في وقت كان يغرق فيه وزراء ونواب السودان في إيجاد المبررات لإعادة ترشيح الرئيس، فالوزير أحمد بلال، يعتبر أن انتخابات 2020 استرجاعاً للديمقراطية، وفقاً لـ(المجهر)، فيما يكاد النائب البرلماني عبد الله مسار يتسول الرأي العام أن يفعلوا أي شيء كي يتسنى للرئيس أن يترشح لانتخابات 2020م، لأنه الضامن لمخرجات الحوار حسبما يعتقد مسار.
في وقت كهذا، أقالت الحكومة اليونانية وزيرة الدولة لشؤون العمل، رانيا انتونوبولوس، لأنَّها كانت تتلقى بدل سكن "1000" يورو شهرياً ولمدة سنتين، وهي ميسورة الحال. القانون يتيح لها الاستفادة من بدل السكن، لكن الحكومة قالت إنَّ الوزيرة أساءت استخدام القانون، القضية خلقت رأياً عاماً سالباً ضد الوزيرة، تمت إقالتها، واعتذرت لشعبها، ثم ترددت أنباء عن إلغاء بدل السكن جزئياً.
قبل أيام، ومع تداعيات إعلان موازنة 2018 الكارثية التي يتلظى الشارع منها الآن، حقق نواب البرلمان نصراً شخصياً ضد شعبهم حينما توجوا حملة مطالبات بحصولهم على "500" منزل، وقبل ذلك خاضوا معارك لتحسين أوضاعهم وامتيازاتهم.
صحيح ربما لا مجال للمقارنة بين هنا وهناك، لكن في كل مرة يتأكد أننا نرجع إلى الوراء بشكل يومي، كل شيء يسير على عكس طبيعته، النائب الذي ينبغي أن يكون ناقلاً لمشكلات منطقته، بات يتكسب منها، المسؤول الذي ينبغي عليه الالتزام بالقانون هو أول من يخرقه ويركله بعيداً.
لكن ليس العيب في الحكومات المتعاقبة بقدر ما أنه متجذر في المجتمع نفسه، المجتمع الذي يرى بأم عينيه تحول حال المسؤولين من الفقر المدقع إلى حياة مرفهة وهو يعلم أنه يعمل فقط مسؤولاً. رئيسة كوريا الجنوبية التي ربما تواجه عقوبة السجن لـ "30" عاماً أقالها الشارع العام بعد فضيحة الرشوة واستغلال النفوذ..بنيامين نتيناهو، رئيس وزراء إسرائيل، الآن ينتفض الشارع في وجهه، الرومانيون خرجوا إلى الشوارع واضطرت الحكومة هناك لإلغاء مرسوم يقضي بفرض حصانات لبعض السياسيين من المساءلة القانونية في جرائم الفساد. المجتمع الذي لا ينهض تلقائياً لانتزاع حقه وحمايته، تتعاقب الحكومات في العبث به. على مدى السنوات القصيرة الماضية، تفجرت عدد من قضايا الفساد، على المستوى الإعلامي، فإنَّ الشارع بات موقناً أنَّ حجم الفساد كبير ويظهر ذلك في كل شيء، لكن عملياً، لا شيء، لا خطوة ولا فعل، فقط كلام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة