|
|
|
 Re: قوانين تحمى المُغفلين . (Re: shaheen shaheen)
|
حكاية رقم ( 1 )
طيار حربى
انا مُجرد سائق لطائرة صغيرة تقوم برش المحاصيل فى مشروع حلفا الجديدة الزراعى .
حتى اننى املك التواضع المطلوب لكى ارفض ان امنح وظيفتى المؤقتة هذه لقب طيار .
خالتى فى حى الزهور هى التى كانت تقوم بتسويق هذه الدعاية غير المبررة
- شاهين ابن اختى جاى من البلد .. هو طيار كبير فى شركة برتغالية .
ويبدو ان هذه الدعاية قد تسربت بقوة فى كل انحاء حى الزهور , حيث اننى اجد باستمرار ترحيب واحترام مدهش من عوطلجية المنطقة المنتشرين حول اعمدة الانارة
- كيف يا كابتن ؟ .
- انشاء الله يا خال حوادث الاختطاف بتاعت منظمة التحرير الفلسطينية ما تكون مؤثرة على الشغل عندكم ؟ .
- جاى من لندن ؟ .. ولاّ نيويورك ؟ .
وخالتى تغضب لو كشفت السر
- الدنيا مظاهر يا ابن الغالية .. وبعدين مافى زول ح يراجع الاوراق .. ولد جيرانا ممرض فى مدنى , وهسع بالدعاية بس ماشاء الله عليهو اتعمل اخصائى باطنية وبيكسب الف مرة احسن من ناس كلية الطب .
انا مُنتسب فى جامعة القاهرة فرع الخرطوم, كلية القانون , وهذا هو سبب زياراتى المتكررة للخرطوم التى لا اُحبها .
ضجرت من رائحة المبيدات الحشرية النفاذة .. اتمنى بقية عمرى ان اضع حول رقبتى تلك الكرفتة البديعة , وارتاح من الرائحة
- سلام عليكم .. انتا شاهين ؟ .
- اهلاً وسهلاً .
- معانا هنا فى الجامعة ؟ .
- انا منتسب فى قانون .. سنة تالتة .
- انا فريدة .. من حى الزهور , ساكنة جنب ناس خالتك .. معاك فى قانون برضو سنة اولى .. برلومة .. هاهاهاها .
- اهلاً وسهلاً .. دراسة القانون حاجة جميلة .
- بس القانون كلامو كتير بيعمل صداع نصفى .. ممكن اعزمك حاجة باردة وسندوتش .
- أأأأ .. مافى مانع .. ok .
- ok ؟ , ده انجليزى ؟ .. ماشاء الله عليك .. انتا بتتكلم كم لغة ؟ .
- نعم ؟ .. أأأأ , يعنى ما كتير .
كوب عصير اصفر مجهول الهوية , وسندوتش طعمية عجيب عليه سائل حارق .
غمزت بعينها وهى تنحنى لتقترب من راسى , ظهر لون السنتيان من فتحة صغبرة , احمر بنقاط سوداء
- انا عارفة السر يا متواضع .
- سر شنو ؟ .
- انتا طيار فى الخطوط الجوية البرتغالية .
- مافى حاجة بتدسا فى البلد دى ؟ .
- انا من زمان بتمنى اتزوج طيار واسافر معاهو حول العالم .
- والله كويس .
- مُتعبة ؟ .
- الشنو ؟ .
- شغلانة الطيار .
- المشكلة بس الريحة .
- ريحة شنو ؟ .
اصبحت زائرة مستديمة فى بيت خالتى , ورفيقة تجوال طويل بين طرقات كلية آداب و كلية قانون فى الصباح , ومحل حلوانى الانتفاضة فى المساء
- انتا العلاقة شنو بين القانون والطيران ؟ .
- والله ما عارف .
اصبحت اخاف من رعشة حبها , احببتها .. استيقظ وافكر فيها , انام وافكر فيها .
" فريدة " يا فريدة , يا بنت الجزيرة , سوف اكتب يوماً ما قصيدة عنها بهذه القافية .
اغانى " ام كلثوم " فى الليل .. واشعار" نزار قبانى " فى لحظة شروق الشمس .. واتصالات مُزعجة مع حلفا الجديدة فى الظهيرة لتمديد الاجازة اسبوع اخر
- فريدة انا .. أأأأ .
- اتكلم عليك الله .
- انا بحبك .
- يا الله يا شاهين , انا منتظرة الكلمة دى من اول يوم عرفتك فيهو .
- بالجد ؟ .
- انا بموت فيك .. بعبدك عديل كده .. تعرف انا مفكرة ادرس ضيافة جوية فى مصر عشان نكون فى طيارة واحدة وما نتفارق خالص .
- أأأأأ .
صدقونى اهم الاشياء فى العلاقات العاطفية هى الصراحة المطلقة بين الطرفين .. قررت ان اكشف لها سرى الخطير , اختيار المكان ضرورى .. قررت ان اتكلم فى حلوانى الانتفاضة لسببين .
الاول هو الاسم الذى احبه بسبب ميولى السياسية , والثانى ان لديهم بسبوسة خطيرة بالسمن البلدى
- فريدة انا ما طيار .. أأأأ , يعنى قصدى ما طيار بالمفهوم العند الناس .
- شنو ؟ .. كيف يعنى ؟ .
- انا سواق فى طيارة رش صغيرة .
توقفت قطعة البسبوسة فى منتصف حلقها تماماً
- انا انسان فاشل يا فريدة .. بحاول اكون انسان محترم , وعشان كده انا بقرأ الجامعة من جديد .
- يعنى انتا ما طيار فى الخطوط الجوية البرتغالية ؟ .
تحول وجهها الى ثمرة طماطم .. وانحدرت دموع مالحة من العيون الجميلة
- انا شغال فى شركة بلغارية وما برتغالية.. شركة وقع ليها عطاء رش مشروع حلفا الجديدة وهى طلبت ناس خريجين ثانوى .. كان مفروض نمشى بلغاريا عشان كورس تدريب , لكن حتى دى ما حصلت واتدربنا فى حلفا ذاتها .
- يعنى انتا ما بتسافر لندن , وامريكا , والنمسا ؟ .
- انا غير حلفا الجديدة والخرطوم ما مشيت حتة تانية فى حياتى .. انا انسان فاشل يا فريدة , لكن حبك ممكن يعمل منى انسان جديد .
- وبتتكلم كم لغة ؟ .
- اتنين .. رطانة وعربى .
انفعلت وارتفع صوتها فى حدة قاسية
- يعنى ما بتلبس بدلة الطيارين وتنزل فى فندق خمسة نجوم ومعاك بنات شعرهم اصفر ؟ .
- نحنا بنلبس ابرول لونه اخضر .. ومرات لو فى زول معاى فى الطيارة بقرب من بيتنا فى القرية وبنط منها لحوش البيت , والزول التانى بيواصل السواقة عادى جداً .
- انتا ما عندك مستوى .. انسان منحط .
حملت حقيبتها وخرجت فى خطوات مترنحة
- انا بحاول اكون انسان محترم يا فريدة .. بحاول .
نظرت الى طبقها .. ربع كيلو من البسبوسة بالسمن البلدى عليها ذبابة كبيرة تنظر لى فى حيرة .
صاحب المحل سياسى قديم , ضجر من السياسة وتفرغ لصناعة الباسطة والبسبوسة , كان يهز راسه مع نغمات " ام كلثوم " التى كانت تغرق المحل بالشجن
- اهل الحب صحيح مساكين
لما الحب نده على قلبى ما ردش قلبى جواب
ياما الحب حاول يحرمنى
ياما عيون شغلوُنى .. لكن ولا شغلونى
الا عيونك انتا .. دول بس اللى خدونى
وبحبك امرونى
امرونى احب .. لقيتنى بحب
لقيتنى بحب .. وادوب فى الحب .
قلت لصاحب المحل وانا انهض فى تثاقل
- انا بكرة راجع حلفا الجديدة يا حاج محسن .. اشوف وشك بخير .
لمس كتفى فى حنان
- اوعا تخلى الظروف تهزمك يا ولدى .. النسوان والسياسة فى السودان ديل اكتر حاجتين فى الدنيا ممكن يكسروا الراجل .. شد حيلك , والشغل ما عيب .
خرجت لليل حى الزهور الهادىء .. التاسعة مساءً , نباح كلاب وضجة سكارى واصوات نشرة الاخبار الرسمية فى التلفاز .
وضعت يدي فى جيوب بنطالى , ورفعت صوتى الى اقصى درجات تذبذب حبالى الصوتية
- ياما عيون شغلوُنى .. لكن ولا شغلونى
الا عيونك انتا .. دول بس اللى خدونى وبحبك امرونى . .
علق شباب متسكع بجوار اعمدة الانارة
- ابو الزفت الكابتن مُشعشع , وواقف لمبة .
- ديل يا حبة بيشربوا ويسكى من الاسواق الحرة .
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: قوانين تحمى المُغفلين . (Re: shaheen shaheen)
|
- نحنا بنلبس ابرول لونه اخضر .. ومرات لو فى زول معاى فى الطيارة بقرب من بيتنا فى القرية وبنط منها لحوش البيت , والزول التانى بيواصل السواقة عادى جداً
________________________________________________________________________________________
ذكرتنا حكاوي الجامعة وجهل الجكس بالسودان واعتقادهن اننا نعيش في الادغال مع الوحوش
وحكايات خيالية عن التماسيح والافيال التي تعيش معنا في البيوت .. ولحظات الاندهاش البديعة المرسومة علي عيون الجكسويات
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: قوانين تحمى المُغفلين . (Re: shaheen shaheen)
|
حكاية رقم ( 2 )
غريب
انا الغريب الان .. انا من نظر , وابتعد .
وهو القريب الان .. هو من امسك اليد , وانحنى هامساً على الاذن .
اللقاء كان صدفة , حرارة صيف هذه المدينة بشع كالعادة
- شاهين .. معقول !! .
- اصلو ما ممكن .. فريدة ؟ .
- اهلاً وسهلاً .
- اخبارك ؟ .
تصافحت الايدى .. قبل عشر سنوات , كانت المصافحة تنتهى بقبلة على الجبين والفم .
الان , كانت اللحظة مُربكة .. كانت الاسئلة من اجل سد فراغ التحديق الغبى , دون اهتمام حقيقى .
- من متين فى الخرطوم يا فريدة ؟ .
- انا جيت السودان لى شهر . - والله ؟ .
كانت تمسكنى من خصرى من الخلف .. نهودها كانت ترتاح على ظهرى
- الشارع يا مجنونة .
- جبان .
الصحف اليومية انتقلت من اليد اليسرى الى اليمنى .
- انتا لسه فى عوارة السياسة والجرايد , والكتابة ؟ .
- لسه .. انتى لسه فى السعودية ؟ .
- سعودية شنو كمان ؟ زماااان مشينا منها .. نحنا هسع فى استراليا لينا سبعة سنين .
- ما شاء الله .. والله كويس .
العمر يجرى بهذه السرعة ؟ .
- ناس البيت كيف ؟ .
- كويسين .. تمام التمام , الحمد لله .
- شنو شابكنى الحمد لله , ما شاء الله .. انتا خليت الشيوعية وبقيت كوز ؟ .
- يا ريت . انتقلت الصحف اليومية من اليد اليمنى الى اليد اليسرى .
- الجاى داك زوجى .
طويل , غبى , له وجه حمار
- الجاى داك ود عمى , جاى من البلد عشان داير يسافر السعودية .
- ومالو شكلو كده , غبى وعندو وش زى وش الحمار .
- حرام عليك .. ده انسان طموح , وبكرة بعد ما يسافر ويغترب ما فى زول حيقدر يتكلم معاهو .
عندما اقترب نظر لى بغضب ظاهر
- محسن .. ده شاهين , صديق عزيز .
- اهلاً , اهلاً .
كانت نبرة اللغة النوبية ثقيلة , تتكسر عندها الكلمات العربية .. وقف بعيداً عنا , غريباً منا , ينظر بعيداً .
- شاهين .. ده محسن زوجى , شاهين ده كان صديق عزيز .
- اهلاً , اهلاً .
كانت اللغة النوبية ثقيلة .
- بعد اذنك استاذ شاهين , نشوفك تانى .
- طيب مع السلامة .
امسك يدها وانحنى هامساً على اذنها .. كركرت بعدها فى ضحكة انثوية خافتة , سعيدة . وقفت انظر لهما , غريباً عنهما , وحيد .
نظرت الى الصحف اليومية , كان المانشيت الرئيسى فيها كلها بعبارات مختلفة ؛؛ رئيس الجمهورية .. التحول الديمقراطى يحتاج لتضافر الجهود ؛؛ .
انتقلت الصحف من اليد اليسرى الى اليمنى , اخذت اضرب بها على فخذى وانا ادندن نغمات اغنية نوبية قديمة عن الغريب الذى يتخبط فى غربته بعيداً عن حلفا القديمة .. ومضيت فى حال سبيلى .
| |
|
|
|
|
|
|
| |
shaheen shaheen
بله محمد الفاضل
Mohamed E. Seliaman
Khalid Elsayed
محمد حامد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست