ما عندكم كادر؟! كاروشة تاكلكم!! (ملفوح: لطيف): عن مذكرات منعم منصور: د. صديق أم بدة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 07:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-05-2017, 08:42 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ما عندكم كادر؟! كاروشة تاكلكم!! (ملفوح: لطيف): عن مذكرات منعم منصور: د. صديق أم بدة

    07:42 AM December, 05 2017

    سودانيز اون لاين
    عبدالله عثمان-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    مذكرات إبراهيم منعم منصور: أو كما يجب أن تكتب المذكرات ..
    12-05-2017 03:05 AM

    -1-
    لعلي اصدم القارئ أو أظلمه إذ قلت له أن المذكرات المقصودة والصادرة في اكتوبر الماضي 2017 تقع في مجلد واحد به أكثر من الف صفحة. علي وجه الدقة (1178 صفحة) لكن الوضوح أحسن. الأستاذ إبراهيم منعم منصور أو "الناظر" كما يناديه محبوه اقتصادي معروف ورجل دولة ووزير مالية مرتين في العهد المايوي (استقال من الوزارة في المرة الاولي 1975عندما ضاقت عليه حلقات التآمر بعلم الرئيس إذ كتب له قائلا "الان وقد بلغ التآمر في تقديري مرتبة تهدد سلامة الوطن، وما حدث ليس هو الاول ولن يكون الاخير وسيادتكم علي علم بما سبق، ولكي اشارك واقوم بالمسئولية التي اوكلت لي يلزمني التفرغ لدفع التآمر أو أن ابتعد. وعليه آثرت الاخير" ص 580)، وفوق ذلك اتضح أنه كاتب مذكرات من نوع فريد. هذا ليس إطراءا ، لكن الكتاب يحتوي علي كل عجيب، ليس النشأة والتعليم والمواقع التي تقلدها صاحبها وانجازاته كما هي العادة (والاخيرة قلَّل الكاتب كثيرا من ذكرها)، لكن أيضا منوَّعات اسماها الكاتب "استراحات" عن الغيبيات والخوارق التي شهدها بنفسه او التي سمعها من أصحابها انفسهم و آراء في تطبيقات "الشريعة" مدعومة بقراءات وشواهد، وشخصيات تركوا بصماتهم في حياته، وربما الاهم من كل ذلك تضمينه لحكاوي عن الفرص السياسية والاقتصادية التي ضاعت علي السودان "بفضل" غباء السياسيين أو مكايداتهم، أو الافندية وقلة محصولهم من الاجتهاد وربما الوطنية.
    الكتاب كبير الحجم كما هو واضح وذكًّرني بقول صديق تركي تزاملنا في فصل الماجستير في المملكة المتحدة. قال عندما تمَّ قبولهم في الجامعة و"صرفوا" لهم كتاب الفيزياء، وكان كتاب ضخما وليس مثل الكتب في المرحلة الثانوية، قال تصفَّحه صديق اخر وقال له " إيس إيس صورة واحدة ما فيهو". ربما كانت المذكرات كذلك إذا كان قياسك بالحجم أما إذا كان بالمتعة فالأمر مختلف مهما طال بك الزمن لإكمال قراءتها. وهذا ليس مبالغة. فإبراهيم منعم "حكًّاي" بدرجة حبَّوبة. الحقيقة الكتاب، رغم حجمه، ربما تنطبق عليه أوصاف بعض أغاني البنات "زوق ورِّقًّة وظرافة" – "زوق" سودانية وليس بالذال. وعلى كل فإن الكتاب الذي يبقى حيا في الاذهان وفي السوق له خواص يحب ان يراعيها الكاتب وهي مقدرات كتابية لاتتوفر لكل الناس. لكن –بصراحة-الاستماع بقراءة المذكرات (لأنها سياحة في التاريخ السياسي والاقتصادي الحديث للسودان) قد يعتمد على الجيل ورغبة القارئ في معرفة بعض تأريخ السودان الحديث وأسباب ما نحن فيه أو عليه ولماذا نحن في أسفل "الحفرة". وذلك لأن كثيرين أسهموا فيما نحن فيه، سياسيين وأفندية-كما أسلفت-رغم أن الجماعة ديل "فاتو الكبار والقدرهم بسنوات ضوئية".
    من حسنات المذكرات الكبرى، وهي كثيرة، أن الكاتب يذكر أسماء المشاركين أو المتسببين في أي حدث أو حادثة يتم ذكرها. يذكر ذلك حتى في اقل الأحداث أهمية والتي قد تكون حدثت منذ عقود، وهو شيء لم يتوفر في أغلب ما وقع في يدي من مذكرات، على الاقل ليس بهذه الكثافة. هل كان الكاتب يحتفظ بنوتة مذكرات؟ لا أدري لكنه يقول إذا جلست للكتابة تحركني ذاكرة لا تتوقف إذا بدأت، وهي تسعدني شخصيا بتذكر مواقف مختلفة، وتجعلني استرسل في تفاصيل تنقلني من عام إلى أخر ومن عقد الي آخر. على كل متعه الله الناظر بالصحة والعافية وادام عليه نعمة احتفاظه بذاكرة حديدية ما شاء الله.
    يقول الكاتب أن النائب الاول السابق علي عثمان محمد طه ساهم مشكورا (عن غير قصد منه) في فكرة كتابة المذكرات. السبب أن الأستاذ إبراهيم كان مفوض مفوضية توزيع الايرادات بعد اتفاقيات السلام 2005 مع الحركة الشعبية واتفاقية أبوجا مع حركات دارفور في 2006. وهو يقول عن ذلك أنه أخطأ خطأ كبيرا بقبوله المنصب الذي اعتقد (واهما) انه منصب قومي وأقيل منه بعد ذلك بعد أن ضاقت به الحكومة ومتنفذيها. سأله يوما علي عثمان " إنت بتكتب ليه، نحن لينا 15 سنة دولة الحزب الواحد لا نكتب إلا القرارات. يعني عاوز بعدين تنشر مذكراتك؟". يقول، المهم في الامر أن ذلك الحديث شحذ همتي لكي أكتب مذكراتي ويستحق السيد علي عثمان الشكر (من حيث لم يقصد).
    -2-
    ولد الأستاذ إبراهيم منعم منصور في قرية "صقع الجمل" ب"دار حَمَر" (بفتح الحاء والميم) بكردفان في أوائل أو منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي لأب هو ناظر عموم قبيلة حمر. وفقد والدته وهو صغير بضربة "صاعقة" وهو وأخته يجلسان بجانبها داخل "القطية" ذات خريف ربما لا يمكن نسيانه ولا نسيان تلك اللحظة رغم صغره. هرع هو وأخته إلى خالته في "القطية" المجاورة ليخبراها وهما لايدريان ماذا حدث لأمهما بالضبط. دارت السنين وأصبح ذلك الطفل بفضل التعليم في موقع في القطاع الخاص (نائب رئيس مجلس الادارة ومدير مصنع النسيج السوداني (الأكبر في السودان) والمسئول المباشر عن جميع شركات الدكتور خليل عثمان في السودان)، ويدر عليه الموقع دخلا هو الاكبر لمن هم في جيله والأكبر منه (ويبني كم ألف قطية)، ثم وزيرا للاقتصاد والتجارة ووزيرا مرة ثانية في العهد المايوي "ثورة مايو"، من بين مواقع اخري كثيرة.
    كان تعليمه العالي قصة اصرار ووعي مبكر وقرار فردي (ضد رغبة والده الناظر منعم منصور والمفتش البريطاني) مع بعض الحظ أو الكثير منه. في اجازة نص السنة النهائية وهو في النهود بعث اليه المفتش (ماكوماس) وسأله عن رغبته إذا نجح في امتحان الشهادة الثانوية (وكان حينها في حنتوب الثانوية في السنة النهائية) فكانت اجابته دراسة الطب. وهنا فاجأه الخواجة (لا. تدخل كلية البوليس). وعندما انفعل إبراهيم وأجاب بأنه هو الذي يختار ما يدرس، قال المفتش "نحن الذين نختار لك ما تدرسه، فأنت ابننا ابن الشيخ منعم منصور". انتهت الاجازة وعندما همَّ بالعودة لحنتوب رفض والده لأنه خالف كلام المفتش، فجلس للامتحان من منازلهم وأحرز الدرجة الاولي وذهب، مغاضبا (لم يقل هو ذلك)، إلى الخرطوم.
    في وقت لاحق من السنة حانت فرصة للذهاب إلى مصر لدراسة الطب، وفي المحطة الوسطى قابل بالصدفة خواجة آخر هو استاذه في حنتوب الثانوية المستر جونز، وعندما أخبره بأنه ذاهب إلى مصر لدراسة الطب قال له الأستاذ جونز "مالك ومال الطب ادرس اقتصاد. سوف تحدث تغييرات كثيرة في المستقبل ومستقبل السودان يتطلب أن يتجه الطلبة المبرِّزون الي العلوم الانسانية لا الطب، وكمثال ذكر حسن الترابي الذي قرر دراسة القانون لا الطب والهندسة. واضاف إن الاقتصاد هو الذي يحرك البلاد أما الاطباء والمهندسون فيمكن استئجارهم من أي مكان". فسأل إبراهيم الأستاذ: ما هو الاقتصاد؟ أتخذ قراره ولم يخبر أحدا بميعاد مغادرته إلى مصر الا "أهل منزلته" في امدرمان. ذهب ودرس الاقتصاد في جامعة الاسكندرية وأصبح إبراهيم منعم الاقتصادي المشهور ورجل الدولة الذي نعرف.
    -3-
    الغرض من هذا العرض هو شحذ همة القراء للاطلاع علي الكتاب لأنه في رأي ممتع ويستحق القراءة، وبالتالي فهو ليس عرضا اكاديميا ناقدا ومقيِّما. ولذلك سأورد بعض الامثلة مما جاء في المذكرات علها تفي بالغرض. في رأي كان إبراهيم منعم محظوظا إذ هيأ الله له منذ بداية التحاقه بالعمل اناسا قال عنهم "كلما قابلني موقف في حياتي العملية اتذكر العمالقة الذي اكرمني الله بالعمل تحت امرتهم او قريبا منهم" حماد توفيق، إبراهيم عثمان اسحق، مكاوي مصطفي، داوؤد عبداللطيف، خليل عثمان، خليفة عباس العبيد ومحمد عثمان يس. قال له محمد عثمان يس -وكيل الخارجية وقتها- وكان إبراهيم عضوا معه في لجنة برئاسة قال له " عندما توكل اليك مسئولية قيادة عمل أو اي مفاوضات متشعبة في اجهزتها يجب أن تدخل نفسك المدرسة من جديد تتعلم عن كل الموضوعات التي تقع تحت مظلة تفويضك. لا تقبل اعذار الافندية واعتراضاتهم (دون تمحيص دقيق)." وكان درسا تذكره عدة مرات عندما كان وزيرا كما قال. بالعربي الفصيح استعد وقم بالتحضير للمهمة بصورة جيدة.
    عن سياسي ما بعد الاستقلال والديمقراطية الثانية وبعض قادة الخدمة المدنية وقادة الجيش ":
    حماد توفيق: كان لا "يلخبت" الكيمان، الاسرة والحزب مقابلاتهم تتم في اماكنهم وليس الوزارة. في مرة سمع إبراهيم منعم، والذي كان سكرتير وزير التجارة حينها-وهي أول وظيفة يتقلدها بعد تخرجه-سمع صياحا وهرجا في الصباح الباكر، وكان السبب أن وزير التجارة حماد عند وصوله الوزارة متأخرا-على غير العادة-لمح اخاه عثمان توفيق يهم بدخول وزارة التجارة فكان ذلك سبب الصياح من قبل الوزير لأنه كان قد طلب من اخيه عدم زيارة الوزارة مادام هو وزيرا حتى لا تؤدي مقابلته لموظف إلى مجاملته وأن عليه ارسال طلباته بالبريد. كان ذلك في الأعصر البائدة ثم جاء زمان تسمع فيه بتعيين الوزراء والوزيرات للأبناء والبنات والاخوة والاخوات ليس في وزاراتهم فقط وإنما في مكاتبهم شخصيا، وأيضا صحبتهم معهم حتى إذا كانوا في مؤسسات أخري ذات علاقة ضعيييييفة، في الوفود الرسمية وبالمخصصات الدولارية.
    وكذلك إبراهيم المفتي الذي لم يتدخل عندما رفض مدير الوزارة إبراهيم عثمان اسحق تمرير استيراد سلعة (خيش) لصهره أمين علوب، ولم تتأثر علاقة الوزير مع مدير الوزارة. لكن شيخ علي عبد الرحمن الامين لم يكن مثلهما، إذ قام بالتصديق لتاجر شهير بامدرمان باستيراد سلعة مرغوبة خارج الحصة المستحقة له كمستورد ورفض إبراهيم عثمان اسحق مدير الوزارة تنفيذ القرار وطلب إحالته للمعاش. وحفاظا على حفظ ماء وجه الوزير تم نقل اسحق من الوزارة.
    اللواء الخواض محمد احمد كان عضوا بمجلس ثورة 17 نوفمبر 1958 ولكن بعد فترة طلب اعفاءه من المجلس لأنه يعتقد " أن الجيش يجب ألا يتدخل في العمل السياسي، وأنه أنشئ ليحمي حدود الوطن لا ليحكم المواطنين." الان من يقنع الاخوة العسكريين؟ .
    عند انقلاب عبود 17 نوفمبر 1958 طلب حمزة ميرغني حمزة وكيل المالية الاحالة للمعاش لأنه لم يقبل ترقية بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة إلى رتبة لواء ليصبح عدد لواءات الجيش عشرة. فقيل وقتها أن الرئيس إبراهيم عبود اتصل بالسيد ميرغني حمزة والد الوكيل والقطب الاتحادي الكبير، وطلب منه أن يشرح الموقف "لابننا حمزة لأن وجودنا بهذه الرتب يقفل باب الترقي أمام ضباط مستحقين". ولكن حمزة لم يقبل وترك الوزارة. قال عشرة قال. الان في السلاح الطبي وحده نحو 105 لواء كما قيل. وما تقول لي لأنو عدد الجيش زاد.
    اللواء احمد عبد الوهاب المعروف بقوة شخصيته، عندما ترك (او أقيل) من المجلس الأعلى لقيادة "ثورة 17 نوفمبر "بقيادة الفريق عبود، اتصل به بعض اصدقائه وأخبروه ان الامبراطور هيلاسلاسي/اثيوبيا يريد إعادة صياغة جيشه ويريد تدريبه ويريده شخصيا مستشارا وقائد تدريب للجيش الاثيوبي بمرتب عال. رفض اللواء احمد عبد الوهاب العرض مباشرة وبحزم وذلك لأن اثيوبيا دولة جارة وجميع دول جوارها الأخرى مستعمرات بريطانية وفرنسية. واذن فإن جيشها سوف لن يحارب هذه القوي الكبرى بل سيحارب الدولة الوحيدة الاضعف والمستقلة ولديها مشاكل حدود معها وهي السودان فكيف يكون مستشارا لجيشها. ودرس العصر هو هل يأخذ الاخوة العسكريون القدوة والبصيرة النافذة ويرفعون حب الوطن راية.
    الشريف حسين الهندي: كان سياسيا بارعا (على طريقته واسبقيات حزبه في الحفر لمنافسيه). عندما قابل في جده زميله السابق في الحزب الوطني الاتحادي والوزير في مايو لاحقا موسي المبارك (وكان مع إبراهيم منعم في زيارة رسمية للسعودية) وتبادلا اللوم والاتهامات قال لموسى "وكمان تسرقون انجازات الحزب بل انجازي شخصيا. ما لثورة مايو والاصلاح الزراعي. هذا عملي، أنا اردت به تحطيم حزب الامة (كانت دائرة المهدي واخرون من حزب الامة أكبر مستثمر في القطاع الزراعي المروي حينها) فكان اصراري علي عدم تجديد رخصة المشاريع الزراعية التي انتهت مدة ترخيصها لتتسلمها الدولة والغاء الرخص الأخرى حتى قبل مواعيدها. ولإقناع الصادق المهدي كان لابد من ادخال شعار برَّاق وهو قيام جمعيات تعاونية للمزارعين. على اثر ذلك سارع الصادق بتبني المشروع وبشَّر به وهو الذي كان سينهي سيطرة حزب الامة علي القطاع الزراعي وتحرير المزارعين (من تلك السيطرة)". للأسف حتي الان كثير من القرارات الحكومية-حتي الحكيمة منها-ربما وراءها حكمة (أو مصلحة لا نعلمها).
    النفوذ الامريكي على قرارات صندوق النقد الدولي: في حوالي عام 1968 ادخل الشريف حسين وكان وزيرا للمالية بند العطالة وأدرج تحته جميع الخريجين الذين لم يجدوا عملا في مكاتب الدولة أو غيرها. وتمت مهاجمة القرار بأن ذلك تبديد للمال العام والافضل منه استخدام الاموال في مشاريع تستوعب الخريجين. يقول الكاتب كان الشريف يريد عن طريق ادخال بند العطالة جلب المثقفين العاطلين إلى حظيرة حزبه (الوطني الاتحادي) وابعادهم عن النفوذ اليساري، كما كان يريد كسب ود الامريكان لدعم حزبه. المهم جاءت بعثة من صندوق النقد الدولي (من يومها كان معانا) واعترضت البعثة على بند العطالة وطالبت بإلغائه وتسريح المستفيدين منه وكذلك إلغاء مشروع زيادة الاجور المتوقعة والمعروف بمشروع "الكادر". اختلف الشريف مع بعثة الصندوق وطلب موعدا مع مدير الصندوق في واشنطن.
    وقبل سفره الي واشنطون حددت له السفارة الامريكية بالسودان موعدا مع وزير الخارجية الامريكي (دين رسك). يقول الأستاذ إبراهيم ان حسب الرسول عرابي مساعد وكيل المالية وعضو الوفد والمقرب من الشريف حكى له أن الشريف عندما قابل دين رسك عاتبه لأنهم (الامريكان) يطلقون يد موظفي الصندوق الذين يتعاملون مع الارقام ويتجاهلون البشر وظروف الدول الصديقة سياسيا (لأمريكا). واضاف بأن الحزب الشيوعي السوداني من أكثر الأحزاب الشيوعية في الشرق الاوسط تنظيما ويقود الحركات العمالية والطلابية والمثقفين. وإن موظفي الصندوق لا يراعون حماية العالم الحر ولم يفهمو مقاصده (الشريف) وأصروا على برنامجهم وطالبوا بفصل عمالة متعلمة وتسليمها جاهزة للحزب الشيوعي. (حنك شديد مش). يقول الكاتب اتصل دين رسك (طوالي) بمدير الصندوق وأخبره أن معه وزير المالية السوداني وأنه تفهَّم أوضاع بلاده وبرنامجه وأنه يرى "أن يعطى ما طلب". ويتابع الكاتب أن الشريف ذهب بعدها لمقابلة مدير الصندوق وطلب بدل الخمسة مليون دولار التي كانت الطلب الاصلي عشرة مليون، فاتصل مدير الصندوق برئيس القسم الذي يتبع له السودان وأصدر تعليماته بالمبلغ فورا. كانت إحدى نتائج (حنك الشريف) أن استقال رئيس القسم الايراني الجنسية المستر زادة. ويضيف أن الواقعة أكدها له المستر موكيرجي مدير الصندوق بالإنابة عندما كان إبراهيم منعم وزيرا للمالية لاحقا. كسب الشريف المعركة مع الصندوق وتأكد من تنفيذ وعده بزيادة المرتبات ويقال أنه قال بعد ذلك " وحات ابوي كاروشة ما تاكلني". وكان قوله ردا على ما جاء في كاريكاتير لعزالدين الذي كانت تنشر رسوماته على الصفحة الاولى من الصحيفة لشعبيتها الواسعة وتعليقاتها الذكية علي الوضع السياسي. والكاريكاتير المقصود يصِّور "قعدة" روادها يتمايلون طربا مع راقصة تتمايل وتغني " كان عندكم "كادر" أصرفو أدونا، ما عندكم "كادر" كاروشة تاكلكم".
    المهم عرفنا الان أن صندوق النقد الدولي في جيب امريكا من زمان وربما لازال. يا جماعة خلونا من امريكا دنا عذابها و"دول أخري" حامياني. داش- زمان (أيام الهيجة القديمة) ، قيل أن أحد كبار السفراء محض الحكومة النصح في مؤتمر محضور وفي رده علي تساؤل ثائر من المشروع الحضاري " ننحني لأمريكا يعني؟" ، قال السفير " لا. غضب امريكا زي غضب الوالدين، انبطحو".
    عن الشيوعيين
    -عن انقلاب مايو 1969 ويوليو 1971: حكي إبراهيم منعم أنه عندما وصل المكتب صبيحة انقلاب مايو جاءه حسن التاج نائبه في كل شركات خليل عثمان والذي كان صديقا لعبد الخالق محجوب وقال له إنه البارحة كان مع عبد الخالق الذي اشتكى له من نزلة برد وعندما طرق الباب طلب منه الاخير أن يذهب ليرى من الطارق، فعاد وقال هنالك شخصين بالباب ولا يريدان الدخول. ذهب اليهما عبد الخالق وعندما عاد قال هما بابكر كرار رئيس الحزب الاشتراكي الاسلامي ومحمد عبد الحليم (القومي العربي والضابط السابق في الجيش المصري ومدير عام بنك مصر بالسودان) (؟؟) وقال طلبا منه معرفة اسباب رفضه للانقلاب المتوقع. ومن هنا عرف حسن التاج أن هنالك انقلاب "جاي". واوضح له عبد الخالق أن الحزب الشيوعي ضد الانقلابات للوصول الي السلطة لأنها تلغي دور الجماهير، كما أن أي انقلاب سيتم الانقلاب عليه.
    للأسف يبدو أن عبد الخالق بعدما تعرض له هو شخصيا من اعتقالات وبعدما تعرض له الحزب الشيوعي من انقسام كبير استغله المنشقين عنه لتفكيكه، لمعرفتهم الوثيقة بكل دواخله، لم يعد يرى هو أو يرى بعض أعضاء لجنته المركزية الرأي القديم حول العمل الدؤوب الشاق وسط الجماهير بدلا عن الوصول الي السلطة عن طريق الانقلاب، فجاء انقلاب يوليو والذي كان تعليق الحزب عليه أنه " تهمة لا ينكرها وشرف لا يدَّعيه " والذي كتب بعده فؤاد مطر كتابه " الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر؟".
    ويقول الناظر أنه قام بتعيين عمر علي حسن مديرا للأمن بمصنع النسيج السوداني وذلك بعد أن تم فصله من خدمة الشرطة (مظلوما) في اول أيام مايو، وذلك بعد أن تمت تزكيته من عدة جهات حتى من نفس الحكومة (مكاوي مصطفى وبابكر النور وابو القاسم هاشم ربما بعد أن تأكدوا من الخطأ). وعمر تمت اعادته لاحقا مديرا لشرطة مديرية الخرطوم بعد مراجعة قرارات الفصل التعسفي، ويشهد له الكاتب، بعد أن خبره، أنه كان نعم الزميل والصديق. يقول إن عمر بحكم علاقاته السابقة في الشرطة والمباحث حصل على مستند يؤكد قرارا للحزب الشيوعي "بحسم السلطة قبل نهاية الشهر" والشهر كان يوليو 1971. يقول "قلَّبنا الامر مع عمر لكن اختلفنا على أنه ليس من مصلحة الحزب الشيوعي القيام بانقلاب لأن لديه كوادر في مجلس الوزراء وزرع اخرين في الوزارات الهامة. فاذا كان هناك قرار (صاح) نسب اليه أو نسبه هو اليه، وإذا هناك قرار (خاطئ) تبرأ منه وذكر أن الذين في المجلس لم يعينهم الحزب وإنما عينتهم الثورة." ومما جعلهما يرجحان صحة المستند فصل ثلاثة من أعضاء مجلس ثورة مايو متهمون بأنهم منتمون للحزب. بعدها طلب إبراهيم من عمر علي حسن أن يذهب بالقرار ويقابل زيادة ساتي مدير المباحث ويطلب منه مقابلة وزير الداخلية الجديد (بعد إعفاء فاروق حمدالله) ابو القاسم محمد إبراهيم. لم يتم الموضوع كواحدة من الفرص الضائعة ويقول كان يمكن أن يجنب ذلك السودان الكارثة والمجازر التي حدثت.
    العمل النقابي: يقول الأستاذ إبراهيم منعم “لاحظت بصفة عامة من موقعي في المنطقة الصناعية والاحتكاك اليومي بالنقابات، القصور الذي لازم العمل النقابي (بما في ذلك المهني). الفكر السائد هو فكر مطلبي واي حديث عن واجبات العمل والعاملين يتعرض القائل به إلى اتهام بالعمالة للمخدم. ظروف المخدم في الانتاج والتسويق امر لا يهم النقابة. وليس هنالك توازن بين الانتاج والاجور وحقوف صاحب العمل وحقوق العاملين". كما لاحظ الكاتب كذلك أن الاستجابة للمطالب إذا لم يسبقها صراع تثير شكوك العاملين. وفي هذا الصدد ذكر وقعة وهي انه عندما كان مسؤولا في مصنع النسيج الياباني، رأى بدلا من تطويل المفاوضات مع النقابة أن يقبل مطالبهم جميعها في أول جلسة تفاوض. عند بدئ الجلسة سلمهم اتفاقية بالمطالب التي تقدموا بها وموافقة الادارة وتوقيعها عليها. قال "نظر المفاوضون لبعضهم البعض وقال الرئيس لكن نحن لم نتفاوض على كل المطالب. ماذا نقول لقواعدنا إذ نحن بهذه الكيفية لم "ننتزع" مطالبنا من الادارة. قال لهم اقنعتم الادارة. وتم التوقيع". ذكر الحادثة ليدلِّل على فكرة الانتزاع والصراع. يقول جاءه في اليوم التالي عضو مجلس اتحاد العمال عبد الرحمن عباس وأقر بان الزملاء يحتاجون إلى توعية وثقافة تفاوضية لعلاقات صناعية راشدة. وفي رأي الناظر فإن "عبد الرحمن عباس والشفيع احمد الشيخ أكثر النقابيين تفهما لعلاقات العمل، وهناك فارق كبير للغاية بينهما-وخاصة الشفيع-وبين من يلونهم في القيادة". حقيقة ملاحظة الأستاذ إبراهيم ملاحظة هامة لأنها تشير إلى خلل كبير ليس فقط في مفهوم العاملين للعمل النقابي وإنما يلاحظ ذلك كسلوك عام لموظفي الدولة وربما القطاع الخاص حيث يهتم العاملون بحقوقهم ولكن ليس بواجباتهم، وإذا حدث واحتج مواطن أو قام مسئول بالمعاش بتنبيه الموظف لعلمه بواجبات أو طريقة العمل الصحيحة فإن رد الفعل الغلب هو استنكاري متبوعا ب " داير توريني شغلي". وهو من باب المكابرة والنكران ونوع من الفساد يستحق نقاشا واسعا حول كيفية تغييره، لأن اتقان العمل والشعور بالمسئولية دون رقيب هو بداية الطريق الصحيح لتحقيق أي نوع من التنمية.
    خوارق وطرائف
    ذكر المؤلف أنه كان هنالك أحد الوافديين من نيجريا حضر الي النهود واتُّهم بالتنزيل، لأنه كان عندما يشتري شيئا يضرب التربيزة/"البنك" الذي امام التاجر فتنزل ريالات ويتم الدفع. تم القبض على الوافد وأودع السجن. بعد فترة حضر أخوه من نيجريا وجاء إلى حوش الشيخ منعم وسأل عنه وكان إبراهيم ومعه مجموعة أمام الحوش يتسامرون (و في يد إبراهيم سيجارة) فهمس لجاره " معقول هناك من يستطيع انزال ريالات من الهواء؟". فسمعه القادم الجديد فابتسم ورفع يده الي السماء وانزل علبة سجاير وسلمها له، وسط دهشة الجميع، قائلا: علم الله واسع.
