|
Re: نيالا , الدجاجة التي احتضنت بيض الأفاعي .. (Re: اسماعيل عبد الله محمد)
|
صدقوني لم ار مدينة بجمال وروعة نيالا ,, ليس فقط جمال الطبيعة بل جمال روح انسانها الوديع الذي يحب الحياة و الناس,, في بواكير صبانا عشنا فيها حيث لا وجود للبغضاء و الكراهية بين كل مكونات سكانها,, هذا المكون الذي جاء بعضه من اقصى شمال السودان و البعض الاخر من اقصى شرق وجنوب السودان اضافة الى اصل السكان,, كانت نيالا بوتقة للانصهار القومي,, سكانها من جميع سحنات وجهات السودان وجغرافيته الكبيرة ,,
حي الوادي , من اعرق و اجمل احيائها,, لا تقولوا لي كذبت عندما اقول لكم انكم لو عبرتم بشوارعه في موسم تفتح الازهار لن تتوقف انوفكم من استنشاق ما يستحيل الحصول عليه من فائحة العطور الباريسية,, المدينة عميقة في تاريخها منذ ممالك الداجو,, لها نكهة معتقة لحظ تميزها كل من زارها و تنسم هوائها,, انسانها غني و عينه ملأى بخيرات ونعيم الدينا,, لن يجوع من اقام بها ولن يعطش و لن تلفحه حر الصيف,, لان حر صيفها ليست كحرارة تلك الشموس الساطعة في المدارات الصحراوية,, في موسم حصاد المانجو ونحن صغاراً كنا نذهب الى الوادي الشهير بوادي (برلي) ,, و نستمتع باطايب ثمار المانجو الطازجة و نملأ الاكياس بقدر ما نستطيع حمله للاهل في رحلة العودة,, في ذلك اليوم الذي نزور فيه الوادي للابتضاع لن نتناول فيه الوجبات الثلاث ,
في امسيات وادي (برلي) تسمع دوزنة موسيقية مدهشة,, فيها خليط من صوت وابورات(اللستر) و اصوات ونغمات ملايين الطيور و العصافير,, الهواء بارداً برودة نسبية في فصل الصيف ,, الاوكسيجين كمياته مهولة تنعكس في سلاسة وهدوء التنفس و خفته , هنالك شارعان تكسوهما الافرع المتدلية للاشجار من كل جانب,, شارع العشاق ,, و شارع (الخيانة),, وواسم الاخير هذا جاء من إلهام الافلام الهندية و انتشارها في ربوع السودان في ذلك الزمان , الطبيعة و الاشجار التي حول هذا الشارع الممتد والمؤدي الى مجرى الوادي يشبه تماماً تلك الطبيعة الساحرة التي تشد كل مشاهد للافلام الهندية,, اما شارع العشاق فهو اسم على مسمى , فهو مخزون من الذكريات الجميلة لكل شباب ذلك الزمان الجميل,, لم يكن هنالك المتشنجون و المتزمتون و الجنجويد,, كنا نعشق الحياة ونحبها حبا عذرياً,,
صدقوني في ذلك الزمان كان الناس ملائكة تمشي على الارض,,
نيالا مدينة للفن و الجمال,, مع اول ثورة الاورغن و ظهور فنان شباب ذلك الزمان حيدر بورتسوان,, كانت نيالا تقدم مهرة العزف على الة الاورغ من امثال ابراهيم سنادة و التاج مصطفى ,, و من المطربين عاطف نيالا و احمد شارف و الكثيرين الذين زينوا سماء نيالا بعظيم الكلمة و خطير النغم ,, كان مجتمعا لا يعرف التهاون في المجاملات الاجتماعية و حب الخير ,, الاندية الرياضية وثنائية الهلال و المريخ في جميع مدن السودان كانت حاضرة في مدينتنا الجميلة,, وكذلك فرق الاحياء مثل فريق حي الوادي و كرري و الجيل الى اخر نادي,, ومن نجوم كرة القدم,, ود ابوشواطين دجانقو اب لفتة اللمين اوقو الى اخر العقد الفريد ولا ننسى المذيع(جوكر) الذي يتجول في ربوع المدينة بميكرافونه العملاق معلناً عن مباريات كرة للقدم و الافلام السينمائية حديثة العرض,,
هذه هي مدينتي الجميلة التي اغتصبها المعتوهون ...
|
|
|
|
|
|