|
Re: د. فاروق محمد ابراهيم انسان مدهش (Re: طلعت الطيب)
|
التحية للدكتور فاروق محمد ابراهيم... ونقول له ان الله سينصفك ولو بعد حين... والقصاص العاجل سينزل على نافع هذا وتصرفاته عكس اسمه تماما ..وهو لا ينفع احدا ولكنه دائما يضر الاخرين....لانه يظن ان نظامه القمئ هذا سيستمر...لانه اذا دامت لغيره لما الت اليهم...السلطة تزول والشعب باق.. ونافع هذا اظنه سيجد حسابا عسيرا في الدنيا والاخرة ... لانه ظالم....وظلمه سيرتد اليه...وان الله ليس بظلام للعبيد.. ...والله يديك الصحة والعافية...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د. فاروق محمد ابراهيم انسان مدهش (Re: طلعت الطيب)
|
الدكتور فاروق محمد ابراهيم من أعظم مثقفى السودان وأعلاهم وطنية تعرفت عليه عن قرب عندما عملت استاذا فى جامعة عدن فى نهاية السبعينات بداية الثمانينات حين كان يعمل خبيرا للامم المتحدة هناك ... تعلمت منه الكثير وأقولها بقوة لم تؤثر على شخصية سودانية كما أثر على العالم والباتريوت بروف فاروق محمد ابراهيم ربنا يعطيه العافية ويمد فى ايامه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د. فاروق محمد ابراهيم انسان مدهش (Re: طلعت الطيب)
|
القاهرة 13/11/2000م
السيد الفريق/ عمر حسن البشير رئيس الجمهورية ـ رئيس حزب المؤتمر الوطني بواسطة السيد/ أحمد عبدالحليم ـ سفير السودان بالقاهرة المحترمين
تحية طيبة وبعد
الموضوع: تسوية حالات التعذيب تمهيداً للوفاق بمبدأ ”الحقيقة والتعافي“ على غرار جنوب أفريقيا ـ حالة اختبارية ـ
على الرغم من أن الإشارات المتعارضة الصادرة عنكم بصدد الوفاق الوطني ودعوتكم المعارضين للعودة وممارسة كافة حقوقهم السياسية من داخل أرض الوطن, فإنني أستجيب لتلك الدعوة بمنتهى الجدية, وأسعى لاستكمالها بحيث يتاح المناخ الصحي الملائم لي وللآلاف من ضحايا التعذيب داخل الوطن وخارجه أن يستجيبوا لها, ولن يكون ذلك طبعا إلا على أساس العدل والحق وحكم القانون.
إنني أرفق صورة الشكوى التي بعثت بها لسيادتكم من داخل السجن العمومي بالخرطوم بحري بتاريخ 29/1/1990, وهى تحوي تفاصيل بعض ما تعرضت له من تعذيب وأسماء بعض من قاموا به, مطالبا بإطلاق سراحي وإجراء التحقيق اللازم, ومحاكمة من تثبت إدانتهم بممارسة تلك الجريمة المنافية للعرف والأخلاق والدين والقانون. تلك المذكرة التي قمت بتسريبها في نفس الوقت لزملائي أساتذة جامعة الخرطوم وأبنائي الطلبة الذين قاموا بنشرها في ذات الوقت على النطاقين الوطني والعالمي, ما أدى لحملة تضامن واسعة أطلق سراحي إثرها, بينما أغفل أمر التحقيق الذي طالبت به تماما. وهكذا ظل مرتكبو تلك الجريمة طليقي السراح, وتوالى سقوط ضحايا التعذيب بأيديهم وتحت إمرتهم, منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر, فلا يعقل والحال على هذا المنوال أن يطلب مني ومن الألوف الذين استبيحت أموالهم وأعراضهم ودماؤهم وأرواح ذويهم, هكذا ببساطة أن يعودوا لممارسة ”كافة“حقوقهم السياسية وكأن شيئا لم يكن.
إن ما يميز تجربة التعذيب الذي تعرضت له في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 1989م ببيت الأشباح رقم واحد الذي أقيم في المقر السابق للجنة الانتخابات أن الذين قاموا به ليسوا فقط أشخاصا ملثمين بلا هوية تخفوا بالأقنعة, وإنما كان على رأسهم اللواء بكري حسن صالح وزير الدفاع الراهن ورئيس جهاز الأمن حينئذ, والدكتور نافع علي نافع الوزير ورئيس جهاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم اليوم ومدير جهاز الأمن حينئذ, وكما ذكرت في الشكوى المرفقة التي تقدمت لكم بها بتاريخ 29 يناير 1990 من داخل السجن العمومي وأرفقت نسخة منها لعناية اللواء بكري, فقد جابهني اللواء بكري شخصياً وأخطرني بالأسباب التي تقرر بمقتضاها تعذيبي, ومن بينها قيامي بتدريس نظرية التطور في كلية العلوم بجامعة الخرطوم, كما قام حارسه بضربي في وجوده, ولم يتجشم الدكتور نافع, تلميذي الذي صار فيما بعد زميلي في هيئة التدريس في جامعة الخرطوم, عناء التخفي وإنما طفق يستجوبني عن الأفكار التي سبق أن طرحتها في الجمعية العمومية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم, وعن زمان ومكان انعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة, ثم عن أماكن تواجد بعض الأشخاص - كما ورد في مذكرتي- وكل ذلك من خلال الضرب والركل والتهديد الفعلي بالقتل وبأفعال وأقوال أعف عن ذكرها. فعل الدكتور نافع ذلك بدرجة من البرود والهدوء وكأنما كنا نتناول فنجان قهوة في نادي الأساتذة. على أي حال فإن المكانة الرفيعة التي يحتلها هذان السيدان في النظام من ناحية, وثبات تلك التهم من ناحية ثانية, يجعل حالة التعذيب هذه من الوضوح بحيث تصلح أنموذجا يتم على نسقه العمل لتسوية قضايا التعذيب, على غرار ما فعلته لجنة الحقيقة والوفاق الخاصة بجرائم النظام العنصري في جنوب أفريقيا.
قبل الاسترسال فإنني أورد بعض الأدلة التي لا يمكن دحضها تأكيدا لما سلف ذكره:- • أولاً: تم تسليم صورة من الشكوى التي تقدمت لسيادتكم بها للمسئولين المذكورة أسماؤهم بها, وعلى رأسهم اللواء بكري حسن صالح. وقد أفرج عني بعد أقل من شهر من تاريخ المذكرة. ولو كان هناك أدنى شك في صحة ما ورد فيها - خاصة عن السيد بكري شخصياً- لما حدث ذلك, ولكنت أنا موضع الاتهام, لا هو. • ثانيا: أحال مدير السجن العمومي مجموعة الثمانية عشر القادمة معي من بيت الأشباح رقم واحد بتاريخ 12 ديسمبر 1989 إلى طبيب السجن الذي كتب تقريرا مفصلاً عن حالة كل واحد منا, تحصَّلت عليه وقامت بنشره منظمة العفو الدولية في حينه. وقد أبدى طبيب السجن ومديره وغيرهم من الضباط استياءهم واستنكارهم الشديد لذلك المشهد الذي لا يكاد يصدق. وكان من بين أفراد تلك المجموعة كما جاء في الشكوى نائب رئيس اتحاد العمال الأستاذ محجوب الزبير وسكرتير نقابة المحامين الأستاذ صادق شامي الموجودان حاليا بالخرطوم, ونقيب المهندسين الأستاذ هاشم محمد أحمد الموجود حاليا ببريطانيا, والدكتور طارق إسماعيل الأستاذ بكلية الطب بجامعة الخرطوم, وغيرهم ممن تعرضوا لتجارب مماثلة, وهم شهود على كل ما جرى بما خبروه وشاهدوه وسمعوه. • ثالثا: إن جميع قادة المعارضة الذين كانوا في السجن حينئذ, السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني الديمقراطي والسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة والسيد سيد أحمد الحسين زعيم الحزب الاتحادي والسيدان محمد إبراهيم نُقُد والتيجاني الطيب زعيما الشيوعي وغيرهم, كلهم شهود بنفس القدر, وكما يعلم الجميع فقد تعرض السيدان الصادق المهدي وسيد أحمد الحسين وغيرهم من قادة المعارضة لنفس التعذيب على أيدي نفس الأشخاص أو بأمرهم وكتبوا شكاوى مماثلة. • رابعا: قام بزيارتي في السجن العمومي بالخرطوم بحري بعد انتقالي إليه مباشرة الفريق إسحق إبراهيم عمر رئيس الأركان وقتها بصحبة نوابه, فشاهد آثار التعذيب واستمع لروايتي كاملة, كذلك فعل كثيرون غيره. • خامسا: تم اعتقال مراسل الفاينانشيال تايمز السيد بيتر أوزين الذي كان خطابي بحوزته, فكتب صفحة كاملة دامغة في صحيفته العالمية المرموقة عن ما تعرضت له وتعرض له غيري من تعذيب, وعن محادثته الدامغة مع المسئولين عن تلك الانتهاكات وعن تجربته الشخصية.
إنني أكتفي فيما يخص حالتي بهذا القدر من الأدلة الدامغة, ومع أن هذا الخطأب يقتصر كما يدل عنوانه على تجربتي كحالة اختبارية, إلا أن الواجب يقتضي أن أدرج حالة موظف وزارة الإسكان السابق المهندس بدر الدين إدريس التي كنت شاهدا عليها, وكما جاء في ردي على دعوة نائب رئيس المجلس الوطني المنحل الأستاذ عبدالعزيز شدو للمشاركة في حوار التوالي السياسي بتاريخ 18 أكتوبر 1998 (مرفق), فقد تعرض ذلك الشاب لتعذيب لا أخلاقي شديد البشاعة, ولم يطلق سراحه إلا بعد أن فقد عقله وقام بذبح زوجته ووالدها وآخرين من أسرته. كان في ثبات وصمود ذلك الشاب الهاش الباش الوسيم الأسمر الفارع الطول تجسيد لكرامة وفحولة وعزة أهل السودان. وكان أحد الجنود الأشد قسوة - لا أدري إن كان اسم حماد الذي أطلق عليه حقيقياً- يدير كرباجه على رقبتينا وجسدينا نحن الاثنين في شبق. وفي إحدى المرات اخرج بدرالدين من بيننا ثم أعيد لنا بعد ساعات مذهولاً أبكم مكتئبا محطما كسير القلب. ولم تتأكد لي المأساة التي حلت بِبَدرالدين منذ أن رأيته ليلة مغادرتنا لبيت الأشباح منتصف ليلة 12 ديسمبر 1989 إلا عند اطلاعي على إحدى نشرات المجموعة السودانية لضحايا التعذيب هذا الأسبوع, ويقتضي الواجب أن أسرد تلك اللحظات من حياته وأنقلها لمن تبقى من أسرته, فكيف بالله نتداول حول الوفاق الوطني بينما تبقى مثل هذه الأحداث معلقة هكذا بلا مساءلة.
أعود لمبدأ تسوية حالات التعذيب على أساس النموذج الجنوب أفريقي, وأطرح ثلاثة خيارات متاحة لي للتسوية.
الخيار الأول الحقيقة أولا, ثم الاعتذار و”التعافي المتبادل“ بتعبير السيد الصادق المهدي
هذا النموذج الذي تم تطبيقه في جنوب أفريقيا. إن المفهوم الديني والأخلاقي للعفو هو الأساس الذي تتم بموجبه التسوية, ويختلط لدى الكثيرين مبدأ العفو مع مبدأ سريان حكم القانون ومع التعافي المتبادل. فكما ذكرت في خطابي المرفق للسيد عبدالعزيز شدو فإنني أعفو بالمعنى الديني والأخلاقي عن كل من ارتكب جرما في حقي, بما في ذلك السيدان بكري ونافع, بمعنى أنني لا أبادلهما الكراهية والحقد, ولا أدعو لهما إلا بالهداية, ولا أسعى للانتقام والثأر منهما, ولا أطلب لشخصي أو لهم إلا العدل وحكم القانون. وأشهد أن هذا الموقف الذي قلبنا كل جوانبه في لحظات الصدق بين الحياة والموت كان موقف كل الزملاء الذين كانوا معي في بيت الأشباح رقم واحد, تقبلوه وآمنوا به برغم المعاناة وفى ذروة لحظات التعذيب. إن العفو لا يتحدد بموقف الجلاد ولا بمدى بشاعة الجرم المرتكب, وإنما يتعلق بكرامة وإنسانية من يتسامى ويرفض الانحدار لمستنقع الجلادين, فيتميز تميزا خلقيا ودينيا تاما عنهم. فإذا ما استيقظ ضمير الجلاد وأبدى ندما حقيقيا على ما ارتكب من إثم, واعتذر اعتذارا صادقا عن جرمه, فإن الذي يتسامى يكون أقرب إلى الاكتفاء بذلك وإلى التنازل عن الحق المدني القانوني وعن المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به, بهذا يتحقق التعافي المتبادل. هذا هو الأساس الذي تمت بموجبه تسوية معظم حالات التعذيب والجرائم التي ارتكبها عنصريو جنوب أفريقيا ضد مواطنيهم.
إنني انطلاقا من نفس المفهوم أدعو السيدين بكري ونافع ألا تأخذهما العزة بالإثم, أن يعترفا ويعلنا حقيقة ما اقترفاه بحقي وبحق المهندس بدرالدين إدريس في بيت الأشباح رقم واحد, وأن يبديا ندما وأسفا حقيقيا, أن يعتذرا اعتذارا بينا معلنا في أجهزة الإعلام, وأن يضربا المثل والقدوة لمن غرروا بهم وشاركوهم ممارسة التعذيب, وائتمروا بأمرهم. حين ذلك فقط يتحقق التعافي وأتنازل عن كافة حقوقي, ولا يكون هناك داعيا للجوء للمحاكم المدنية, ويصبح ملف التعذيب المتعلق بشخصي مغلقا تماما. ولنأمل أن يتقبل أولياء الدم في حالة المهندس بدر الدين إدريس بالحل على نفس المنوال.
لقد أعلن السيد إبراهيم السنوسي مؤخرا اعترافه بممارسة التعذيب طالبا لمغفرة الله. وهذا بالطبع لا يفي ولا يفيد. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, ولا يليق أن يصبح أمر التعذيب الذي انقلب على من أدخلوه وبرروه أن يكون موضوعا للمزايدة والمكايدة الحزبية. إن الصدق مع النفس ومع الآخرين والاعتذار المعلن بكل الصدق لكل من أسيء إليه وامتهنت كرامته, وطلب العفو والغفران, هو الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق بكرامة, فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله. وإن طريق التعافي المتبادل هو الأقرب إلى التقوى. فإذا ما خلصت النيات وسار جناحا المؤتمر الوطني والشعبي لخلاص وإنقاذ أنفسهم من خطيئة ولعنة التعذيب الذي مارسوه فسيكون الطريق ممهدا تماما لوفاق وطني حقيقي صادق وناجز.
الخيار الثاني التقاضي أمام المحاكم الوطنية
إذا ما تعذر التعافي المتبادل بسبب إنكار تهمة التعذيب أو لأي سبب آخر, فلا يكون هنالك بديل عن التقاضي أمام المحاكم, ذلك في حالة جدية المسعى للوفاق الوطني على غرار ما جرى في جنوب أفريقيا. غير أن حكومتكم فيما علمت سنت من التشريعات ما يحمي أعضاءها وموظفيها والعاملين في أجهزتها الأمنية من المقاضاة. فالجرائم ضد الإنسانية وحقوق الإنسان كالتعذيب, لا تسقط بالتقادم ولا المرض ولا تقدم السن ولا لأي سبب من الأسباب, كما شهدنا جميعا في شيلى وإندونيسيا والبلقان وغيرها. كما أن هذا الموقف لا يستقيم مع دعوتكم للوفاق ولعودة المعارضين الذين تعرضوا لأبشع جرائم التعذيب. وليس هنالك, كما قال المتنبي العظيم, ألم أشد مضاضة من تحمل الأذى ورؤية جانيه, وإنني مستعد للحضور للخرطوم لممارسة كامل حقوقي الوطنية, بما في ذلك مقاضاة من تم تعذيبي بأيديهم, فور إخطاري بالسماح لي بحقي الطبيعي. ذلك إذا ما اقتنعت مجموعة المحامين التي سأوكل إليها هذه المهمة بتوفر الشروط الأساسية لمحاكمة عادلة.
الخيار الثالث التقاضي أمام المحاكم الدولية لحقوق الإنسان
ولا يكون أمامي في حالة رفض التعافي المتبادل ورفض التقاضي أمام المحاكم الوطنية سوى اللجوء للمحاكم في البلدان التي تجيز قوانينها محاكمة أفراد من غير مواطنيها وربما من خارج حدودها, للطبيعة العالمية للجرائم ضد الإنسانية التي يجري الآن إنشاء محكمة عالمية خاصة بها. إنني لا أقبل على مثل هذا الحل إلا اضطرارا, لأنه أكرم لنا كسودانيين أن نعمل على حل قضايانا بأنفسنا. وكما علمت سيادتكم فقد قمت مضطرا بفتح بلاغ مع آخرين ضد الدكتور نافع في لندن العام الماضي, وشرعت السلطات القضائية البريطانية في اتخاذ إجراءات أمر الاعتقال الذي تنبه له الدكتور نافع واستبقه بمغادرة بريطانيا. وبالطبع تنتفي الحاجة لمثل تلك المقاضاة فيما لو أتيحت لي ولغيري المقاضاة أمام محاكم وطنية عادلة, أو لو تحققت شروط التعافي المتبادل الذي هو أقرب للتقوى. وإنني آمل مخلصا أن تسيروا على طريق الوفاق الوطني بالجدية التي تتيح لكل المواطنين الذين تشردوا في أصقاع العالم بسبب القهر السياسي لنظام ”الإنقاذ“ أن يعودوا أحرارا يشاركون في بناء وطنهم.
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد. فاروق محمد إبراهيم)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د. فاروق محمد ابراهيم انسان مدهش (Re: طلعت الطيب)
|
بسم الله الرحمن الرحيم الخرطوم 18 ديسمبر 2013 ورقتان للحوار تحت شعار: فلنجعل حركة السلم والحقوق والحريات مشروعنا الوطني وهمنا المصيري
الورقة الثانية رسالة من: فاروق محمد ابراهيم إلى: الدكتور أمين مكي مدني، رئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني الأستاذ كمال الجزولي، المسئول السياسي لكونفدرالية منظمات المجتمع المدني الزميلات والزملاء المحترمين أعضاء كونفدرالية منظمات المجتمع المدني تحية وتقديرا وبعد: وظيفة منظمات المجتمع المدني وحركة الدفاع عن الحقوق والحريات والأحزاب السياسية في ضوء أحداث سبتمبر/أكتوبر 2013 إنني أستهل هذه الرسالة يا أخي أمين ويا أخي كمال بتأكيد إحترامي لشخصيكما وتقديري لإسهامكما المتميز في الشأن العام، ولكل الزميلات والزملاء بكونفدرالية منظمات المجتمع المدني، وأكتب معاتبا في نفس الوقت لتجاوزات أعتذر بسببها عن المشاركة في المؤتمر الجاري عقده بالعاصمة الإثيوبية أديس في الأيام 15- 18 ديسمبر الجاري. وأستميحكما عذرا أن أضطررت "لفتح الجرح لتطهيره من خلال حوار داخلي واسع، صريح، شفاف وحراق.....نسبة للتعويل على المنظمات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني في لعب أدوار مقدرة في معارك التحول الديمقراطي بوصفها الضلع الثالث، إلى جانب الأحزاب والتقابات،....وبالأخص في روحية الفضاء المعنوي المطلوب لهذا التغيير" كما جاء يا أخي كمال في مقالك الواسع الإنتشار في المواقع الإسفيرية بتاريخ 25-26 نوفمبر 2013 بعنوان " الجرح والقوس: منظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير". كما تذكر يا أخي أمين فقد تبلورت ثلاثة مواقف عبرت عن نفسها بقوة في الإجتماع التأسيسي للهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات المنعقد بقاعة الفنار بتاريخ 29 يناير من العام الماضي، إذ توافق الطرح من جانبك ومن شحصي على ضرورة إستناد الهيئة المقترحة المستقلة عن الأحزاب السياسية وعن تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض لقاعدة تسندها. لكن بينما كان رأيك إستناد الهيئة على منظمات المجتمع المدني فقد ارتأيت إستنادها للجان شعبية تضم النشطاء الحقوقيين كأفراد، بغض النظر عن إنتماءاتهم الحزبية، يتم تأسيسها بالمحليات في مختلف الولايات. وقد عارض صاحب المقترح رئيس الإجتماع الأستاذ فاروق أبوعيسى الفكرتين بقوة، لتخوفه في الحالة الأولى من الزج بمنظمات المجتمع المدني في أتون الصراع السياسي، ما يبعدها عن المهمات التي أنشئت لأجلها، كما وفي الحالتين فإن قيام تنظيم مركزي، خصوصا على مستوى الأحياء، يصلح في تقديره لحزب سياسي لا للمنظمة الحقوقية المستقلة للدفاع عن الحقوق والحريات التي توافق المجتمعون على تأسيسها، ويضعها في حالة تنافس وصراع مع الأحزاب السياسية يفقدها الوظيفة التي أنشئت لها. وهكذا مضيت ومعك الأستاذ كمال الجزولي، الذي تغيب عن الإجتماع، في تأسيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني، بينما قبلت تولي المسئولية الأولى في الهيئة الوليدة، على أن أقوم بالتوفيق بين رؤيتي لبناء حركة إجتماعية جماهيرية للسلم والحقوق والحريات مع مقتضيات نظام الهيئة الأساسي، الحقوقي، اللامركزي، الذي توافق عليه المؤسسون، خاصة وقد تبين في الجلسة الأخيرة للإجتماع التأسيسي أن الدستور المجاز لا يتعارض مع الدعوة لتأسيس هيئات مستقلة مماثلة للحقوق والحريات تنداح أفقيا في مختلف أنحاء القطر، وتتولى هيئتنا التنسيق معها لتحقيق نفس الأهداف. وكان طبيعيا أن تلتقي الهيئة والكونفدرالية مع تحالف قوى الإجماع الوطني في تنظيم الوقفات الإحتجاجية ضد مصادرة حرية الصحافة والصحفيين، ضد حل المراكز الثقافية، ضد التعصب الديني وحرق دور العبادة، ضد الإعتقال الجزافي وتوفير العون القانوني للمعتقلين والمتضررين، وللدفاع عن حقوق التعليم والعلاج والتنظيم النقابي التي رفعت راياتها الهيئات النقابية للأطباء والمعلمين والأساتذة الجامعيين والمحامين الديمفراطيين وشبكة الصحفيين السودانيين. كذلك كان طبيعيا إزاء الإستجابة المحدودة للحراك الذي كان دون طموحنا بكثير أن نتدبر تفعيل قواعد كل من الكونفدرالية والهيئة والتحالف. ولهذه الأسباب إستجبت دون تردد لدعوتكما للإجتماع التأسيسي للكونفدرالية بتاريخ 29 سبتمبر 2012 بغية تنسيق الحراك المشترك، ولتجاوز التكاثر والتمايز الذي لا مبرر له لمنظمات ذات هدف واحد، ما كان محل ترحيب مكتب الهيئة التنفيذي. "مسودة ميثاق ثورة سبتمبر 2013" وموضوعات الإختلاف غير أنه كما جاء في مطلع الميثاق الذي توليتما إعداده وتفجر الخلاف بسببه، والذي أوجزه بكلماته هنا: "كعادته، سبق الشعب السوداني قواه الوطنية السياسية.)...( بهبة سبتمبر/أكتوبر التي فابلها نظام الإنقاذ بالقمع الوحشي،.. (لكن)....تصاعدت وتيرة الإحتجاجات وارتفع سقفها مطالبة بإسقاط النظام...(لذا).. تداعت القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقيادات النقابية والفئات الشبابية...وتم الإتفاق على الميثاق التالي: تتكون عضوية الميثاق من الجهات التالية: قوى الإجماع الوطني المتمثلة في الأجزاب السياسية القائمة وأية أحزاب يقبل إنضمامها له. منظمات المجتمع المدني الأعضاء في كونفدرالية منظمات المجتمع المدني السودانية وأية منظمات أخرى يقبل عضويتها فيه. الهسئات النقابية المهنية والفئوية الحرة الحالية وتلك التي تنضم إليها. التنظيمات الشبابية القائمة وتلك التي تنضم إليها. الفئات والجماعات التي ظلت تعارض النظام الحالي دفاعا عن قضاياها التنموية والإنسانية. توافق الجهات المنصوص عليها في الفقرة (1) على نصوص هذا الميثاق، أو حسب تعديله، ليحدد أهدافها وبرامج وأسلوب عملها وتكوين مؤسسات الحكم إبان الفترة الإنتقالية المشار إليها في البند (2) وتنفيذ أهداف هذا الميثاق. تكون الأهداف الرئيسية للميثاق: حل جميع أجهزة الحكم الحالية بما فيها رئاسة الجمهورية والجهازين التنفيذي والتشريعي وجهاز الأمن الوطني والمخابرات. تكوين رئاسة الدولة والحكومة لإدارة شؤون البلاد في الفترة الإنتقالية بما فيها الإدارة التنفيذية وسن القوانين، على أن لا تتجاوز الفترة الإنتقالية مدة ثلاث سنوات"............ثم بعد الفقرات 5-13 التي تحدد مهام الفترة الإنتقالية بما فيها الحوار الشامل والهادف مع جميع الفصائل التي حملت السلاح في وجه النظام والمؤتمر الدستوري في فترة أقصاها 6 أشهر وقانون الإنتخابات التي تجرى قبل نهاية الفترة الإنتقالية، تأتي الفقرة الأخيرة: تتم مناقشة بنود هذه المذكرة بغرض إجازة الميثاق الوطني بواسطة الجهات القائمة بموجب البند (1) والجهات التي تتم الموافقة على إنضمامها وتكون المذكرة خاضعة للتعديل أو الإضافة حتى صدورها في صيغتها النهائية وإعلانها في أقرب وقت ممكن للإستجابة لنداء ونضال الجماهير وتطلعاتها من أجل إقامة نظام حكم ديمقراطي عادل، على أن يتم ذلك خلال الأيام القليلة القادمة".
لقد عارضت بشدة كما تذكر يا أخي كمال فكرة أن تتولى الكونفدرالية المبادرة بهذا الميثاق، وذلك في لجنة الكونفدرالية التي كنت مسئولها السياسي، ما قاد إلى المواجهة الحادة بيننا في الإجتماع الذي دعوتما له مساء السبت 5 أكتوبر لإطلاعنا على المسودة. كان الخلاف أولا من الناحية الشكلية، إذ تعجلتما بإصدار هذه المسودة في تجاهل تام لا لموقفي المعترض مبدئيا وحسب وإنما أيضا المؤيدين لها، إذ شرعتما بتنفيذها وطرحها على الجهات المعنية قبل إطلاعنا عليها. وكما أشار الدكتور الباقر العفيف، برغم إتفاقه معكما، فمثل هذه القضايا المبدئية ينبغي أن تحسم بالتوافق، لا التصويت. وقد صار من جراء هذه المجابهة بالأمر الواقع أن أصبح عسيرا لإي أحد أن يقول "بغم". حتى زميلنا فيصل محمد صالح الذي كان في طريقه لتفلد النوط العالمي للرأي وشجاعة الشجعان كليهما، لم يسنطع أن ينبس بتلك الأحرف الثلاث المحظورة إلا بأدب جم وعلى استحياء! لكنني أتجاوز العتاب وأنتقل إلى اللباب. ونقطة الإختلاف الأولى أن مهمتنا كحركات حقوقية ليست إسقاط حكومة ما وإستبدالها بأخرى كما جاء في الميثاق وإنما تعميق وتوسيع الحركة الإحتجاجية، التي هي حركة الدفاع عن الحقوق والحريات وحكم القانون، والعمل على مناصرتها وتطويرها بالوسائل السلمية. هذه مهمتنا تحت هذا النظام وأي نظام آخر، ما يعني الإحتفاظ لحركة الحقوق بإستقلاليتها. فالأنظمة تذهب وتجيء لكن مهمتنا تظل باقية. هذا الإستقلال هو الذي يضمن إستمرارية الحركة ويحول دون الإنتكاسة ويصب في مجرى التغيير التراكمي في توازن القوى لصالح التحول الديمقراطي. وليس هذا الموقف تكتيكيا مرهونا بحالة وطننا الراهنة وإنما هو موقف إستراتيجي، نتخذه تحت كل الأنظمة. لا يعني هذا بالطبع التسليم لهذا النظام بمشروعية مفتقدة تماما، لكن الأحزاب والحركات السياسية المدنية والمسلحة مجتمعة أو مفترقة هي المنوط بها رفع شعار إسقاط النظام، لا الحركات الحقوقية. ولا معنى للمزايدة في هذا الشأن. ونقطة الإختلاف الثانية أن مشروع الميثاق يقيم تنظيما مغلقا لقاعدة محدودة ومحددة مسبقا تحتكر ربادة التغيير، وهذا هو السبب في أن عدد المشاركين في الوقفات الإحتجاجية لم يتجاوز العشرات. لقد ظللنا ياأخي أمين ويا أخي كمال طيلة التسعينات وحتى الآن ندعو لتشكيل لجان شعبية للتجمع – التحالف الآن - في الأحياء ليكون تنظيما مفتوحا للجماهير التي تحدث التغيير، وهذا لم يحدث، ولو حدث لكان وضعنا الان مختلفا. فهل نعيد نحن نفس الخطأ بإقامة تنظيم مغلق يقصر القاعدة الإجتماعية للمجتمع المدني في تلك المنظمات "الممثلة في الكونفدرالية وأي منظمات أخرى تقبل الكونفدرالية عضويتها فيه" وفق البند 1-2 من الميثاق؟ لماذا نجعل من هذه الحفنة الصغيرة الممثل الشرعي والوحيد للمجتمع المدني؟ ثم ما هي منظمات المجتمع المدني العضو في الكونفدرالية الآن، وكم عضويتها؟ ألا يعيد هذا النص إلى الأذهان النكتة المصرية المريرة إبان العصر الذهبي للإنقلابات العسكرية في ستينات القرن الماضي، عن من يخول لنفسه الحق في الإستيلاء على السلطة بإسم الجماهير دون إذن منها، ومن يعلق آمالا عليه؟ ونقطة الإختلاف الثالثة تتعلق بقوام مشروع ميثاق الثورة الذي هو مبدأ محاصصة السلطة السياسية. لقد تمت هذه المحاصصة أول مرة بسبب الضعف البنيوي للأحزاب السياسية إبان ثورة أكتوبر حينما احتلت جبهة الهيئات، التي كان بيدها إعلان وإنهاء الإضراب السياسي، كل مقاعد مجلس الوزراء ما عدا خمسة مقاعد خصص واحد منها لكل حزب، ومقعدان للجنوب، بينما استأثرت جبهة الهيثات بما تبقى من كعكة السلطة. ذلك ما فرضه توازن قوى الثورة، وما قاد للهجمة المعاكسة بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان وفق التوازن الجدبد عقب الإنتخابات. ونفس المحاصصة تمت في أبريل عقب الإنتفاضة التي حسمتها القوات المسلحة، فصارت الضلع الثالث إلى جانب الأحزاب والنقابات. وقد واصل التجمع الوطني الديمقراطي الأخذ بمبدأ المحاصصة، إذ نص مبثاق التجمع الوطني الديمقراطي (مؤتمر القضايا المصيرية، أسمرا 15-23 يونيو 1995 ص15) على التالي: "إن تجاهل القوى المنتجة من نقابات وإتحادات في الممارسة السياسية والفشل في حل قضايا الشعب الأساسية وما صاحب ذلك من مظاهر فساد، مضافا إلى إستمرار الحرب الأهلية في جنوب البلاد لسنوات طويلة، والإنقلابات العسكرية وما تمخض عنها من نظم دكتاتورية أعاقت التطور الديمقراطي وقهرت الإنسان السوداني، لا بد أن تكون نتيجته الفشل والإحباط والأزمة المستعصية. ولا سبيل في نظرنا للخروج من هذه الأزمة إلا بمشاركة فاعلة لقوى التجمع الوطني الديمقراطي الثلاث وهي الأحزاب والنقابات والقوات النظامية وكل الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي في السلطة بمستوياتها التشريعية والسيادية والتنفيذية أثناء فترة الإنتقال وخلال الحكم الديمقراطي اللاحق." لكن من يضمن إنفاذ المحاصصة عند سقوط النظام؟ الثورة الشعبية المنتصرة هي التي فعلت ذلك في أكتوبر 64، والمجلس العسكري الإنتقالي الذي حسم السلطة فرض المحاصصة المجحفة على التجمع النقابي العاجز عن مواصلة الإضراب في أبريل 85. وقد كان التجمع الوطني الديمقراطي يأمل أن تفرض ذلك فصائله المسلحة التي كان جيش الحركة الشعبية لحمتها وسداها والعقيد قرنق قائدها، عوضا عن الإنتفاضة التي عجز عن إشعالها، فأدرك مؤخرا جدا حكمة المتنبي العظيم أن من يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا. حقيقة لقد ولى زمن التخطيط المسبق لمحاصصة السلطة، لان اللحظة الثورية والقوى الثورية الفاعلة هي التي تفرض ذلك، ويفرضها واقع التغيير وقواه الفاعلة، لا ميثاق التجمع ولا مشروع ميثاق الكونفدرالية. علينا أن نميز هنا بين الحكومة القومية التي يمكن أن تشكل من جملة الأحزاب وربما شخصيات وطنية لتنفيذ مهام الفترة الإنتقالية أو أية مهام قومية من ناحية، ونظام المحاصصة كما جاء في العبارة المقتبسة من ميثاق التجمع كضامن للتعددية من ناحية أخرى. لقد كان اللجوء للإنقلاب العسكري تارة ولنظام المحاصصة تارة أخرى نتيجة للضعف البنيوي في المجتمع السوداني، خاصة ضعف بنية الأحزاب السياسية، ما جعل نظام الحكم الأوتوقراطي الذي شيده الإستعمار أكثر مواءمة لتلك البنية. وأذكر أن التايمز البريطانية كتبت مقالا إفتتاحيا في صبيحة الثامن عشر من نوفمبر 1958 – وكنت حينها في بعثة دراسية بلندن - تتحسر فيه على "الديمقراطية التي بنيناها وأطاح بها الجيش السوداني". وقد دهشت حينما قرأت في اليوم التالي Letter to the Times كتبه السير هارولد مكمايكل السكرتير الإداري في حقبة العشرينات، معنفا محرر الصحيقة الإستعمارية العريقة، قائلا ما معناه: " من قال لكم أننا بنينا نظاما ديمقراطيا في السودان؟ لقد بنينا نظاما أوتوفراطيا يرتدي فيه المفتشون والمديرون الزي العسكري ويحملون الأشرطة العسكرية على صدورهم وقبعاتهم ويتولون السلطات التنفيذية والقضائية بإشراف مركزي مباشر من السكرتير الإداري بالخرطوم، والذي فعله الجيش السوداني كان العودة بالبلاد للنظام الأوتوقراطي الذي بنيناه والذي هو أكثر مواءمة للبلاد من الدستور الوسمنستري الذي لم نعدها له إعدادا جيدا". كما أن الحركة الوطنية في موقفها المعارض للتطور الدستوري تحت ظل الحكم الثنائي المستند لعبارة الزعيم الأزهري الشهيرة بصدد الجمعية التشريعية، لن ندخلها ولو جاءت سليمة مبرأة من كل عيب، لم تكن مواتية لدستور 1956 المؤقت، خصوصا بعد التعديل الذي أدخلته عليه ثورة اكتوبر. لقد حقق الشعب السوداني إنتصارين عظيمين لحركة الحقوق والحريات في اكتوبر 64 وأبريل 85، لكن محاصصة السلطة في أكتوبر فتحت شهية العلمانيين يمينا ويسارا لها، ما قاد لإنقلاب مايو. وقد زادت محاصصة السلطة في أبريل من شهوة الإسلاميين لها، ما قاد للإنقلاب الذي نعاني ويلاته الآن. وفي الحالتين ضعفت حركة الجماهير الموحدة لأجل السلم والحقوق والحريات وفقدت إستمراريتها لكونها صارت طرفا في صراع السلطة. وهذا هو الأساس المنطقي لمعارضتي لمشروع ميثاق ثورة سبتمبر 2013 الذي تقدمتما به. لقد تغيرت الآن بنية المجتمع السوداني التي خلفها الإستعمار وقال مكمايكل أنها مواتية للحكم الأوتوقراطي المركزي. فالإقتصاد المركزي الذي كان قوامه إنتاج القطن وتصديره والفائض الإقتصادي الذي يوفره وجعل حكم السودان ممكنا من الخرطوم تحت الإدارة الإستعمارية البريطانية أو العسكرية السودانية تغير تماما. والقطاع التقليدي الذي كانت تسير جماهيره الإشارة من الزعماء الطائفيين أو القبليين استيقظ من سباته ولم يعد سهل الإنقياد. وكل التجارب التي خضناها جعلت أي نظام للحكم لايقوم على التعددية والفدرالية والديمقراطية محكوما بالفشل. في نفس الوقت فإن الأحزاب السياسية السودانية التي كانت ضعيفة النشأة أرهقتها تماما وزادتها ضعفا الأنظمة العسكرية المتوالية. والنظام الديمقراطي الذي ننشده لا بد أن يقوم على الأحزاب السياسية، وليست لدينا الأن أحزاب سياسية سواها. والإنتفاضة والتغيير قادم مهما طال الزمن، وهي كسابقاتها، بما في ذلك هبة سبتمبر، أنتفاضات لأجل الحقوق والحريات ولأجل الأمن والسلام، وبرنامجها هو نفس البرنامج الذي طرحناه في قانوني الهيئة والكونفدرالية الأساسيين. فما العمل؟ إن المنطق الذي تقوم عليه هذه الورقة أن نعمل لأن تكون هنالك إنتفاضة مستدامة، ان تتواصل مسيرة الأنتفاضة بمواصلة طرح البرنامج الحقوقي أيا كانت الحكومة التي يتم تشكيلها، سواء حكومة هذا النظام أو الحكومة الإنتقالية القومية المبتغاة أو الحكومات التي تأتي عقب الفترة الأنتقالية. نترك الحكم للأحزاب السياسية ونضع الخطوط الحمراء للتعدي على الحقوق والحريات التي يؤدي تعديها لإشعال الإنتفاضة. هذا من ناحية، ومن الناحية الثانية يتم تشجيع تطوير الأحزاب ودمقرطتها، من داخلها طبعا، وتوحيد المتشابه منها، فتكون هنالك علاقة ديالكتيكية بين الإنتفاضة المستمرة والأحزاب، الحاكم منها والمعارض، وصولا للتوازن والإستقرار الديمقراطي المنشود.
قانونا الكونفدرالية والهيئة الأساسيان: إتفاق على المبدأ وتعارض في الآليات والمفاهيم
وتتعلق نقطة الخلاف الرابعة بقانون الكونفدرالية الأساسي الذي إطلعت عليه لأول مرة حينما بعثت به سكرتارية الكونفدرالية كجزء من التحضير للمؤتمر. وقد ظننت لأول وهلة أنه مسودة لمشروع قانون مقترح، خاصة وقد كتبت كلمة DRAFT على رأسه. غير أني فوجئت بحاشية فوق الكلمة الأخيرة من سطر الوثيقة الأخير تفيد أن هذا القانون أجيز في الإجتماع التأسيسي بتاريخ 29 سبتمبر 2012. فأنا قطعا لم أطلع على هذه الوثيقة التي ربما أجيزت "بالإجماع السكوتي"، خاصة وقد صوتنا لمنصب الرئيس بالإجماع، كما ساد الإجتماع توافق تام. أما مرد العتب فإنه من المفترض أن تعرض هذه الوثيقة الملزمة على المنظمات المكونة للكونفدرالية، وأن يتم التأكد من وصولها على الأقل لكل من شارك في الإجتماع النأسيسي، حتى يقوم بدوره بعرضها على منظمته والحصول على موافقتها. ولو كنت إطلعت على هذه الوثيقة في ذلك الحين لما ترددت في الإنسحاب من الكونفدرالية التي يتعارض دستورها مع النظام الأساسي للهيئة التي أمثلها تعارضا تاما. ليس لدي إعتراض على أهداف الكونفدرالية وإنما العكس، إذ صيغت في عبارة بليغة شديدة الإيجاز، ينص الجزء الأول من الفقرة رقم 3 منها على أن " أهداف الكونفدرالية تتضمن حث ودعم أنشطة التنظيمات المنخرطة فيها والإرتقاء بأدائها لمهماتها الرامية إلى التحول الديمقراطي والإعلاء من شأن حكم القانون وإستقلال القضاء وكفالة الحقوق التي يتضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق المكملة له لكل المواطنين والأشخاص المتواجدين في السودان، بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، للرجال والنساء والأطفال، وللنازحين واللاجئين وذوي الحاجات الخاصة والعمال المهاجرين وغيرهم، دون تمييز بينهم لأي سبب من الأسباب". وهذه العبارة تتطابق مع نفس الفقرة في قانون هيئة الدفاع عن الحقوق والحريات التي زادت بتشكيل 9 لجان متخصصة، واحدة منها لكل ميثاق من المواثيق الحقوقية الدولية. لكن بينما يتسق القانونان تماما في الأهداف، فإن قانون الكونفدرالية الأساسي ينص مباشرة وفي نفس الفقرة على أنه: Without any restriction on the confederation, it shall coordinate the activities of its members, representing them before different organizations, when necessary, encouraging participation in workshops, discussion groups, preparation of studies and research, and awareness raising programs through all media channels, production and publication of books and publications, cooperation with member organizations in their respective fields and with regional and international organizations engaged in such activities”. Also, in Article 4 of the Basic Law: “The Confederation of Sudanese Civil Society Organizations is hereby established as a corporate organization". ذلك بينما تتواصل نفس الفقرة في ديباجة قانون الهيئة الأساسي لتنص على أنه " وعطفا على ما تقدم فقد آلينا نحن مواطنون ومواطنات سودانيون وسودانيات بتأسيس الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات إنطلاقا من أن للإنسان حقوقا طبيعية أكدتها الأديان السماوية وعبرت عنها المواثيق الدولية الصادرة من الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي والمنظمات الدولية وغيرها ...وبما أن هذه الحقوق والحريات غير قابلة للإنتقاص فإننا ملتزمون بالقيام بدورنا في التوعية والدفاع والمناصرة لحقوق وحريات المواطن..علما أننا لا نسعى للنضال بإسم الجماهير.. ولا تمثيلها.. بل نعمل على تبصيرها بالحقوق والحريات وبضرورة النضال من أجل تحقيقها والدفاع عنها دون النظر للإنتماء السياسي أو الثقافي". وهكذا فإن الكونفدرالية تقيم تنظيما مركزيا صارما تكون منظمات المجتمع المدني مدمجة فيه بوصفه شخصية إعتبارية ممثلا لها corporate organization وناطقا بإسمها، ومخولا إتخاذ سياسات كمشروع ميثاق ثورة سبتمبر 2013 بإسمها وبإسم المجتمع المدني السوداني الذي يشكل، بنص قانونه وميثاقه، ممثله الشرعي والوحيد. أما القانون الأساسي للهيئة التي أمثلها فإنه لا يدعي تمثيل المجتمع المدني أو أية جهة سوى عضويته، وهو يعمل لحث المواطنين والمواطنات لتأسيس تنظيمات جماهيرية مستفلة للسلم والحقوق والحريات، تنداح أفقيا على المستوى الوطني وتعمل بإسمهم وتشكل متبرا تنسيقيا يخنارونه بأنفسهم. وتهدف الهيئة، كما الكونفدرالية، للتحول الديمقراطي ولإنفاذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود الدولية والإقليمية المنبثقة منه. لكن لأن الهيئة تتحسب لتراكم تغيير توازن القوى الشعبي لصالح التحول الديمقراطي ولتحول المواقف بالنسبة للأنظمة السياسية المتغيرة فهي تترك أمر إسقاط النظام أو إقامة النظام البديل للأحزاب والمنظمات والحركات السياسية. وما ينص عليه قانون الهيئة الأساسي ليس بدعة وليس "وهما من الأوهام التي ما تنفك تعشعش في أذهان الكثير من النشطاء" ولكنه ممارسة كل الحركات الحقوقية التي تعمل للدفاع عن الحقوق وتحقيق المطالب والمناصرة، هنا والآن، ولا تنتظر سقوط النظام وحلول آخر محله. فتلك مهمة الأحزاب السياسية التي تتعاور على السلطة. الجرح والقوس: منظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير إنك تنطلق في تحليلك يا أخي كمال من أن منظمات المجتمع المدني حلت محل المنظمات الجماهيرية كضلع ثالث للإنتفاضة بجانب الأحزاب والنقابات، على غرار إنتفاضتي أكتوبر وأبريل (ملاحظة: ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي يجمل منظمات المجتمع المدني والنفابات كضلع ثاني بجانب الأحزاب، ويعتبر فصائل القوات المسلحة التي تنحاز للإنتفاضة وفصائل التحمع المسلحة الضلع الثالث للتغيير) وتدعو لضرورة "تحقيق فاعلية النشاط الرامي عموما لإحداث التغيير المنشود عن طريق إشاعة روحية جديدة في أفقه وبالتالي في أفق نشاط هذه المنظمات على وجه الخصوص". لكن " ناشطي هذه المنظمات، "مناضلي" القرن الجديد عن جدارة"، تعاني منظماتهم "مرضا يكاد يستفحل، بل ولولا فسحة الأمل لقلنا أنه قد يستعصي على العلاج تماما ! وأبرز أعراض هذا المرض ثلاثة: "ضعف الوعي بالذات"، و"تناقض النظر والممارسة"، و"إزدواجية الحقيقة والوهم". أما العرض الأول، وهو جهل المنظمات بكونها سليلة المنظمات الجماهيرية سابقا، فتنسبه أولا "لعسر جمع التبرعات الذي يحتاج إلى عمر نوح وصبر أيوب، مقارنة باليسر النسبي في إنسياب التمويل من المنظمات الأجنبية" الذي هو من نوعين، حميد وخبيث، وثانيا، طبيعة مناهج التدريب الغربية وثالثا، غلبة المصطلحات والمرجعيات المعربة بلا هوادة. وأما العرض الثاني، وهو تناقض النظر والممارسة، "فيتمثل في التناقض الفاضح لدى الكثير من هذه المنظمات بين اللغو النظري بهذه القيم والمبادىء، وبين المفارقة الخشنة لذات هذه القيم والمبادىء على صعيد الممارسة العملية"، وتمظهراتها تضعضع الشفافية، والتحول بذريعة الدواعي الأمنية لكيانات مغلقة لمصلحة مالكيها الذين قد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. وأما العرض الثالث، وهو إزدواجية الحقيقة والوهم فيتمثل في "الأوهام التي ما تنفك تعشعش في أذهان الكثير من النشطاء، وأخطرها طرا تعريف منظمة المجتمع المدني ككيان "غير سياسي apolitical " بينما المقصود أنها كيان "غير حزبي “nonpartisan، والفرق يقينا جد شاسع". وبما أن مقالك هذا يمثل التبرير النظري لتأسيس للكونفدرالية عوضا عن الهيئة، فسأنظر هنا في التطبيق العملي لهذه المفاهيم في كل من التنظيمين. مؤتمر التخطيط الإستراتيجي لمنظمات المجتمع المدني و"الفضاء المعنوي للتغيير" إن أعراض متلازمة منظمات المجتنع المدني المرضية التي اجتهدت في توصيفها يا أخي كمال تنطبق على كونفدرالية منظمات المجتمع المدني النعل بالنعل والحافر على الحافر. فلننظر أولا لمؤتمر التخطيط الإستراتيجي المنعقد الان، وهو باكورة فعاليات الكونفدرالية. السؤال الأول: من الواضح أن هناك تمويل خارجي للكونفدرالية. من الذي قرر طلب هذا التمويل وممن؟ وما مقداره؟ ولأي أغراض؟ وبأي شروط؟ لماذا لم يطرح مبدأ التمويل الأجنبي علينا نحن مؤسسي الكونفدرالية للموافقة عليه؟ أين الشفافية؟ من الواضح، بالنسبة لهذا الأمر البالغ الأهمية، أن هنالك أشخاص أقل من أصابع اليد الواحدة، وربما شخصان، هم الذين اتخذوا هذه القرارات، وهم أصحاب الكونفدرالية الحقيقيين. السؤال الثاني: لماذا ينعقد مؤتمر الكونفدرالية، وكل المشاركين فيه سودانيون مقيمون بالعاصمة القومية الخرطوم، في فندق الهلتون في العاصمة الإثيوبية أديس، بتمويل أجنبي كامل؟ ما الذي يمنع إنعقاده في الفنار أو أي قاعة بالعاصمة القومية؟ أين الحس الإنساني ونحن نبيح لأنفسنا سياحة 5 نجوم مدفوعة الأجر بإسم حقوق الإنسان، ودماء شهداء إنتفاضة سبتمبر/أكتوبر لم تجف بعد، والكثير من أسرهم االفقيرة فقدت عائلها الوحيد؟ هل نحتاج "لفانوس ديوجينيس" لكي نرى التناقض الفاضح بين الممارسة العملية ولغو صفاء الكوثر وروحية الفضاء المعنوي للتغيير؟.السؤال الثالث: هل يعلم الممول أنه ليست هنالك موانع بتاتا لعقد المؤتمر بالخرطوم ووافق مع ذلك على التمويل بالهلتون بأديس؟ لو أنه يعلم فهذا تمويل خبيث، وكما تفضلت "من يدفع للزامر يفرض عليه اللحن"، ولو أنه لا يعلم والكونفدرالية فعلت ذلك من وراء ظهره، فتلك هي الطامة الكبرى. الجمعية العمومية للهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات حقيقة الأمر يا أخي كمال أن مقالك يقدم مرافعة ضد منظمات المجتمع المدني وليس لصالحها، وضد أجندتكما الخاصة، أنت والأخ أمين، لتمثيل المجتمع المدني بإسم الكونفدرالية عند إندلاع الإنتفاضة. وحقيقة الأمر أن منظمات المجتمع المدني صارت مهنة تقوم بها كوادر متخصصة ويكسب الكثيرون منها عيشا شريفا، وهؤلاء لا هم عملاء ولا هم "مناضلو" القرن الجديد عن جدارة، كما جاء في مقالك. والتمويل الأجنبي منه الخبيث، لكن أكثره يمكن أن يكون حميدا إذا ما وظف توظيفا جيدا، وهذه مسئولية العاملين في مجاله. وحيث أن الكثيرين من المهمومين بالشأن العام ممن حوربوا في أرزاقهم لاذوا بتلك المنظمات، خصوصا العاملة منها بشكل مباشر في مجال حقوق الإنسان، فإن هذا الوضع يوفر لنا فرصة طيبة للإستفادة من تنسيق هذه المشاريع لخدمة حركة السلم والحقوق والحريات التي هي جوهر مشروعنا الوطني. كذلك فإن وجود هذه الكوادر يكون مفيدا إذا ما لعبوا دورهم في مقاومة الجوانب السلبية لعمل المنظمات التي تعرض لها مقالك. وهذا الدور يتم من داخل هذه المنظمات وبواسطة العاملين فيها وليس من خارجها. لقد إنبثقت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات وكونفدرالية منظمات المجتمع المدني كلتيهما من الإجتماع التأسيسي المنعقد بالفنار بدعوة من رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني بتاريخ 29 يناير 2012، وإنعقاد الجمعية العمومية في الذكرى الثانية لهذا التاريخ مناسبة لمراجعة التجربة بكاملها، بما في ذلك تجربة إنتفاضة سبتمبر. إنك تنعي يا أخي كمال على نشطاء منظمات المجتمع المدني التي تؤسس عليها مشروع الكونفدرالية، وترى فيهم مناضلي القرن الجديد عن جدارة، ضعف وعيهم بأصلهم المتجذر في منظمات الحركة الجماهيرية سابقا. لكن الحركة الجماهيرية لم تمت، ومشروع الهيئة الذي طرحتم الكونفدرالية بديلا له هو مشروع الحركة الجماهيرية "الأصل" بدمها ولحمها وعظمها. فالهيئة تقوم على العمل الطوعي الذي قامت عليه الحركة الجماهيرية أصلا ولا تتلقى دعما ماليا من أي منظمة، كما لا تدفع رواتب أو مساعدات بأي شكل للعاملين فيها، فكلهم متطوعون يعملون من منازلهم. وقد تمكنا من جمع عشرات الآلاف من الجنيهات من أعضاء الهيئة ومناصريها بالداخل والخارج في أقل من عمر نوح وصبر أيوب، صرفت كلها على النشاط الجماهيري وتنظيم حملة الدفاع عن المعتقلين وقضايا الشهداء واجرحى. كذلك توفرت تبرعات من خارج الهيئة خصصها الذين أسهموا بها للصرف على الدعم القانوني لمعتقلي وجرحى وشهداء إنتفاضة سبتمبر، ولدعم الدفاع عن معتقلي الحركة الشعبية بجنوب النيل الأزرق، وهذه وضعت في حساب خاص لدعم العمل الطوعي – أكرر الطوعي – للمحامين، ولا تصرف لأي غرض آخر، وهي مفتوحة لمن يود التعرف عليها. وسنعرض للرأي العام وللجمعية العمومية تقريرا ماليا عن التفاصيل الدقيقة للتبرعات وأوجه الصرف، بالأسماء والتواريخ، لزوم الشفافية. كما طرحت الهيئة أفكار لمشاريع لتوظيف التمويل الأجنبي "الحميد" لمنظمات أهلية عريقة لخدمة مشروع الحقوق والحريات، وهي أيضا مفتوحة لمن يهمه أمرها. ونحن مدعوون جميعا لتوحيد وتطوير هذه الحركة، لا لتشظيتها. وحيث أن دورة مكتب الهيئة التنفيذي الراهن، بما في ذلك مهمة المنسق التي كلفت بها ولن أقبل تجديدها بأي حال وقد تجاوزت الثمانين من العمر، هذه الدورة تنتهي بإنعقاد الجمعية العمومية. وبما أنك والأخ أمين ومعظم أعضاء الكونفدرالية لايزالون في قائمتها فإن مشاركتكم تكون خطوة جادة لتقييم التجربة ولتوحيد وإنطلاق حركة السلم والحقوق والحريات. ولنفس الهدف نوجه الدعوة للجنة القومية للتضامن مع المعتقلين وأسر الشهداء، إذ لا داعي بتاتا لتكائر المنظمات لنفس المهمة. عتاب ورجاء أخير يا أخي كمال. لقد طلبت مني عقب نقاش مثمر بيننا في رحلة العودة من نيروبي قبل عام ونصف تقديم محاضرة بدار إتحاد الكتاب عن المرجعية الدينية لإعلان ومواثيق حقوق الإنسان، كانت بدايته الحوار حول مقالاتك الجيدة التي لا زلت أحتفظ بنسخ منها بعنوان عقلانيون، نعم. علمانيون، لا. وقد زاد الآن إهتمامي بموضوع هذه المحاضرات، إذ قدمت ورقة بنفس العنوان في منتدى بنيروبي شارك فيه العديد من المفكرين الإسلاميين، وتواعدنا على مواصلة الحوار بالخرطوم. لذا سيكون هذا الموضوع محور ورقتي الحوارية الثانية. ولم يلق طلبك حينها مني الموافقة والإستحسان وحسب، وإنما ألححت في رسالة لاحقة تحديد موعد ل 6 محاضرات في نفس الموضوع بدار إتحاد الكتاب. ترى هل صرف "الإنحراف الكونفدرالي" نظرك عن الوفاء بالوعد الذي لا زلت أنتظر تلبيته؟ ومعذرة لو كان الحوار حارا وحارقا، فهذا متفق عليه. ولكم جميعا خالص المودة والإحترام والتقدير. فاروق محمد ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
|