    في زمن الحكم الثنائي كان المخنثون الذين يديرون بيوتا للدعارة فيقبض عليهم ويقدمون للمحاكمة، والقاضي البريطاني كان غالبا ما يحكم عليهم بالسجن اسبوعا أو الغرامة أو التهديد بالجلد. في كوستي قام ضابط شرطة متحمس بمهاجمة جميع المنازل المشبوهة وتم القبض علي عدد كبير ممن يديرون تلك البيوت وقدموا للمحاكمة وكان القاضي باكستاني مسلم. كان القضاة عموما مشهود لهم بالاستقامة والحيدة والنزاهة في ذلك الوقت. حكم القاضي الباكستاني عليهم حكما فريدا في نوعه وغريب. كان الحكم "أن هؤلاء الناس يعانون من مرض نفساني (وهو ما أكًّدته دراسات علمية كثيرة مؤخرا) وبدلا من ملاحقتهم وتكرار العقوبة الرمزية الافضل ان تنشأ لهم دارا لمعالجتهم ثم تأهيلهم لأعمال تفيد المجتمع"، وأمر بإطلاق سراحهم بالضمان الشخصي. خرج المتظاهرون في مظاهرة سلمية تردِّد (يعيش القاضي الباكستاني القال خلُّو ده مرض نفساني).
    حدثت مشكلة بين النواب ومجلس الوزراء في الديمقراطية الاولى في قرار خاص بالثروة الحيوانية مما ادي الي ارتفاع سعر كيلو لحم الضأن. وأثار قرار المجلس احتجاجات من العمال وغيرهم، وهدد النواب بطرح صوت ثقة في المجلس.
    تدخل الأستاذ عوض ساتي وهو عالم معروف وكتب في الصحف ناصحا العمال وذوي الدخل المحدود بأن يتركو لحم الضأن وشأنه ويتجهوا الي لحم الابقار(عجالي) فإن القيمة الغذائية فيه عالية خاصة اذا كان في شكل "كباب حلَّة". يقول الكاتب "فقامت القيامة" علي عوض ساتي واعتبر حديثه تحقيرا للطبقة العاملة، واصبح العامل عندما يدخل المطعم بدلا من طلب كباب حلَّة يصيح" : واحد عوض ساتي.
    -4-
    ختاما ما سبق هو غيض من فيض فالكتاب أكثر من الف صفحة وأحسن "تقرو إنتو". المذكرات يتحدث فيها الكاتب عن تجربته كموظف في الحكومة في الديمقراطية الاولى والحكم العسكري الاول (عبود) وتجربته في القطاع الخاص، ومسئول في مايو، وعن الانقاذ وحيدة القضاء فيها (أو قل عدمه) من تجارب شخصية له، والتمكين ومحاربته في رزقه هو واولاده. كما جاء بمعلومات جديدة ومحزنة عن الانتفاضة –بالنسبة لي على الاقل أوكل الذين كانوا في لجانها المختلفة-ناهيك عن الجماهير التي تدفقت كالسيل يوم 6 ابريل. هل للمخابرات الامريكية وممثلها في السودان مستر ملتون دورا في قيامها؟ هل صحيح أن التجاني محمد إبراهيم قام بدفع 60 ألف جنيه لقيام المظاهرات التي سبقت الانتفاضة-كما قال التجاني نفسه هائجا في السجن أمام الجميع عند زيارة بعض وزراء الانتفاضة لسجن كوبر؟ هل صحيح أن عمر محمد الطيب والصادق المهدي وجوزيف لاقو كانوا متفقين مع الامريكان وأن عمر محمد الطيب كان عليه إعلان حالة الطوارئ بعد المظاهرات و تسلم الرئاسة وتسليم الصادق المهدي رئاسة وزراء الشمال وجوزيف لاقو رئاسة الجنوب ولكنه جبن بعد الطوارئ، كما أفاد الاخير(لاقو) إبراهيم منعم في القاهرة؟ وهل صحيح أن الصادق المهدي اتصل بمكتب عمر الطيب عدة مرات بعد إعلان حالة الطوارئ متوقعا إكمال الاتفاق، كما أفاد مدير مكتب عمر الطيب إبراهيم منعم لاحقا؟ الكلام كتير وموجود.
    أما عن الفرص الضائعة التي ذكرها الكاتب والتي أتت في نحو مائتين صفحة من المذكرات (وتستحق كتابا لوحدها) فإذا بدأت قراءتها يستحسن أن تبدأ ب " جيب الحبوب يا ولد" كما يقول الأستاذ الفاتج جبرا.

    د. صديق امبده
    [email protected]
    2 ديسمبر 2017

    https://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-84282.htm




















                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de