|
Re: السودان إلى أي حد يعاني من الفقر الرقمي؟ ه (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
وفي العادة يرى هؤلاء في تلك البرامج الدراسية كنزاً ثميناً تنبغي الاستفادة منه إلى أبعد الحدود الممكنة، وليس غريباً أن نقرأ بصورة دورية عن شباب آسيويين يافعين في حدود العاشرة من أعمارهم -أو أكثر بقليل- وقد أكملوا برامج دراسية علمية وتقنية تكفي للحصول على درجة البكالوريوس بتفوق (وربما حتى الماجستير في أحيان أخرى)، وقد حصل الكثيرون من هؤلاء على منحٍ دراسية في الجامعات ذاتها التي تدير هذه البرامج الدراسية.
ومما يؤسفُ له أشد الأسف أن معظم شبابنا العربي لم يسمع بهذه البرامج التعليمية الثرية ولم يوظفها في صناعة مستقبله وتحديد أهدافه، وفي ذلك هدرٌ لموارد مادية متاحة إضافة إلى خسارة زمن مهم إذا ما علمنا أن نظمنا التعليمية العربية قد تهالكت وتخلفت كثيراً بالقياس إلى خمسينات وستينات القرن العشرين، ولا بد من وسائل استثنائية وغير تقليدية لتجاوز هذا التخلف والتردي الذي لحق بها.
من جانب آخر لا بد من الإشارة أننا نعيش اليوم وسط بيئة صارت محكومة -بالضرورة- بهيمنة الوسائط الرقمية الشائعة، ومعروف أيضاً أن تلك الوسائط محكومة هي الأخرى بقيود النظم الرقمية التي تعمل وفق خوارزميات محددة، وقد أدى هذا الأمر إلى خفوت القدرات التحليلية والفلسفية (لدى المهووسين بالتطبيقات التفاعلية ذات الطبيعة الإجرائية غير التعليمية مثل الألعاب الحاسوبية) والاستعاضة عنها بنوع من القدرة الخوارزمية الأقرب إلى متطلبات التنميط الجمعي التي تستخدم للارتقاء بمنظومات الذكاء الاصطناعي، ونعلم أن خفوت الشغف التحليلي والفلسفي في مجتمع ما ينطوي على مخاطر عدة أهمها سيادة الخبرات الحاسوبية الجاهزة، وتشكل هذه الإشكالية الخطيرة في ثقافتنا معضلة باهظة الأثمان إذا لم نتحسب لمخاطرها قبل فوات الأوان.
كاتبة من العراق لطفية الدليمي
|
|
|
|
|
|