|
كرري , ملحمة الصمود و الكرامة ..
|
08:30 PM September, 02 2017 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله محمد- مكتبتى رابط مختصر تمر علينا هذه الايام ذكرى معركة كرري التي استبسل فيها اجدادنا شمالي ام درمان عاصمة دولة المهدية , قدموا ارواحهم بكل صدق وايمان مهراً للعزة و الكرامة و الاباء , شهد لهم قائد جيوش الغزاة بانه لم ير اشجع منهم بشراً وطأت اقدامهم الثرى , اصبحوا تاج عزٍ وفخار لكل سوداني وسودانية يزين الرؤوس و يجعلها شامخة مشرئبة الى سماوات المجد و الخلود , دماءٌ اريقت في ساحات تلك الجبال ساقية التراب بمعاني الوطنية والذود عن حياض الارض , اصبحت كرري معلماً من معالم صمود شعبنا العزيز و محطة من محطات بناء الامة التي يصعب تجاوزها في خضم التحديات الوطنية المحدقة بنا هذه الايام , وانه لمن الغبطة و السرور ان يكون الفرد منا منتمياً الى هؤلاء الليوث الذين اثاروا الرعب في قلوب المعتدين الآثمين. وبمناسبة شرف ان يكون لك تاريخ شريف وضاء, تحضرني مفاكرة جمعت بيني و بين صديقي الذي استقر بدول اسكندنافيا عدداً من السنين , عندما كنا نقلب صفحات التاريخ الاوروبي الحديث و خاصة عهد هتلر , سالت صديقي : كيف كانت مقاومة الشعوب الاسكندنافية للغزو الهتلري الجبّار ؟ ضحك صديقي الذي يحمل جنسية احدى هذه البلاد المترفة ضحكةً مستهزئة و قال : هؤلاء يستحون من التعرض لتاريخهم , وبالاخص فترة الرايخ الثالث الذي لم يجد منهم مقاومة تذكر فدخل ديارهم بكل سهولة ويسر , عندما نقارن مثل هذه المخازي المتعلقة ببعض الشعوب التي تشاركنا هذا الكوكب مع صفحات تاريخنا البيضاء الخالية من السوء يجب ان ينتاب الفرد منا إحساس الزهو و الفخار , فالحس الوطني يغذيه الموروث الحضاري للأُمة والحقائق التاريخية المتعلقة بصراع البقاء و الاستمرارية , هنالك بعض من بني وطننا درجوا على تناول تاريخ الثورة و الدولة المهدية و بطولاتها بنوع من الاسفاف , ومعظم هؤلاء متأثرون بالمعلومة المشوّهة التي نقلها كُتّاب مخابرات الغزاة عن تلك الحقبة التاريخية المفصلية , فلا يجدر بالوطني الغيور ان يكون مطيّة للدعاية الاجنبية في عملية الاستخفاف بتاريخه المجيد , فالوجدان الجمعي للشعب يجب ان يُقدس الملاحم الوطنية الكبرى و يفرد لها مساحات للاحتفال و التذكير , لا كما نلحظ اليوم من كثير من نسيان لمثل هذه المناسبات الوطنية العظيمة من قبل الدولة والاحزاب و التنظيمات السياسية و الروابط والجمعيات الاجتماعية و الرياضية و الثقافية. مع نفحات ذكرى ملحمة كرري نرسل الرسائل الى المهتمين بالشان السوداني في كلا جانبيه , الممسك بزمام الامور و المناويء المستشرف لغدٍ افضل , أن إجعلوا من تضحيات أسلافكم الاحرار أرضية صلبة لاعادة رتق نسيج الوطن الذي تفتّق , إفعلوا كما فعل المهدي عليه السلام عندما جمع ما بينه وبين عثمان دقنة و تورشين بالعدل و القسطاس , خلِّصوا الوطن من براثن وحش التفتت و الانقسام و الاصطفاف الجهوي , تواضعوا و انزعوا عن صدوركم و اكتافكم النياشين و الانواط و الالقاب و الرتب و الانتماءات , ضعوا الوطن وليس غير الوطن في اجنداتكم اليومية , واعلموا ان الانسان بلا وطن كالاسماك خارج الانهار و البحار , وانه لا وجود ولا قيمة لأي منا اذا لم تعانق كسلا نيالا و تصافح حلفا كادقلي , ان اطروحة الحوار الوطني لن تحل الازمة الوطنية الخانقة , ولا خارطة الطريق التي رسمها لنا غيرنا , فالحوار استثنى كثيرين و اصبح انتقائياً , اما الخارطة فهي بتوقيع من لا يعرف جغرافيتنا , وليس من الحكمة ان تستدل على الطريق المؤدي الى قريتك بجبال النوبة بشخص قادم من جزر المالديف , فطريق المجد والخلود يمر بمنعرجات التضحية بالروح و التفاني. بلادنا لها جذر ضارب في تراب الانسانية فالنستنهض تلك الجذور البعيدة , لتهز الينا جزع شجرتنا حتى تعيد انبات امثال الزاكي طمل و حمدان ابو عنجة و يونس ولد الدكيم , ذلك الجيل المعطاء المستجيش ضراوة ومصادمة الذي استمات على المباديء مؤمناً فانتقى صدر السماء لشعبنا , انه الجيل الذي هزم المحالات العتيقة ومشى في باحات الخلود بصدره المكشوف حاملاً جراحاته التي زينته وجعلته يتخير اوعر الدروب سائراً لايهاب الرصاص منافحاً , انه جيل تفرد باعتلاء صهوات الخيول فرمى بالرماح وقذف بها في صدور الغزاة الماكرين , ذلك الجيل وضع لنا كل مقومات الابتكار لبناء حياة جديدة , فهل نحن قادرون على بدء هذا البنيان ؟.
|
|
|
|
|
|