كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
أحلام عولمية إضاءة على واقع القاهرة،يرصد هروب النخبة من وسط البلد
آنوك دي كونينغ مؤلفة هذا الكتاب أحلام عولمية الذي ترجمه إلى العربية أسامة الغزولي وصدر عن المركز القومي للترجمة بمصر، تنتمي إلى مدرسة القاهرة للدراسات الحضارية التي تتخذ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة مركزاً لنشاطها، حيث أصدرت ثلاثة كتب مهمة عن العاصمة المصرية، وهي القاهرة الكوزموبوليتانية في 2006 والقاهرة المهيمنة في 2007 والقاهرة المتنازع عليها في 2009 .
القاهرة - الخليج:
وقد شاركت مؤلفة أحلام عولمية في أحد هذه الكتب بفصل عنوانه كافية لاتيه وسلطة سيزر: الانتماء الكوزموبوليتاني في الكوفي شوب القاهرية، وعرضت أفكارا تعد بذرة هذا الكتاب، الذي تعالج فيه الانتماء الكوزموبوليتاني، كما يتجسد في الكوفي شوب القاهرية الراقية في جمهورها المنتمي للطبقة المتوسطة العليا، في لغتهم المهجنة، في ملابسهم المستوردة الثمينة، في لغة أجسادهم، في خلفياتهم التعليمية، في أوساطهم الأسرية والاجتماعية، في ارتباطهم بثقافة العولمة واقتصاداتها، ويتجسد هذا الانتماء في الكوفي شوب ذاتها، في كونها حلقة من سلسلة دولية، ملتزمة بأسلوب معين في المظهر الخارجي، وفي التصميم الداخلي، وفي قائمة الأطعمة والمشروبات، وفي الاسم الإفرنجي للكوفي شوب، ولكل صنف من أصناف الطعام والشراب، وفي نوعية الزبائن . ويشير الغزولي في مقدمة الكتاب إلى أن مدرسة القاهرة للدراسات الحضرية تتبع منهجا كيفيا بالأساس يتعايش مع الغموض ومع الاحتمالات والمتشابكة في الواقع القاهري، لدرجة أن تمثيلها وتحليلها للحياة في القاهرة، ينتقل إليهما هذا الغموض وهذا التشابك .
ويوضح الغزولي أن ويل وارد وهو على رأس هذه المدرسة، يرى الغموض أصيلا في مجتمع شرقي، وليس نتيجة لعجز مدرسة القاهرة أو وارد نفسه عن فهم مجتمع هو بالضرورة غرائبي، بالمعنى الذي انتقده إدوارد سعيد في كتابه الاستشراق (1978) . أهم النقاط التي اتفق عليها الباحثون الذين وضعوا ثلاثة مجلدات مهمة عن العاصمة المصرية، التي تولد عنها المحور الرئيسي لكتاب أحلام عولمية يلخصها ويل وارد بقوله: التيمة المركزية هي هرب النخبة القاهرية من منطقة وسط البلد المركزية وإعادة توطنها في مناطق بعيدة عن مركز المدينة، وهي مناطق وفّرتها مشاريع الإصلاح الهائلة للصحراء وإنشاء طريق دائري جديد حول المدينة .
ويؤكد أحد الكتاب المنتمين إلى هذه المدرسة أن تنامي مشروعات التنمية العقارية الخاصة التي تحمل أسماء مثل يوتوبيا وبيفرلي هيلز ودريم لاند هي كاملة التناغم مع السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، التي تمثل جوهر اتفاق التكيف الهيكلي الذي أبرمته مصر مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العام 1991 .
ويشير هذا الكتاب إلى وجود خطاب الخطر والتهديد الذي روجت له المخاوف المبالغ فيها من الإرهاب والجريمة، كخطاب يمثل الدافع والمبرر المشروع لانسحاب الطبقة العليا إلى المجتمعات المسورة القاصية، في حين يرى الغزولي أن النخبة القاهرية لم تخرج وحدها ولم تهرب من وجه الخطر بمغادرة وسط البلد إلى مناطق صحراوية بعيدة، ولم تستخدم خطاب الخطر والتهديد الذي يقوم على مخاوف من الإرهاب والجريمة لتبرير الخروج والهروب، وهذه الفكرة واحدة من الدعائم المركزية، التي يقوم عليها كتاب أحلام عولمية .
ومن المؤكد أن انتقال السكان إلى مدن مثل السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة أمر فرض نفسه، ولم يكن الهدف الأساسي من إنشاء هذه المدن، التي قامت لتخلق فرص عمل جديدة بالأساس، لكن الواقع الديموغرافي فرض نفسه، فالانفجار السكاني العالمي الذي صعد بعدد سكان كوكب الأرض من مليار و700 مليون إنسان في مطلع القرن العشرين إلى ستة مليارات و600 مليون في نهايته، صعد بعدد سكان مصر من نحو عشرة ملايين في بدايته إلى ما يفوق السبعين مليونا في نهايته .
وتشير دي كونينغ في أحلام عولمية إلى النخبة القديمة التي سكنت وسط البلد إشارات متكررة، على نحو يبدو وكأنها متأثرة بما جاء في رواية علاء الأسواني عمارة يعقوبيان، وما يدور من ثرثرات في مقاهي وسط البلد، لكن النخبة التي احتلت ذلك الجزء من المدينة من أيام الخديوي إسماعيل حتى ذروة تجميد الإيجارات السكنية في زمن التأميم والتمصير في الستينيات من القرن العشرين، انهارت مكوناتها المحلية، وهربت مكوناتها الأجنبية الغالبة والمهيمنة في الفترة من 29 أكتوبر/تشرين الأول 1965 إلى 9 يونيو/حزيران 1967 .
وحلت محل النخبة القديمة نخبة جديدة، ولدت من رحم البيروقراطية التي أدارت المؤسسات الصناعية والتجارية والمؤممة واحتلت المراكز العليا والمتوسطة أيام رأسمالية الدولة، باسم الاشتراكية العربية، لأنها كانت رأسمالية ذات ضمير اجتماعي وذات توجه عروبي ووطني مناهض للاستعمار والصهيونية . وكما تشير المقدمة فإن أبناء وبنات هذه النخبة التي هاجرت مع حركة التاريخ من رأسمالية ناصر، ذات الأفق التنموي والضمير الاجتماعي، إلى رأسمالية مدرسة شيكاغو، هؤلاء هم الذين يركز كتاب أحلام عولمية على أسلوب حياتهم وعلى نزوحهم إلى المستوطنات الصحراوية الجديدة حول القاهرة . وهنا تتساءل مؤلفة الكتاب: هل مصر مقبلة على صراع طبقي حاد بين الامتيازات المتزايدة لهذه الفئات المحظوظة وبين الفقر المتفاقم لبقية طبقات المجتمع؟ وهل لهذا الأمر علاقة بما يسميه كتاب مصر في لحظة تحول الذي أصدرته مطبعة الجامعة الأمريكية دورات الاحتجاج؟ وهل مصر بطريقها إلى أن تصبح أمة منقسمة كما يلمح كتاب أحلام عولمية؟
والفئة التي يصف أسلوب حياتها الكتاب هي فئة من المهنيين من الطبقة المتوسطة العليا في القاهرة تزيد نسبتهم قليلا على 5% من سكان القاهرة الكبرى الذين يقدر عددهم بنحو 15 مليون نسمة، لكن مؤلفة كتاب أحلام عولمية لم تحلل لغة الحديث اليومي للمهنيين من الطبقة المتوسطة العليا في القاهرة تحليلاً كافياً، وقد اكتسبت المسافة الفاصلة بين القاهرة وبين المستوطنات السكنية الصحراوية الجديدة دلالة مبالغا فيها عند المؤلفة، التي لم تنتبه إلى أن الصحراء التي تعزل دريم لاند عن القاهرة هي ذاتها التي تعزل النهضة والسلام والحرفيين عنها، لكنها على حق في ما تقول من إن العلاقة بين المؤسسات المتعددة الجنسية وبين فروعها ومركزها الرئيسي في الخارج أقوى من علاقاتها بمحيطها الوطني .
-
]
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| الخرطوم الجديدة: والطبقة الجديدة | محمد عبد الله الحسين | 03-11-18, 05:49 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | معاوية الزبير | 03-11-18, 05:58 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-11-18, 07:01 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-11-18, 07:28 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-11-18, 07:49 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-11-18, 09:15 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-11-18, 09:24 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-12-18, 06:46 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-12-18, 06:58 AM |
| Re: الخرطوم الجديدة: و كتاب أحلام عولمية | محمد عبد الله الحسين | 03-13-18, 01:35 PM |
|
| |
محمد عبد الله الحسين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست