أيها الإمام هلا قلت غير هذا؟ محمد التجاني عمر قش شخصياً، أول مرة ألتقي فيها الإمام الصادق المهدي، وجهاً لوجه، كانت عقب توقيع المصالحة الوطنية مع حكومة مايو، في منزله بأم درمان، في عام 1979. وقد كنا وقتها طلاباً في جامعة الخرطوم، وأعضاء في الجبهة الوطنية، التي كانت تضم في عضويتها حزب الأمة والوطني الاتحادي والحركة الإسلامية، وغيرهم من الوطنيين. حينها كنا شباباً في ميعة الصبا، نتطلع لقيادة سياسية ملهمة، وقد كنا نعتقد أن السيد الصادق يمثل تلك القيادة فهو، كما قال عنه محمود محمد طه، ولد وفي فمه ملعقة من الذهب، واتيحت له فرصة الدراسة في أرفع دور العلم والجامعات داخلياً وخارجياً؛ ولذلك حاز قدراً مميزاً من الثقافة والمعرفة واطلع على نظم الحكم وأساليب السياسة ودروبها، بأكثر من لغة، وتقلد مناصب سياسية رفيعة في البلاد؛ كانت كفيلة أن تجعل منه زعيماً وطنياً محنكاً، لكن يبدو أن السيد الصادق لم يدرك هذه النقطة، أو تجاهلها، فدأب على ركوب موجة المعارضة، وخالط أشتاتاً من الناس ذوي التوجهات والتطلعات المتضاربة، منهم المتمرد والطامع والخارج عن القانون، أو حتى شذاذ الآفاق، ولذلك حار بالإمام الدليل وهو يسعى ليكون في مركز القيادة لأي تحرك ضد النظام القائم بغض النظر عمن يقف وراء ذلك التحرك، من شيوعيين أو متمردين أو غيرهم؛ الأمر الذي أفقد السيد الصادق المهدي كثيراً مما كان يتمتع به من قبول واحترام لدى شريحة عريضة من الشعب السوداني. وأصبح الإمام يميل في كثير من المناسبات لإطلاق عبارات دارجة مستهجنة من قيادي بقامة الإمام، وهو يظن أنها تقربه من عامة الناس زلفى! أيها الإمام إن الوضع قد تغير؛ فالشعب السوداني الآن لم يعد كما كان في ستينات القرن الماضي؛ ولذلك عليك أن تواكب المستجدات وتغير من أسلوب خطابك حتى يتناسب مع عصر السوشال ميديا! بالطبع لقد أطلعنا، نحن شباب ذلك الجيل، على كل ما كتبه السيد الصادق من مقالات وكتب مثل "أحاديث الغربة" و"من نحن ولماذا ندعو" و"يسألونك عن المهدية" وآراءه حول الصحوة الإسلامية. وكل هذه المنشورات تدور حول قيام حكم إسلامي ينتهج نهج الثورة المهدية التي تجاوزها الزمن مثلما تجاوز كثيراً من الدعوات التي تصب في هذا الاتجاه مثل الجمهورية الإسلامية، وكل تلك قد أصبحت أثراً بعد عين؛ إذ لم يعد من الممكن تطبيق تلك الأطروحات في الوقت الراهن؛ خاصة بعد فشل تجربة حكم الإنقاذ التي رفعت شعارات إسلامية وأخفقت في تطبيقها أيما إخفاق؛ علاوة على ما طرأ من تحولات سياسية وفكرية على المستوى الداخلي، والإقليمي والدولي، جعلت من شبه المستحيل الحديث عن قيام نظام حكم تحت أي مسمى إسلامي. ومع هذا كله لا يزال الإمام يدلي بمثل هذا الحديث الذي ننقله دون تغيير، فهو يقول: "أكثر شيء أضر بالحركة السياسية السودانية غياب الحريات، فغياب الحرية ينعكس سلباً على أي نشاط سياسي وفكري في البلاد ومع ذلك نحن في حزب الأمة أكثر القوي السياسية السودانية اهتماماً بالبعد الفكري. نحن لهذا السبب لدينا أكبر عدد من المؤلفين الذين يؤلفون الكتب فكرية وثقافية وإننا أكثر من يعقد ورشات تناقش القضايا الفكرية وأكثر حزب سياسي عنده حضور خارج السودان في منابر دبلوماسية وفكرية ونحن الحزب الوحيد في المعارضة الذي يعقد مؤتمره العام بانتظام بلغت حتى الآن سبعة مؤتمرات والآن نحضر للمؤتمر الثامن ولا يمكن لأي عاقل أن يتهم الحزب بعدم النشاط الفكري والمبادرات الثقافية، رغم القيود". يا سيدي عن أي حرية تتحدث وأنت تقود أكبر حزب طائفي في السودان، مع علمك التام بأن الطائفية هي التي أدت إلى تدهور كافة الأوضاع في السودان سياسياً وفكرياً واجتماعياً، وأخفقت في أن تتيح الحرية حتى لمنسوبيها، ناهيك عن تشجيعهم على الإنتاج الفكري! ليتك قلت غير هذا الكلام الذي لا يسنده شيء من الواقع على الإطلاق. كيف يمكن لشخص يتبرك بأثر أقدام السادة ويقبل أياديهم وربما أرجلهم، كيف يمكن له أن يكون مفكراً وهو لا يملك حتى الفكاك من ربقة الطائفية؟ أما مؤتمرات الحزب التي تتحدث عنها فإنها لا تعدو كونها لقاءات ممجوجة لتكريس هيمنة آل بيتكم الكريم، نساءً ورجالاً على مقاليد الحزب وتبوء المقربين للمراكز القيادية فيه ليس إلا. يا أيها الإمام إذا كنت تريد الحرية للشعب السوداني؛ حتى يبدع فكرياً ويكون له نصيب في صنع القرار، نرجو منك أولاً أن تصلح "عوجة رقبة حزب الأمة" إذا كنت تراها بالطبع! وحتى يحدث ذلك الإصلاح، نود منك أن تبتعد أولاً عن أحضان هؤلاء الذين ينضوون تحت مسمى نداء السودان؛ إذ أبسط ما يقال عنه أنه تحالف فسيفسائي أو إن شئت فقل: "لحم رأس" أسسته قوى سياسية وعسكرية لا يجمع بينها فكر ولا منهج ولا استراتيجية، بل هو تجمع عشوائي لجهات معارضة ذات مشارب مختلفة؛ ولهذا السبب لا يمكن له أن يسير على فكر أو منهج واضح.
03-31-2018, 01:35 PM
Abureesh Abureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182
"وقد كنا نعتقد أن السيد الصادق يمثل تلك القيادة فهو، كما قال عنه محمود محمد طه، ولد وفي فمه ملعقة من الذهب"
سلام يا محمد هل من نص على العبارة اعلاه يدل ان قائلها هو الاستاذ محمود. اعلم ان عند البعض فى المنبر التساؤل يعنى التشكيك او الانكار. لا يا سيدى. اريد التاكد فقط.
تحياتى.
03-31-2018, 02:12 PM
محمد التجاني عمر قش محمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد التجاني عمر قش
Abureesh
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست