كلاشنكوف بلا هوية ( مذكرات لا يزال مدادها نديّا )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 10:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-14-2017, 08:30 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كلاشنكوف بلا هوية ( مذكرات لا يزال مدادها نديّا )

    07:30 PM March, 14 2017

    سودانيز اون لاين
    ابو جهينة-السعودية _ الرياض
    مكتبتى
    رابط مختصر

    تقديم :

    التحية لكل من وقف مودعا ومودّعا ، قوات الحركات المسلحة و الأسرى من قوات الجيش ، وداعهم من آسريهم في حرب لم نجْنِ منها ( قمطيرا )

    ***
    صناعتي هي القتل ... لا أعرف شيئا غيره
    يوم آخر محفوف برائحة الموت والبارود ..
    طيلة هذا اليوم لم أتوقف عن إطلاق زخات الرصاص حتى أحسست أن كامل هيكلي المعدني على وشك الانفجار، وشعرت بأن أصبع المقاتل الذي يضغط على الزناد قد أصابه الوهن وصار ينزلق من حين لآخر بعد أن أصابه البلل جرّاء العرق ..
    كم أعشق رائحة البارود المتبقي على فوهتي وبقايا الدخان تتلوى مبتعدة كأنها لا تحب أن تكون شاهدة على صنائع جسدها المنطلق.
    فرِغ آخر مشط من أمشاط الذخيرة، فأنسحب المقاتل وتراجع للخلف متقهقرا عن موقعه في المقدمة ..
    ولكنني لا زلت أسمع لعلعة الرصاص المنهمر من الاتجاهين، وصيحات المتقاتلين تـنبعث من بين غبار المعركة ومن بين تأوهات هذه الأرواح المزهوقة وأنين الجرحى ..
    وضعني المقاتل على أرض عشبية بللها المطر
    ورغم الحرارة التي تسري في كل أنحائي فقد أحسست براحة وانتعاش .. فتحسَّرتُ على بلدي التي خرجتُ من صلب مصانعها، وتمنيت أن أرجع لبرودة قبو ذاك المصنع وضجيج آلاته ..



    اشتقت لسماع لغتي الروسية ولرائحة (الفودكا) الفائحة من عرق العمال وأدخنة التبغ الرخيص تعبق معاطفهم والرطوبة التي تنتشر في المكان، فكل هذا أحسن حالا من هذا الجنون المخيم ..

    يا لحظي السيئ، كل البنادق التي تم نقلها معي في نفس اليوم وفي نفس الصندوق الخشبي، تتدلى بسيور جلدية لامعة على أكتاف جنودنا أمام أبواب الكرملين .. ومجلس الدوما وأمام السفارات والقنصليات الأجنبية وبقِيَتْ أجزاؤها الخشبية كما هي تبرق وتلمع وتجد العناية اليومية ...

    أما أنا ..
    فقد تآكلتْ مؤخرتي الخشبية وبهتَ لونها ، إلا أن جسدي المعدني بقى متماسكا ومتينا يؤدي دوره كما هو مطلوب منه ..
    كالنبت الشيطاني تفرعتْ قبيلتي هنا، استنسخوا مني الآلاف، يوزعوننا كما رغيف الخبز .



    زمجرتْ رصاصة مرقتْ من فوقي مباشرة لتستقر في صدر المقاتل ..
    وتناثر الدم وأصابني برذاذه الأحمر القاني ..
    ورأيته مضرجا ينتفض جسده كالذبيح قبل أن تسكن حركته، وتجحظ عيناه، تنظران إلى لا شيء، وترتخي أطرافه ..
    لم أحزن عليه، فهو ليس بالأول ولن يكون الأخير قطعا..
    منظر مألوف لدي ..
    وكلما رأيت مصروعا مصابا في مقتل ورصاصتي تستقر مقدمتها تماما عند نهاية جرحه، تأكدت أنني أؤدي دوري كاملا، وأنه لن يُلْقى بي في صندوق قمامة ، أو في كومة خردة ..

    قتلتُ المئات في عدة بلاد لا أعرف أسمائها، وبين الأحراش، اقتحمت بيوتا آمنة مقلقا مضجع نساء آمنات وأطفال يغطون في نوم عميق، لا أفرق بين متقاتلين أو أبرياء يفرون أمام الجحيم الأعمى ..
    انطلقت رصاصاتي لتستقر في أماكن مختلفة في الأجساد، تقتل هؤلاء وتصيب أولئك بالعجز والشلل وتجعل نفرا غير قليل يعيش بقية عمره بأطراف صناعية ..

    جنودا ومدنيين، و شباب و صغار و نساء و كهول ..



    ذات مرة حملني صبي يافع لعدة أميال ..
    وعندما تعب، لف جسمي بأوراق من أشجار الغابة وربطني بحبل طويل وجرني خلفه كما الخراف ..
    مهانة ما بعدها مهانة ..
    فمكاني معروف وكيفية حملي معروفة، و لكن أن أُجرجَر بالأرض؟
    يقولون أن للحرب قوانينها وظروفها، هكذا يقولون ..
    ولكنني تأكدت الآن أن قوانين الحرب تتم صياغتها فقط عند احتدام القتال، لذا يجعلونني لا أفرق بين كل من يقف أمامي.



    هدأت الأصوات، و ران صمت عميق ..
    الجثث يتم سحبها لتدفن في مقابر جماعية ..
    وجدت نفسي مع مجموعة من رفاقي على ظهر سيارة مكشوفة تنطلق من بين الأحراش لتتغير طبيعة المكان وأجواؤه ..
    انطلقنا عبر الصحراء، لا أدري وجهتنا، ننتفض في صندوق السيارة المهتريء.
    تناقصتْ أعدادنا المتكومة في صندوق العربة الجيب عند كل محطة توقفنا عندها ..
    تناقلتني عدة أيادٍ، وتفحصتني عيون مجهدة كثيرة ..
    وتسكعت من سوق لآخر، فتارة أباع في العلن، وتارة تحت جنح الظلام ..



    وأستقر بي المقام ردحا من الزمن في خزانة بيت في مدينة بدتْ هادئة نوعا ما ..
    أقبع جوار قطع ذهبية وبضع عملات ورقية ومعدنية.
    لم أكن أخرج إلا لكي يقوم مالكي الجديد بنظافتي ثم إعادتي مرة أخرى إلى الخزانة ..

    ذات صباح ..
    شعرت بأنه يلفني بكمية من الخيش والصحف القديمة ويضعني في حفرة عميقة داخل فناء منزله ويهيل عليها التراب..
    أصوات أحذية الجنود فوقي تماما ..
    سمعتهم يسألون سيدي الجديد بإن كان يملك سلاحا من أي نوع، فأنكر تماما وبحزم وثقة ..
    فتشوا كل ركن في البيت، بقروا بطون الوسائد و ( المراتب ) .. حملقوا داخل الأزيار ..
    نبشوا ومشطوا الدواليب والحقائب ..
    حتى حقائب المدارس والقدور الكبيرة في المطبخ لم تسلم من البحث والنبش..
    ولكن أحدا لم يفطن إلى الحفرة القابعة تحت الزهرية الكبيرة التي تقبع في ركن قصي من فناء المنزل.
    وأنا أنعم هناك بجو رطب ذكرني ببعض من جو مدينتي ذات الصقيع الدائم أتمدد وأنكمش في ظلام دامس ..
    وددتُ للحظة لو أنني أستطيع الصياح ليسمع العسكر شكواي، كى أخرج من عزلتي وهذا الكسل الذي أعيش فيه .
    فقد أدمنت الرصاص ورائحة البارود وأنات الجرحى وصيحات النصر وهمهمات الهزيمة وأذيالها التي يجرجرها المهزومون المندحرون، أدمنت هذه البانوراما الوحشية التي يعشقها البشر ..
    ظللت قابعا في تلك الحفرة مدة طويلة ..



    ذات ليل ..
    أحسست أن وراء الأكمة ما وراءها ..
    فقد امتدت يد سيدي المرتعشة وهو يتمتم بسباب مبهم ويكيل اللعنات بغيظ وحنق ..
    وألقمني مشطا مترعا بالرصاص ..
    ولم يذهب بي بعيدا ..
    ثم راح أصبعه يداعب زنادي بعصبية ظاهرة في حلكة الظلام يمطر جسدا نائما كمَّا هائلا من الزخات المتلاحقة حتى نفد مخزونه، والجسد النائم لم تمهله رصاصاتي كى يتأوه أو يتألم أو يطلق أنَّات ما قبل الرحيل، وأنطلق سيدي لا يلوي على شيء وأنا معلق على كتفه بحزام جلدي ..
    وظل يسير طوال الليل، وعندما توارت أنوار المدينة، عرفت أنني سأدخل مرة أخرى في سراديب أخرى تتشابك فيها أصابع بني البشر لأسباب أجهلها وسأظل أجهلها ..



    وقف الرجل الذي سار طوال الليل ..
    وقف عند بائع يبيع كل شيء عدا الرصاص، فبضاعته معروضة أمامه ..
    ولكن الغريب في الأمر أن البائع أخرج له من تحت أكوام بضاعة لا تمت للرصاص بأي صلة، أخرج له أنواعا من الرصاص لا تحصى، فأنتقى الرجل ما يناسبني و أنفلت إلى وجهته ..
    يحث السير منفلتا من جريرته ..
    سار عدة أيام يتحاشى القرى والأمصار ..
    وأنا أتدلى في تراخٍ و كسل، أتمرجح على كتفه يمنة ويسرة، يعلو جبلا ويهبط واديا ..
    يستظل بشجرة، وتارة بسفح جبل، يلتحف السماء ويفترش الأديم ..
    شق سكون الليل البهيم صوت كالرعد المكتوم، وقبل أن يستيقظ الرجل النائم بعد عناء السير الطويل، كانت يد أحد الصارخين قد تلقفتني ويد أخرى تقوم بشد وثاقه ..



    عند الفجر وجدت نفسي أرقد مع أنواع من الأسلحة أراها لأول مرة ..
    و أشكال لا تمت إلى بلدي بأي صلة، رغم شبهها الكبير بي ..
    أعطوا مؤخرتي الخشبية لونا جديدا، وزينوها برقم جديد ..
    و هذه المرة، فارسي يركب على بعير كلما أناخ راحلته في بقعة استقبلته الجموع بالهتاف والزغاريد ..
    فيطلق الرصاص في الهواء يرد بها على ترحابهم



    السنة التاسعة منذ أن خرجت من دياري دون أن يمنحوني عملا شريفا..
    فقط ترخيص بالقتل ..
    ولكنه ترخيص كثير الثقوب ..
    فهو لم يحدد من هو المسموح له بالقتل
    ولم يحدد هوية المقتول ...
    ولم يوضح الترخيص من هو الجلاد ومن هي الضحية؟
    ولم يحدد الترخيص أي شروط للتعويض عن القتل من أجل نصرة الظلم والظالم ..
    ولم يحدد أصلا هوية العدالة وهوية القائمين عليها وأحقيتهم في استعمالي لحماية هذه العدالة ..


    وددت الآن لو بي خلل ما يصيبني بشلل تام ..
    فقد أختلط حابل القتلة بنابل المقتولين، والدم المسفوح أخرس لا يتكلم ..
    فالأرواح التي كان يملؤها بأسباب الحياة قد فارقت أجسادها وهي تلعن قاتليها لعنة أبدية


    بقية هذه الأوراق، علِق بها بعض الدم المسفوح فلا يمكن قراءتها


    لذا لجأ البعض إلى تصوير نشاطاتي بشتى السبل والأدوات.
    فالصور هذه الأيام أصدق أنباءاً من الكتب.
                  

03-14-2017, 08:34 PM

ترهاقا
<aترهاقا
تاريخ التسجيل: 07-04-2003
مجموع المشاركات: 8422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلاشنكوف بلا هوية ( مذكرات لا يزال مدادها � (Re: ابو جهينة)



    مرحبا بالقلم الراقي ، أخبارك يا رجل؟
                  

03-14-2017, 09:00 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلاشنكوف بلا هوية ( مذكرات لا يزال مدادها � (Re: ترهاقا)

    إبن عمي العزيز أبو علاء

    والله ليك وحشة
    أخبارك ...
    تحياتي للأسرة وكل الأحباب
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de