بسم الله الرحمن الرحيم إن من روائع جوامع الكلم عن الرسول الكريم عليه افضل الصلاة وأتم التسليم قوله المبين: -الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني. .. من رحمة الله على عبده المؤمن أن يكون عليما فطنا بأن هذه الدنيا ليس دائماً فيها البقاء وإنما هي معبر فقط لدار القرار لان كل ما نعمله فيها ما هو إلا الحصاد الذي به يحدد الله سبحانه وتعالى لنا المصير في الآخرة مثلما أوصانا بأن نعيش فيها غرباء حين قال النبي المبارك -طوبى للغرباء - وحين قال:عش في الدنيا وكأنك عابر سبيل. كيف يدين المؤمن نفسه!؟ يكون ذلك من محاسبة ذاته والنظر إلى أعماله بأنها لا توازي ما هو مطلوب منه من طاقات وعبادات امتثال لأمر الله سبحانه تعالى،بالتالي صار لزاماً عليه أن يحرص على فعل الخيرات الصالحات التي تكون له زخرا بعد الموت و تنفعه في إرشاده إلى طريق الهدى والرشاد الذي يؤدي به في نهآية المطاف إلى الفوز بجنات النعيم برحمة من الله سبحانه وتعالى . قد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات تحث على أن يدين المؤمن نفسه ويزجرها ويقودها إلى طريق الاطمئنان حتى ترجع مؤمنة راضية مرضية إلى ربها وذلك حين أقسم بالنفس اللوامة وحين حث على مجابهة النفس الأمارة بالسوء وحذر من أتباعها وحين نادى المطمئنة لتعود إلى ربها.. إذن التمرحل الإيماني في القيادة إلى طريق الرشاد يبدأ بالإدانة والعتاب ثم تجنب السوء للوصول إلى مرحلة الاطمئنان وبذلك نعي بأن مجاهدة السوء وتجنبه هو أكثر ثورة ذات مشقة وعسر تحرر المؤمن من طريق الضلال الزائل إلى نبراس الهدى الصحيح لأن في ذلك الكثير من الصراعات لغرائز تعد جزء من التركيب الفطري الكيميائي والهرموني والروحي الغير مرئ ظاهرياً ويمكن معرفة ذلك ببساطة بترويض النفس على فعل الخير والعمل الصالح وتجنب كل ما يعيق المشي والسير في طريق الهداية والرشاد سوف نصل لنتيجة واضحة دون أدنى شك وهى أن بدون التمرحل في التطور الإيماني ابتداءاً بالإدانة وإنتهاءا بالإطمئنان لا يمكن تحقيق غاية العبادة مطلقاً وهى غاية خلق الله التي ذكر آية فيها حين قال :وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون). أما العاجز هو الذي لا يسعى إلى طاعة الله بل يتبع هوى نفسه التي تقوده إلى سبل الضلال والتيه مما لا ينفعه ثم يتمنى بعد ذلك على الله الأماني التي قد لا يظفر بها إذ من البداهة والمعروف بأن القدرة تحدد المقدار والمحصلة لأي شئ لزاماً أن يكون لها عوامل ولا شئ ينتج من لا شئ وهذا ينطبق على كلتا الطاقتين المادية والمعنوية ..حتى إن ظاهرياً إن هنالك منافع دنيوية من أتباع الضلال فإن الحقيقة إن ما ينفع الإنسان في دنياه وليس له في الآخرة نتيجة أو محصلة حسنات لا يعد ولا يحتسب ذا إنتفاع دائم لا يفنى وينتهي بنهاية عمره وهذا من دواعي الإنسجام المربى مع كل ما يرضي الله وإن كان ذلك في كثير من المرات عسيرا والتخلي والتغلب على كل ما تشتهيه النفس ترغب فيه ولا يرضي الله وإن كان ممكن يسيرا وبذلك يكون التناسب عكسي بين مراغبة الله في إقامة الفرائض الإلهية والخنوع لمجاراة الذات السيئة والقلب الغير سليم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة