر ظهور منهج كارل ماركس، ودامت كيانات منها اكثر مما دامت شيوعيات حديثة ادعت الانطلاق من ماركس ومنهجه العلمي. قارن مثلا دولة القرامطة شرقي العربيا وقد عاشت مائتي سنة، ودولة السوفيت التي لم تستوف الثمانين. وقد جاء ماركس نفسه من صميم هذه التواريخ العامرة بالوعي المشاعي. ولم يكن في ذلك مدين لفلسفة غربية بقدرما هو لتكوين مثقفي مغروس في المثل العليا للبشر، وذلك هو ما يميزه عن فلاسفة ومفكرين اشتراكيين من اقرانه في الغرب، بل هو ما يميزه عن حاملي ميراثه ممن كانوا اقرب الى اشتراكية الغرب التجارية، ولإن انتج الفكر الغربي في سياق تطوره منهج ماركس العلمي، فهو غير مسؤول عن جنوحه البعيد الى ما وراء القارة البيضاء وتاريخها المسكون بالنهب. المعجب في شيوعيي السودان هذه الشفافية الإنسانية المتحدرة إليهم من تقاليد المجتمع القبلي شبه المشاعي، ومن التراث الإسلامي الذي استوعبوه اكثر من بقية رفاقهم العرب. ذلك ما دعي محمد سعيد القدال ان يتعامل مع المهدي كما لو انه يكتب عن عبد الخالق محجوب، رغم ما بينهما من تفاوت في الآيديولوجيا ووعي العصر، ولكن عبد الخالق محجوب ومحمد احمد المدهي يشتركان في وعي الوطن، الذي يعني بدوره معاداة الامبريالية، وتبعا لها معاداة الغرب كمصدر وحيد اوحد للامبريالية، وكمصدر وحيد اوحد لما يعصف في عالمنا العربي والافريقي، بل وفي عموم العالم الثالث من الشر والعدوان والنذالة. وعبد الخالق اقل ادلجة من غيره، لان الغالب كان وعي العصر متماهيا في قلب بروليتاري ذي خصوصية سودانية، وكان محمد احمد المهدي تام التأدلج في العقيدة الدينية للاسلام، وهي مظنة تعويق تركت بصماتها على دولته، في حين كان عبد الخالق شيوعي الوعي اكثر مما هو شوعي الايمان. تابع القدال ظهور المهدي والمهدوية في السودان في بداياتها الصوفية. فالمريد محمد احمد نشأ في الخلاوى، وهي المدارس الاولية في علوم الدين. ثم انتظم في سلك المريد لشيخ كبير لم يعجبه مسلكه الدنيوي. كان مريدا واعيا. ونعثر من خلال القدال على خصال قطب صوفي سريع التأهل من الصراحة والتحسس ضد الظلم ومقارعة الفساد لنقف امام شخصية اندفاعية اقتحامية، ستصنع للسودان رمزه الثوري الاعظم في هذا العصر، ومن آياته الزهد الصوفي لا الزهد الديني، وبينهما فرق. فالزاهد صوفيا فاعل والزاهد دينيا سلبي. هذا يريد من زهده نعيم الاخرة وذاك يريد من زهده بناء الدنيا على الاسس التي يراها صالحة لاهلها، ومن هنا كان جوهر حركة المهدي «البقارة والجهلاء والاعراب»، اي الاراذل من اتباع الانبياء. وانفصل المهدي عن العلماء الاعداء الطبيعيين للمتصوفة، ليصنع له مهدوية تنهل من ينابيع الفقر الحلاجي، لتجد نفسها في لحظة محسوبة على نقيض العثمانية التركية المتلبسة بالدروشة والمحمية من رجال الدين. واعلن المهدي تكفير الاتراك بعد ان عدد جرائمهم بحق المسلمين، وما قاموا به في السودان من نهب وبلطجة، ووقف رجال الدين ضد المهدي مع الاتراك. وليس خافيا ان يكون المهدي وجميع من ضارعه من زعماء المقاومة الوطنية في العالم الاسلامي قد جاءوا من منشأ صوفي. جرت ثورة المهدي في ربط مدروس مع التاريخ العسكري للاسلام الاول، واظهر المهدي اخلاقيات مماثلة، ويتحدث القدال عن الخبرة العسكرية للمهدي، فيكشف عن عقل عسكري كبير لم يتأهل في الاكاديميات الحربية، لكنه يملك جميع ما يملكه قادة الثورات المسلحة من عبقرية عسكرية، مع ما تمتع به من قدرة استثنائية على التحرك في مجتمع هو اشبه بغابة من القبائل والاقبال والطوائف، وظفها كلها لتصب في اتون الثورة، وسار بانصاره من معركة ظافرة الى اخرى. وكانت آخر المعالم الفاصلة هي التي انتهت بتحرير الخرطوم، وتصفية الاحتلال التركي البريطاني نهائيا. وكانت بريطانيا قد عينت غردون للدفاع عن الخرطوم، وهو إمبريالي عريق، وقد خدم من قبل في الصين وكان من اعمدة العدوان البريطاني ضد الشعب الصيني. وقتل غردون في تلك المعركة، وكانت مأثرة اضافية حفظها شو ان لاي للسودانيين، واستذكرها في زيارة رسمية للسودان، وخاطب السودانيين شاكرا لهم منتهم العظيمة على الشعب الصيني بأخذهم الثأر من المجرم غردون. بتحرير الخرطوم توجت الثورة المهدية باقامة دولة السودان المستقلة بامامة محمد احمد المهدي. ولم يعمر المهدي طويلا بعد تحرير الخرطوم، فتوفي بعد خمسة اشهر وهو في الاربعين من عمره.
يقول محمد سعيد القدال: (لم يستطع الثائر ان يقاوم المرض طويلا، رغم بنياه الجسماني القوي وشبابه. فالجهد الذي بذله منذ خروجه من أبا، والمعارك التي قادها، وعظم المسؤولية التي تحمل ثقلها، وفيض الرسائل والكتابات التي خطها، كلها انهكت قواه. فلم يصمد لاصابته بالحمى او التيفويد، التي اصيب بها الثناء تفقده المرضى). وطبق المهدي برنامجا سياسيا واقتصاديا متقدما. الا ان التخلف في نظام المهدي كان برنامجه الاجتماعي، وقد خضع فيه للشريعة كما استقرت عليه في العصر العثماني، وهذه المشكلة تتحدى دوما حركة الاصلاح الديني، بسبب صلابة الشريعة بشأن المرأة وصعوبة قبولها للتأويل. السودان مدين لوجوده كدولة للمهدي بن عبد الله. والشعب السوداني هو مخلوق المهدي، حقيقة مشتركة بين الفئات السودانية على اختلافها وتعددها. فهو رمز السودان الذي يجب ان يرتهن به تاريخه، انما من دون ان يذعن لكامل مطالبه، فلكل عصر نظام ولكل زمان احكام. وهذا حكم المجتهد المسلم حين يمارس الاجتهاد فعلا. ولدى النظر فيمن يحق له اليوم من السودانيين ان يتكلم باسم المهدي، لا ارى للجبهة الاسلامية ونظامها المتخلف وجها للكلام. ثمة هوة عميقة تملأها الفلاشا والسعودية وجعفر نميري، تمنع التحام حسن الترابي بالامام المهدي، وعندما نتجاوز تداخلات الايديولوجيا، فان الوحيد الذي يستحق وراثة المهدي هو حزب عبد الخالق محجوب. ان هذا ما يقوله كتاب محمد سعيد القدال من سطره الاول حتى كلمة الختام. نشر المقال في مجلة “الحرية” اللبنانية بتاريخ 29/8/1993م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: Ali Alkanzi)
|
الأخ الحبيب علي الكنزي
شكراعلى المؤازرة و المتابعة المستمرة…و شكرا على المقال المفيد . مودتي يا حبيب **************************** أخي الحبيب علي عبدالوهاب
اتفق معك أن أسرة المهدي و حفدته مقصرون في حقه..و لكن ذلك يجب أن لا يجعلنا أن نغمطه حقه…
فالحق يُقال أن المهدي لم يعد حِكرا على عائلته و لا أسرته و لا أهل بيته و لا قبيلته و لا منطقته…
فهو سيكون كما اختار هو أن يتمدد في كل مناطق السودان و أن تتفرق نطفه الثائرة في مختلف القبائل التي تصاهر معها و تحالف معها من كل مناطق السودان
كما اختار ان يكافح و يناضل و يحارب باسم كل السودان …هي روح نحتاج لها الآن بعد هذه الردة العنيفة إلى القبلية النتنة و المناطقية الغبية.
لذلك أقول: نحن (السودانيين كافة) أولى بالمهدي من أهله و أسرته و حفدته …و نقول كما قال النبي صلى الله عليه و سلم فيما يتعلق بصيام يوم عاشوراء:
(نحن أولى بصيامه من اليهود)…لذلك أقول نحن أولى بالمهدي من كل هؤلاء الذين ذكرتهم اعلاه..
تحياتي حبيبنا علي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عتذار متأخر لهذا القائد (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
أرجو أن تسمحوا لي بإعادة نشر أو نقل جزء من موضوع سابق تعرضت فيه لذكر أحد الكتاب البريطانيين و كتابه عن المهدي...و هو من القلائل الذي حاول أن يكون منصفاً...
طبعا بريطانيا و كذلك أي دولة بتحاول تعرض وجهة نظرها و بتدافع عن مصالحها الوطنية....لكن . المشكلة انه وجهة النظر هذه ستكون من زاوية واحدة
و قد تكون كما في أغلب الاحايين متجنية على الحقيقة. المشكلة إنه نحن حتى الآن لم نقدم وجهة نظرنا حول تلك الفترة.بل أن البريطانيون كما كل حكومة كثيرا من الكتب موجودة باللغة الانجليزية.... و لم نقم كذلك بترجمتها و لا قمنا بتقديم وجهة نظر متكاملة تمثلنا. و سأحكي لكم لاحقا عن شخص اجنبي قام بمجهود كبير ليقدم وجهة نظر محايدة إلى حد بعيد بالرغم من أنه ليس سوداني و غير متخصص في التاريخ.
23-12-2017, 09:26 PM محمد عبد الله الحسين تاريخ التسجيل: 02-01-2013
Re: المهدي ،التعايشي و رموز المهدية جميعهم: ي� (Re: محمد عبد الله الحسين)
كما وعدت اعلاه سأتحدث عن شخصية أجنبية معاصرة كتبت عن السودان..شخصية متعددة الاهتمام و المواهب. كنت أظنه متوفي منذ سنوات ففوجئت به حي يرزق لم يبارح عمره مرابع الشباب.و لدهشتي وجدته يعيش و يعمل على مسافة لا تبعد عن 10 كيلومتر...في الدوحة. إنه فيرغوس نيكولاس مؤهلاته و خبراته العملية: • عمل معلم في شمال السودان( في فترة الثمانينات). • حاصل على الماجستير في الدراسات الشرقية و الدكتوراة من جامعة ريدينغ بعنوان: ( غلادستون، غردون و حروب السودان في الفترة بين 1883-1885) • و في عام 1988 مذيع او معد للبرامج في البي بي سي . • ثم في عام 1992 انتقل إلى مكتب البي بي سي في القاهرة كمراسل. • و الفترة بين 1996-1999 عمل كصحفي ل( اولارا اوتانا)الممثل الخاص للسكرتير العام للامم المتحدة للاطفال و النزاعات المسلحة. • 2001-2012 عمل مذيع حر لبرنامج الراديو للبي بي سي:العالم اليوم. . في الفترة بين 2012-2013: مدير للعلاقات العامة و النشر في معهد ريفت فالي. • 2013 منح جائزة( سير ويليام لوسي) من جامعة ديرهام لبحثه عن دائرة المهدي. في الفترة من 2013-2014 كمحرر برامج و مخرج تنفيذي في قناة الجزيرة الإنجليزية في الدوحة. |Articles |News |مقالات |بيانات
23-12-2017, 09:32 PM
Re: المهدي ،التعايشي و رموز المهدية جميعهم: ي� (Re: محمد عبد الله الحسين) هذه المعلومات أعيد نشرها من بوست لي سابق في عام 2016 من هو فيرغوس نيكول؟ لم اعرف فيرغوس نيكولا قبل سبعة شهور. تعرّفت عليه بالصدفة من خلال كتاب كنت قد اشتريته من دار عزة بالخرطوم في خضم نوازع و دوافع لشعوري بالتقصير نحو قراءة و فهم تاريخنا و بخاصة المهدية كما ينبغي. المهم لدي صحوة متأخرة بالطبع نحو قراءة و تحليل تلك الفترة الهامة من تاريخنا فأشتريت مجموعة من الكتب التاريخية التي تتحدث عن تلك الفترة . من بين تلك الكتب كتاب أسمه(سيف النبي مهدي السودان وموت الجنرال غردون). لفيرغس نيكول. والكتاب في مجمله ترجمة لحياة الإمام المهدي واستعراض لنشاطه الديني والثقافي والدعوي والحربي، فهو رصد وتوثيق لأسرة محمد أحمد المهدي منذ مولده بجزيرة لبب في أقصى شمال السودان، وقراءاته ودراساته الباكرة وهجرته مع إخوته بحثاً وجرياً للعلم والجلوس إلى العلماء والشيوخ. واعتمد المؤلف على مجموعات ضخمة من الوثائق والمخطوطات وعلى زيارات قام بها. كما قام المؤلف بزيارة لمسقط رأس الإمام المهدي بالشمالية، وإلى الجزيرة أبا التي شهدت ميلاد الدعوة المهدية وإلى جبل قدير الذي شهد هجرة المهدي، وإلى مدينة الأبيض وموقع موقعة شيكان التي شهدت دحر وفناء حملة هكس، وظل المؤلف وطوال أعوام متنقلاً في دار الوثائق بالسودان وبريطانيا منقباً في وثائقها ومخطوطاتها، ومتحدثاً مع مجموعات من البشر ومستشهداً بكتابات وأقوال المعاصرين الذين قدر لهم أن يكتبوا عن المهدية والإمام المهدي. |Articles |News |مقالات |بيانات
23-12-2017, 09:35 PM Re: المهدي ،التعايشي و رموز المهدية جميعهم: ي� (Re: محمد عبد الله الحسين) بما أن الكتاب الذي اعده فيرغوس نيكولاس اعجبني تساءلت بين و بين نفسي: من هو فيرغوس نيكولاس؟ و ما هي علاقته بالمهدية؟ أو بالاحرى ما هي علاقته بالسودان اساسا؟ و متى عاش و في اي فترة زمنية عاش؟ و لماذا هذه الاسئلة؟ هي بالطبع اسئلة مشروعة و منطقية.لانه كاتب او باحث غير مشهور في مجال الدراسات التاريخية، خاصة المتعلقة تلك بالسودان. فأثار الكتاب فضولي.و بدأت أبحث عن معلومات تتعلق به. وطبعا أسهل وسيلة هي بوابة غوغل. فوجدت معلومات لا بأس بها عنه . و لحسن الحظ وجدت أن لديه حساب في تويتر؟ خطوة جيدة. ذلك يعني أنه حي و يمكن ان اتواصل معه.
23-12-2017, 09:38 PM
Re: المهدي ،التعايشي و رموز المهدية جميعهم: ي� (Re: محمد عبد الله الحسين)
أهم المعلومات التي وجدتها: - هو صحفي و مؤلف و دارس للتاريخ . - عمل في شمال السودان في فترة الثمانينات. حالياً: يعمل حالياً في قناة الجزيرة الإنجليزية كمحرر برامج و مخرج تنفيذي. - بعد عمله في السودان رجع إلى بريطانيا ليحصل على الماجستير و الدكتوراة. - شغل عدة وظائف ملحوظة: يرجى ملاحظة تعدد المناصب التي شغلها و تعدد تخصصاته و اهتماماته. و الأهم من ذلك عدد الكتابات التي كتبها عن السودان(بغض النظر عن الدوافع الظاهرة او المستترة) فقد ساهم في الكشف و التعريف بتاريخنا (و إن كان أيضا هو تاريخهم).و لكنهم عملوا ما عليهم مع أن إهتمامنا نحن كان يجب أن يكون أكبر. ساواصل بالتعريف عن كتاباته عن السودان و المناصب التي شغلها لتكون دافعا لنا على الأقل للإهتمام بتاريخنا او تعريف الأجيال القادمة به. كتاباته عن السودان: عام 2004 نشركتابه (سيف النبي:مهدي السودان و مقتل الجنرال غردون) ثم 2009 كتاب عن صعود و سقوط امبراطورية المغول عام 2009 أصدر فهرست للأعمال الكاملة للإمام المهدي حيث قام مركز قاسم للبيانات في الخرطوم بنشره عام 2013 نشر له كتاب( غلادستون، غردون و حروب السودان في الفترة بين 1883-1885. عام 2013 نشرت له جامعة ديرهام كتابه(دائرة المهدي:المال و الإيمان و السياسة في السودان) آخر كتاباته عن السودان كان مقال بعنوان: الفتوى و الدعاية: ردود فعل المسلم المعاصر للمهدية السودانية في افريقيا المسلمة.
| |
|
|
|
|
|
|
|