حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريقية،.. العنصرية.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 01:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-24-2018, 09:23 PM

بدوي محمد بدوي
<aبدوي محمد بدوي
تاريخ التسجيل: 01-18-2017
مجموع المشاركات: 192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� (Re: بدوي محمد بدوي)


    (أي حوار خارج الأبعاد الثقافية يعتبر ارتدادا عن الوعي الإنساني والحضاري)


    (أيدولوجيا العرق) بقلم أحمد محمود أحمد


    *أيدولوجيا العرق في السودان و الاسقاط العنصري المضاد علي الهوية*

    *أيدولوجيا العرق هي التي تسقط مفاهيم لون البشرة علي السودانيين*

    *اي حوار خارج الأبعاد الثقافية يعتبر ارتدادا عن الوعي الإنساني و الحضاري*

    *أحمد محمود أحمد*

    مدخل* :
    لقد برز بعض المثقفين السودانيين عبر المرحلة الراهنة بأطروحة غير علمية تتماهي مع المنظور العرقي في الرؤية لمسألة الهوية السودانية، هذا الاتجاه يشتغل علي الاقلال من شأن السودانيين والذين يقولون بأنهم عرب، وهذا يعتبر تداعيا نفسيا وشوفينيا راكمته تداعيات الواقع السياسي من جهة، و من جهة أخري هي حالة الانحياز للمنطق غير العقلاني في التفكير من أجل ابراز خطاب سياسي يحمل عنفا مبطنا ضد بعض قطاعات المجتمع، و يحاول في نفس الوقت استرضاء بعض المجموعات التي تضررت من قمع السلطة، لكنه استرضاء كسيح يؤسس لخطاب عنصري يتساوى و خطاب السلطة في نظرتها للذين هم خارج اطارها. وهذه الأيديولوجية ذات اتجاه تفكيكي لا يتناسب مع التقدم العلمي و الحضارة الإنسانية، و التماهي معها من شانه ان يفكك كل مجتمعات الدنيا حيث لا يوجد مجتمع منسجم عرقيا: أذن ما هي الأطروحة المشتركة لأيدولوجيا العرق، والذي يمثله بعض المثقفين الشماليين ومن دون ذكر أسماء، الأطروحة هي:
    1- السودانيون (قوم سود) وادعاءهم بكونهم عربا يؤشر لخلل نفسي في العقلية السودانية
    2- السودان دولة أفريقية وليست لديه علاقة بالعرب و أذا وجدت هذه العلاقة فهي علاقة تبعية
    3- ينظر العرب للسودانيين كمجرد (عبيد) وهذا مدعاة أن يعود السودانيين الي وعيهم الأفريقي وقطع العلاقة مع العرب
    4- كل المشاكل التي حدثت في السودان و منذ الاستقلال تعود الي هذا الانتماء العربي
    5- المرأة السودانية تعيش حالة انفصام لأنها لا تستطيع النظر الي نفسها السوداء ولهذا تلجأ الي المساحيق بحثا عن بشرة بيضاء تيمنا بالعرب.
    هذه هي الأطروحة الأساسية لأصحاب أيدولوجيا العرق، ولكن يمكن أن تتبعها مقولات أخري لا نريد التطرق لها هنا نتيجة لتهافتها الموغل في العدمية. من المؤسف أن هذه الأطروحة تصدر من مثقفين يحمل غالبيتهم شهادة الدكتوراه، وما يطرحونه هو الجانب العنصري في التفكير الإنساني، وهو ما تسعي هذه الدراسة من أجل تفكيكه وفق قراءة غير منفعلة، تتجنب الإساءة الي أي أحد بالرغم من حالة السقوط المريع والتي باتت تشمل مثقفين سودانيين بارزين يخوضون في وحل التفكير القبلي والعرقي وينزعون نحو التفكير المظلم في شأن الهوية.

    *أسئلة وفرضيات*

    1- عند النظر للهوية سودانيا ووفقا للأطروحة السابقة ، فهل يوجد جامع شكلي(لون البشرة) واحد يوحد بين السودانيين؟
    2- اذا كان لون البشرة حاسما في مسألة الهوية أو الانتماء كما يري منظرو أيدولوجية العرق، فهل يمكن أن نتحدث اليوم عن شعب أوروبي واحد يتأسس علي (لون البشرة) كما يري هؤلاء؟
    3- لماذا يطالب الأكراد اليوم بالانفصال عن بقية العراق وقد لا يختلف الأكراد عن بقية العراقيين من حيث(لون البشرة) أو لماذا لا يكون الأتراك عربا أو الإيرانيين عربا؟ او حتي اليهود لماذا لم يكونوا عربا وهم لا يختلفون عن العرب شكليا في أي شيء؟

    *فرضيات أولية*


    1- الهويات الكبرى لا يحكمها العنصر أو العرق، انما الثقافة و الانتماء الإنساني و الحضاري.
    2- كلما تنامي الإحباط السياسي، كلما نزع البعض الي أدانة نفسه في صورة أدانته للآخرين.
    3- العنصر – اللون – السلالة – الدم - الخصائص الوراثية ليست ضمن العوامل التي تحدد الانتماء الوطني أو القومي لأن النقاء العنصري لا وجود له في العصر الحديث، ولأن قيمة الفرد كانسان أو هويته الجماعية لا تتأثران بأصله السلالي. (1)
    4- الدين سواء كان سماويا أو غير ذلك، لا يدخل في التكوين الوطني او القومي وفي الجانب الخاص بكونه علاقة روحية بين الانسان وخالقه، لكنه يدخل في الجانب الخاص بكونه ثقافة وقيما ومثلا. (2)

    *الهوية السودانية -الأسئلة والفرضيات*

    كمدخل أساسي لهذا النقاش يجب أن نشير الي أن المنهج الذي أتبعه بعض المثقفين السودانيين والذي أطلقت عليه ايدولوجيا العرق، قد قام باستخدامه بعض المنظرين الغربيين منذ القرن التاسع عشر والذين استندوا فيه لنظرية التطور المعروفة، حيث وظفوا هذه النظرية وبشكل عنصري في مقايسة الرجل الأبيض بالآخرين. حيث تم التأسيس الي فكرة أن الأنسان الأبيض قد وصل الي قمة التطور السلالي بيولوجيا و بالتالي فهو الأرقي من حيث الصفات الوراثية، ووفقا لهذا التنظير فأن الآخرين ومن غير البيض لم يصلوا الي هذه المرحلة من التطور وبالتالي فهم الأدنى بيولوجيا وبالتالي إنسانيا، وقد أدي هذا الي استعباد الآخرين وفق هذا المنظور المتعالي، كما برز ذلك من خلال الأيدولوجية النازية والتي استندت الي صفاء العرق الآري والتي حسب منظريها فأن الألمان هم الأرقي، وشهد العالم بعد ذلك نتائج هذا التفكير المسنود بالعرق والعنصر والذي تمخض عن حرب مدمرة راح ضحيتها ملايين البشر. ويمكن أن نقرن ذلك بالفكر الاستشراقي والذي سبق الاستعمار العسكري الأوروبي والذي مفاده بان الذين هم أدني من حيث الارتقاء لا يستطيعون تمثيل أنفسهم فيجب ان نمثلهم نحن، أي الأوربيون. هذه النظريات كانت كارثية على مستوي تجربة البشرية اذ تم من خلالها استعباد الأفارقة، وتم من خلالها كذلك استعمار الشعوب والتي أعتقد الرجل الأبيض بكونها غير قادرة علي صنع الحضارة وبالتالي يجب تحضيرها. طبعا المسكوت عنه هنا بأن الغرب سعي وضمن رؤية اقتصادية لتجريد هذه الشعوب من امكانياتها مستندا الي هذا التنظير البيولوجي او الأستشراقي. لكن وان كان هنالك منظرين قد اشتغلوا بهذا الاتجاه، الا أن هنالك مدرسة مهمة برزت في الغرب وهي المدرسة التي لا تعتقد في الجانب البيولوجي او السلالي، بل تعتقد بأن الثقافة والبيئة هما المسؤولان عن تشكل الأنسان وتطوير وعيه، وبالتالي فالحضارة ليست حكرا على الرجل الأبيض، اذ هي ظاهرة إنسانية بالدرجة الأساسية وان الأنسان هو ابن الثقافة وبالتالي فأن البيئة والظروف التي ينشأ فيها هذا الأنسان هي التي تحدد ميوله وقابليته للحضارة، ولا وجود للعرق أو السلالة أي دور في تحديد مصائر الشعوب أو دور الأنسان. هذه النظرية قد تم أثباتها وعكسا للنظرية البيولوجية، وفق تطبيقات سليمة وعلمية، وكان يقف على رأس هذه النظرية الأنثروبولوجي الشهير فرانز بواس (1858- 1942). والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا يحاول بعض المثقفين السودانيين استعادة نظرية العرق والعنصر حين يتم النقاش حول الهوية السودانية او انتماء السودانيين؟ وما هو الدافع وراء ذلك؟ وكيف يستقيم التفكير في هذا الاتجاه؟ وكيف يتم تقييم حركة الشعوب عبر هذا العصر استنادا لمفهوم العرق؟ اذن ونحن نناقش هذه الأيدولوجية في مسار الهوية سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة والأسئلة المطروحة في مقدمة هذه الدراسة. ولنبدأ بتفكيك تنظير أصحاب الأيدولوجية العرقية وفي أطار الهوية السودانية بسؤال جوهري، وهو: ما الذي يجمعنا كسودانيين هل هو (السواد) كما يقول هؤلاء- هل يوجد لون للبشرة موحدا في السودان يجمع بين شماله وغربه وشرقه ووسطه؟ وما هي المقاييس لذلك؟ مثل هذا النقاش يقود الي التردي في التفكير الإنساني ويساوي بين الأنسان القبلي والمثقف الذي يفكر بهذا الاتجاه. فحركة الشعوب سواء كان ذلك عبر التاريخ او في الحاضر يجب ألا تقاس بهذه الكيفيات، لأنه لم يذكر لنا التاريخ بأن هنالك حضارات قد سادت نتيجة لتميز شعوبها في لون بشرتها وعلى الاطلاق، بل كل ما عرفناه عن الحضارات الكبرى بأنه قد كان لديها ثقافات وطرق تفكير وأساليب في الحياة متقدمة. ولهذا وفي حاضرنا الراهن فإننا لا نستطيع تفسير الصراعات التي تحدث في عالمنا استنادا لهذه النظرية العرقية، فأوروبا تتساوي عرقيا (من حيث لون البشرة) ولكنها تختلف ثقافيا وتقع الحروب بين أقطارها بالرغم من كونها غير متمايزة عرقيا، وتطالب أقاليم داخل اسبانيا بالانفصال (كاتالونيا) مثالا، وهي لا تختلف عن بقية الاسبان عرقيا، وهكذا حال الأكراد. اذن تركيز الهويات على الأسس العرقية لا يخدم الا قضية التخلف ويعمل على استبعاد الجوانب الثقافية والحضارية في الانتماءات بين الشعوب. الاختلاف حول الهوية وأيا كانت يبدو مطلوبا من أجل النقاش حول الانتماء ودوره في حركة الشعوب، ولكن أن نتحاور حول بشرة السودانيين فهو السقوط في بئر العدم.

    *الأبعاد الحضارية و الثقافية في الهوية*

    تري هذه الدراسة ان النقاش حول الهوية السودانية يتطلب اولا استبعاد العرق و ما يترشح عنه في نقاش أية هوية من الهويات، و هذا علي أقل تقدير يساعدنا علي النظر للهوية من منظور ثقافي حضاري ويفتح الأسئلة باتجاه التكوينات الكبرى التي تسطيع بناء نهضتها استنادا الي هذه الأبعاد المذكورة ، ولهذا سأبدأ بتعريف الثقافة أولا و من ثم الحديث عن الهوية السودانية ضمن أبعادها العربية و الأفريقية استنادا الي هذه الأبعاد الثقافية. وسأختار ثلاثة تعريفات للثقافة تساعدنا على فهم الهوية علي هذه الأسس الثقافية و من أجل خدمة موضوع الدراسة:
    أولا: يري *تايلور* ان الثقافة هي (ذلك الكل المركب المعقد الذي يشمل المعلومات والمعتقدات والفن والأخلاق والعرف والتقاليد والعادات وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع الأنسان أن يكتسبها بوصفه عضوا في المجتمع (3).
    ثانيا: يري *تالكوت بارسونز* إن (الثقافة مركب الأنظمة الرمزية التي عن طريقها يتكيف الناس في المجتمع مع بيئاتهم ويحددون علاقاتهم مع الآخرين في حدود الوضع الإنساني. وتتكون الثقافة من وسائل للتعبير والاتصال مثل اللغات وأيضا مضمون الأفكار أو المعرفة في أشكالها المتعددة والمختلفة وكذلك رموز أساسية معبرة كوسيلة لإظهار المواقف ومفاهيم اخلاقية (4).
    ثالثا: يري *فوزي منصور* الآتي (الثقافة مفهوم مركب تجتمع فيه المعتقدات والقيم والعادات والتقاليد وأساليب التفكير العلمي والخرافي والخيال والأساطير التي بكل تفاعلاتها وعلاقاتها المتبادلة تسهم في صياغة فكر أمة أو شعب (5).
    استنادا الي هذه التعريفات يمكن ان نعرف الهوية كالاتي: الهوية هي الشعور المشترك لدي جماعة بأنها تتقاسم مصلحة مشتركة ومصيرا موحدا، أو هي جزء من مفهوم الذات لدي الفرد، يشتق من معرفته بعضويته في الجماعة واكتسابه القيمة والوجدانية المتعلقة بهذه الجماعة (6).
    أذن تعتبر الثقافة عنصرا مهما في مسألة الهوية وهي التي تحدد درجة الانتماء وتؤدي للوحدة الذهنية بين الشعوب، والثقافة أساسها اللغة، فاذا افتقدت الشعوب عنصر اللغة فأنها تفتقد التواصل. وعندما نتحدث عن الهوية يجب أن ننظر الي هذه الجوانب وليس الي الجوانب العرقية أو السلالية. فالهوية مرتبطة بالتطور التاريخي والحضاري، وفي ظل عالم اليوم وتطوره الحضاري، لا مكان للثقافات المنغلقة على ذاتها والتي تدور حول مفاهيم العرق والسلالة. ولهذا فان الأخطر في قضية الهوية هو التمايز علي اسس عرقية أو دينية أذ يؤدي عادة الي نشوب الحروب والصراعات، وهذا ما تقف ضده هذه الدراسة.

    *الأفريقية مقابل العربية*

    عندما يقول مثقف ما بان السودانيين افارقة لأننا قوم سود، فما هو المقصود بالأفريقية؟ فداخل أفريقيا توجد أقطار عربية عديدة ، و توجد أقلية بيضاء في جنوب أفريقيا، كما توجد مجموعات هندية، و يوجد طوارق و بربر و مجموعات متباينة تماما، وفي ذات الاتجاه فهنالك شرق أفريقيا والذي يري سكانه أنهم متميزون و لديهم حضارتهم المختلفة عن بقية أفريقيا. في ظل هذه الاختلافات كيف يصرح شخص ما ودون تفكير أو روية بكون السودان أفريقي لأننا قوم (سود) هكذا دون أن يحدد أبعاد هذه الأفريقية، ومحتواها الثقافي والحضاري؟ في واقع الأمر ان ننتمي لأفريقيا هذا لا يتم كمقابل لانتمائنا للعرب، ولا يتطلب الانتماء لأفريقيا ان نتنكر نهائيا بكوننا عربا، لأنني أتكلم هنا عن الانتماء بشكله الثقافي وليس العرقي. فالجانب الموضوعي في التفكير يقول بان السودان هو محتوي تاريخي تشكل عبر التداخل العربي والافريقي والذي أنتج هذه الخصوصية السودانية والتي هي تعبير عن تزاوج الحضارات والثقافات وهذا يتطلب الانتماء لهذين الاطارين وفق أسس ثقافية وليست عرقية. فالأفريقية ليست قومية أو دائرة ثقافية موحدة، فأفريقيا تضم شعوبا عديدة ومتباينة ثقافيا و حضاريا ولا توجد ثقافة واحدة تتفق عليها أفريقيا، والرابط بين شعويها سواء كانت العربية أو الافريقية رابط جغرافي و قاري، ويحمل السودان بعض الأبعاد الثقافية الافريقية لكن يغيب الجامع اللغوي، فاللغة تعتبر جوهرية في تشكيل الهويات يضاف اليها التجربة والتاريخ المشترك، ولهذا عندما يقول بعض السودانيين بانتمائهم العربي فلا يتعلق هذا الانتماء بلون بشرتهم انما لهذه الأبعاد الثقافية واللغوية، والأهم من ذلك فعندما وعي بعض السودانيين بانتمائهم العربي، حينها لم يكن يدركوا بأن هنالك عربا مختلفون عن تصورهم لذواتهم، ولهذا عندما يقول بعض المثقفين بأن السودانيين يعيشون متاهة حضورهم الخارجي و الداخلي عندما يقيسون أنفسهم بالعرب الآخرين، فهذه مقولة سطحية وغير متعمقة في الظواهر، فالهوية هي قبل كل شيء شعور ذاتي غير خاضع تماما للأملاء الخارجي، وحتي لو اثر هذا الاملاء الخارجي فيه، لكن لا يلغيه. والأهم ان يكون هذا الانتماء السوداني الداخلي للعروبة غير مفروض على آخرين من ليس لديهم هذا الإحساس، وبنفس المستوي فلا يجب أن نعيب على من يقول إنه عربي ونقلل من درجة هذا الانتماء بمقولة اننا قوم سود فيجب ان نكون ضمن هذه الدائرة او تلك. هذا النقاش بدرجة او اخري لا يفيد مضامين الهوية، اذ المطلوب ان نخرج من متاهة حوار هؤلاء المثقفين الي رحاب الهوية بمضامينها الحضارية وحتى لو اختلفنا في هكذا نقاش فسيكون مفيدا للطرفين. تحويل نقاش الهوية الي العرق ولون البشرة يجرنا الي البعد القبائلي في التفكير وهذا ارتداد في الوعي الإنساني بشكل لا ادراكي. لأن السؤال المركزي هنا، ماذا لو تخلي السودان عن العرب وخرج من جامعة الدول العربية وقال بافريقته المطلقة، اذن ماذا يحدث؟ هل ستحل مشاكل السودان تلقائيا؟ لماذا تدور الدول الأفريقية منذ عقود في دائرة الحروب والتخلف وهي لا ترتبط بالعرب ولا تقول بالعروبة؟ لماذا لم يستطع جنوب السودان بناء تجربته ولا يوجد داخله من يقولون بأنهم عربا وليست لديهم علاقة بالعرب؟ اذن و بدلا من تحميل الانتماء للعروبة كل هذا الشطط اللامعرفي، فيجب أن نفكر عميقا في أسباب التطور وعوائق التخلف ضمن منظومة تتعلق بمفهوم النهضة، فلو اشتغلنا علي مشروع النهضة فان انتماءنا للعرب سيقوي من مشروع هذه النهضة، فهي ليست علاقة تأتي خصما علي مشروع التطور الوطني بل داعما له في ظل ظروف عربية صحية، كما أن تماسكنا الداخلي مرهون بالاتفاق حول سمات كبري مشتركة تساهم في الاندماج الوطني وفي تقديري فالثقافة العربية في السودان يمكن أن تكون أساسا للدور التوحيدي الوطني لكن دون فرض أية رؤية أحادية تقلل من الآخرين. اذن الأفريقية التي يتحدث عنها مثقف العرق ليست بهذا التصور العرقي لكنها هي تشابك جغرافي وسياسي يرتب إقامة علاقات متوازنة مع الدول الأفريقية وتوظيفها لمصلحة السودان، وليس للون البشرة أي دور جوهري في انتماءنا سواء كان باتجاه أفريقيا او تجاه العرب، فقط تبقي هذه الأطر الثقافية والحضارية كمحدد للانتماء. استنادا الي هذه المفاهيم فان الأطروحة التي يقدمها بعض المثقفين والتي تحمل أدانة ضد اي تمظهر بالثقافة العربية تؤشر الي غياب الرؤية المتوازنة والتي لا تحترم خيارات الناس وتقلل من وعيهم التاريخي بذواتهم، وبذات المستوي وعندما يتهكم البعض من البنت السودانية لاستخدامها للمساحيق وذلك بكونها تهرب من السواد الي البياض كراهية في نفسها ولتشبثها بالعرب، هذا المنظور لا يستوعب الأبعاد الجمالية وحسب مراحلها وتطورها. فالمرأة السودانية قد لجأت من قبل الي ما يعرف (بالشلوخ) كنوع من التجميل بالرغم من المعاناة التي تعيشها في ممارسة هذه الظاهرة، ولم يقل أحد بانتهاكها لجسدها او كانت تسعي لتغيير شكلها بشكل كلي، ولا أحد ينتقد بيوتات التجميل المنتشرة في كل انحاء العالم وصالونات الشعر التي تغير من طبيعة شعر المرأة وغيرها. هذه الظواهر ترتبط بتغيرات الموضة و ليست لديها علاقة برفض الشكل أو التنكر للأفريقية، و قد تكون البنت السودانية غير واعية بكل هذا الجدل، فالسوق وحده أحيانا يحدد اتجاهات الموضة و كذلك نظرة الرجل للمرأة، كلها عوامل تسهم في حركة الموضة، و البنت السودانية تبحث عن حضورها الخارجي بعد ان قتل الإسلاميون الجوهر في الانسان السوداني وتم تمزيق المضامين الإنسانية، اذ أصبحت حالة التوهان الإنساني تصدر نفسها عبر كافة المظاهر والتي ليست لديها علاقة بالتنكر الي اي انتماء سواء كان لإفريقيا او غيرها، فالإنسان لا ينتمي بجسده، انما بوعيه و ثقافته و مضامينه الإنسانية.

    *خاتمة*

    الأسئلة المطروحة في مقدمة هذه الدراسة يمكن الإجابة عليها بتتبع التاريخ البشري و من خلال ذلك فإننا لن نجد بأن هنالك أمم سادت لأن توصيف شعوبها بلون بشرتها كان بكيفية أو أخري. كل كتب التاريخ تخبرنا بأن الأمم التي سادت تيسر لها ذلك العمق الثقافي والحضاري، فقضية اللون قضية يجب ان لا تقاس من خلالها حركة الشعوب، ردود الفعل تجاه بعض الممارسات المتخلفة في الواقع العربي يجب ألا تجعلنا كسودانيين نتعامل بعنصرية مضادة تشتغل موضوعيا على نفس أسس المفاهيم والممارسات والتي تجعلنا نقسم العالم حسب نوع البشرة. يجب ان نقف جميعا ضد التعالي الثقافي الذي تمارسه السلطة او الصادر من اية مجموعات متخلفة داخل السودان وضد كافة الأشكال التي تقلل من قيمة الأنسان. فأيدولوجيا العرق قد تولدت سواء كان من خلال وعي او من غير وعي نتيجة للقهر
    السياسي والتسلط وغياب المشروع النهضوي والتنمية المتوازنة، وهذا يتطلب الاشتغال على قضية المشروع الوطني الشامل وضبط العلاقة بين الوحدة والتنوع وبكيفية صحيحة، من خلال رفع السلب المتبادل بين الوحدة والتنوع، وذلك بتحديد دوائر التنوع بحيث تنسجم في علاقات مع الروابط العامة والخصائص الوطنية (7). الفرضيات المطروحة مسبقا يمكن ضحدها فقط ضمن رؤية ثقافية ثاقبة اذ هي لا تدعي الصحة المطلقة لكنها تتصل بالرؤية العلمية حسب المنظور الذي أقدمه، لكن من ضمن أدوات الضحد يجب ان لا يكون العرق و لون البشرة كما يصدره البعض داخل السودان.


    هوامش
    1- ادبيات حزب البعث في السودان-الهوية القومية
    2- المصدر السابق
    3- أحمد محمود أحمد-الجذور التاريخية للثقافة العربية في السودان- رسالة ماجستير-القاهرة-1997
    4- المصدر السابق
    5- المصدر السابق
    6- آدم بمبا- صراع الهوية في افريقيا-التأرجح بين القبيلة و الدولة - قروبات واتساب2017
    7- بكري محمد خليل- دراسة عن الهوية السودانية


    تنوبه:
    يجب أن أنوه انني هنا قمت بوضع دراسة الأستاذ احمد محمود أحمد كاملة دون أي إضافة سوي تصحيح بعض الأخطاء اللغوية البسيطة وسأقوم بوضع رابط لهذه الدراسة في الانترنت متى ما بذل
    تحياتي
    بدوي

















































                  

العنوان الكاتب Date
حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريقية،.. العنصرية. بدوي محمد بدوي02-24-18, 08:51 PM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-24-18, 09:23 PM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� محمد حيدر المشرف02-24-18, 09:44 PM
      Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Deng02-24-18, 10:03 PM
        Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� محمد على طه الملك02-25-18, 00:14 AM
          Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� طه جعفر02-25-18, 01:03 AM
            Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-25-18, 04:59 PM
              Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-25-18, 05:10 PM
                Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-25-18, 05:28 PM
                  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-25-18, 07:25 PM
                    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-25-18, 07:35 PM
                      Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-26-18, 03:22 PM
                        Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-26-18, 03:33 PM
                          Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-26-18, 09:37 PM
                            Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-26-18, 09:42 PM
  الحوار حول الهوية، الضرورة و الامكانية. Ahmed Mahmoud02-27-18, 05:19 AM
    Re: الحوار حول الهوية، الضرورة و الامكانية. عبدالغني محمد الحاج02-27-18, 06:42 AM
      Re: الحوار حول الهوية، الضرورة و الامكانية. Ahmed Mahmoud02-27-18, 07:32 AM
        Re: الحوار حول الهوية، الضرورة و الامكانية. بدوي محمد بدوي02-27-18, 08:13 PM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� أبوذر بابكر02-27-18, 08:50 PM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� محمد حيدر المشرف02-28-18, 07:34 AM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بهاء بكري02-28-18, 09:34 AM
      Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Ahmed Mahmoud03-02-18, 04:45 AM
      Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Ahmed Mahmoud03-02-18, 04:47 AM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� محمد حيدر المشرف02-28-18, 05:13 PM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-28-18, 06:49 PM
      Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-28-18, 07:02 PM
        Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي02-28-18, 07:15 PM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� ناصر الاحيمر03-02-18, 04:55 AM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Deng03-02-18, 08:46 AM
      Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-02-18, 12:20 PM
        Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-02-18, 12:30 PM
          Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-03-18, 06:41 PM
            Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Ahmed Mahmoud03-04-18, 08:46 AM
              Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� shaheen shaheen03-04-18, 10:34 AM
                Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-04-18, 03:47 PM
                  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-05-18, 06:46 AM
                    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-05-18, 01:59 PM
                      Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-06-18, 04:52 PM
                        Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-07-18, 09:59 AM
                          Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-08-18, 02:00 PM
                            Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-19-18, 07:20 AM
                              Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-21-18, 04:12 PM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� حاتم إبراهيم03-22-18, 07:10 AM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� عمر دفع الله03-22-18, 09:52 AM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� حاتم إبراهيم03-23-18, 10:29 AM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� بدوي محمد بدوي03-23-18, 12:33 PM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Biraima M Adam03-23-18, 12:49 PM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� حاتم إبراهيم03-27-18, 08:56 AM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Biraima M Adam03-27-18, 11:29 AM
  Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� محمد محمد قاضي03-27-18, 11:16 AM
    Re: حول مفاهيم .. الهوية،.. العروبة،.. الافريق� Biraima M Adam03-27-18, 11:46 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de