الاستقلال في عطبرة ....العطبراوى ودبورة ورحيل الذكريات الجميلة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 09:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-17-2017, 03:48 PM

د. هشام عباس
<aد. هشام عباس
تاريخ التسجيل: 01-01-2017
مجموع المشاركات: 97

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاستقلال في عطبرة ....العطبراوى ودبورة ورحيل الذكريات الجميلة

    02:48 PM January, 17 2017

    سودانيز اون لاين
    د. هشام عباس-الرياض السعودية
    مكتبتى
    رابط مختصر



    الاستقلال في عطبرة
    العطبراوى ودبورة ورحيل الذكريات الجميلة
    بروفسير.هشام محمد عباس ـــ أستاذ جامعي
    [email protected]
    تحتشد هذه الأيام أعياد تضفى على الوطن روعة الإنتماء لهذا السودان الممتد في جغرافيا وجداننا وتاريخنا العامر بالقيم الراسخة التي تؤكد مستقبلاً زاهراً لأجيالنا القادمة .. نحتفل ونحن نفرش الأماني ورداً لأبنائنا الصغار بالوعد الأخضر ونحلق في سماء الأحلام أن السودان قوي بأبنائه ... ونحن في عطبرة نحتفل لأن الإستقلال جزء من تاريخنا وتراثنا .. فمن هنا خرجت قوافل الوطنية إلى سوح بلادي وقدم العمال ضرباً من الوطنية والأفق البعيد .. نحتفل في عطبرة والمدينة توثق للاستقلال ويكتب الدكتور/ عثمان السيد محجوب عن السكة الحديد ودورها في مناهضة الإحتلال عبر كتابه أم المصالح، وعبد الناصر أبو كروق يكتب (أم المدائن) في سرد توثيقي رائع عن المدينة ودورها الوطني، والشيخ/ عثمان عبد الهادي يقدم وثيقة رائعة عن النشاط الإسلامي في عطبرة. واحتفلت المدينة بطباعة كتاب عطبرة في فؤادي وخاطري للأستاذ/ الرشيد مهدي وبعد ذلك كتاب آمال وأحلام الذي يوثق سيرة أول فيلم روائي سوداني الذي أنتج في عطبرة في العام 1966م، وتستمر مسيرة التوثيق ويكتب الأستاذ/ حسن أحمد الشيخ سلسلة عطبرة رموز ومعالم، ويقدم الأستاذ/ مزمل سليمان حمد كتابه التوثيقي الرائع عن الدور الوطني للأغنية الوطنية من خلال الراحل حسن خليفة العطبراوي عطبرة الان تملك أكبر كتب توثيقية بفضل جهود الأستاذ الهادي محمد على الذي جعل شكل احتفال عطبرة بمئويتها في شكل كتب.
    تحتفل عطبرة بالإستقلال دون شمس الفنان حسن خليفة العطبراوي والعم دبورة فهما يعطيا المناسبة نكهتها الخاصة ..
    استقلال يغيب عنه العطبراوى..
    في موكب لم يتكرر في السنوات الماضية شيعت عطبرة في العام 2007م الفنان الرمز حسن خليفة العطبراوى .. الذي ارتبط اسمه بهذه المناسبة وكان الإعلاميون يقصدونه سنويا في مثل هذه الأيام فقد كان ذاكرة متقدة ملمة بتفاصيل دقيقة .. ولازلت اتذكر اخر مرة شاهدت فيها العطبراوى ممسكا بعوده وهو يتغنى بأغنيته ( أنا سوداني) وذلك قبل أعوام بمسرح جامعة وادي النيل في افتتاح مؤتمر الإذاعات الولائية ورسخت في وجداني صورة البروفسير/ على محمد شمو الذي حضر هذا الحفل وهو يزرف دموعا عندما بدا العطبراوى الغناء وجفف البروف دموعه عندما شدى العطبراوى ( أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا يذكر المجد كلما ذكروا وهو يعتز حيث يقترن.. حكموا العدل فى الورى زمن ياترى هل يعود ذا الزمن).. وفى تقديري انه لايوجد إهداءه ونحن نحتفل بالاستقلال أقيم من هذه الصورةالتى انسخها للجميع .. ان ارتباط العطبراوى بالاستقلال نتج من انفعاله بالحركة الوطنية التي شهدتها مدينة عطبرة أيام مناهضة المحتل حيث عبر العطبراوى عن نشاط هيئة شئون العمال وشكل مع قادة العمال جبهة متكاملة الرؤى ضد المحتل .
    جانب من سيرة العطبراوى :-
    ولد الفنان حسن خليفة محمد الفضل الشهير بالعطبراوى في عام 1921م بمدينة عطبرة وانتمى وهو في السادسة من عمره بخلوة الشيخ حمزة محمد حامد ليحفظ القران الكريم ثم انضم بعد ذلك للمدرسة الشرقية بعطبرة إلا انه ترك الدراسة واختار مهنة التمريض بمستشفى عطبرة وبعد ذلك هاجر إلى الإسكندرية بجمهورية مصر العربية في الفترة من 1936-1939م وتأثر في هذه الفترة بالحياة الثقافية والفنية بالإسكندرية ويعتبر عام 1940م هو البداية للفنان العطبراوى مع الغناء .. حيث بدأ ثنائي برفقة محمد سعيد العقيد ثم يوسف أمين وهو من أبناء مدينة ود مدني وعند ظهور اسطوانات سرور وكرومه كان العطبراوى يحفظها ويتفاعل معها .. وفى منتصف الأربعينات تعلم العطبراوى العزف على العود بنادي النيل بعطبرة وغنى بعد ذلك بمصاحبة الموسيقى، وفى العام 1948م قدم المرحوم متولي عيد دعوة للفنان العطبراوى أن يغنى في الإذاعة السودانية وسجل أغنيته (أنا سوداني ) وعند انشاء التلفزيون السوداني فى العام 1962م كان للعطبراوى نصيباً وافراً من الغناء لعل ذلك جعلت البروفسير/ على شمو يعود بالذاكرة ويتفاعل مع العطبراوى وهو يعيد أنا سوداني بعد نصف قرن من الزمان.. وفى عام 1950م كون العطبراوى أول دار لتجمع الفنانين بعطبرة وقد كانت مشتركة مع فرقة النهضة والتي كان من ابرز أعضائها الطيب حسن الطيب ومصطفى عبدالعزيز وعبدالرحمن مصطفى وقد قام بدعم الدار بعض الخيرين من ابناء المدينة مثل محمد عبدالماجد ابورجيلة وابوطالب عريف وكل هذه الأسماء ساهمت في الحركة الوطنية ضد المحتل.. وقد تمكنت هذه المجموعة من نقل أول حفل غنائى ليبث على الهواء مباشرة من الاذاعة السودانية كأول حدث أن ينتقل المايكرفون خارج الخرطوم في الخمسينات وكان عائد دخل الحفل لصالح اتحاد الفنانين بعطبرة ومن الاغنيات الخالدة للعطبراوى ياغريب يلا لى بلدك ليوسف مصطفى التنى والبعض نسبها للشاعر والسياسى المعروف فى أوساط السكة حديد عبدالله بشير واغنية ست البنات لتاج السر عباس والقلوب مرتاحة للطاهر محمد عثمان والمسافر للشاعر حسب البارى سليمان ومسيحية وفى بعادك لنجم الدين الكرفابى وقصائد للأمير عبدالله الفيصل وغير ذلك من الاغنيات الخالدة..ونؤكد ان ابرز ماقدمه فى مسيرته الفنية هو اشتراكه فى الفلم الروائي السينمائي الأول في السودان آمال وأحلام .
    الرحيل...
    ظل الأستاذ حسن خليفة العطبراوى محباً لعطبرة التي أنجبته وأعطاها قلبه وكل نبض فيه ولم يستجيب لاغراءات الهجرة فأصبحت وسائل الإعلام تسعى اليه وهو في منزله في وسط المدينة وظل العطبراوى مخلصاً لأصدقائه ومعجبيه ولأبناء عطبرة الذين حشدوا كافة امكانياتهم وشيدوا المنزل الذي توفى فيه وذلك عرفاناً ووفاءاً من اهل عطبرة له من خلال لجنة عليا جمعت الوان الطيف الاجتماعى وكان على رأسها الأستاذ المرحوم/ أمين عبد المجيد الناشط الاجتماعي المعروف.. وقد خرج جثمانه الطاهر من هذا المنزل بعد ليلة حزينة من ليالى عطبرة اجتمعت من كل المدينة وقررت أن يكون الدفن صباحاً حتى يتجول الجثمان كافة ارجاء عطبرة واستجاب ابن العطبراوى خليفة حسن خليفة لرجاءات المحتشدين امام الطرق المؤدية الى المنزل .. وفى ذلك الصباح الحزين خرجت كل المدينة ولوكانت لشوارع عطبرة مقلاً لزرفت دموعاً وهى تودع العطبراوى الى مثواه الاخير.. وكان الشيخ/ عباس الخضر الحسين النقابى المعروف ورئيس لجنة العدل الان بالمجلس الوطنى قد حضر من الخرطوم ليؤم المصلين والمترحمين على حسن خليفة العطبراوى وكان الوفاء من اتحاد الفنانين بقيادة الدكتور/ عبدالقادر سالم وهو يتلقون العزاء فى فقد السودان.
    لقد مات العطبراوى ورحلت معه الذكريات الجميلة التى كان يرويها عن الاستقلال فتعطى المناسبة نكهة عطبراوية ذات مذاق خاص.. ولكن تبقى اغنياته وذكرياته ومنزله بعطبرة رمزاً من رموز الغناء الوطنى الاصيل.
    عوض الله دبورة .. المراسل الصحفى الأول فى السودان ..
    لم تجف دموع المقل الحزينة فى عطبره من وداع الفنان حسن خليفة العطبرواى حتى فجعت المدينة برحيل صديقه الاستاذ عوض الله دبورة أول مراسل صحفى سودانى خارج العاصمة .. و يكون بذلك عام 2007م هو عام الرحيل لاسماء اقترنت بعطبره والإستقلال .. و دبورة هو صاحب اشهر مكتبة فى المدينة و يتمتع بحس صحفى عالى جعله يتعامل مع الكتب و المجلات و الصحف بطريقة غير تلك التى تشعر انك تتعامل مع بائع.. فهو يشارك فى المضمون الصحفى وينقل الاحداث و لعل جيل الاربعينات و الخمسينات والستينات من القرن الماضى يذكرون كيف أن عوض الله دبورة نجح بمهنيته العالية بنقل اخبار الحركة الوطنية و العمالية عبر الصحف فى ذلكم الوقت .
    ولد الاستاذ عوض الله دبورة فى قرية كنور شمال مدينة عطبره فى العام 1924م و درس فى ذات المدرسة التى انتمى اليها صديقه العطبراوى و هى مدرسة عطبره الشرقية.. ونشأ مع والده بمدينة عطبره و اصبح من رواد سوقها بحكم عمل والده فى تجارة العطارة .. وقد ذكر لي الراحل دبورة فى حوار إذاعي بإذاعة عطبره أنه و حتى منتصف الثلاينات كانت لا توجد مكتبات بالمعنى و الشكل المتعارف عليه حالياً .. و قال أنه كان يشترى المجلات من حلاق معروف بالسوق هو الطاهر محمد حامد حيث كان يعرض الكتب و المجلات والصحف فى منضدة بجانب عمله في مهنة الحلاقة. و من خلال علاقته بهذا الحلاق برزت فكرة تأسيس مكتبة دبورة و كان ذلك فى عام 1948م.

    دبورة و الرأى العام و اسماعيل العتبانى :
    كان العام 1945م بداية جديدة فى عالم الصحافة السودانية حيث ظهرت صحيفة الرأى العام كأول صحيفة سودانية مستقلة وكان مؤسسها الأستاذ اسماعيل العتبانى صاحب مدرسة صحفية تدعو الى التوازن و الصدق و التحقق من الاخبار بعيداً عن الاثارة. ولمَّا اراد العتبانى نقل اخبار الحركة العمالية فى عطبرة اتصل بصديقه المرحوم / الفاتح البدوى والد البروفسور سعاد الفاتح وقد كان من كبار الادرايين بالمنطقة الشمالية و طلب منه أن يختار أحد المراقبين ليكون مراسلاً للرأي العام من عطبرة. و قد ذكر لي المرحوم دبورة ان المرحوم الفاتح البدوى اتصل تلفونياً من مكتبه بالاستاذ/ اسماعيل العتبانى و جعلنى اتحدث معه عبر الهاتف و كانت هذه صلتي الاولى بالرأي العام. و فى حوارى الموثق مع المرحوم دبورة اثنى على مدرسة العتبانى الصحفية و قال إنه شخصية غير عادية وتحدث على تفوق الأستاذ/ اسماعيل العتبانى فى مجال الادارة الصحفية فى زمن ما كانت فيه الامكانيات الصحفية متوفرة بالشكل الذى نجده الان و يذكر دبورة ان أول اسلوب فى تسويق صحيفة الرأى العام بصورة غير معهودة جاء به اسماعيل العتبانى حيث طلب منى إن أبيع النسخ مباشرة من المكتبة وكان السائد أن توزع عن طريق الاشتراك فى الدواوين الحكومية و تذكر دبوره كيف انه كان يستعين بقوات البوليس لتنظيم صفوف مجموعات المحتشدين المطالبين بجريدة الرأي العام.. و هنا يروى المرحوم/ دبورة ابرز قصص العتبانى الصحفية فى التحقق من صدق الخبر حيث صدمت عربة احد المفتشين الانجليز مواطن بعطبره فشاهد دبورة هذا الحدث و نقله عبر الهاتف الى صحيفة الرأى العام وتم نشره و نسبة الى ان المدينة كانت تموج بالغضب من المحتل حيث كان ذلك فى العام 1949م تطور الامر فاخذ بعداً سياسياً .. و كتب دبورة خبراً فى اليوم التالى مفاده ان الرجل المصدوم قد توفى و تفاجأ دبورة بهاتف من اسماعيل العتبانى يدعو دبورة للتأكد من هذا الخبر و الذهاب لمنزل العزاء و عندما ذهب دبورة إلى المستشفى وجد الرجل على قيد الحياة.. و ان هنالك رواة اوصلوا له الخبر فى خضم احداث سياسية ووطنية تحارب المحتل بكل الصور وذكر دبورة بأن هذا السلوك المهنى كان الدرس الاول الذى تعلمه من العتبانى والذى استمر معه مراسلاً حتى تاميم الصحافة السودانية فى العام 1970م
    ان المرحوم دبورة يعتبر حلقة من حلقات دخول الصحافة العربية وبخاصة المصرية الى السودان حيث منحته دار الهلال المصرية حق التوزيع انتاجها فى السودان فى العام 1952م واصبحت مكتبات العاصمة ووسط السودان تجد حظها من هذه المنتجات من مكتبة دبورة.. وفى منتصف الخمسنيات اصبح دبورة وكيلاً لدار الحلبى والتوفقية فى بيروت..
    عرف الراحل دبورة بدعمه للزعيم اسماعيل الازهرى وكانت داره ومكتبته ملاذاً للاتحاديين مناصراً لهم فى كافة قضاياهم لكنه كان يؤدى مهنة الصحافة فى حياديه اكسبته احترام الجميع .. وقد تم تكريم الاستاذ / دبورة فى محافل كثيره الا انه حدثنى عن تكريم مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية له وقال لي إن الأستاذ/ على شمو رئيس المجلس صديقى وهو يعرف قدر الرجال ..
    رحل دبورة فى ليلة حزينة حيث كان فى وداعه الاخير اهل عطبرة يتقدمهم الاستاذ/ غلام الدين عثمان والى نهر النيل الأسبق وتحدث انابة عن اهله وأصدقائه والأستاذ الهادي محمد علي معتمد عطبرة الأسبق والاستاذ/ حسن احمد الشيخ الناشط الاجتماعى المعروف بالمدينة.. رحل دبورة بعد ان خلد تراثاً من الذكريات الجميلة عن الاستقلال والحركة الوطنية والعمالية فى فترة مناهضة المحتل.
    أنّ الإحتفال بذكرى الإستقلال بمدينة عطبرة هو الإحتفال بتلكم الرموز والقيم التي تبقى تذكيراً بأولئك الذين صنعوا تلكم المواقف الوطنية.





    الاستقلال في عطبرة
    العطبراوى ودبورة ورحيل الذكريات الجميلة
    بروفسير.هشام محمد عباس ـــ أستاذ جامعي
    [email protected]
    تحتشد هذه الأيام أعياد تضفى على الوطن روعة الإنتماء لهذا السودان الممتد في جغرافيا وجداننا وتاريخنا العامر بالقيم الراسخة التي تؤكد مستقبلاً زاهراً لأجيالنا القادمة .. نحتفل ونحن نفرش الأماني ورداً لأبنائنا الصغار بالوعد الأخضر ونحلق في سماء الأحلام أن السودان قوي بأبنائه ... ونحن في عطبرة نحتفل لأن الإستقلال جزء من تاريخنا وتراثنا .. فمن هنا خرجت قوافل الوطنية إلى سوح بلادي وقدم العمال ضرباً من الوطنية والأفق البعيد .. نحتفل في عطبرة والمدينة توثق للاستقلال ويكتب الدكتور/ عثمان السيد محجوب عن السكة الحديد ودورها في مناهضة الإحتلال عبر كتابه أم المصالح، وعبد الناصر أبو كروق يكتب (أم المدائن) في سرد توثيقي رائع عن المدينة ودورها الوطني، والشيخ/ عثمان عبد الهادي يقدم وثيقة رائعة عن النشاط الإسلامي في عطبرة. واحتفلت المدينة بطباعة كتاب عطبرة في فؤادي وخاطري للأستاذ/ الرشيد مهدي وبعد ذلك كتاب آمال وأحلام الذي يوثق سيرة أول فيلم روائي سوداني الذي أنتج في عطبرة في العام 1966م، وتستمر مسيرة التوثيق ويكتب الأستاذ/ حسن أحمد الشيخ سلسلة عطبرة رموز ومعالم، ويقدم الأستاذ/ مزمل سليمان حمد كتابه التوثيقي الرائع عن الدور الوطني للأغنية الوطنية من خلال الراحل حسن خليفة العطبراوي عطبرة الان تملك أكبر كتب توثيقية بفضل جهود الأستاذ الهادي محمد على الذي جعل شكل احتفال عطبرة بمئويتها في شكل كتب.
    تحتفل عطبرة بالإستقلال دون شمس الفنان حسن خليفة العطبراوي والعم دبورة فهما يعطيا المناسبة نكهتها الخاصة ..
    استقلال يغيب عنه العطبراوى..
    في موكب لم يتكرر في السنوات الماضية شيعت عطبرة في العام 2007م الفنان الرمز حسن خليفة العطبراوى .. الذي ارتبط اسمه بهذه المناسبة وكان الإعلاميون يقصدونه سنويا في مثل هذه الأيام فقد كان ذاكرة متقدة ملمة بتفاصيل دقيقة .. ولازلت اتذكر اخر مرة شاهدت فيها العطبراوى ممسكا بعوده وهو يتغنى بأغنيته ( أنا سوداني) وذلك قبل أعوام بمسرح جامعة وادي النيل في افتتاح مؤتمر الإذاعات الولائية ورسخت في وجداني صورة البروفسير/ على محمد شمو الذي حضر هذا الحفل وهو يزرف دموعا عندما بدا العطبراوى الغناء وجفف البروف دموعه عندما شدى العطبراوى ( أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا يذكر المجد كلما ذكروا وهو يعتز حيث يقترن.. حكموا العدل فى الورى زمن ياترى هل يعود ذا الزمن).. وفى تقديري انه لايوجد إهداءه ونحن نحتفل بالاستقلال أقيم من هذه الصورةالتى انسخها للجميع .. ان ارتباط العطبراوى بالاستقلال نتج من انفعاله بالحركة الوطنية التي شهدتها مدينة عطبرة أيام مناهضة المحتل حيث عبر العطبراوى عن نشاط هيئة شئون العمال وشكل مع قادة العمال جبهة متكاملة الرؤى ضد المحتل .
    جانب من سيرة العطبراوى :-
    ولد الفنان حسن خليفة محمد الفضل الشهير بالعطبراوى في عام 1921م بمدينة عطبرة وانتمى وهو في السادسة من عمره بخلوة الشيخ حمزة محمد حامد ليحفظ القران الكريم ثم انضم بعد ذلك للمدرسة الشرقية بعطبرة إلا انه ترك الدراسة واختار مهنة التمريض بمستشفى عطبرة وبعد ذلك هاجر إلى الإسكندرية بجمهورية مصر العربية في الفترة من 1936-1939م وتأثر في هذه الفترة بالحياة الثقافية والفنية بالإسكندرية ويعتبر عام 1940م هو البداية للفنان العطبراوى مع الغناء .. حيث بدأ ثنائي برفقة محمد سعيد العقيد ثم يوسف أمين وهو من أبناء مدينة ود مدني وعند ظهور اسطوانات سرور وكرومه كان العطبراوى يحفظها ويتفاعل معها .. وفى منتصف الأربعينات تعلم العطبراوى العزف على العود بنادي النيل بعطبرة وغنى بعد ذلك بمصاحبة الموسيقى، وفى العام 1948م قدم المرحوم متولي عيد دعوة للفنان العطبراوى أن يغنى في الإذاعة السودانية وسجل أغنيته (أنا سوداني ) وعند انشاء التلفزيون السوداني فى العام 1962م كان للعطبراوى نصيباً وافراً من الغناء لعل ذلك جعلت البروفسير/ على شمو يعود بالذاكرة ويتفاعل مع العطبراوى وهو يعيد أنا سوداني بعد نصف قرن من الزمان.. وفى عام 1950م كون العطبراوى أول دار لتجمع الفنانين بعطبرة وقد كانت مشتركة مع فرقة النهضة والتي كان من ابرز أعضائها الطيب حسن الطيب ومصطفى عبدالعزيز وعبدالرحمن مصطفى وقد قام بدعم الدار بعض الخيرين من ابناء المدينة مثل محمد عبدالماجد ابورجيلة وابوطالب عريف وكل هذه الأسماء ساهمت في الحركة الوطنية ضد المحتل.. وقد تمكنت هذه المجموعة من نقل أول حفل غنائى ليبث على الهواء مباشرة من الاذاعة السودانية كأول حدث أن ينتقل المايكرفون خارج الخرطوم في الخمسينات وكان عائد دخل الحفل لصالح اتحاد الفنانين بعطبرة ومن الاغنيات الخالدة للعطبراوى ياغريب يلا لى بلدك ليوسف مصطفى التنى والبعض نسبها للشاعر والسياسى المعروف فى أوساط السكة حديد عبدالله بشير واغنية ست البنات لتاج السر عباس والقلوب مرتاحة للطاهر محمد عثمان والمسافر للشاعر حسب البارى سليمان ومسيحية وفى بعادك لنجم الدين الكرفابى وقصائد للأمير عبدالله الفيصل وغير ذلك من الاغنيات الخالدة..ونؤكد ان ابرز ماقدمه فى مسيرته الفنية هو اشتراكه فى الفلم الروائي السينمائي الأول في السودان آمال وأحلام .
    الرحيل...
    ظل الأستاذ حسن خليفة العطبراوى محباً لعطبرة التي أنجبته وأعطاها قلبه وكل نبض فيه ولم يستجيب لاغراءات الهجرة فأصبحت وسائل الإعلام تسعى اليه وهو في منزله في وسط المدينة وظل العطبراوى مخلصاً لأصدقائه ومعجبيه ولأبناء عطبرة الذين حشدوا كافة امكانياتهم وشيدوا المنزل الذي توفى فيه وذلك عرفاناً ووفاءاً من اهل عطبرة له من خلال لجنة عليا جمعت الوان الطيف الاجتماعى وكان على رأسها الأستاذ المرحوم/ أمين عبد المجيد الناشط الاجتماعي المعروف.. وقد خرج جثمانه الطاهر من هذا المنزل بعد ليلة حزينة من ليالى عطبرة اجتمعت من كل المدينة وقررت أن يكون الدفن صباحاً حتى يتجول الجثمان كافة ارجاء عطبرة واستجاب ابن العطبراوى خليفة حسن خليفة لرجاءات المحتشدين امام الطرق المؤدية الى المنزل .. وفى ذلك الصباح الحزين خرجت كل المدينة ولوكانت لشوارع عطبرة مقلاً لزرفت دموعاً وهى تودع العطبراوى الى مثواه الاخير.. وكان الشيخ/ عباس الخضر الحسين النقابى المعروف ورئيس لجنة العدل الان بالمجلس الوطنى قد حضر من الخرطوم ليؤم المصلين والمترحمين على حسن خليفة العطبراوى وكان الوفاء من اتحاد الفنانين بقيادة الدكتور/ عبدالقادر سالم وهو يتلقون العزاء فى فقد السودان.
    لقد مات العطبراوى ورحلت معه الذكريات الجميلة التى كان يرويها عن الاستقلال فتعطى المناسبة نكهة عطبراوية ذات مذاق خاص.. ولكن تبقى اغنياته وذكرياته ومنزله بعطبرة رمزاً من رموز الغناء الوطنى الاصيل.
    عوض الله دبورة .. المراسل الصحفى الأول فى السودان ..
    لم تجف دموع المقل الحزينة فى عطبره من وداع الفنان حسن خليفة العطبرواى حتى فجعت المدينة برحيل صديقه الاستاذ عوض الله دبورة أول مراسل صحفى سودانى خارج العاصمة .. و يكون بذلك عام 2007م هو عام الرحيل لاسماء اقترنت بعطبره والإستقلال .. و دبورة هو صاحب اشهر مكتبة فى المدينة و يتمتع بحس صحفى عالى جعله يتعامل مع الكتب و المجلات و الصحف بطريقة غير تلك التى تشعر انك تتعامل مع بائع.. فهو يشارك فى المضمون الصحفى وينقل الاحداث و لعل جيل الاربعينات و الخمسينات والستينات من القرن الماضى يذكرون كيف أن عوض الله دبورة نجح بمهنيته العالية بنقل اخبار الحركة الوطنية و العمالية عبر الصحف فى ذلكم الوقت .
    ولد الاستاذ عوض الله دبورة فى قرية كنور شمال مدينة عطبره فى العام 1924م و درس فى ذات المدرسة التى انتمى اليها صديقه العطبراوى و هى مدرسة عطبره الشرقية.. ونشأ مع والده بمدينة عطبره و اصبح من رواد سوقها بحكم عمل والده فى تجارة العطارة .. وقد ذكر لي الراحل دبورة فى حوار إذاعي بإذاعة عطبره أنه و حتى منتصف الثلاينات كانت لا توجد مكتبات بالمعنى و الشكل المتعارف عليه حالياً .. و قال أنه كان يشترى المجلات من حلاق معروف بالسوق هو الطاهر محمد حامد حيث كان يعرض الكتب و المجلات والصحف فى منضدة بجانب عمله في مهنة الحلاقة. و من خلال علاقته بهذا الحلاق برزت فكرة تأسيس مكتبة دبورة و كان ذلك فى عام 1948م.

    دبورة و الرأى العام و اسماعيل العتبانى :
    كان العام 1945م بداية جديدة فى عالم الصحافة السودانية حيث ظهرت صحيفة الرأى العام كأول صحيفة سودانية مستقلة وكان مؤسسها الأستاذ اسماعيل العتبانى صاحب مدرسة صحفية تدعو الى التوازن و الصدق و التحقق من الاخبار بعيداً عن الاثارة. ولمَّا اراد العتبانى نقل اخبار الحركة العمالية فى عطبرة اتصل بصديقه المرحوم / الفاتح البدوى والد البروفسور سعاد الفاتح وقد كان من كبار الادرايين بالمنطقة الشمالية و طلب منه أن يختار أحد المراقبين ليكون مراسلاً للرأي العام من عطبرة. و قد ذكر لي المرحوم دبورة ان المرحوم الفاتح البدوى اتصل تلفونياً من مكتبه بالاستاذ/ اسماعيل العتبانى و جعلنى اتحدث معه عبر الهاتف و كانت هذه صلتي الاولى بالرأي العام. و فى حوارى الموثق مع المرحوم دبورة اثنى على مدرسة العتبانى الصحفية و قال إنه شخصية غير عادية وتحدث على تفوق الأستاذ/ اسماعيل العتبانى فى مجال الادارة الصحفية فى زمن ما كانت فيه الامكانيات الصحفية متوفرة بالشكل الذى نجده الان و يذكر دبورة ان أول اسلوب فى تسويق صحيفة الرأى العام بصورة غير معهودة جاء به اسماعيل العتبانى حيث طلب منى إن أبيع النسخ مباشرة من المكتبة وكان السائد أن توزع عن طريق الاشتراك فى الدواوين الحكومية و تذكر دبوره كيف انه كان يستعين بقوات البوليس لتنظيم صفوف مجموعات المحتشدين المطالبين بجريدة الرأي العام.. و هنا يروى المرحوم/ دبورة ابرز قصص العتبانى الصحفية فى التحقق من صدق الخبر حيث صدمت عربة احد المفتشين الانجليز مواطن بعطبره فشاهد دبورة هذا الحدث و نقله عبر الهاتف الى صحيفة الرأى العام وتم نشره و نسبة الى ان المدينة كانت تموج بالغضب من المحتل حيث كان ذلك فى العام 1949م تطور الامر فاخذ بعداً سياسياً .. و كتب دبورة خبراً فى اليوم التالى مفاده ان الرجل المصدوم قد توفى و تفاجأ دبورة بهاتف من اسماعيل العتبانى يدعو دبورة للتأكد من هذا الخبر و الذهاب لمنزل العزاء و عندما ذهب دبورة إلى المستشفى وجد الرجل على قيد الحياة.. و ان هنالك رواة اوصلوا له الخبر فى خضم احداث سياسية ووطنية تحارب المحتل بكل الصور وذكر دبورة بأن هذا السلوك المهنى كان الدرس الاول الذى تعلمه من العتبانى والذى استمر معه مراسلاً حتى تاميم الصحافة السودانية فى العام 1970م
    ان المرحوم دبورة يعتبر حلقة من حلقات دخول الصحافة العربية وبخاصة المصرية الى السودان حيث منحته دار الهلال المصرية حق التوزيع انتاجها فى السودان فى العام 1952م واصبحت مكتبات العاصمة ووسط السودان تجد حظها من هذه المنتجات من مكتبة دبورة.. وفى منتصف الخمسنيات اصبح دبورة وكيلاً لدار الحلبى والتوفقية فى بيروت..
    عرف الراحل دبورة بدعمه للزعيم اسماعيل الازهرى وكانت داره ومكتبته ملاذاً للاتحاديين مناصراً لهم فى كافة قضاياهم لكنه كان يؤدى مهنة الصحافة فى حياديه اكسبته احترام الجميع .. وقد تم تكريم الاستاذ / دبورة فى محافل كثيره الا انه حدثنى عن تكريم مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية له وقال لي إن الأستاذ/ على شمو رئيس المجلس صديقى وهو يعرف قدر الرجال ..
    رحل دبورة فى ليلة حزينة حيث كان فى وداعه الاخير اهل عطبرة يتقدمهم الاستاذ/ غلام الدين عثمان والى نهر النيل الأسبق وتحدث انابة عن اهله وأصدقائه والأستاذ الهادي محمد علي معتمد عطبرة الأسبق والاستاذ/ حسن احمد الشيخ الناشط الاجتماعى المعروف بالمدينة.. رحل دبورة بعد ان خلد تراثاً من الذكريات الجميلة عن الاستقلال والحركة الوطنية والعمالية فى فترة مناهضة المحتل.
    أنّ الإحتفال بذكرى الإستقلال بمدينة عطبرة هو الإحتفال بتلكم الرموز والقيم التي تبقى تذكيراً بأولئك الذين صنعوا تلكم المواقف الوطنية.









    الاستقلال في عطبرة
    العطبراوى ودبورة ورحيل الذكريات الجميلة
    بروفسير.هشام محمد عباس ـــ أستاذ جامعي
    [email protected]
    تحتشد هذه الأيام أعياد تضفى على الوطن روعة الإنتماء لهذا السودان الممتد في جغرافيا وجداننا وتاريخنا العامر بالقيم الراسخة التي تؤكد مستقبلاً زاهراً لأجيالنا القادمة .. نحتفل ونحن نفرش الأماني ورداً لأبنائنا الصغار بالوعد الأخضر ونحلق في سماء الأحلام أن السودان قوي بأبنائه ... ونحن في عطبرة نحتفل لأن الإستقلال جزء من تاريخنا وتراثنا .. فمن هنا خرجت قوافل الوطنية إلى سوح بلادي وقدم العمال ضرباً من الوطنية والأفق البعيد .. نحتفل في عطبرة والمدينة توثق للاستقلال ويكتب الدكتور/ عثمان السيد محجوب عن السكة الحديد ودورها في مناهضة الإحتلال عبر كتابه أم المصالح، وعبد الناصر أبو كروق يكتب (أم المدائن) في سرد توثيقي رائع عن المدينة ودورها الوطني، والشيخ/ عثمان عبد الهادي يقدم وثيقة رائعة عن النشاط الإسلامي في عطبرة. واحتفلت المدينة بطباعة كتاب عطبرة في فؤادي وخاطري للأستاذ/ الرشيد مهدي وبعد ذلك كتاب آمال وأحلام الذي يوثق سيرة أول فيلم روائي سوداني الذي أنتج في عطبرة في العام 1966م، وتستمر مسيرة التوثيق ويكتب الأستاذ/ حسن أحمد الشيخ سلسلة عطبرة رموز ومعالم، ويقدم الأستاذ/ مزمل سليمان حمد كتابه التوثيقي الرائع عن الدور الوطني للأغنية الوطنية من خلال الراحل حسن خليفة العطبراوي عطبرة الان تملك أكبر كتب توثيقية بفضل جهود الأستاذ الهادي محمد على الذي جعل شكل احتفال عطبرة بمئويتها في شكل كتب.
    تحتفل عطبرة بالإستقلال دون شمس الفنان حسن خليفة العطبراوي والعم دبورة فهما يعطيا المناسبة نكهتها الخاصة ..
    استقلال يغيب عنه العطبراوى..
    في موكب لم يتكرر في السنوات الماضية شيعت عطبرة في العام 2007م الفنان الرمز حسن خليفة العطبراوى .. الذي ارتبط اسمه بهذه المناسبة وكان الإعلاميون يقصدونه سنويا في مثل هذه الأيام فقد كان ذاكرة متقدة ملمة بتفاصيل دقيقة .. ولازلت اتذكر اخر مرة شاهدت فيها العطبراوى ممسكا بعوده وهو يتغنى بأغنيته ( أنا سوداني) وذلك قبل أعوام بمسرح جامعة وادي النيل في افتتاح مؤتمر الإذاعات الولائية ورسخت في وجداني صورة البروفسير/ على محمد شمو الذي حضر هذا الحفل وهو يزرف دموعا عندما بدا العطبراوى الغناء وجفف البروف دموعه عندما شدى العطبراوى ( أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا يذكر المجد كلما ذكروا وهو يعتز حيث يقترن.. حكموا العدل فى الورى زمن ياترى هل يعود ذا الزمن).. وفى تقديري انه لايوجد إهداءه ونحن نحتفل بالاستقلال أقيم من هذه الصورةالتى انسخها للجميع .. ان ارتباط العطبراوى بالاستقلال نتج من انفعاله بالحركة الوطنية التي شهدتها مدينة عطبرة أيام مناهضة المحتل حيث عبر العطبراوى عن نشاط هيئة شئون العمال وشكل مع قادة العمال جبهة متكاملة الرؤى ضد المحتل .
    جانب من سيرة العطبراوى :-
    ولد الفنان حسن خليفة محمد الفضل الشهير بالعطبراوى في عام 1921م بمدينة عطبرة وانتمى وهو في السادسة من عمره بخلوة الشيخ حمزة محمد حامد ليحفظ القران الكريم ثم انضم بعد ذلك للمدرسة الشرقية بعطبرة إلا انه ترك الدراسة واختار مهنة التمريض بمستشفى عطبرة وبعد ذلك هاجر إلى الإسكندرية بجمهورية مصر العربية في الفترة من 1936-1939م وتأثر في هذه الفترة بالحياة الثقافية والفنية بالإسكندرية ويعتبر عام 1940م هو البداية للفنان العطبراوى مع الغناء .. حيث بدأ ثنائي برفقة محمد سعيد العقيد ثم يوسف أمين وهو من أبناء مدينة ود مدني وعند ظهور اسطوانات سرور وكرومه كان العطبراوى يحفظها ويتفاعل معها .. وفى منتصف الأربعينات تعلم العطبراوى العزف على العود بنادي النيل بعطبرة وغنى بعد ذلك بمصاحبة الموسيقى، وفى العام 1948م قدم المرحوم متولي عيد دعوة للفنان العطبراوى أن يغنى في الإذاعة السودانية وسجل أغنيته (أنا سوداني ) وعند انشاء التلفزيون السوداني فى العام 1962م كان للعطبراوى نصيباً وافراً من الغناء لعل ذلك جعلت البروفسير/ على شمو يعود بالذاكرة ويتفاعل مع العطبراوى وهو يعيد أنا سوداني بعد نصف قرن من الزمان.. وفى عام 1950م كون العطبراوى أول دار لتجمع الفنانين بعطبرة وقد كانت مشتركة مع فرقة النهضة والتي كان من ابرز أعضائها الطيب حسن الطيب ومصطفى عبدالعزيز وعبدالرحمن مصطفى وقد قام بدعم الدار بعض الخيرين من ابناء المدينة مثل محمد عبدالماجد ابورجيلة وابوطالب عريف وكل هذه الأسماء ساهمت في الحركة الوطنية ضد المحتل.. وقد تمكنت هذه المجموعة من نقل أول حفل غنائى ليبث على الهواء مباشرة من الاذاعة السودانية كأول حدث أن ينتقل المايكرفون خارج الخرطوم في الخمسينات وكان عائد دخل الحفل لصالح اتحاد الفنانين بعطبرة ومن الاغنيات الخالدة للعطبراوى ياغريب يلا لى بلدك ليوسف مصطفى التنى والبعض نسبها للشاعر والسياسى المعروف فى أوساط السكة حديد عبدالله بشير واغنية ست البنات لتاج السر عباس والقلوب مرتاحة للطاهر محمد عثمان والمسافر للشاعر حسب البارى سليمان ومسيحية وفى بعادك لنجم الدين الكرفابى وقصائد للأمير عبدالله الفيصل وغير ذلك من الاغنيات الخالدة..ونؤكد ان ابرز ماقدمه فى مسيرته الفنية هو اشتراكه فى الفلم الروائي السينمائي الأول في السودان آمال وأحلام .
    الرحيل...
    ظل الأستاذ حسن خليفة العطبراوى محباً لعطبرة التي أنجبته وأعطاها قلبه وكل نبض فيه ولم يستجيب لاغراءات الهجرة فأصبحت وسائل الإعلام تسعى اليه وهو في منزله في وسط المدينة وظل العطبراوى مخلصاً لأصدقائه ومعجبيه ولأبناء عطبرة الذين حشدوا كافة امكانياتهم وشيدوا المنزل الذي توفى فيه وذلك عرفاناً ووفاءاً من اهل عطبرة له من خلال لجنة عليا جمعت الوان الطيف الاجتماعى وكان على رأسها الأستاذ المرحوم/ أمين عبد المجيد الناشط الاجتماعي المعروف.. وقد خرج جثمانه الطاهر من هذا المنزل بعد ليلة حزينة من ليالى عطبرة اجتمعت من كل المدينة وقررت أن يكون الدفن صباحاً حتى يتجول الجثمان كافة ارجاء عطبرة واستجاب ابن العطبراوى خليفة حسن خليفة لرجاءات المحتشدين امام الطرق المؤدية الى المنزل .. وفى ذلك الصباح الحزين خرجت كل المدينة ولوكانت لشوارع عطبرة مقلاً لزرفت دموعاً وهى تودع العطبراوى الى مثواه الاخير.. وكان الشيخ/ عباس الخضر الحسين النقابى المعروف ورئيس لجنة العدل الان بالمجلس الوطنى قد حضر من الخرطوم ليؤم المصلين والمترحمين على حسن خليفة العطبراوى وكان الوفاء من اتحاد الفنانين بقيادة الدكتور/ عبدالقادر سالم وهو يتلقون العزاء فى فقد السودان.
    لقد مات العطبراوى ورحلت معه الذكريات الجميلة التى كان يرويها عن الاستقلال فتعطى المناسبة نكهة عطبراوية ذات مذاق خاص.. ولكن تبقى اغنياته وذكرياته ومنزله بعطبرة رمزاً من رموز الغناء الوطنى الاصيل.
    عوض الله دبورة .. المراسل الصحفى الأول فى السودان ..
    لم تجف دموع المقل الحزينة فى عطبره من وداع الفنان حسن خليفة العطبرواى حتى فجعت المدينة برحيل صديقه الاستاذ عوض الله دبورة أول مراسل صحفى سودانى خارج العاصمة .. و يكون بذلك عام 2007م هو عام الرحيل لاسماء اقترنت بعطبره والإستقلال .. و دبورة هو صاحب اشهر مكتبة فى المدينة و يتمتع بحس صحفى عالى جعله يتعامل مع الكتب و المجلات و الصحف بطريقة غير تلك التى تشعر انك تتعامل مع بائع.. فهو يشارك فى المضمون الصحفى وينقل الاحداث و لعل جيل الاربعينات و الخمسينات والستينات من القرن الماضى يذكرون كيف أن عوض الله دبورة نجح بمهنيته العالية بنقل اخبار الحركة الوطنية و العمالية عبر الصحف فى ذلكم الوقت .
    ولد الاستاذ عوض الله دبورة فى قرية كنور شمال مدينة عطبره فى العام 1924م و درس فى ذات المدرسة التى انتمى اليها صديقه العطبراوى و هى مدرسة عطبره الشرقية.. ونشأ مع والده بمدينة عطبره و اصبح من رواد سوقها بحكم عمل والده فى تجارة العطارة .. وقد ذكر لي الراحل دبورة فى حوار إذاعي بإذاعة عطبره أنه و حتى منتصف الثلاينات كانت لا توجد مكتبات بالمعنى و الشكل المتعارف عليه حالياً .. و قال أنه كان يشترى المجلات من حلاق معروف بالسوق هو الطاهر محمد حامد حيث كان يعرض الكتب و المجلات والصحف فى منضدة بجانب عمله في مهنة الحلاقة. و من خلال علاقته بهذا الحلاق برزت فكرة تأسيس مكتبة دبورة و كان ذلك فى عام 1948م.

    دبورة و الرأى العام و اسماعيل العتبانى :
    كان العام 1945م بداية جديدة فى عالم الصحافة السودانية حيث ظهرت صحيفة الرأى العام كأول صحيفة سودانية مستقلة وكان مؤسسها الأستاذ اسماعيل العتبانى صاحب مدرسة صحفية تدعو الى التوازن و الصدق و التحقق من الاخبار بعيداً عن الاثارة. ولمَّا اراد العتبانى نقل اخبار الحركة العمالية فى عطبرة اتصل بصديقه المرحوم / الفاتح البدوى والد البروفسور سعاد الفاتح وقد كان من كبار الادرايين بالمنطقة الشمالية و طلب منه أن يختار أحد المراقبين ليكون مراسلاً للرأي العام من عطبرة. و قد ذكر لي المرحوم دبورة ان المرحوم الفاتح البدوى اتصل تلفونياً من مكتبه بالاستاذ/ اسماعيل العتبانى و جعلنى اتحدث معه عبر الهاتف و كانت هذه صلتي الاولى بالرأي العام. و فى حوارى الموثق مع المرحوم دبورة اثنى على مدرسة العتبانى الصحفية و قال إنه شخصية غير عادية وتحدث على تفوق الأستاذ/ اسماعيل العتبانى فى مجال الادارة الصحفية فى زمن ما كانت فيه الامكانيات الصحفية متوفرة بالشكل الذى نجده الان و يذكر دبورة ان أول اسلوب فى تسويق صحيفة الرأى العام بصورة غير معهودة جاء به اسماعيل العتبانى حيث طلب منى إن أبيع النسخ مباشرة من المكتبة وكان السائد أن توزع عن طريق الاشتراك فى الدواوين الحكومية و تذكر دبوره كيف انه كان يستعين بقوات البوليس لتنظيم صفوف مجموعات المحتشدين المطالبين بجريدة الرأي العام.. و هنا يروى المرحوم/ دبورة ابرز قصص العتبانى الصحفية فى التحقق من صدق الخبر حيث صدمت عربة احد المفتشين الانجليز مواطن بعطبره فشاهد دبورة هذا الحدث و نقله عبر الهاتف الى صحيفة الرأى العام وتم نشره و نسبة الى ان المدينة كانت تموج بالغضب من المحتل حيث كان ذلك فى العام 1949م تطور الامر فاخذ بعداً سياسياً .. و كتب دبورة خبراً فى اليوم التالى مفاده ان الرجل المصدوم قد توفى و تفاجأ دبورة بهاتف من اسماعيل العتبانى يدعو دبورة للتأكد من هذا الخبر و الذهاب لمنزل العزاء و عندما ذهب دبورة إلى المستشفى وجد الرجل على قيد الحياة.. و ان هنالك رواة اوصلوا له الخبر فى خضم احداث سياسية ووطنية تحارب المحتل بكل الصور وذكر دبورة بأن هذا السلوك المهنى كان الدرس الاول الذى تعلمه من العتبانى والذى استمر معه مراسلاً حتى تاميم الصحافة السودانية فى العام 1970م
    ان المرحوم دبورة يعتبر حلقة من حلقات دخول الصحافة العربية وبخاصة المصرية الى السودان حيث منحته دار الهلال المصرية حق التوزيع انتاجها فى السودان فى العام 1952م واصبحت مكتبات العاصمة ووسط السودان تجد حظها من هذه المنتجات من مكتبة دبورة.. وفى منتصف الخمسنيات اصبح دبورة وكيلاً لدار الحلبى والتوفقية فى بيروت..
    عرف الراحل دبورة بدعمه للزعيم اسماعيل الازهرى وكانت داره ومكتبته ملاذاً للاتحاديين مناصراً لهم فى كافة قضاياهم لكنه كان يؤدى مهنة الصحافة فى حياديه اكسبته احترام الجميع .. وقد تم تكريم الاستاذ / دبورة فى محافل كثيره الا انه حدثنى عن تكريم مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية له وقال لي إن الأستاذ/ على شمو رئيس المجلس صديقى وهو يعرف قدر الرجال ..
    رحل دبورة فى ليلة حزينة حيث كان فى وداعه الاخير اهل عطبرة يتقدمهم الاستاذ/ غلام الدين عثمان والى نهر النيل الأسبق وتحدث انابة عن اهله وأصدقائه والأستاذ الهادي محمد علي معتمد عطبرة الأسبق والاستاذ/ حسن احمد الشيخ الناشط الاجتماعى المعروف بالمدينة.. رحل دبورة بعد ان خلد تراثاً من الذكريات الجميلة عن الاستقلال والحركة الوطنية والعمالية فى فترة مناهضة المحتل.
    أنّ الإحتفال بذكرى الإستقلال بمدينة عطبرة هو الإحتفال بتلكم الرموز والقيم التي تبقى تذكيراً بأولئك الذين صنعوا تلكم المواقف الوطنية.























                  

01-17-2017, 04:31 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12480

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستقلال في عطبرة ....العطبراوى ودبورة ور� (Re: د. هشام عباس)

    حبيبنا دكتور هشام .. حروفك جميلة وأنتظر كل ما تكتب ..
    يا سلام على عطبرة التي أثرت هذا المنتدى بأقلام رائعة .
    الشغيل وإبنة إبتسام وأبوجهينة وغيرهم .. وكلها أقلام مشبعة بالقيم ..
    وأكثر ما يثير إعجابي التثويق لكل أحداث وفعاليات عطيرة
    من أين لنا بتلك الكتب والمنشورات أخي الدكتور ..
    متأسف أنني لم أزور عطبرة .. رغم أننا كنا نعبر من عطبرة إلى كريمة ثم بالباخرة إلى دنقلا
    زمان أيام التصاريح .. فقط من المحطة ..
    والآن اصبح الطريق ممهداً بين دنقلا وعطبرة فلا بد من زيارة في إحدى الاجازات ..
    أرى أبناء عطبرة في المنتدى لديهم مقدرة على الكتابة والتعبير ربما الحكاية مكتسبة من واقع عطبرة
    رحم الله العطيراوي وجميع من رسموا هذا التاريخ الناصع ..
    التحية للعطبراويين .. ويعجبني إعتزازهم بحضانتهم عطبرة
    شكراً وواصل ..
                  

01-18-2017, 12:19 PM

د. هشام عباس
<aد. هشام عباس
تاريخ التسجيل: 01-01-2017
مجموع المشاركات: 97

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستقلال في عطبرة ....العطبراوى ودبورة ور� (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    تقديري الاستاذ على ننسق انا والاخ الهادي ان شاء الله لتوفير هذه الكتب
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de