سَفَرٌ إلي السماء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 02:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-24-2017, 07:14 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7322

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سَفَرٌ إلي السماء

    06:14 PM February, 24 2017

    سودانيز اون لاين
    طه جعفر-تورنتو..اونتاريو..كندا
    مكتبتى
    رابط مختصر



    سفرٌ إلي السماء
    عندما أسجد، أتأكد من ملامسة وسط جبهتي و أنفي لأماكن محددة في عنق المُصلاية، أتَكرّف عبيرَ السعف المبتل بالعرَق النظيف فقط ربما لأتأكد من حالة السجود ثمّ أقول "سبحان ربي الأعلي" ثلاث مرات بتمهّلٍ و تأمّلٍ عميق أتأكد من خلاله من تنيزهي لله عن مشابهة الحوادث و أوحده و أتأكد من القعْر الذي تقبع فيه روحي مقارنة بعلاه. في مرّات كثيرة أصلّي نوافلي علي المُصلاية التي تستخدمها زوجتي بها تجيئُني رائحة الدِلْكة البائتة في الهناء و رائحة عرقها المختلط بأريج دهن الكركار الحلو، أحياناً يصرفني الشيطان عن خشوعي فأذكر ليلة الأمس، يستطيل سجودي لأنني هنا أزجر نفسي و أتعوذ بالله من الشيطان الرجيم قبل أن أشرع في ترديد "سبحان ربي الأعلي" ارفع من السجود و أجلس للإستغفار فيكون الإستغفار لإجلاء أثار التشتت و انصراف الذهن و انعدام الخشوع عند السجود.
    قبل ذهابي للفراش معها أكون قد تعبأت بالشهوة من ساعة اشتمامي لرائحة دخان الطلح أو الكليت، تتأكد الشهوة و أنا اسمع حركتها و هي تفتش في العتمة عن أوني الدِلْكة و الدهن المعطّر، أرخي سمعي فاسمع تساقط جبيبات الدِلْكة و إنحِتاتها عن نعومة جسدها فتجيئُني صورتها عارية و مستعدة. لا تبتديء إستعدادها للفراش إلا بعد أن أبدأ في ترديد أورادي بعد الشِفْع و الوِتْر، تلك الأوراد التي تستمر طويلاً. هي تعرف تلك الأوراد التي يطول تردادها. لقد صارت الأوراد شارة حبنا و علامته.
    الذهاب للسوق و فتْح المتجر هي الأسباب التي بها يرزقني ربي،يشتري الناس من متجري لوازمهم بعد تعبئة قفافهم بالخضار و اللحمة. متجري في صف المتاجر المقابل للجزارة. ينادي عليّ الناس في مرورهم أمام المتجر بالسلام و التحيّات؛ السلام عليكم يا شيخ علي، صباح الخير يا حاج علي. يعمل معي مساعدٌ اسمه التجاني، يجيب طلبات المشترين، يرفع الأحمال علي عربات الكارو أو يفرغها عن أخري و يرصّها علي الأرفف أو يساعد إمرأة في وضع القفة علي رأسها، يجلب لنا الطعام، ماء الوضوء،الشاي و القهوة.
    تلاقت عيوننا في المسافة بين متجري و الجزارة، كانت فيما يبدو في انتظار توضيب اللحم الذي اشترته.
    في وجهها إستطالة محببة،شفتها السفلي مدقوقة بسواد تشوبه خضرة، في وسط حنكها وشم بنفس اللون، رسمه يشبه رسما لطائر يستعد للطيران و انت تراه وجها لوجه أو يشبه صليباً متهدل الكتفين، ستة نقاط صغيرة تتراص أفقياً في وسط أيٍ من وجنتيها، تصنع النقاط خطاً متوازياً مع إعتدال شفتها العليا، عيناها عالم مبتسم فيهما السودا سواد البياض بياض و الكحل عليهما جُعِل ليسحر الناظرين،الحاجبان غير مرققان مع ذلك تبين خطوطهما كسطور في كراسة تلميذ. كانت تلبس ثوباً واحداً، يلتف جزء منه علي نفور عجيزتيها و يمسك بخناق خصرها الرقيق، ينتشر باقي الثوب للا يغطي إستدارة نهديها المتأهبان، للنهد هالة في إستدارة الريال تتوسطها حلمة مضيافة الكرمشة. قوامها يشبه هيئة المعبودات في الأزمان السحيقة.فتاة من سُمْرة أهلنا لونُها، فتاة يتبعها قرنقل الغابات و عبق الضريرة بالرغم من بداوتها في صحراء ما. من هي؟ لم استطع رفع ثقل نظراتي عنها و لا عن جمالها، طاف بمحياها حياء و ابتسمت ابتسامة زوجتي و في لحظة ما أحسست أنها هي.فقلت لنفسي؛ كيف لها أن تقف بهذه الهيئة أمام الجزار و في السوق و بتلك الأثناء أنتقل بنا المكان، اختفي السوق و الناس، فلا السماء سماء القضارف و لا الأرض بسواد أرضها. صرنا في خيمة دُقّت أوتادها علي رمل حنين، الخيمة من صوف الجمال، يتجاور فيها خطوط الأصفر المنطفيء و الأسود اللمّاع ليصنعان عالم من النداوة الجسورة. تعرّت عن ثوبها الأزرق فانتصب مني الإشتهاء، عانقتها علي فُرُش ناعمة، تهنأت بجنس لم أذق مثله، شملتني عطور كالتي أتخيلها في الفردايس العُلا. و كان السؤال من هي؟ ماثلاً كبرق يتحايل علي الإنزواء و المغادرة؟ سألتها من أنت؟ أجابت بلغة أعظم ما فيها تلك الإبتسامة و بياض تلك الأسنان حسنة التراص ، أجابت بلغة لا أعرفها لكنني أحسست أنها قالت أنا هناء. رضيت بتلك الإجابة و قبّلتُها إلي أن ارتويت من الجمال، الرحابة، الهدوء و السكينة. عدّت وحدي لمتجري و كان الناس في أشغالهم و القضارف في نهارها و هناء أو زوجتي هذه غائبة عن الأفق و بعيدة المنال و ربما غير موجودة. تحسست نفسي فوجدتني مبتلاً بروائها و منتشياً.
    قال التجاني: انت يا حاج علي مشيت وين؟
    قلت: لا أعرف و هل غادرت المكان؟ ضحك التجاني ثم قال:نعم، خرجت عبر الباب و اتجهت يميناً و عندما رجعت جئت من جهة اليسار. ظننت أنك ذاهب لتستخدم حمّام الجامع الكبير.
    قلت لنفسي:" خير بقاع الأرض مساجدها و شرّها الأسواق". بعد قليل جاءني الحديث: جعلت تسعة أعشار الرزق في التجارة.صليت علي النبي و استغفرت ثم تعوذت بالله من الشيطان الرجيم. لم أكن أعرف ماذا أفعل، هل أرجع للبيت و اغتسل؟ فلقد كنت مبتلاً و نجساً لكنني في هناءة لم اعرفها من قبل، هنا تذكرت اسمها فهي هناء و لتلك الذكري و بسببها تدفق نور صارم الإلتماع في داخلي و تعبأ منخري برائحة الدِلْكة البائتة في الهناء و رائحة عرقها المختلط بأريج دهن الكركار الحلو.
    تكرر مجيؤها و معه تكررت مغادرتي و ارتحال المكان و صارت تلك الخيمة علي الرمل الحنين ذاك، مكان حبّي الجديد لها. الحب الذي لا كلام فيه بل تختلط خلاله و تأتلف روحينا و تذوب في بعضها. و عندما ينتهي اللقاء أعود لمتجري فيقول التجاني: انت يا حاج علي مشيت وين؟ في مرّة ما قلت له: أذهب إلي مكان اختاره الله لي و أرافق من قسم الله لي رفقته، ارافق هناء و لا أرجع بشيء غير الهناء، الرحابة، الهدوء و السكينة. و قلت مخاطباً نفسي: انت لا تعرف من هي فكيف أنها هناء.
    بعد صلاة العشاء والتنفل بالشفع و الوتر في ذلك المساء و بعد اتمام زوجتي لإستعدادتها ضمنا فراش الزوجية في لقاء تنورت بجلاله ظلمة الليل في بيتنا و رأيت أفواجاً من الرجال و النساء في صفوف متراصة بين السماء و الأرض، رجال و نساء من جميع السحنات عليهم أيٍ منهم إزار و رداء من الحرير الأبيض و الأخضر و كانوا ينشدون إنشاداً يشبه قصائد الأسرار الربانية للاستاذ الختم. لم أري وجهاً عرفته من تلك الوجوه المتدلية من السماء للأرض غير وجهها، نعم رأيت وجهها و كانت هذه أول مرة تراني فيها جوار زوجتي و تري سعادتي بادية في ملامح زوجتي و مرسومة عليها و طائفة حول سريرنا و تشملني. ابتسمت زوجتي لذلك الخاطر الذي كان في سريرتي، لابتسامتها أشرقت انوار السماء في وجه هناء النازلة من السماء.
    قالت هناء بصوت إلتفت لجماله وفد السماء النازل علينا، قالت: يا شيخ علي لقد طال انتظاري إليك ثم قالت أنا هي، نعم أنا من أرقد إلي جوارك. قالت ذلك الكلام بلغتها التي لا افهمها لكنني أحسّها فلتبتس عقلي رسالة شديدة الوضوح. هنا انطلق صوت من تحت سريرنا يتجاوب مع الإنشاد الذي يردده وفد السماء النازل علينا و كان الصوت صوت أبي يرتل القرآن في وقت الأصيل، كان الصوت يقول:" إنّا لا ندري أشرٌّ أُريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً. و إنّا منا الصالحون و منا دون ذلك، كنّا طرائق قِدَداً. و إنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض و لن نعجزه هَرَباً."
    نزلوا جميعاً في بيتي ضيوفاً من السماء، فأكرمتهم و خدمتهم ثم طلبت العفو من زوجتي و ذهبت في عنْدٍ لا زمان له و إلي حيثٍ لا مكان فيه. ذهبت إلي تلك الخيمة التي دُقّت أوتادها علي رملٍ حنين و بتلك الخيمة كانت هناء في ملامح زوجتي، لا، بل كانت هي.

    24 فبراير 2017

    طه جعفر الخليفة
    تونتو اونتاريو
    كندا
                  

العنوان الكاتب Date
سَفَرٌ إلي السماء طه جعفر02-24-17, 07:14 PM
  Re: سَفَرٌ إلي السماء علي دفع الله02-24-17, 08:14 PM
    Re: سَفَرٌ إلي السماء عثمان حسن المتعارض02-24-17, 08:55 PM
      Re: سَفَرٌ إلي السماء طه جعفر02-24-17, 09:23 PM
    Re: سَفَرٌ إلي السماء طه جعفر02-24-17, 09:10 PM
      Re: سَفَرٌ إلي السماء فرح الطاهر ابو روضة02-24-17, 10:11 PM
        Re: سَفَرٌ إلي السماء محمد الزبير محمود02-24-17, 10:35 PM
          Re: سَفَرٌ إلي السماء فرح الطاهر ابو روضة02-24-17, 10:50 PM
          Re: سَفَرٌ إلي السماء طه جعفر02-24-17, 10:50 PM
            Re: سَفَرٌ إلي السماء mustafa mudathir02-25-17, 01:01 AM
              Re: سَفَرٌ إلي السماء طه جعفر02-25-17, 01:15 AM
                Re: سَفَرٌ إلي السماء محمد الزبير محمود02-25-17, 05:23 AM
                  Re: سَفَرٌ إلي السماء طه جعفر02-25-17, 05:52 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de