محمود الدولابي، أحد فرسان الهمباتة، قتلته الشرطة في مطلع سبعينات القرن الماضي، بولاية شمال كردفان. كان محمود رجلاً كريماً وشجاعاً كما كان مغامراً لا يخشى الشدائد، ويخوض الصعاب بكل جرأة وثبات، وكان وفياً لكل من تعامل معه من الهمباتة وغيرهم، ولكنه أزعج السلطات بقدرته الفائقة على الإفلات من العقوبة كلما ألقي القبض عليه حتى صدر أمر بإهدار دمه! وفي آخر مرة اشتبك فيها مع الشرطة حاول المقاومة بكل بسالة وتحدي حتى أصابته رصاصة في مقتل فسقط وهو ممسك بسلاحه! وقد كان مقتل محمود حدثاً فاجعاً لكل من عرف شجاعته واقدامه ولذلك رثاه كثير من الشعراء في المنطقة وعلى رأسهم رفيق دربه ود تبار الذي قال عنه: محمود ود الراجل المتفنجر ود ناس عزاز، ما هم عقاب بازنقر أب قنفة الفوق وسط المياقنة مصنقر ما خلالي كلمة سيدها يمشي مدنقر ولعمري هذا كلام يجمع كل ما ينبغي أن يتوفر في رجل من المحامد والشيم الرفيعة والقيم الرجولية المطلوبة. وقال ود تبار أيضاً: فارقت النهيض والشدة في أدروب وفارقت الرفيق الراسي ما مزعوب دابها آمنت ناقة البدو أم عرقوب أنا مسجون ومحمود رصوا فوقه الطوب وهنا تبدو حسرة واضحة على فقد هذا الرفيق "الراسي" كما يقول عنه صاحبه، وتجيش الأبيات بقدر عال من المشاعر الصادقة والتحسر بسبب ذلك المصاب الجلل الذي كما يظهر قد شل حركة الهمبتة لفترة من الوقت حتى باتت الناقة ترعى مطمئنة في القفار والبوادي. ومن جانبه أدلى عمنا عيساوي ود أبو شناح بدلوه في رثاء محمود قائلاً: ما بستعزى بالجار الكحل في المايق وما بحزن على ميت أم رزيم في حقايق الولد المثبت عقله بضرب رايق فارقناه مرحوم من عقابات سايق ومن أعجب ما جاء في هذه المربوعة قول الشاعر: "وما بحزن على ميت أم رزيم في حقايق" ويقصد بذلك أنه مادام صديقه قد مات بسبب الإبل فإن ذلك مصدر فخر وإعزاز وليس مدعاة للحزن ويشبه ذلك قول شاعرة الجراري: ما بسوق البي قرينها إلا الزرقة عينها تسلم لي كنينها يوم سديت فوق دينها فهي ليست آسفة على فقد أخيها "كنينها" طالما أنه قد فقد حياته بسبب الناقة أي "الزرقة عينها".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة