التأمل يعرف بانه التركيز على نقطة معينة . وهذه العملية تحتاج الى الإسترخاء التام لجسد الإنسان ، نقطة التركيز قد تكون التركيز على عملية التنفس (الأنف) او الأحاسيس في الجسد (البشرة تحديدا) او التركيز في عبارة معينة وترديدها بهدوء. هذه العملية ، واقصد عملية التامل ، موجودة في جميع الأديان ولها تسميات مختلفة.وهي عملية الصلاة العادية المعروفة في الدين الإسلامي وغيره من الأديان الإبراهيمية المعروفة.
فالصلاة نوع من التأمل يقوم على التركيز في عبادة الله سبحانه وتعالي ، بالصلاة بحث الإنسان للتواصل مع الله . نقطة التركيز في الصلاة تكون عبر التسبيح. والعملية كما هو معروف تحتاج الإسترخاء التام (الطمأنينة والخشوع).
الإسترخاء بيولوجيا يمكن تفسيره في عملية التنفس العادية. وهي عملية تقوم على مستويين متداخلين متعاكسين (عملية الشهيق: استنشاق الهواء ، وعملية الزفير: اخراج الهواء من الرئة). عمليتي الشهيق والزفير ، تنطويان على انشطة للطاقة في جسم الإنسان ، في الشهيق يكون الهواء مشبع بغاز الأكسجين ، في الزفير يكون الهواء الخارج من الجسم مشبع بغاز ثاني اوكسيد الكربون ، وكلا العمليتين تهدف لتكوين ما يعرف بــ (ادينوسين ثلاثي الفوسفات ، وهو وحدات صغيرة لتخزين الطاقة).
عملية التنفس هي عملية مهمة للغاية للحياة البشرية ، وهي اساس الحياة البشرية ، فلا حياة بلا تنفس . في تعاليم الأديان الشرقية (البوذية مثلا) ، نقطة التركيز في التأمل تقوم على التركيز في عملية التنفس ومتابعتها بدقة: متابعة الشهيق والزفير ، ويكون التركيز على نقطة مادية ملموسة مثل الأنف ، سواءا بداية الأنف (المنخر) او عمود الأنف. وتكون العملية بمتابعة التنفس الذي يبدأ كخط طويل ينتهي الى السرة ، ويتضاءل ويتضاءل الى ان يكون مجرد نقطة في ملتقي العينين.
والتنفس في الإنسان يتم عبرثلاث ادوات: الأنف ،البشرة ، السرة وكلها تسمى جهاز التنفس في الإنسان. ولكن التأمل والتعبد يركز في الأنف والسرة ، ويهمنا كثيرا الأنف. فلماذا الأنف؟
فالتأمل هو طقس انساني ، يقوم به الإنسان , يحتاج الى الهدوء والطمأنينة والخشوع ، وهو عبارة عن عملية تدريب ذاتية تمنح الإنسان قدرة التواصل بين الذات الخارجية (الجسد) والذات الداخلية (الروح) ، في الويكيبديا تعرف هذه العملية بانها (ممارسة يقوم فيها الفرد بتدريب عقله لتحفيز الوعي الداخلي).وهذه عملية مهمة يحتاجها الإنسان في مشوار حياته منذ الميلاد والى غاية الممات.
البعض يرى ان هناك فرق بين التأمل والصلاة ، باعتبار ان التأمل امر انساني يفعله الإنسان لأجل ذاته وان الصلاة هي امر مقصود لذات اخرى عليا. ولكن بالتتبع والإستقراء الدقيق نلاحظ ان التأمل يقصد منه الإنسان فوائد معينة منها السلام الداخلي ، الإستقرار النفسي ، الطمأنينة والتوازن النفسي ، وفوق ذلك التوازن الروحي . والصلاة ليست بعيدة من هذا المنحى فكل المعاني الموصوفة تنطبق عليها ، ولكنها تفوق التأمل في البحث عن فوائد اخرى من ذات اخرى (الإله/الرب/الله..)..
ومن هذا يتضح بان الصلاة (كما يؤديها المسلم/المسيحي اليهودي..الخ) هي نوع من التأمل.
