لم تفلح أربع سنوات مضت في خفض مستوى الحزن والدموع المتدفقة من أعين أحلام خضر “أم هزاع” على أبنها هزاع عز الدين جعفر ذو الـ18 ربيعاً الذي سقط قتيلا في إحتجاجات سبتمر 2013م، بينما تشتد وتتمدد آلامها في كل لحظة عندما ترواد مخيلتها ذكريات ذلكم اليوم “المشؤوم” الذي سالت فيه دماء فلزة كبدها، وستفحل “الحرقة” عندما تجد أن العدالة عصية الوصول لقتلة هزاع ورفاقه كما تقول. ورغم ما تواجهه من معاناة وضيق يد، ومع إقتراب حلول الذكرى الرابعة ما تزال “أم هزاع” ترفض تعويضاً حكومياً عن دم أبنها الذي تعتبره رضاءاً بما حدث، قبل أن يساورها تساؤل بعامية سودانية محضة “هو هزاع عندو ثمن؟”. ولاتختلف حالة “أم هزاع” عن بقية ذي ضحايا سبتمبر الذين يعتصرهم الألم لمدى أربعة ربيعاً ويئنون تحت وطأة رهق إنتظار رؤية رؤس قتلة ابناءهم في حبال “المشانق”، قصاصاً، بينما آثر البعض ترك ارض السودان كحالة الصحفية أيمان عبد الباقي شقيقة الدكتورة سارة عبد الباقي، التي ذهبت للخارج منذ حوالي عام بحثا من يساعدها في الاقتصاص لشقيقتها بعد أن استعصى ذلك من الداخل. وسقط عشرات القتلى خلال احتجاجات اندلعت في الخرطوم، وعدد من الولايات، في 23 سبتمبر 2013 بعد رفع الدعم الحكومي عن الوقود، وأقرت الحكومة وقتها بسقوط 85 قتيلا، بينما تقول منظمات حقوقية إن ما لا يقل عن 200 شخصا لقوا حتفهم في تلك المظاهرات. وجرى تحقيقاً بواسطة لجنة حكومية لم يوصل للجناة رغم إشارته الى مشاركة سيارات بدون لوحات في ضرب المتظاهرين وهي في الغالب يمتطيها أفراد جهاز الامن والمخابرات، ولم تستجيب الحكومة السودانية لدعوات دولية آخرها للخبير المستقل المعني بحالة حقوق الانسان في السودان، لاجراء تحقيق مستقل حول أحداث سبتمبر، وأكتفت بتعويض قدره 40 الف جنيه عن كل قتيل رفض تسلمه معظم ذوي الضحايا.
ويرى ناشطون وحقوقيون أن فتح الحكومة تحقيق من جانبها يشير الى اعترافها بما جرى خلال أحداث سبتمبر وكان لزاما عليها جبر الضرر، كما ذهب الناشط الحقوقي والقانوني نبيل أديب، الذي يؤكد انه من مسؤولية الدولة تعويض ذوى الضحايا وجرحى الاحتجاجات، ليس تعويضا ماليا فحسب وانما الوصول الى المتورطين في الاحداث وتقديمهم للعدالة.
وقال أديب لـ”خرطوم بوست”، ان عدم اجراء تحقيق مستقل والوصول للجناة يؤكد تنصل الحكومة السودانية من مسؤوليتها تجاه ما حدث بعد ان اعترفت به بتكوين لجنة تقصي من جانبها.
ولكن لسان حال اسر الضحايا يعكس قلة حيلتهم ويأسهم في وصول قتلة ابناءهم للعدالة، بينما آثر جلهم انتظار عدالة السماء
وتقول “أم هزاع” لـ”خرطوم بوست”، :”لم نكن مهتمين بذكرى شهداء سبتمبر، فجميع ايامنا أصبحت حزن، ويزداد في كل لحظة، .. هزاع ذراعي اليمين، والطلقة لم تقتله لوحده وإنما أسره كاملة حيث كان يعمل وهو طالب لمساعدتنا”.
وتضيف :”لم ولن اتسلم تعويضاً عنه، لان قطرة دم واحدة منه تساوى كل الدنيا،.. تسلم التعويض يعني رضاء بما حدث، وابني ليس له ثمن”، ورغم ما تعانيه من ألم تبدي أم هزاع فخرها بابنها الذي قدم روحه لأجل البلد، وتمنت أن يكون السودان كله “هزاع” حتى يتحرر من الظلم –حسب وصفها.
وذكرت، أنها منذ الوهلة الأولى فضلت عدم اللجوء الى القضاء “لان قضاة الارض ظالمين، والافضل إنتظار عدالة السماء”، مبدية ثقتها التامة في أن يجد قتلته أبنها جزاءهم وذويهم يتذوقون ما وجدته من عذاب تجاه فقدانه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست