فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها الله -- توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2017, 06:25 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� (Re: الكيك)


    امال عباس
    انا وفاطمة

    ٭ الأيام الفائتة لم استطع أن أكتب في رحيل المناضلة فاطمة أحمد ابراهيم.. أسبوع كامل عز علي التعبير وتركت للدموع الحرية.. حرية أن تملك زمام التعبير.. الدموع قد تشفي ولكنها لا تجدي.. دموع عبرت عن مسيرة فريدة في حياتي مع فاطمة رئيسة تحرير مجلة صوت المرأة ومع فاطمة رئيسة الاتحاد النسائي.
    ٭ في تصفحي لصيحفة الحرية وجدت عمودا كتبته بالعنوان أعلاه في يوليو 2002 جاء فيه الاتي:
    ٭ في أسرار الوفاق عدد الجمعة 13 مايو 2002 جاء ان فاطمة أحمد ابراهيم في كندا والحزب الشيوعي يبحث عن قيادة نسائية.
    ٭ في أمسية الخميس التاسع من مايو عام 2002 التقيت فاطمة في لندن في شقتها الهادئة وكان لقاءاً حميماً جاء بعد مدة طويلة.. طويلة جداً.
    ٭ فاطمة أستاذتي.. بل وأمي الروحية تتلمذت عليها على الصعيد الأكاديمي والسياسي والاجتماعي وفرقت بيننا المواقف السياسية.. ذهبت هي جريحة الوجدان والقناعة الفكرية إلى معارضة مايو وانحزت أنا لمايو.
    ٭ آخر لقاء لي مع أستاذتي فاطمة كان عام 3891 بقاعة امتحانات جامعة الخرطوم وكان لقاءاً عاصفاً أفرغت فيه كل شحنات غضبها علي وعلى موقفي الذي كنت مقتنعة به تماماً.. ولم أستطع مجاراتها وقلت يومها للحضور ان بصمات فاطمة ورفيقاتها واضحة في حياتي لا أستطيع مسحها.. بل يطربني وجودها وتأصيلها في حياتي وقلت لهم أنا أؤمن بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية حتى وان رأت أستاذتي غير ذلك ومن يومها لم نلتق.
    ٭ عندما أبديت رغبتي في زيارة فاطمة وسألت عن عنوانها استغرب الذين حولي وقال لي أحدهم.. فاطمة أحمد ابراهيم التي هاجمتك في صحيفة الأيام في الشهر الماضي.. قلت نعم لا أستطيع أن لا أفعل وهي تمثل لي قيمتين أساسيتين في حياتي الأولى هي أمي الروحية التي علمتني كيف أحب السودان وأهله أحبهم وأحترمهم.. والثانية هي رمز.. رمز نادر للتفاني والنضال والتضحية ان تجاهلت الأولى استحالت على الثانية.
    ٭ ذهبت وقلت لها لم أستطع أن اتجاوزك مثلما لم تستطع أي محطة من محطات تاريخ السودان الحديث أن تفعل.. أخذتني في حضنها وأخذتها في حضني ورحنا في موجة بكاء حارة تركنا للدمعة الأنسياب بلا تدخل.. انه السودان وانها فاطمة..
    ٭ تحدثنا كثيراً.. تحدثت فاطمة بذات حماسها ونقائها وبسمتها الوديعة.. تحدثت عن معاناة الغربة.. تحدثت عن ايمان حفيدتها، ايمان أحمد الشفيع وكيف انها ارتبطت بالسودان وأحبته. تحدثت عن معاناة الاغتراب وحكت كيف ان هذه المعاناة عمقت الاحساس بالوطن.. وقالت رب ضارة نافعة.. تأثرت كثيراً عندما تحدثت عن المناقشة التي دارت بينها وبين طبيبها الذي رأى ان تأخذ جرعة من الانسلين مسائية قالت له أنا لا أستطيع النوم بالصورة المطلوبة ولا بالصورة التي تتخيلها.. أنا عندما أضع رأسي على الوسادة أسلم نفسي إلى مشاكل السودان وهمومه وأظل اتقلب معها ولا أستطيع أن أتناول جرعة انسلين مسائية.
    ٭ سعدت بهذا اللقاء أيما سعادة وكلما أردت أن أحدثكم عن ذلك اللقاء خفت من أن لا يأتي وصفه وفهمه بالصورة التي في وجداني.. ولكن عندما قرأت أسرار الوفاق أردت أن أقول ان فاطمة ليست في كندا وانما تتوق وتتطلع للسودان.
    ٭ أسرار الوفاق نفسها قالت: ونفت مصادر قريبة من فاطمة ان تكون رحلتها لكندا التماساً للعزاء ومفارقة لمناخ الشيوعيين السودانيين في لندن الذين جمدوا عضويتها في اللجنة المركزية فأصبحت شبه مفصولة وقالت المصادر ان فاطمة تلقت قرار التجميد ببرود ولامبالاة، ويتهم أنصار فاطمة القيادة في الخرطوم بالتواطؤ بل والتآمر لاقصاء فاطمة منذ عام 5891 بعد الانتفاضة غير أن المناخ الثوري لم يساعد ذلك المخطط.. فليبحث الحزب الشيوعي عن قيادات نسائية جديدة فهذا أمر طبيعي ولكن دور فاطمة الذي لعبته في المجتمع السوداني سياساً واجتماعياً أكبر من الحزب الشيوعي فلا فرع لندن ولا مركزية الخرطوم يستطيعان ادخال الفيل بثقب ابرة كما قال توفيق زياد.. من ذا الذي يستطيع أن يعطل عجلة التاريخ.
    ٭ أستاذتي وأمي فاطمة،اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وهذا حقك علينا.. لك تحياتي ومتعك الله بالعافية ومودتي لأحمد وايمان وأختها.. ايمان التي عشقت السودان فهي سليلة من ذابوا عشقاً في هوى الأوطان.
    هذا مع تحياتي وشكري
    الصحافة
    ---------------------------

    محمد زين العابدين
    ورحلت فاطمة رمزية المثل والقيم والصمود

    تودع فاطمة أحمد أبراهيم يوم الأربعاء الموافق 16 أغسطس 2017م الى مثواها الأخير وطناً وشعباً أحبهتما حتى النخاع، حباً يسرى فى شرايينها سريان الدم. يودعها شعبها الى مثواها الأخير وهو راض عنها وممتناً لها خاصة نساء بلادى ومحباً لها حباً لم يره أحد من بنى جلدتها على مدى التاريخ لا لأنها وقفت وبصمود منقطع النظير دفاعاً عن قضاياه وحريته وديمقراطيته والتى من أجله ذاقت كل اصناف العذاب من النظم العسكرية والشمولية التى حكمت وطننا العزيز الذى تحملت فيه فاطمة كل صنوف العذاب أنابة عن شعبها. وأيضاً سيحزن عليها حزناً ليس له مثيل من قبل لأنها كانت تمثل كل القيم والمثل السودانية لشعبنا فقد كانت بوتقة كل تلك المثل فى شخصها أنسانياً وأخلاقياً ودينياً وسياسياً وفوق ذلك رحمة وتحناناً تجاه الفقراء من بنى شعبى.
    فاطمة وأخوانها تربوا فى بيت الدين والصلاح والتقى والألتزام الدينى دونما تنطع وأستغلال لذلك كانت هى الصلاية القوامة تعبد الله حق عبادته لأنها تعلم جيداً وعلم اليقين علاقتها بربها دونما مزايدة. وهى أنتمت للحزب الشيوعى يقيناً فى مشروعه الأشتراكى الذى أقتنعت أنه هو سبيل الرشد والرشاد لبنى شعبها فهو مشروع أقتصادى سياسي وليس مشروعاً عقائدياً يتنافى مع الدين الذى نشأت وتربت فيه ولكن أهل التزييف أرادوا أن يلصقوه بالكفر والألحاد وهم قد مارسوا الألحاد عملياً قبل أن يحكموا وبعد أن حكموا الشعب السودانى فأساموه سوء ألوان العذاب. وأن لم تفعل شيئاً فى كل المجالات فيكفيها فخراً أنها دائماً فى صف الفقراء والمهمشين وحرباً عللى الأستعلاء والمستعليين الى أن لقت ربها راضية مرضية.
    لا أريد أن أتحدث عن الأدوار الى قامت بها المرحومة فاطمة أحمد ابراهيم لبنى وطنها وشعبها وبنى جنسها وحزبها فهذا قد كتب فيه الكثيرون وقد حضره وشاهده شعبها طوال مسيرتها وتحملها لكل الأبتلاءات التى مرت عليها خاصة فقدان زوجها ورفيق دربها القيادى المناضل الشهيد الشفيع احمد الشيخ الذى أغتاله العسكر ظلماً وبهتاناً ووهبت نفسها ووقتها بقية عمرها لشعبها وأبنها أحمد الذى نسأل الله أن يجعله خير خلف لخير سلف على خطى والده ووالدته. يكفى فى هذا المجال أن فاطمة كانت أماً رؤومة وأختاً رؤوفة ومواصلة لمن تعرف وزملاءها فى العمل العام فى مختلف الرؤى السياسية والوطنية. وأول معرفة لصيقة لى بالراحلة فاطمة أحمد أبراهيم عندما التقيتها أمام سجن مدنى فى مارس 1985م عندما جاءت لتزور أخى وشقيقى الأستاذ عمر زين العابدين عثمان عضو الحزب الشيوعى السودانى والذى أعتقل بواسطة جهاز أمن نظام نميرى لنشاطه وأودع السجن الذى خرج منه بعد أنتفاضة أبريل 1985م. وقد رفض لها جهاز الأمن مقابلته وأخبرتها أنى شقيقه وأيضاً جهاز الأمن رفض لنا مقابلته تماماً لا أنا ولا والدى. وتحدثت معى وعرفت أنها جاءت الى قريتنا أكثر من مرة لعمر لتكوين تنظيمات الأتحاد النسائى فى منطقة الحلاوين وكانت تقضى أيامها بالمنزل مع الوالدة والأخوان والأخوات وتأكدت من ذاكرتها الحديدية لأنها سألتنى من معظم شابات القرية اللائى ألتقتهن وما زالت ذكريات حضورها تتداول بين بنات ونساء قريتنا.
    أن نظام الأنقاذ لا حياء له ولا أظن على وجهه مذعة لحم من حياء وقيم ومثل حتى يتجرأ رئيسه ويقول أنه قد أصدر القرارات لتشييع جثمان المناضلة الى مثواها الأخير تشييعاً رسمياً وهوه يعلم أصلاً أن المناضلة المرحومة كانت لا تعترف لهذا النظالم بشرعية أو الشعب السودانى يعترف له بشرعية وكيف تشيع فاطمة بكل نقائها وصدقها ومواقفها الوطنية الصامدة من نظام مغتصب للسلطة واسام بنى وطنها كل واسوأ أنواع العذاب والمثل عندنا يقول الأختشوا ماتوا. ويأتى بوق النظام الهندى عز الدين لذر الرماد على العيون لتمجيدها ويقول يجب الأنصياع لقرار الرئيس لتشييع جثمان المرحومة المناضلة رسمياً ونسى وتناسى أن فاطمة ما ماتت خارج وطنها وبين شعبها وأهل جلدتها الآ بسبب هذا النظام الذى شردها وشرد الغالبية من بنى وطنها فى كل اصقاع الدنيا؟ وهل يعتقد الهندى عز الدين أن رفقاء فاطمة وزملاءها وكل القوى السياسية المعارضة لنظامه عاجزين عن تشييع جثمان فاطمة الى مثواها الأخير كأعظم ما يكون التشييع وهى فى قلب وضمير كل سودانى ما عدا اصحاب الهوس الدينى حاكمين وغير حاكمين.
    أريد أن أختم مقالى هذا بأن المغفور لها المناضلة فاطمة أحمد أبراهيم كانت كل أمنياتها وكلما التقى بها قبل أن يفعل العمر بذاكرتها كانت تتمنى أن يمد الله فى أيامها أن تفعل شيئاً لأولاد الشوارع الحفاة العراة الذين يبيتون على الأرض ويفترشونها فى العراء ويطعمون أنفسهم من الكوش وسؤال الناس الحافاً. أتمنى من زملائها فى الحزب الشيوعى ومن زميلاتها فى الأتحاد النسائى ومن كل القوى السياسية رجالاً ونساءاً وشباباً وشابات أن يقوموا بتسجيل منظمة خيرية باسم فاطمة لأطفال الشوارع وتخليداً لذكراها وتحقيقاً لأمنيتها التى ماتت قبل أن تحققها وأن يكون لها فرع بداخل الوطن السودان، وأقول أن يدى مع كل من يحاول القيام بهذا العمل لفاطمة بالمملكة المتحدة وداخل السودان عسي ولعل أن نرد الشئ القليل لفاطمة بعد رحيلها. ولكم تمنيت أن تكرم فاطمة فى حياتها من كل الشعب السودانى بمختلف فصائله وقطاعاته وقبائله حتى تكون قد شهدت بأم أعينها أمتنان شعبها لها ولكن قاتل الله العسكر الذين حرموا الشعب السودانى أبنتهم التى حملت أمانيهم وتطلعاتهم فى حدقات عيونها الى أم قابلت ريها راضية مرضية وأحسبها من سكان الفردوس الأعلى. ونتمنى أن تعود الحرية والديمقراطية لشعبنا ليقوم الشعب السودانى كله بتكريم فأطمة وتشييد الثوابت باسمها تكريماص لها ووفاءاص وعرفاءاص لتجردها من أجل شعبها الذى وهبت كل حياتها من أجله وأن تنصب لها النصب التذكارية فى كل مدينة من مدن سوداننا العريض .
    الا رحم الله فاطمة رحمة واسعه وأنزلها منزلة الصديقين والشهداء وحسن أؤليك رفيقاً وأن يجعلها فى سدر مخضوض وطلح منضود وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وأن يكرم نزلها أنه نعم المجيب ولا أله ألا الله وأنا لله وأنا اليه راجعون.


    بروفيسور محمد زين العابدين عثمان

    -------------------------------

    مصعب المشرف

    الإهتمام الرسمي والحزبي والشعبي الذي جرى به تقبل السودان لفاجعة وفاة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم الناشطة السياسية والإجتماعية والقيادية البارزة في الحزب الشيوعي السوداني ... أثار هذا الإهتمام السوداني الجامع فضول ودهشة وتساؤلات العرب والأفارقة والعالم الغربي ؛ بسبب الزخم والكم الهائل للحبر المُسال ونبضات الكي بورد التي صاحبت ولا تزال وستظل مصاحبةً لوفاة السيدة فاطمة أحمد إبراهيم رحمها الله وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.
    هذا الإهتمام والزخم المشار إليه إن دلّ على شيء . فإنما يدل على أننا ينبغي أن نفخر دائماً بسماحتنا وتقديرنا لكافة مكونات المجتمع برجاله ونسائه .. وأن تقديرنا وتقييمنا وتثميننا لدور المرأة كفاعلة وشريكة للذكر بمثل حظه في جانب الحق في ممارسة حق المواطنة والبذل والعطاء والإنتماء والقيادة والحكم .... هذا التقدير لايأتي على الورق . وإنما نمارسه طوال أربعة وعشرين ساعة بلا تكلف ولا إصطناع أو لغرض أن نوهم الغير أننا (نجاري الموضة) ونعطي المرأة حقوقها.
    ولقد سبقت فاطمة أحمد إبراهيم في هذا التقدير الملكة النوبية أماني وأكثر من كنداكة ومهيرة بت عبود .. والباب لايزال مفتوحاً للمزيد.
    في العالم العربي لم نسمع من قبل بحالة إهتمام وطني شعبي مماثل لرحيل إمرأة ؛ سواء أكانت ناشطة سياسية أو إجتماعية بمثل ما جرى في السودان تجاه فقيدته فاطمة أحمد إبراهيم.
    في العالم العربي كان ولا يزال الإهتمام الرسمي الوطني الشعبي منصب على وفاة الراقصات والمطربات والممثلات لا غير ، وتحت ستار "يحيا الفـن".....
    لم تشهد الساحة العربية سواء الكتلة الإسلامية منها أوالمسيحية إهتماماً على ذات الزخم والشاكلة التي وجدتها فاطمة أحمد إبراهيم في السودان .. لم تشهد هذه الساحة سوى إهتمامها بمناسبة وفاة المطربة أم كلثوم .... والمطربة صباح ... والممثلة سعاد حسني .... والراقصات بمبة كـشّـر وتحية كاريوكا.
    المناضلة الجزائرية "جميلة بوحيرد" التي ساهمت مساهمة مشهودة في تاريخ الثورة الجزائرية ضد المحتل الفرنسي حتى نالت بلادها إستقلالها. لم يعرف العرب بنضالها وإسمها إلا من خلال الفيلم السينمائي الذي حمل إسمها بإيعاز من جمال عبد الناصر – إنتاج 1958م - بطولة ماجدة وأحمد مظهر.
    لم يكن معظم الجزائريون خاصة والعرب عامة يعلمون حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي أنها لا تزال على قيد الحياة . كانوا يظنون أنها ماتت وشبعت موت ... ولولا برنامج "من سيربح المليون" الذي جاء بإسمها في سؤال ثم تناول سيرتها بإختصار وأنها تقيم مع زوجها في فرنسا ؛ لما كانت قد بعثت إلى الحياة من جديد .
    ربما تظل مناسبة رئيسة وزراء الهند السابقة "أنديرا غاندي" هي الحالة الأكثر إقتراباً من حالة المرحومة فاطمة إبراهيم لجهة الإهتمام الرسمي والشعبي والوطني بها . مع فارق بسيط هو أن أنديرا غاندي قد جرى إغتيالها عام 1984م . وكانت آنذاك على رأس منصبها رئيسة للوزراء. وسبب الإغتيال هو إصدارها لقرار مثير للجدل بإقتحام المعبد الذهبي الخاص بطائفة السيخ.
    ولكن لا تزال المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم تتفوق على أنديرا غاندي بسبب أنها وجدت هذا الإهتمام الإستثنائي من أبناء شعبها السوداني على كافة المستويات والتوجهات رغم أنها ليست رئيسة وزراء ، وليست زعيمة حزب حاكم وإنما فقط لكون أن الشعب قد توافق على أنها كانت صادقة أمينة مناضلة جسورة وغيورة يشار إليها بالبنان وستظل حالة فاطمة أحمد إبراهيم إذن تاريخاً ينبغي الحرص على تناوله والتعامل معه بكل الصدق والشفافية والأمانة.
    ونت أطرف ما يحكى عن جسارتها وشجاعتها (وهي خصلة تعجب السودانين) . أنها وفي قمة خوف أعضاء وكوادر الحزب الشيوعي من ملاحقات ومطاردات نظام نميري المستمرة لهم . وأصداء بطشه بهم عقب فشل إنقلاب 19 يوليو 1971م . تصادف أن تقابلت مع نميري وجها لوجه في إحدى المناسبات الأمدرمانية الإجتماعية . فسألها متهكما ويغمز لها بطرف خفي عن خوف الشيوعيين منه:
    - "فاطنة إنتي لسا شيوعية ولا الشيوعية طارت ليك من راسك"؟
    فأجابته بسرعة بديهتها قائلة:
    - " أيـوة شيوعية .... وجزمتي دي ذاتا شيوعية ".
    والطريف أن نميري لم يتمالك نفسه من الضحك إعجاباً بشجاعتها أو ربما لأن طبيعة المناسبة لم تكن تسمح بغير ذلك وفق ما تعاهده السودانيين في تعاملهم مع بعضهم.
    نرجو أن لا يتمادى الحزب الشيوعي فيحاول العبث بحقيقة وواقع أن هذه الجماهير السودانية . بوجوهها الطيبة ووجدانها الإنساني ودماغها النقي الذي يميز الخبيث من الطيب . والتي خرجت كتفاً بكتف والحجل بالرجل وكحذوك النعل بالنعلِ إلى جانب جماهير الحزب الشيوعي لمواراة جثمانها الثرى بعد الصلاة عليه ... هذه الجماهير السودانية قد خرجت لأجل التعبير عن تقديرها وإحترامها الخاص لشخص وتاريخ فاطمة أحمد إبراهيم النضالي . وكونها بالفعل كانت دوغرية ولا تخشى في الحق لومة لائم ونقية القلب وشفافة الروح... وسودانية من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.
    بعد إنتقالها إلى جوار ربها ؛ أصبحت المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم أكبر من إبتسارها في حزب واحد أو ممارسة سياسية ...
    توارت فاطمة الجسد تحت الثرى وتبقى فوق الثرى قناعات أبناء شعبها بصدقها وحبها لبلادها . وإيمانها بقدرات المرأة السودانية نبراسا لكل أبناء الوطن.
    المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم ستظل رمز المرأة السودانية بكل بساطتها وصبرها وقسماتها وعفتها وعفافها وعاطفتها وإرتباطها بمجتمعها.. وصيانة لنسيجه الإجتماعي من يورتسودان حتى الجنينة ومن حلايب حتى أبيي.
    ستتراكم المقالات والمؤلفات والدراسات ... وتعقد وتنفض الندوات عن شخصية ونضال وقناعات المرحومة فامة أحمد إبراهيم . وهذا أمر طبيعي .... ولكن الذي يجب أن نلفت إليه الإنتباه هنا هو أن لا يظن البعض أو فئة من الفئات . سواء في هذا المعسكر العقائدي والفكري أو ذاك .... لا يظن أحد من هؤلاء أنه بمستطيع أن ينفرد بها سلبا أو إيجاباً وحده. ويجيرها لمصلحته ولعرض وجهات نظره ؛ دون أن يجد من يتصدى له في جانب العدل والحق والوطنية الخالصة لوجه السودان وترابه الأغلى.... معطيات المعلوماتية ستمنع مثل هذه المتاجرات السياسية الإستهلاكية... وستحول دون نجاحها .. لا بل إنها ستؤدي إلى أن يفقد هذا المعسكر أو ذاك مصداقيته إذا حاول المتاجرة بها لمصلحته خاصة.
    الشبكة العنكبوتية تحفظ لقاطمة أحمد إبراهيم أكثر من لقاء تلفزيوني ومناسبة موثقة بالصوت والصورة تنفي عنها شبهة الكفر والإلحاد .... وهذا يكفيها . فهي ليست مجبرة على تقديم أوراقها الإسلامية وصكوك الغفران إلى من يطنون واهمين أنهم "وحدهم" ورثة النعيم كي يختموها لها بعد توقيعهم عليها.
    ثم أنه من غير الإنصاف والعقل أن يستهين البعض بقدر وقيمة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم في الوقت الذي يخفظ لها التاريخ أنها أول إمرأة يتم إنتخابها عضواً في البرلمان السوداني عام 1965م من خلال صناديق إنتخابات الزمن الديمقراطي الجميل.
    لقد تحملت المرحومة فاطمة إبراهيم الكثير . وناء عاتقها بحمل الثقيل من الأعباء وصادفت خطاها معيقات ومحبطات كالجبال . وفاق صمودها كل التوقعات حين رمتها الأقدار بوابل أحزان فراق زوجها لها معلقاً على حبل المشنقة.
    في 22 يوليو 1971م كان عمرها 35 عام فقط .. كانت متزوجة من الراحل الشفيع أحمد الشيخ رحمه الله الذي كان قياديا في الحزب الشيوعي السوداني خلال عصره الذهبي على أيام سكرتيره الكاريزمي عبد الخالق محجوب . وقد تم إنتخاب الشفيع أحمد الشيخ رئيسا لإتحاد عمال السودان الذي كان يضم 51 نقابة لاينفرد الشيوعي بالسيطرة عليها جميعها. وإنتخب أيضا نائباً لرئيس إتحاد العمال العالمي ... وحاز على وسام السلام من فرنسا ووسام لينين من الإتحاد السوفيتي ...
    في 19 يوليو 1971م ؛ بعد تأييده وتورطه السياسي في محاولة إنقلاب الحزب الشيوعي العسكري الفاشلة بقيادة الرائد هاشم العطا ضد الرئيس جعفر نميري . فقد تم إعتقاله وتعذيبه تعذيباً إستثنائياً قاسيا بشعاً قبل وبعد إصدار الحكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت ... وعلى نحو تسامع به كل أهل السودان حتى بدا للبعض وكأنّ الأمر تصفية حساب شخصي وثأر بائت بينه وبين الضابط الذي أشرف على تعذيبه ... وقد قيل أنه سيق على عجل إلى حبل المشنقة وهو فاقد الوعي شبه ميت من أثر التعذيب الذي طال كل بوصة مربعة من جسده.
    وعلى الرغم من كل هذه الضغوط النفسية التي تعرضت لها وامتحنها الله بها في أقرب الناس إليها . إى أنها ظلت صابرة صامدة كعهد الناس بها دون أن تنهار.
    قد يتساءل البعض لماذا لم يتزايد الإهتمام بفاطمة أحمد إبراهيم إلا بعد وفاتها؟
    من البديهي أن التاريخ لايبدأ تدوينه إلا بعد إنقضاء الحدث وإنقشاع الموقف ...
    طالما ظل الإنسان على قيد الحياة فإن عطاءه يظل قابلاً للتجديد ... وتظل أفكاره قابلة في أي لحظة للتعديل والتطوير إن لم يكن التغيير .... حتى مرضه ووفاته قد تأتي على نحو وحال لم يكن أحد يتوقعه.
    بعد الوفاة مباشرة يتحول الإنسان إلى كيان آخـر وحياة أخرى في العالم الآخر .. ويستمر وجوده كذكرى عائلية أو سطوراً في كتب تاريخ هذا العالم الزائل الذي غادره.
    مناسبة الموت هي أصدق مناسبة .. ولأجل ذلك يحرص المجتمع السوداني في قناعته الجامعة أن تكون محل توقير وإحترام .. ومواراة لجثمان لا حول له ولا قوة تحت الثرى لم يعد يملك من نعيم الدنيا أو خشاش أرضها شيئا .. لا بل حتى السرادق الذي يقيمه ورثته لأحله يدخل شرعاً في باب التصدق عليه ... ويسري الحال حتى على ملابسه المستعملة إن لم يكن قد بادر هو نفسه بتوزيعها على الفقراء في حياته.
    في مثل هذه المناسبة بشفافية التفكير في صدقها . كانت عائلة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم خاصة والشعب السوداني عامة .. كان الجميع يرجو أن تكون مهيبة ومرآة صادقة للتعبير عن حزن الفراق والأسى . وطلب الرحمة والمغفرة لها والمواساة والصبر والسلوى وحسن العزاء لأهلها ... ومناسبة لإجتماع كل الأطياف حولها . وتفرقهم بعدها بسلام.
    في مفاهيمنا الإجتماعية يظل الموت مناسبة لا يتم توجيه دعوة ضورها لأحـد . بل يجتمع فيها الكل دون إستثناء .. الأهل والقريب ، والجار والعـدو والصديق .. وعابر الطريق والغريب.
    في مناسبة الوفاة وإتباع الجنازة لدفنها يمشي الناس في صمت وسمت الوقار والوجل كأنّ على رؤوسهم الطير.... وكيف لا والموت هو خير واعظ .
    التصرف غير المسئول الذي قام به البعض القليل أثناء تشييع جنازة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم. وترديدهم هتافات خارج نطاق جلال المناسبة وهيبتها .. هذا التصرف لاقى إستهجانا عاما من الشعب . ولكن نحمد الله أنه ليس سمة الغالبية . ونحسبه طاريء سلبي من الواجب علينا محاربته بالتوعية والحسنى بما يحول دون إستمراره وتطوره إلى عادة قبيحة ووصمة . خاصة وأنه بذلك يؤدي إلى تشويه دواخل وتوليد ضغائن . ويزيد من إتساع رقعة الخلاف والفرقة... والتباين الغير محمود.

                  

العنوان الكاتب Date
فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها الله -- توثيق الكيك08-14-17, 07:04 PM
  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-14-17, 07:08 PM
  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-14-17, 07:11 PM
    Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-14-17, 07:16 PM
      Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-14-17, 07:31 PM
        Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-14-17, 07:39 PM
          Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-21-17, 07:05 PM
        Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-14-17, 07:40 PM
          Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� عبدالعزيز الفاضلابى08-14-17, 08:30 PM
            Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-15-17, 06:32 PM
              Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-15-17, 06:57 PM
                Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� بكرى ابوبكر08-15-17, 07:07 PM
                  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-15-17, 07:23 PM
                    Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-19-17, 04:22 PM
                  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� مني عمسيب08-15-17, 07:24 PM
                    Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-16-17, 10:43 AM
                      Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-16-17, 10:47 AM
                        Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� علي دفع الله08-16-17, 12:01 PM
                          Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-16-17, 04:11 PM
                            Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-16-17, 04:39 PM
                              Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-17-17, 06:44 AM
                                Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-17-17, 05:26 PM
                                Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال� الكيك08-17-17, 05:26 PM
  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-19-17, 06:25 PM
  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-19-17, 06:31 PM
  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-19-17, 06:32 PM
    Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-19-17, 06:36 PM
      Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� Dr. Ahmed Amin08-19-17, 07:41 PM
        Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-20-17, 06:12 AM
          Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-21-17, 07:08 PM
            Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-22-17, 06:08 PM
              Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-22-17, 06:10 PM
                Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-23-17, 07:42 PM
                  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-26-17, 06:27 PM
                  Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-26-17, 06:30 PM
                    Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-27-17, 06:39 PM
                      Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-27-17, 06:58 PM
                        Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-28-17, 07:42 PM
                          Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك08-31-17, 05:10 PM
                            Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك09-05-17, 05:35 PM
                              Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك09-09-17, 05:56 PM
                                Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال� الكيك09-27-17, 04:22 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de