بيد ان بعض الدراسات الحديثة (وهي عديدة وبعضها ممبثوثة في الشبكة العنكبوتية) تذهب الى فوائد التأمل (بالطبع الصلاة) للجسم الإنساني. اذا ان الحركة في صلاة المسلمين مثلا ، تسمح للجسد بتحريك كثير من عضلاته واجزائه (تدريب مادي) وتسمح بخلق الطمأنينة والسلام الروحي (الخشوع والتبتل). فالتأمل سواءا كان عبر ممارسات اتباع الديانات الإبراهيمية او غيرها هو مفيد ماديا للجسم الإنسان.
بعض الدراسات الحديثة تذهب الى ان هناك علاقة كبيرة بين التأمل والتنفس. في دراسة باللغة الإنجليزية لأبوت جورج بيرك ، وبعنوان (مقدمة لتنفس التأمل) والعنوان بالإنجليزية: Introduction to Breath Meditation
يشرح فيها عملية التنفس في الإنسان بطريقة فلسفة وعلمية ، حيث توصل الى ان التنفس عامل كوني في الحياة. فنحن نتنفس (نتملئ بالهواء) و (نطرشق/ننتهي) حينما يتوقف التنفس. وذهب اكثر من ذلك الى ان هناك علاقة وطيدة ما بين التنفس وجسم الإنسان فنحن حينما نتنفس نحيا ، وحينما نموت يتوقف التنفس.فهناك علاقة وطيدة بين طريقة التنفس وجسم الإنسان ، فحينما يكون التنفس هادئا فان الجسم يكون هادئا ومطمئنا ، وحينما يتهيج الجسم ويثور (كالجري مثلا) يكون التنفس مطضربا. ونفس العلاقة تنوجد بين التنفس والمشاعر ، فحينما يكون التنفس هادئا تكون المشاعر هادئة وساكنة ، وحينما تهتاج المشاعر (الغضب/الفرح/الحزن..الخ) يكون التنفس مطضربا. وايضا نفس العلاقة تكون بين العقل والتنفس. ويختم الباحث باننا موجودون طالما انوجد التنفس.لذلك التنفس في كل تجلياته يوضح لنا الترابط بين المادة والطاقة من ناحية ، والوعي والعقل من ناحية اخرى.
ونحن حينما نسنتخدم تكنيك التنفس في التأمل ، فاننا نبدأ بمراقبة حركة الأنفاس فينا ، تتمدد وتمدد ثم تتقاصر وتتقاصر ، وحينما نطيل الإستغراق ، يحدث لدينا اهتمام عالي في معية مراقبة الحركات الهادئة ما بين الذات الخارجية (المادية) والذات الداخلية (الروح/النفس). وجهاز التنفس في جسم الإنسان يتكون من شعب عديدة منها التنفس عبر مسامات الجسم ، ولكن الشعب الأهم هي جهاز التنفس الذي يبدأ بالمنخر.
وفي اللغة العربية ، يعرف اول باب من ابواب جهاز التنفس بالأنف ويعرف بانه (عضو التنفس والشم ، وهو مجموع المنخرين والحاجز)..ويعرفون المنخر بانه (ثقب الأنف). وللأنف في التنفس وظيفتين: ادخال الهواء (الطيب/الإيجابي) وفي نفس الوقت اخراج (الهواء الفاسد/السالب) ، وهذه تسمى بعمليتي: الشهيق والزفير.ففي عملية الشهيق تستقبل خلايا جسم الإنسان غاز الأكسجين والجميع يعرف اهميته. في عملية الزفير تتخلص الخلايا من غاز ثاني اكسيد الكربون ، والجميع يعرف مضار هذا الغاز. فالتنفس هو عملية الحياة ، حياة الإنسان ، وغيابه يعني فناء الإنسان (على الأقل في الحياة الدنيا). وكما قلنا هناك علاقة وثيقة بين بالتنفس والتأمل ، وكلما صدق الفرد في تجويد العملية ، كلما نال السلام الداخلي ، وطالما الصلاة (على الأقل عند المسلم) هي نوع من التأمل ، كما نزعم ، فانها عملية مراقبة (قصدنا ذلك او لم نقصد) لعملية التنفس فينا ، وتكون العملية اجود وانقى كلما كان الصفاء والدقة في المتابعة (الخشوع/الورع..الخ).
وكما ذكرنا فأن عملية التنفس تعتمد على الأنف.وهذا هو مدخلنا الى مفهوم (الخرطوم) عند محمود محمد طه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة