|
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي (Re: محمد حيدر المشرف)
|
التحايا لك محمد حيدر المشرف و لك اعتذار عريض بسبب تأخير التداخل معك ، فقد ارهقني ازدحام نهاية العام ، فقد اكتظ بالكثير من الاشياء واجبة التنفيذ و قد كان اكثرها ازعاجًا اني انتقلت الي مسكن غير الذي آواني و اعتدت عليه لفترة غير قليلة و الامر الاكثر ازعاجًا اني لم اتمكن من توصيل الانترنت سوي اليوم و قد كان ذلك هو العائق الاكثر تأثيرًا في تأخير التداخل معك ، و رغم اني قرأت مداخلتك من التلفون و لكني لم استطع الرد منه و لو بكلمة اعتذار .
عودة الي مداخلتك و الي موضوع البوست . الانقلاب الذي تحدثت انت عنه ، لم أقرأ عنه و لا اعرف مسارات التفكير فيه و مع ذلك لا اعتقد أنّ هناك ضبّاط من الوطنية بمكان حيث يأمنهم الشعب علي حرياته ( كما قال الاستاذ محمود محمد طه قولًا مشابهًا لا اذكره ) و رغم اني لا اعتقد ان انقلابهم سوف يكون اسوأ من انقلاب الجبهة الاسلامية الا انه في النهاية انقلاب و بالضرورة سيقود الي سلطة مطلقة و السلطة المطلقة تؤدي الي فرعنة الزعماء او قادة الانقلاب و يمكننا ان نعود بالتاريخ الي عهد عبود و نميري و اعضاء مجالس انقلابهم ثم ننظر كيف كانوا و ماذا صاروا اليه بعد نجاح الانقلاب ؟ و ليس ذلك الامر المهم في سياقات العاصية و الاشعرية فهناك الكثير من المواقف تدعو للدهشة وقفها قادة و سياسيون عاصروا بل و شاركوا في مسيرة العمل الوطني الذي قاد للاستقلال . و لكن اشعريتهم أقعدت بهم عن ملاحقة الاسلاميين او حتي لفت انظار الناس الي ممارساتهم و مناهجهم و افكارهم التي تتعارض مع العمل الديمقراطي ، و اعتقد ان الاخوة الجمهوريون كانوا اكثر الناس معرفة بمخططات الاسلاميين و لذلك حرص الاسلاميون علي القضاء عليهم قبل الآخرين ، خاصة و ان الساحة السياسية قد خلت لهم من الحزب الشيوعي الذي قضوا علي تأثيره بعد مسيرة طرد نوابه من البرلمان في العام ١٩٦٥ و التي احتمل وزرها الازهري و شكر بها ( بسطاء الشعب السوداني ) الترابي و الاسلاميين ، ثم جاءت اعدامات يوليو و التي ازاحت المارد عن طريق الاسلاميين فحلموا بل خططوا و نفّذوا و عملوا ليلًا و نهار لأجل الانفراد بحكم السودان . الاشعرية باعتقادي لا تكمن في رفض الانقلاب الاستباقي لانقلاب الجبهة الاسلامية و لكني اراها تكمن في كون أنّ هناك قادة احزاب كانوا يتوقعون انقلاب الجبهة القومية الاسلامية علي الحكم و مع ذلك تعاملوا معها كحزب يؤمن بالديمقراطية رغم عدائها الصريح للديمقراطية اذ رفضت التوقيع علي ميثاق حمايتها و رغم حشد الالوف للتظاهر بعد انتهاء كل صلاة جمعة و رغم ما رشح في الاخبار عن سعي الجبهة الاسلامية الي احتكار السلع الضرورية بغرض التأثير علي السوق و تحريض المواطنين علي اثارة الفوضي و الشغب مستغلة براح الحريات بالعهد الديمقراطي - فرغم ان بعض هذه الممارسات لا يخالف القانون الا ان بعضها جاء مخالفًا له مخالفات لاذعة و صريحة مثل دور البنوك الاسلامية في تخريب الاقتصاد و التي كانت تسيطر الجبهة الاسلامية علي اغلبها ، تلك البنوك التي كانت تضارب في الفحم و الزيت و تخص باغلب قروضها الحسنة اعضاء الجبهة الاسلامية دون سواهم من المواطنين . هذا غير اسهامات بعض قادة الجبهة الاسلامية في نهايات عهد نميري و دعمهم الكامل له - بل رفعهم له الي درجة الامام الملهَم ، و تاريخنا القريب يشهد ببعض الجرائم الكبيرة التي وقعت في ذلك العصر و اولاها جريمة اعدام الاستاذ محمود محمد طه و جرائم اخري كثيرة تم انفاذها لتدعيم قوة الجبهة الاسلامية . ( بالطبع لا اقسم فترات حكم نميري الي فترة خير و فترات شر كما يقسمه بعض المتابعين ، انما فقط اردت ان اشير الي العلاقة المحتملة لولوغ بعض قادة الحركة الاسلامية في بحر بعض الجرائم التي اكتملت حلقاتها في ذلك العهد من عهود امساك الاسلاميين بخناق الدولة السودانية ) لقد نسي قادة الاحزاب الاخري او تناسوا تلك الاحداث او لعلهم ارتعبوا من مواجهة عملاق الجبهة الاسلامية ( و ذلك ما اراه أقرب للواقع ) خاصة و ان الترابي و بعض قادة الجبهة الاسلامية قد أمّنوا انفسهم و حزبهم من الملاحقة جرّاء تزوجهم من عائلات لها مكانتها في احزاب سودانية لا يمكن تجاوزها حين يرتبط الامر بالاسرة و القرابة و صلة الدم . ليست هي محاولة لمحاسبة التاريخ بقدر ما هي محاولة لتسليط الضوء علي اشعريات سودانية دعمت مواقف و عاصيات الجبهة الاسلامية و فتحت لها الطريق للوصول الي قمّة السلطة بالبندقية ثم عجزت عن مواجهتها رغم كل ما بزلته احزاب المعارضة من جهد .
يقيني أنّ الجبهة الاسلامية استمدّت قوّتها من ضعف الآخرين و انفذت مخططاتها بسبب تساهلهم معها ، و حتي هذه اللحظة يتساهل السودانيون قادة و شعب عندما يرتبط الامر بحكومة الجبهة الاسلامية و رئيسها البشير و قادتها من وراء الحجاب ( علي عثمان و ابراهيم احمد عمر و آخرون ) . و يحزنني كثيرًا ألّا أجد الناس يتحدّثون عن ابراهيم احمد عمر او عوض الجاز او علي عثمان و انما كل الحديث ينصب علي غندور و نافع و ربيع عبد العاطي و مصطفي عثمان و صلاح قوش ، و كأنّ قضية الشعب هي ان يفضح الذين يبادرونه بالسباب و الشتم ، و حتي محمد عطا قليلًا ما يتناوله في حديثهم الناس ، و صلاح قوش نفسه لو لم يكن وقحًا في تعامله مع الآخرين لما تذكره احد ، و ها هو بكري حسن صالح يقيم خلف جدار صمته و كأنه لم يكن احد قادة الانقلاب او احد رجال مهامه الصعبة حين كانت الحكومة في بداياتها و لا تعرف سوي لغة القتل و التشريد و التعذيب ، الآن لا احد يتحدث عن بكري و كأنّه لاعب جديد بالساحة و لا يعرف تاريخه الناس .
يصدر علي عثمان محمد طه اوامره للعساكر بكل وضوح و قد كان النائب الاول للرئيس و هو يقول ( Shoot to kill ) ثم يخرج الناس في مظاهرات شذاذ آفاق و لحس الكوع ردًا علي ما قاله نافع و البشير ، و لا احد يذكر الآمر بالقتل ( علي عثمان ) . لو كانت المعارضة تضع الامور في نصابها الطبيعي لتم اتهام علي عثمان بأنّه الشخص الاول وراء قتل المتظاهرين في سبتمبر من العام ٢٠١٣ ، خاصة اذا استصحبنا معنا الفيديو الذي ظهر فيه مرتبكًا و هو يوجه رسائله للناس ، و اذا استصحبنا معنا ايضًا حقيقة ان علي عثمان لا يظهر في الاعلام الا نادرًا و خاصة عند اللحظات الحرجة التي تتعرض فيها حكومة الحركة الاسلامية لاهتزاز مثل المظاهرات او الضربات العسكرية او حتي المفاوضات ، مما يجعله رجل المهام الصعبة و التخطيط بامتياز ، و عن نفسي لا اتشكّك لحظة في كون أنّ علي عثمان ان لم يكن مخّطّط لكل جرائم حكومة الحركة الاسلامية فهو علي علم كامل بها قبل الحدوث ، و يكفي أنّه كان المسئول الاهم في ملف الانقلاب و انه اقترح لهم البشير ، و فوق ذلك أنّه الرجل الذي ينسب له الكثيرون الفضل في اقتلاع الترابي و احالته ( للتقاعد الالزامي ) و هو لا يزال في قمّة أدائه الجبهوي . رجل بمثل هذه الخطورة لا تتناوله المعارضة في حديثها اليومي و تنصرف الي ملاحقة ما يقوله نافع و ربيع عبد العاطي و البشير . تلك باعتقادي اشعرية تسرق النوم من العيون ، و كأن قضية المعارضة هي ملاحقة الذين يتحدّثون عنها او يشتمونها و يسبونها في الاعلام.
حتي المسكين ( قدو قدو ) قد نال نصيبًا من الشتم يستحقّه سواه . فهو لم يجلد تلك السيدة ( المظلومة ) جلدًا باطشًا مثلما جلدها العسكري الاول و لكن ظهور اسم قدوقدو علي ذلك الفيديو - جعله الجاني الاول - رغم ان الشخص الذي نادي اسمه قد امره بالابتعاد حتي يقوم العسكري الآخر ( مجهول الاسم ) ليجلد تلك السيدة بنفس شدّة الجلد التي اوقفها تهاون قدو قدو معها بالجلد . لكن الناس تركوا العسكري الآخر ( العنيف ) و رموا حنقهم علي قدوقدو ( الذي جلد تلك السيدة جلدًا أقل ما يمكن ان يقال عنه انه متساهل ، اذا تمّت مقارنته بما فعله العسكري الآخر ) ، و لكن ماذا يمكننا أن نقول مع اناس تهمّهم المسمّيات و الاسماء اكثر مما تهمّهم الاحداث . حقًا المعارضة السودانية سلميتها و مسلّحتها بحاجة الي قراءة الملعب و توزيع الأدوار بين لاعبيها من جديد ، و ذلك حديث آخر يطول .
اشكرك كثيرا يا صديقي فكن بألف صحة و خير و كل الذين يهمونك و في عِدادهم السودان .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 03:01 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 03:22 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 03:56 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 04:15 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 04:45 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 05:06 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 05:17 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-27-16, 09:02 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | sadig mirghani | 12-27-16, 09:43 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | أحمد الشايقي | 12-27-16, 10:52 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-28-16, 10:22 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 12-28-16, 09:47 AM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | محمد حيدر المشرف | 12-28-16, 03:51 PM |
Re: الاشعَرِيّة و العاصِيّة في الفعل السياسي | وليد زمبركس | 01-04-17, 09:15 AM |
|
|
|