كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: إعترافات صريحة: ذكرياته مع البِغاء و النس� (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
والدي كان شرطيًّا، ومن ثم عمل في الأمن العام، أورثني ثلاثة أشياء: (اللاطائفية، وعزة النفس، ونظافة الكف). كان يردد عليَّ دائمًا: “يا بنيَّ إياك وعزة نفسك” و”إذا وقع نصفك على الأرض فلا تلمه”، وهو مثل لبناني؛ أي لا تذل نفسك من أجل أي شيء. كان والدي كريمًا جدًا. أورثني ديونًا كثيرة بسبب كرمه ونزاهته، فلم يسرق يومًا، كما ورثت منه حبه للمرأة. وكان صاحب ذوق عالٍ؛ مما كان سببًا في إثارة غيرة أمي بشكل مستمر، فكانت تصلي أمام العذراء من أجل أن يبقى يحبها. ظلت أمي تحب أبي بجنون لآخر نفس بحياتها. لم أرَ امرأة تحب رجلاً بهذه الطريقة، أمي وأبي كانا يدخنان عشر علب سجائر في اليوم. قبل أن تموت أمي بعدة ساعات طلبت مني سيجارة، أصابها السرطان ولم تكن تستطيع أن تدخن، أعطيتها سيجارة وسط احتجاج أخواتي. وضعت السيجارة في فمها ولم تستطع حتى تدخينها، لكنها أغمضت عينها مع ابتسامة، وودعت العالم مع السيجارة قبل أن تودعنا.
والدي كان شرطيًّا، ومن ثم عمل في الأمن العام، أورثني ثلاثة أشياء: (اللاطائفية، وعزة النفس، ونظافة الكف). كان يردد عليَّ دائمًا: “يا بنيَّ إياك وعزة نفسك” و”إذا وقع نصفك على الأرض فلا تلمه”
كانت أمي امرأة مؤمنة، وحين كنت أذهب إلى الامتحان كانت تأتي بالحصى، وتركع عليها أمام العذراء لتصلي لي؛ لكي أنجح، وكانت كلما صلَّت لي أرسب. وقلت لها: “يا أمي كلما ركعتِ على الفحص كنت أرسب في الفحص”. أبي لم يكن يرتاد الكنيسة رغم إيمانه، ولقد ورثت هذا الأمر منه”.
هناك جروح لا تستطيع أن تشفيها الحياة، كتبت لأختي “تريز” سطرًا بعد وفاتها، قلت فيه: “كل يوم يا أختي أحاول أن أنساك”، كان من الصعب علي أن أنسى أختي، بينما علاقتي مع النساء تُنسى، فلقد نسيت الكثير من أسماء النساء اللواتي صادفتهن في حياتي، فقلما أتذكَّر علاقتي مع النساء. أنسى الأشخاص لكن تبقى اللحظة كامنة بعد الزمن.
تابع
|
|
|
|
|
|
|
|
|